الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(
[القلس والرعاف] :)
(ونحوه) والمراد بنحو القيء: هو القلس والرعاف، والخلاف في القلس كالخلاف في القيء.
قال الخليل (1) : هو ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه - وليس بقيء -.
وفي " النهاية ": القلس ما خرج من الجوف، ثم ذكر مثل كلام الخليل.
وأما الرعاف فقد ذهب إلى أنه ناقض أبو حنيفة رحمه الله، وأبو يوسف رحمه الله، ومحمد رحمه الله، وأحمد بن حنبل رحمه الله، وإسحاق رحمه الله، وقيدوه بالسيلان.
وذهب ابن عباس رضي الله عنه، ومالك رحمه الله، والشافعي رحمه الله وروي عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه، وأبي هريرة رضي الله عنه، وجابر بن زيد رضي الله عنه، وابن المسيب رحمه الله، ومكحول رحمه الله، وربيعة رحمه الله إلى أنه غير ناقض.
وأجابوا عن دليل الأولين بما فيه من المقال، وبالمعارضة بمثل حديث: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] احتجم، فصلى ولم يتوضأ، ولم يزد على غسل محاجمه؛ رواه الدارقطني (2) رحمه الله، وفي إسناده صالح بن مقاتل، وهو ضعيف.
ويُجاب عن الأول بأنه ينتهض بمجموع طرقه (3) ، وعن المعارضة بأنها غير
(1) هو الفراهيدي؛ الإمام المشور.
(2)
(1 / 51) ، وضعفه النووي في " المجموع "(2 / 42) .
(3)
أما هذا: فلا!
صالحة للاحتجاج، وبأن دم الرعاف غير دم الحجامة فلا يبعد أن يكون لخروجه من الأعماق تأثير في النقض.
في " المسوى " قال الشافعي رحمه الله: الرعاف والحجامة لا ينقضان الوضوء.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: ينقضان إذا كان الدم سائلاً.
وقال مالك رحمه الله: الأمر عندنا أنه لا يتوضأ من رعاف ولا دم ولا من قيح يسيل من الجسد، ولا يتوضأ إلا من حدث يخرج من ذكر أو دبر أو نوم. (1) انتهى.
أقول: قد اختلف أهل العلم في انتقاض الوضوء بخروج الدم، وجميع ما هو نص في النقض أو عدمه لم يبلغ إلى رتبة تصلح للاحتجاج بها، وقد تقرر أن كون الشيء ناقضاً للوضوء لا يثبت إلا بدليل يصلح للاحتجاج؛ وإلا وجب البقاء على الأصل؛ لأن التعبد بالأحكام الشرعية لا يجب إلا بإيجاب الله أو رسوله، وإلا فليس بشرع.
ومع هذا؛ فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يباشرون مع معارك القتال ومجاولة الأبطال في كثير من الأحوال ما هو من الشهرة بمكان أوضح من الشمس، فلو كان خروج الدم ناقضاً: لما ترك [صلى الله عليه وسلم] بيان ذلك مع شدة الاحتياج إليه، وكثرة الحامل عليه.
ومثل الدم القيء في عدم ورود دليل يدل على أنه ناقض، وغاية ما
(1) وهذا هو الصواب، والله تعالى أعلم.