الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
نَقَلَ محمدُ بن مَاهان، عن أحمدَ: لا بَأْسَ للعَبْدِ أنْ يَتَسَرَّى إذا أَذِنَ له سَيِّدُه، فإن رَجَعَ السَّيِّدُ، فليس له أن يَرْجِعَ إذا أَذِنَ له مَرّةً وتَسَرَّى. وكذلك نَقَلَ عنه إبراهيمُ بن هانىء، ويعقوبُ ابن بَخْتانَ، ولم أرَ عنه خِلَافَ هذا، فظاهرُ هذا أنَّه إذا تَسَرَّى بإذْنِ السَّيِّدِ (28) لم يَمْلِك السَّيِّدُ الرُّجُوعَ؛ لأنَّه يَمْلِكُ به البُضْعَ، فلم يَمْلِكْ سَيِّدُه فَسْخَه، قِياسًا على النِّكاحِ. وقال القاضى: يَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ بالتَّسَرِّى ههُنا. التزويجَ، وسَمَّاهُ تَسَرِّيًا مَجازًا، ويكونُ للسَّيِّد الرُّجوعُ فيما مَلَكَ عَبْدُه. وظاهِرُ كلامِ أحمدَ خِلَافُ هذا؛ وذلك لأنَّه مَلَّكَه بُضْعًا أُبِيحَ له وَطْؤُه، فلم يَمْلِكْ رُجُوعَه فيه، كما لو زَوَّجَه. [وما ذكَره فى هذا الفَصْلِ مُناقِضٌ لما ذكَر قبلَه فى صَدْرِ المسألةِ، من قوله: ولسَيِّده نَزْعُه منه متى شاءَ من غيرِ فَسْخٍ](29).
1139 -
مسألة؛ قال: (وَمَتَى طَلَّقَ الْحُرُّ أو العَبْدُ طَلَاقًا يَمْلِكُ (1) الرَّجْعةَ أو لا يَمْلِكُهَا (2)، لَمْ يَكُنْ لَهُ أنْ يتَزَوّجَ أُخْتَها حَتَّى تَنْقَضِىَ (3) عِدَّتُهَا، وكَذلِكَ إذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعٍ، لَمْ يَتَزَوَّجْ حَتَّى تَنْقَضِىَ عِدَّتُهَا، وكَذلِك الْعَبْدُ إذَا طَلّقَ إحْدَى زوْجَتَيْهِ)
وجملةُ ذلك أَنَّ الرَّجُلَ إذا تَزَوَّجَ امرأةً، [حُرِّمَتْ عليه](4) أُمُّها على التَّأْبيدِ، وتُحَرَّمُ عليه أُخْتُها وعَمَّتُها وخالَتُها وبِنْتُ أخِيها وبنتُ أُخْتِها تَحْرِيمَ جَمْعٍ، وكذلك إذا (5) تَزَوَّجَ الحُرُّ أرْبَعًا، حُرِّمَتِ الخامسةُ تَحْرِيمَ جَمْعٍ. وإن تَزَوّجَ العَبْدُ اثنتَيْن، حُرِّمَتِ الثالثةُ
(28) فى ب: "سيده".
(29)
سقط من: أ، ب، م.
(1)
فى أزيادة: "فيه".
(2)
فى أ، ب، م:"يملك".
(3)
فى ب: "تقضى".
(4)
فى الأصل: "حرم على".
(5)
فى م: "إن".
تحريمَ جمعٍ. فإذا طَلّقَ زَوْجَتَه طَلَاقًا رَجْعِيًّا، فالتَّحْريمُ باقٍ (6) بحالِه فى قولِهم جميعًا، وإن كان الطَّلاقُ بائِنًا أو فَسْخًا، فكذلك عندَ إمامِنا حتى تَنْقَضِىَ عِدَّتُها. ورُوِىَ ذلك عن علىٍّ، وابنِ عباسٍ، وزيدِ بن ثابتٍ. وبه قال سعيدُ بن المُسَيَّبِ، ومُجاهدٌ، والنَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال القاسمُ بن محمدٍ، وعُرْوَةُ، وابنُ أبى لَيْلَى، ومالكٌ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو عُبَيْدٍ، وابنُ المنذرِ: له نِكاحُ جميعِ مَنْ سَمَّيْنا فى تحريِم الجَمْعِ. ورُوِىَ ذلك عن زيدِ بن ثابتٍ؛ لأنَّ المُحَرَّمَ الجَمْعُ بينهما فى النِّكاحِ، بدليلِ قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} . أى نِكَاحَهُنَّ، ثم قال:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} (7). مَعْطُوفًا عليه، والبائِنُ ليست فى نِكاحِه، ولأنَّها بائِنٌ فأشْبَهتِ المُطَلَّقةَ قبلَ الدُّخُولِ. ولَنا، قولُ علىٍّ، وابنِ عباسٍ. ورُوِى عن عَبِيدَةَ السَّلْمانِىِّ أنَّه قال: ما أَجْمَعَتِ الصَّحابةُ على شىءٍ، كإجْماعِهِم على أرْبَعٍ قبلَ الظُّهْرِ، وأن لا تُنْكَحَ امْرَأةٌ فى عِدَّةِ أُخْتِها. ورُوِىَ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ، فَلَا يَجْمَعْ مَاءَهُ فى رَحِمِ أُخْتَيْنِ"(8). ورُوِىَ عن أبى الزِّنادِ، قال: كان للوَلِيدِ بن عبدِ المَلِكِ أرْبَعُ نِسْوةٍ، فطَلَّقَ واحدةً ألْبَتَّةَ، وتَزَوَّجَ (9) قبلَ أن تَحِلَّ، فعابَ ذلك عليه كثيرٌ من الفُقَهاءِ، وليس كلُّهُم عابَه (10). قال سعيدُ بن منصورٍ: إذا عابَ عليه سعيدُ بن المُسَيَّبِ، فأىُّ شىءٍ بَقِىَ! ولأنَّها مَحْبُوسةٌ عن النِّكاحِ لِحَقِّه، أشْبَهَ ما لو كان الطَّلاقُ رَجْعِيًّا، ولأنَّها مُعْتَدَّةٌ فى حَقِّه، أشْبَهتِ الرَّجْعِيةَ، وفارَقَ المُطَلَّقةَ قبل الدُّخُولِ بها (11).
(6) سقط من: الأصل.
(7)
سورة النساء 23.
(8)
انظر تلخيص الحبير، فى: باب موانع النكاح، من كتاب النكاح. التلخيص 3/ 166.
(9)
فى الأصل: "وزوج".
(10)
أخرجه سعيد بن منصور، فى: باب الحكم فى امرأة المفقود، من كتاب الطلاق. السنن 1/ 400.
(11)
فى الأصل: "بهذا".