الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَبْى بنى حنيفةَ، وقد أخَذَ الصحابةُ (13) سَبايَا فارِسَ، وهم مَجُوسٌ، فلم يَبْلُغْنا أنَّهم اجْتَنَبُوهُنَّ، وهذا ظاهرٌ فى إباحَتِهِنَّ، لولا اتِّفاقُ أهلِ العلمِ على خِلافِه. وقد أجَبْتُ عن حديثِ أبى سعيدٍ بأجْوِبَةٍ، منها؛ أنَّه يَحْتَمِلُ أنَّهنَّ أسْلَمْنَ، كذلك رُوِىَ عن أحمدَ حين (14) سألَه محمدُ بن الحَكَمِ قال: قلتُ لأبى عبدِ اللَّه: فهَوَازِنُ (15) أليس كانوا عَبَدَةَ أوْثانٍ؟ قال: لا أدْرِى كانوا أسْلَمُوا أو لا. وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: إباحةُ وَطْئِهِنَّ مَنْسُوخةٌ بقولِه تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} (16).
1160 - مسألة؛ قال: (ولَيْسَ لِلْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا أنْ يَتَزَوَّجَ أمَةً كِتابِيَّةً)
لأنَّ اللَّه تعالى قال: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} (1). هذا ظاهرُ مذهبِ أحمدَ، رَوَاه عنه جماعةٌ، وهو قولُ الحسنِ، والزُّهْرِىِّ، ومَكْحولٍ، ومالكٍ، والشافعىِّ، والثَّوْرِىِّ، والأَوْزاعىِّ، واللَّيْثِ، وإسحاقَ. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ، وابنِ مسعودٍ، ومجاهدٍ. وقال أبو مَيْسَرَةَ، وأبو حنيفةَ: يجوزُ للمُسْلِمِ نِكاحُها؛ لأنَّها تحِلُّ بمِلْكِ اليَمينِ، فحَلَّتْ بالنِّكاحِ كالمُسْلِمةِ. ونُقِلَ ذلك عن أحمدَ، قال: لا بأس بتَزْوِيجِها. إلَّا أَنَّ الخَلَّالَ رَدَّ هذه الرِّوايةَ، وقال: إنَّما تَوَقَّفَ أحمدُ فيها، ولم يَنْفُذْ له قولٌ، ومَذْهَبُه أنَّها لا تَحِلُّ؛ لقولِ اللَّه تعالى:{فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} (1). فشَرَطَ فى إباحةِ نِكاحِهِنَّ الإِيمانَ، ولم يُوجَدْ، وتُفارِقُ المُسْلِمةَ، لأنَّه لا يُؤَدِّى إلى اسْتِرْقاقِ الكافرِ وَلَدَها؛ لأنَّ الكافِرَ لا يُقَرُّ مِلْكُه على مُسْلِمةٍ، والكافرةُ تكونُ مِلْكًا لكافرٍ، ويُقَرُّ مِلْكُه عليها. ووَلَدُها مَمْلُوكٌ لِسَيِّدها، ولأنَّه [قد اعْتَورَها](2)
(13) فى الأصل زيادة: "من".
(14)
فى م: "أنه".
(15)
فى م: "هوازن".
(16)
سورة البقرة 221.
(1)
سورة النساء 25.
(2)
فى م: "عقد اعتوره".
نَقْصانِ، نَقْصُ الكُفْرِ والمِلْكِ، فإذا اجْتَمَعا مَنَعَا، كالمَجُوسِيّةِ لمَّا اجْتَمَعَ فيها نَقْصُ الكُفْرِ، وعَدَمُ الكِتابِ، لم يُبَحْ نِكاحُها. ولا فَرْقَ بين الحُرِّ والعَبْدِ فى تحرِيمِ نِكاحِها؛ لعُمُومِ ما ذكرْنا من الدليلِ، ولأنَّ ما حُرِّمَ على الحُرِّ تَزْوِيجُه لأجْلِ دِينِه، حُرِّمَ [على العَبْدِ](3)، كالمَجُوسِيَّةِ.
1161 -
مسألة؛ قال: (وَلَا (1) لِحُرٍّ مُسْلِمٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً مُسْلِمةً، إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ طَوْلًا بِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ، ويَخَافَ الْعَنَتَ)
الكلامُ فى هذه المسألة فى شَيْئينِ؛ أحدهما، أنَّه يَحِلُّ له (2) نِكَاحُ الأَمَةِ المُسْلِمةِ إذا وُجِدَ فيه الشَّرْطان، عَدَمُ الطَّوْلِ، وخَوْفُ العَنَتِ. وهذا قولُ عامَّةِ العلماءِ، لا نَعْلَمُ بينهم اختِلافًا فيه. والأصلُ فيه قولُ اللَّهِ سبحانه:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} (3). الآية. والصَّبْرُ عنها مع ذلك خيرٌ وأفْضَلُ؛ لقولِ اللَّه تعالى {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (3). والثانى: أنَّه (4) إذا عُدِمَ الشرطانِ أو أحدُهما، لم يَحِلَّ نِكاحُها لِحُرٍّ (5). رُوِىَ ذلك عن جابرٍ، وابنِ عباسٍ. وبه قال عطاءٌ، وطاوُسٌ، والزُّهْرِىُّ، وعمرُو بن دِينارٍ، ومكحولٌ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وإسحاقُ. وقال مُجاهِدٌ: ممَّا وَسَّعَ اللَّهُ على هذه الأُمَّةِ نِكاحُ الأَمَةِ، وإن كان مُوسِرًا. وبه قال أبو حنيفةَ، إلَّا أن يكونَ تَحْتَه حُرَّةٌ؛ لأنَّ القُدْرةَ على النِّكاحِ لا تَمْنَعُ النِّكاحَ، كما يَمْنَعُه وُجُودُ النِّكاحِ، كنِكاحِ الأُخْتِ والخامِسةِ. وقال قَتَادةُ، والثَّوْرِىُّ: إذا خاف العَنَتَ حَلَّ له نِكاحُ الأَمَةِ، وإن وَجَدَ الطَّوْلَ؛ لأنَّ إباحَتَها لضَرُورةِ خَوْفِ العَنَتِ، وقد وُجِدَتْ، فلا يَنْدَفِعُ إلَّا بنِكاحِ
(3) سقط من: ب.
(1)
فى الأصل زيادة: "يجوز".
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سورة النساء 25.
(4)
سقط من: أ، م.
(5)
فى الأصل: "بحر".