الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه الأقوال ليس عليها أثارة من علم، بل هي خارجة عن باب الرواية المقبولة والدراية المعقولة.
(وما فوق القلتين وما دونهما) : قدَّر الشافعي الماء الذي لا ينجس بوقوع النجاسة ما لم يتغير بالقلتين وقدَّرهما بخمس قِرب، وفسرها أصحابه بخمس مئة رطل، وقدّره الحنفية بالغدير الكبير الذي لا يتحرك جانب منه بتحريك الآخر، والعشر في العشر. كذا في " المسوى شرح الموطأ ".
وقال في " حجة الله البالغة ": " ومن لم يقل بالقلتين اضطر إلى مثلهما في ضبط الماء الكثير - كالمالكية -، أو الرخصة في آبار الفلوات من نحو أبعار الإبل " انتهى.
ويدفع ذلك ما مر من عدم الفرق بين ما دون القلتين وما فوقهما مع الدليل عليه.
وإن شئت زيادة التفصيل فعليك ب " الفتح الرباني في فتاوى الشوكاني "؛ ففيها ما يشفي العليل ويسقي الغليل
(
[حكم الماء الراكد] )
(ومتحرك وساكن) : وجه ذلك أن سكونه - وإن كان قد ورد النهي عن التطهير به (1) حالة -؛ فإن ذلك لا يخرجه عن كونه طهوراً؛ لأنه يعود إلى وصف كونه طهوراً بمجرد تحركه.
(1) كذا في الأصل؛ ولم يرد في الحديث النهي عن التطهير بالماء الساكن؛ إنما ورد النهي عن الانغماس فيه للجنب، كما سيذكر المؤلف بعض ألفاظه.
وفرق كبير بينهما؛ بل في الحديث التصريح بالتطهير به بالتناول في كلام أبي هريرة - راويه -. (ش)
• قلت: ولعله سقط منه قوله: " كونه ساكناً "؛ كما يدل عليه السباق والسياق. (ن)
وقد دلّت الأحاديث على أنه لا يجوز التطهير بالماء الساكن ما دام ساكناً، كحديث أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - عند مسلم وغيره: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: " لا يغتسلنّ أحدكم في الماء الدائم وهو جنب "، فقالوا: يا أبا هريرة! كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولاً.
وفي لفظ لأحمد وأبي داود: " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من جنابة ".
وفي لفظ للبخاري: " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه ".
وفي لفظ للترمذي (1) : " ثم يتوضأ منه ".
وغير هذه الروايات التي يفيد مجموعها النهي عن البول في الماء الدائم على انفراده، والنهي عن الاغتسال فيه على انفراده، والنهي عن مجموع الأمرين.
ولا يصح أن يقال: إن روايتي الانفراد مقيدتان بالاجتماع؛ لأن البول في الماء على انفراده لا يجوز، فأفاد هذا أن الاغتسال والوضوء في الماء الدائم من دون بول فيه غير جائز، فمن لم يجد إلا ماء ساكنا، وأراد أن يتطهر منه؛ فعليه أن يحتال قبل ذلك بأن يحركه، حتى يخرج عن وصف كونه ساكناً، ثم يتوضأ منه.
وأما أبو هريرة؛ فقد حمل النهي على الانغماس في الماء الدائم، ولهذا لما سئل: كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولاً، ولكنه لا يتم ذلك في الوضوء،
(1) • وكذا أحمد (رقم 7517، 7518) ؛ وسنده صحيح. (ن)