الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على هذا النَّسقِ، ثم لأَعمامِ الجَدِّ، ثم بَنِيهم، وعلى هذا أبدًا، لا يَرِثُ بنو أبٍ أعْلَى مع بَنى أبٍ أقْربَ منه، وإن نزلَتْ درجتُهم؛ لما مرَّ في (4) الحديثِ، وهذا كلُّه مُجْمَعٌ عليه، بحمدِ اللهِ ومَنِّه.
1005 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا كَانَ زَوْجٌ وَأَبَوَانِ، أُعْطِىَ الزَّوْجُ النِّصْفَ، وَالأُمُّ ثُلُثَ مَا بَقِىَ، وَمَا بَقِىَ فَلِلْأَبِ. وَإِذَا كَانَتْ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ، أُعْطِيَتِ الزَّوْجَةُ الرُّبُعَ، وَالْأُمُّ ثُلُثَ مَا بَقِىَ، وَمَا بَقِىَ فَلِلْأَبِ)
هاتان المسألَتَانِ تُسمَّيانِ العُمَرِيَّتَيْنِ؛ لأنَّ عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، قَضَى فيهما بهذا القَضاءِ، فاتَّبعَهُ على ذلك عثمانُ، وزيدُ بنُ ثابتٍ، وابنُ مَسْعودٍ، وَرُوِىَ ذلك عن علىٍّ، وَبه قال الحسنُ، والثَّوْرِىُّ، ومالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، رَضِىَ اللهُ عنهم، وأصحابُ الرَّأْىِ. وجعَل ابنُ عَبَّاسٍ ثُلُثَ المالِ كلَّه لِلْأُمّ في المسْألتيْن؛ لأنَّ اللهَ تعالى فَرَضَ لها الثُّلُثَ عند عدَم الوَلَدِ وَالإِخْوةِ، وليسَ ههُنا وَلَدٌ ولا إِخوةٌ (1). ويُرْوَى ذلك عن عليٍّ. ويُرْوَى (2) ذلِكَ عن شُرَيْحٍ فِي زَوْجٍ وأَبَوَيْنِ. وقال ابنُ سِيرِين كقَوْلِ الجماعةِ في زَوْجٍ وَأَبَويْنِ، وكقولِ ابنِ عبَّاسٍ في امرأةٍ وأَبَويْنِ. وبه قال أبو ثَوْرٍ؛ لأنَّنا لو فَرَضْنَا للأُمِّ ثُلُثَ المالِ في زَوْجٍ وأبَوَيْنِ، لَفضَّلْناها على الأَبِ، ولا يجوزُ ذلك، وفي مسألةِ المرأةِ، لا يُؤَدِّى إلى ذلك. واحْتَجَّ ابنُ عباسٍ بعُمُوم قولِه تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} (3). وبقَوْلِه عليه السلام: "أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِها، فَمَا بَقِىَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ"(4). والأَبُ ههُنا عَصَبَةٌ؛ فيكُونُ له ما فَضَلَ عن ذَوى الفُروضِ، كما لو كانَ مَكانَه جَدٌّ، والحُجَّةُ معه لولا انْعِقَادُ الإِجْماعِ من الصَّحابةِ على مُخَالَفَتِه؛ ولأنَّ
(4) في أ: "من".
(1)
في م: "وإخوة".
(2)
في م: "وروى".
(3)
سورة النساء 11.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 20.
الفَرِيضةَ إذا جَمَعَتْ أبَوَيْنِ وذَا فَرْضٍ، كانَ للأُمِّ ثُلُثُ الباقِى، كما لو كانَ معهم بِنْتٌ. ويُخَالِفُ الأَبُ الجَدَّ؛ لأنَّ الأَبَ في دَرَجَتِها، والجَدَّ أعلى منها. وما ذَهَب إليه ابنُ سِيرِينَ تَفْريقٌ في مَوْضِعٍ أجْمَعَ الصَّحَابةُ على التَّسْوِيَةِ فيه، ثم إنَّه معَ الزَّوْجِ يأخذُ مِثْلَىْ ما أخذَتِ الأُمُّ، كَذَلِك مع المرأةِ، قياسًا عليه.
1006 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا كَانَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وإِخْوَةٌ [مِنْ أُمٍّ] (1) وإِخْوَةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلِلْإِخْوَةِ مِنَ الأُمِّ الثُّلُثُ، وَسَقَطَ الْإِخْوَةُ مِنَ الْأَبِ وَالأُمِّ)
هذه المسألةُ تُسَمَّى المُشَرَّكَةَ، وكذلك كُلُّ مسألةٍ اجْتَمَعَ فيها زَوجٌ وأمٌّ أو جَدَّةٌ واثْنانِ فصَاعِدًا من وَلَدِ الأُمِّ وعَصَبَةٌ مِن وَلَدِ الأبوين. وإنما سُمِّيَت المُشَرَّكةَ؛ لِأَنَّ بعضَ أهلِ العلمِ شَرَّكَ فيها بينَ وَلَدِ الأَبَوَيْن وَوَلَدِ الأُمِّ في فَرْضِ وَلَدِ الأُمِّ، فَقَسَمَهُ بينهم بالسَّوِيَّةِ، وتُسَمَّى الْحِمَارِيَّةَ؛ لأنَّه يُرْوَى أنَّ عمَرَ رَضِىَ اللهُ عنه، أَسْقَطَ وَلَدَ الأبوَيْن، فقال بعضُهم: يا أميرَ المؤمنين هَبْ أَنَّ أَبَانَا كانَ حِمَارًا أليستْ أُمُّنَا واحدةً؟ فشَرَّكَ بينهم. ويُقَالُ: إنَّ بعضَ الصَّحابةِ قالَ ذلك، فسُمِّيَت الْحِمارِيَّةَ لذلك. واختَلَفَ أَهلُ العلمِ فيها قديمًا وحديثًا، فذهَبَ أحمدُ، رَضِىَ اللهُ عنه، فيها إلى أنَّ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ، وَلِلأُمِّ السُّدُسَ، وَلِلْإِخوةِ من الأُمِّ الثُّلُثَ، وَسَقَطَ الإِخْوَةُ منَ الأبَوَيْنِ؛ لأنَّهم عَصَبَةٌ وقد تَمَّ المالُ بالفُرُوضِ. وَيُرْوَى هذا القولُ عن عليٍّ، وابْنِ مَسْعودٍ، وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ، وابْنِ عَبَّاسٍ، وأَبِى موسى، رَضِىَ اللهُ عنهم. وبه قال الشَّعْبِى، والْعَنْبَرِىُّ، وشَرِيكٌ، وأبو حنيفةَ، وأَصْحابُه، رَضِىَ اللهُ عنهم، ويحيى بنُ آدم، ونُعَيْم بنُ حَمَّاد، وأبو ثَوْر، وابنُ المُنْذِرِ. ويُرْوَى (2) عن عمرَ، وعثمانَ، وزَيْدِ بْنِ ثابتٍ، رَضِىَ اللهُ عنهم، أَنَّهُم شرَّكُوا بين ولدِ الأَبَوَيْن وَوَلَدِ الأُمِّ في الثُّلُثِ، فَقَسَّمُوه بينهم بالسَّوِيَّةِ، للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
(1) في م: "لأم".
(2)
في م: "وروى".
الْأُنْثَيَيْنِ. وبِه قال مالكٌ، والشَّافِعِىُّ، رَضِىَ اللهُ عنهما، وإسحاقُ؛ لأنَّهم سَاوَوْا وَلَدَ الأُمِّ في القَرَابَةِ التي يَرِثُونَ بِهَا، فوَجَبَ (3) أَنْ يُسَاوُوهم في المِيراثِ؛ فَإِنَّهم جميعا مِنْ وَلَدِ الأُمِّ، وَقَرَابَتُهم مِنْ جِهَةِ الأَبِ إِنْ لَمْ تَزِدْهم قُرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا فلا ينَبْغِى أنْ تُسْقِطَهم؛ ولهذا قال بعضُ الصَّحَابَةِ أو بعضُ (4) وَلَدِ الأَبَوَيْنِ لِعُمَرَ وقد أسْقَطَهم: هَبْ أَنَّ أَبَاهم كَانَ حِمَارًا، فما زَادَهم ذلِك إلَّا قُرْبًا. فَشَرَّكَ بَينهم. وَحَرَّرَ بعضُ أصحابِ الشَّافِعِىِّ فِيها قِيَاسًا، فقال: فَرِيضَتُه جَمَعَتْ وَلَدَ الأَبِ والأُمِّ وَوَلَدَ الْأُمِّ، وهم مِنْ أَهْلِ المِيرَاثِ فإذا وَرِثَ وَلَدُ الأُمِّ، وَجَبَ أَنْ يَرِثَ وَلَدُ الْأَبِ وَالأُمِّ، كما لو لم يكُنْ فِيها زَوْجٌ. وَلَنا، قولُ اللهِ تعالى:{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (5). ولا خِلافَ في أنَّ المُرَادَ بهذه الآيةِ وَلَدُ الأُمِّ على الخصوصِ، فمَنْ شَرَّكَ بيَنهم فلمْ يُعْطِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنهما السُّدُسَ، فهو مُخالَفَةٌ لِظاهِرِ القُرْآنِ، وَيَلْزَمُ منه مُخالفةُ ظاهر الآيةِ الأُخْرَى، وهى قولُه:{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (6). يُرَادُ بهذه الآيةِ سائرُ الإِخْوَةِ والْأَخواتِ، وهم يُسَوُّونَ بينَ ذَكَرِهم وأُنْثَاهم. وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ، بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِىَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ"(7) ومَنْ شَرَّكَ فلم يُلْحِقِ الْفَرائِضَ بأهْلِها، ومِنْ جِهَةِ المَعْنَى أنَّ وَلَدَ الأَبَوَيْنِ عَصَبَةٌ لا فَرْضَ لهم، وَقَدْ تَمَّ المالُ بالفُروضِ، فَوَجَبَ أنْ يَسْقُطوا، كما لو كان مكانَ وَلَدِ الأُمِّ ابْنتَانِ. وقد انْعَقَدَ الإجْماعُ على أنَّه لو كان في هذه المسألةِ واحدٌ من ولدِ الأُمِّ، ومِائةٌ مِن ولَدِ الأبَوَين، لَكانَ للواحدِ السُّدُسُ، وللمِائةِ السُّدُسُ الباقى، لِكُلِّ واحدٍ عُشْرُ عُشْرِه، وإذا جازَ أن يَفْضُلَهم
(3) في أ: "فيجب".
(4)
في م: "وبعض".
(5)
سورة النساء 12.
(6)
سورة النساء 176.
(7)
تقدم تخريجه في صفحة 20.