الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطُلَّقاتِ. وهذا على (74) قِياسِ قولِ أبى حنيفةَ وأبى يوسفَ واللُّؤْلُؤِىِّ. وأمَّا زُفَرُ فلا يَرَى صِحَّةَ نِكاحِ المَنْكوحاتِ حتى يُصَدِّقَه المُطَلَّقاتُ. وأمَّا الشافِعىُّ فيُباحُ عنده التَّزْويجُ فى عِدَّة المُطلَّقاتِ، فعلَى قولِه إذا طَلَّقَ أرْبعًا، ونَكَحَ أربعًا، فى عَقْدٍ أو عُقودٍ (75)، ثم مات من مَرَضِه فالميراثُ للمَنْكُوحاتِ. وعلى قولِه القَديمِ يُخَرَّجُ فيه وَجْهان؛ أحدهما، أَنَّ الميراثَ بين الثَّمانِ. والثانى، أَنَّ الميراثَ للمُطلَّقاتِ دون المَنْكُوحاتِ. فإن مات بعضُ المُطلَّقاتِ، أو انْقَضَتْ عِدَّتُهن فلِلْمَنْكُوحاتِ ميراثُ المَيِّتَاتِ. وإن ماتت واحدةٌ فلِلزَّوجاتِ رُبْعُ ميراثِ النِّساءِ. وإن ماتَتِ اثْنَتانِ فللزَّوْجاتِ نصفُ المِيراثِ. فإن مات ثلاثٌ، فلهنَّ ثلاثةُ أرْباعِ الميراثِ إنْ كان نِكاحُهُنَّ فى عَقْدٍ واحدٍ. وإن كان فى عُقودٍ مُتَفَرِّقةٍ، فإذا ماتت واحدةٌ من المُطلَّقاتِ، فمِيراثُها للأُولى من المَنْكُوحاتِ، ومِيراثُ الثانيةِ للثانيةِ، ومِيراثُ الثالثةِ للثالثةِ.
فصل:
إذا قال الرجلُ لنِسائه: إحْداكُنَّ طالقٌ. يعنى واحدةً بعَيْنِها، طَلُقَتْ وحدَها، ويُرْجَعُ إلى تَعْيِينه، ويُؤْخَذُ بنَفَقَتِهِنَّ كُلِّهنَّ إلى أن تُعَيَّنَ. وإن كان الطَّلاقُ بائنًا، مُنِعَ منهنَّ إلى أن يُعَيِّنَ. فإن قال: أرَدْتُ هذه. طَلُقَت وحدَها. وإن قال: لم أُرِدْ هؤلاءِ الثلاث. طَلُقَتِ الرابعةُ. وإن عاد، فقال: أخْطَأْتُ، إنَّما أرَدْتُ هذه. طَلُقَتِ الأُخْرَى. وإن مِتْنَ أو إحْداهنَّ قبلَ أن يُبَيِّنَ، رُجِعَ إلى قولِه، فمَن أقَرّ بطَلاقِها حَرَمْناه مِيراثَها، وأحْلَفْناه لوَرَثةِ مَنْ لم يُعَيِّنْها. وهذا قولُ الشافِعىِّ. وإن لم يَعْنِ بذلك واحدةً بعَيْنِها، أو ماتَ (76) قبلَ التَّعْيِينِ، أُخْرِجَتْ بالقُرْعةِ، وكذلك إن طَلَّقَ واحدةً من نِسائِه بعَيْنِها، فأُنْسِيَها، فمات، أُخْرِجَت بالقُرْعةِ، فمَن تَقَعُ عليها القُرْعةُ فلا مِيراثَ لها. رُوِىَ ذلك عن علِىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وهو قول أبى ثَوْرٍ. ورَوَى عطاءٌ، عن ابن عباسٍ، أن رَجُلًا سأَله فقال: إنَّ لى ثلاثَ نِسْوةٍ، وإنِّى طَلَّقْتُ إحْداهُنّ فبتَتُّ
(74) سقط من: أ.
(75)
فى م: "وعقود".
(76)
فى أ، م:"ماتت".
طَلَاقَها. فقال ابنُ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: إن كنتَ نَوَيْتَ واحدةً منهنَّ بعَيْنها ثم أُنْسِيتَها، فقد اشْتَركْنَ فى الطَّلاقِ، وإن لم تكنْ نَوَيْتَ واحدةً بعَيْنِها، فطَلِّقْ أَيَّتَهُنَّ شِئْتَ. وقال الشافعىُّ، وأهْلُ العراقِ: يُرْجَعُ إلى تَعْيِينه فى المسائلِ كُلِّها. فإن وَطِئ إحداهُنَّ كان تَعْيِينًا لها بالنِّكاحِ، فى قول أهلِ العراقِ، وبعضِ أصحابِ الشافِعىِّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وقال الشافعىُّ: لا يكونُ تَعْيِينًا. فإن مات قبلَ أن يُبَيِّنَ، فالميراثُ بينهنَّ كُلِّهنَّ، فى قول أهلِ العراقِ. وقال مالكٌ: يَطْلُقنَ كُلُّهُنَّ، ولا ميراثَ لَهُنَّ. وقال الشافعىُّ: يُوقَفُ مِيراثُهُنّ، وإن كان الطَّلاقُ قبل الدُّخولَ دَفَعَ إلى كل واحدةٍ نِصْفَ مَهْرٍ، ووَقَفَ الباقىَ فى مُهُورِهِنّ. وقال داودُ: يَبْطُلُ حُكْمُ طَلاقهِنَّ؛ لمَوْضِعِ الجَهالةِ، ولكل واحدةٍ مَهْرٌ كاملٌ، والميراثُ بَيْنَهُنَّ. وإن متْنَ قبلَه، طَلُقَتِ الآخِرَةُ، فى قولِ أهلِ العراقِ. وقال الشافعىُّ: يُرْجَعُ إلى تَعْيِينه، على ما ذكَرْناه. ولَنا، قولُ علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ولا يُعارِضُه قولُ ابن عباسٍ؛ لأنَّ ابنَ عباسٍ يَعْتَرِفُ لعلِىٍّ بتَقْديمِ قولِه، فإنَّه قال: إذا ثَبَتَ لنا عن علىٍّ قولٌ، لم نَعْدُه إلى غيرِه. وقال: ما عِلْمِى إلى عِلْمِ علِىٍّ، إلَّا كالقَرَارةِ إلى المُثْعَنْجَرِ (77). ولأنَّه إزالةُ مِلْكٍ عن الآدَمِىٍّ، فتُسْتَعْمَلُ فيه القُرْعةُ عندَ الاشْتِباه، كالعِتْقِ. وقد ثبَتَ (78) ذلك فى العِتْقِ بخَبَرِ عِمْرانَ بن الحُصَيْنِ (79). ولأنَّ الحُقوقَ تَساوتْ على وجهٍ تَعَذّرَ تَعْيِينُ المُسْتَحِقِّ فيه من غير قُرْعةٍ، فيَنْبَغِى أن تُسْتَعْملَ فيه القُرْعةُ، كالقِسْمةِ والسَّفَرِ (80) بين النِّساءِ، فأمَّا قَسْمُ الميراثِ بين الجميعِ، ففيه دَفْعٌ إلى إحْداهُنَّ مالا تَسْتَحِقُّه، وتَنْقِيصُ بَعْضِهِنَّ حَقَّها يقينًا، والوَقْفُ إلى غير غايةٍ تَضْييعٌ لحُقُوقِهنَّ، وحِرْمانُ الجميعِ مَنْعُ الحَقِّ عن صاحِبه يَقِينًا. ولو كان له امْرأتانِ، فطَلَّقَ إحْدَاهُما، ثم ماتَت إحداهما، ثم مات، أُقْرِعَ بينهما، فَمن
(77) المثعنجر: وسط البحر.
(78)
فى م: "بينت".
(79)
تقدم تخريجه فى: 8/ 395.
(80)
فى م: "فى السفر".