الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الخلال في " علله ": إن أحمد رحمه الله قال: لا ينبغي أن يكون راشد ابن سعد سمع من ثوبان رضي الله عنه لأنه مات قديما (1) .
(6 -
[غسل الرجلين] :)
(ثم يغسل رجليه) : وجهه ما ثبت عنه [صلى الله عليه وسلم] في جميع الأحاديث الواردة في حكاية وضوئه؛ فإنها جميعها مصرحة بالغسل، وليس في شيء منها أنه مسح؛ إلا في روايات لا تقوم بمثلها الحجة، ويؤيد ذلك قوله [صلى الله عليه وسلم] للماسحين على أعقابهم:" ويل للأعقاب من النار " - كما ثبت في " الصحيحين " وغيرهما -.
ومما يؤيد ذلك وقوع الأمر منه [صلى الله عليه وسلم] بغسل الرجلين، كما في حديث جابر رضي الله عنه عند الدارقطني (2) رحمه الله.
ويؤيده - أيضا - قوله [صلى الله عليه وسلم] : " فمن زاد على هذا أو نقص (3) فقد أساء وظلم "؛ وهو حديث رواه أهل " السنن "، وصححه ابن خزيمة رحمه الله، ولا شك أن المسح بالنسبة إلى الغسل نقص.
وكذلك قوله [صلى الله عليه وسلم] : " هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به "، وكان في ذلك الوضوء قد غسل رجليه.
وكذلك قوله [صلى الله عليه وسلم] للأعرابي: " توضأ كما
(1) انظر " جامع التحصيل "(ص 174) .
(2)
في " سننه "(1 / 107) ، وقد ضعفه النووي في " المجموع "(1 / 417) .
(3)
زيادة: " أو نقص ": لا تصح؛ فانظر " فتح الباري "(1 / 233) ، و " عون المعبود "(1 / 229) .
أمرك الله " (1) ، ثم ذكر له صفة الوضوء؛ وفيها غسل الرجلين.
وهذه أحاديث صحيحة معروفة، وهي تفيد أن قراءة الجر إما منسوخة أو محمولة على أن الجر بالجوار (2) ؛ وقد ذهب إلى هذا الجمهور.
قال النووي: ولم يثبت خلاف هذا عن أحد يعتد به في الإجماع.
وقال الحافظ رحمه الله في " الفتح ": إنه لم يثبت عن أحد من الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - خلاف ذلك؛ إلا عن علي - رضي الله تعالى عنه -، وابن عباس رضي الله عنه، وأنس رضي الله عنه، وقد ثبت الرجوع منهم عن ذلك.
وروى سعيد بن منصور عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله، قال: اجتمع أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم]رضي الله عنهم على غسل القدمين.
وقالت الإمامية (3) : الواجب مسحهما.
وقال محمد بن جرير، والحسن البصري رحمه الله، والجبائي: إنه مخير بين الغسل والمسح.
وقال بعض أهل الظاهر: يجب الجمع بين الغسل والمسح.
(1) رواه أبو داود (861) عن رفاعة بن رافع بسند صحيح.
وانظر " نصب الراية "(1 / 367) .
(2)
كما قال ابن زنجلة في " حجة القراءات "(ص 223)، ثم قال:" كما يقال: هذا جحر ضب خرب ".
(3)
وهم الشيعة الجعفرية الإثنى عشرية {}
ولم يحتج من قال بوجوب المسح إلا بقراءة الجر؛ وهي لا تدل على أن المسح متعين؛ لأن القراءة الأخرى ثابتة بلا خلاف، بل غاية ما تدل عليه هذه القراءة هو التخيير، لو لم يرد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ما يوجب الاقتصار على الغسل.
أقول: الحق أن الدليل القرآني قد دل على جواز الغسل والمسح؛ لثبوت قراءة النصب والجر ثبوتاً لا ينكر (1) .
وقد تعسف القائلون بالغسل فحملوا الجر على الجوار، وأنه ليس للعطف على مدخول الباء في مسح الرأس، بل هو معطوف على الوجوه، فلما جاور المجرور انجر.
وتعسف القائلون بالمسح، فحملوا قراءة النصب على العطف على محل الجار والمجرور في قوله:{برؤسكم} (2) ، كما أن قراءة الجر عطف على لفظ المجرور.
وكل ذلك ناشئ عن عدم الإنصاف عند عروض الاختلاف، ولو وجد أحد القائلين بأحد التأويلين اسما مجرورا في رواية ومنصوبا في أخرى مما لا يتعلق به الاختلاف، ووجد قبله منصوبا لفظا ومجرورا: لما شك أن النصب عطف على المنصوب والجر عطف على المجرور، وإذا تقرر هذا؛ كان الدليل القرآني قاضيا بمشروعية كل واحد منهما على انفراده، لا على مشروعية الجمع بينهما؛ وإن قال به قائل - فهو من الضعف بمكان؛ لأن الجمع بين الأمرين لم يثبت في شيء من الشريعة -.
(1) سيرجح المصنف - بعد أن الغسل - فقط - هو الواجب.
وأما كلامه - هنا -: فمتعلق بالدلالة اللغوية.
(2)
هذا هو الصحيح من جهة العربية، وليس فيه تعسف. (ش) .
انظر الأعضاء المتقدمة على هذا العضو من أعضاء الوضوء؛ فإن الله سبحانه شرع في الوجه الغسل فقط، وكذلك في اليدين، وشرع في الرأس المسح فقط؛ ولكن الرسول [صلى الله عليه وسلم] قد بين للأمة أن المفروض عليهم هو غسل الرجلين لا مسحهما، فتواترت الأحاديث عن الصحابة في حكاية وضوئه [صلى الله عليه وسلم] ، وكلها مصرحة بالغسل، ولم يأت في شيء منها المسح إلا في مسح الخفين، فإن كانت الآية مجملة في الرجلين باعتبار احتمالها للغسل والمسح؛ فالواجب الغسل بما وقع منه [صلى الله عليه وسلم] من البيان المستمر جميع عمره (1) .
وإن كان ذلك لا يوجب الإجمال؛ فقد ورد في السنة الأمر بالغسل ورودا ظاهرا؛ ومنه الأمر بتخليل الأصابع؛ فإنه يستلزم الأمر بالغسل؛ لأن المسح لا تخليل فيه، بل يصيب ما أصاب، ويخطئ ما أخطأ.
والكلام على ذلك يطول جدا.
والحاصل: أن الحق ما ذهب إليه الجمهور؛ من وجوب الغسل وعدم إجزاء المسح (1) .
قال في " الحجة البالغة ": ولا عبرة بقوم تجارت بهم الأهواء، فأنكروا غسل الرجلين متمسكين بظاهر الآية (2) ؛ فإنه لا فرق عندي بين من قال بهذا القول، وبين من أنكر غزوة بدر وأحد - مما هو كالشمس في رابعة النهار -.
نعم؛ من قال بأن الاحتياط (3) الجمع بين الغسل والمسح، أو أن أدنى
(1) انظر التعليق السابق.
(2)
على إحدى القراءتين.
(3)
وبابه واسع!!