الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن قدامة: لا نعلم خلافا في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة.
وكذا حكى الإجماع [أبو طالب - من أهل البيت -؛ كما حكى ذلك عنه في " البحرش، وكذا حكاه](1) ابن رسلان في " شرح السنن ".
وقد وقع الخلاف في (الآل) الذين تحرم عليهم الصدقة على أقوال؛ أظهرها أنهم بنو هاشم، وحكم مواليهم حكمهم في ذلك.
أقول: الحق تحريم الزكاة أجمع على بني هاشم، سواء كانت الزكاة منهم، أو من غيرهم، وما استروح إليه من قال بجواز صدقة بعضهم لبعض من حديث العباس بن عبد المطلب، أنه قال: قلت: يا رسول الله {إنك حرمت علينا صدقات الناس، هل تحل لنا صدقات بعضنا لبعض؟ قال:" نعم "، أخرجه الحاكم (2) : فليس بصالح للاحتجاج به لما فيه من المقال، حتى قيل: إنه اتهم بعض رواته، كما حققه صاحب " الميزان "، وقد عرفت عموم أحاديث التحريم، فلا يجوز تخصيصها بمخصص غير ناهض.
(
[تحرم الزكاة على الأقوياء المكتسبين] :)
(و) تحرم (على الأغنياء والأقوياء المكتسبين) : وجهه ما في الأحاديث
(1) • من " الدراري المضية "(2 / 16) . (ن)
(2)
ظاهر صنيع الشارح يوهم أن الحاكم رواه في " المستدرك "} وليس كذلك.
ذكر المؤلف في " نيل الأوطار " أن الحاكم أخرجه في " النوع السابع والثلاثين " من " علوم الحديث " بإسناد كله من بني هاشم (جزء 4 ص 241) . (ش)
قلت: وهو فيه، لكن؛ في " النوع التاسع والثلاثين "(ص 175) .
وسهل تصحيف " التاسع " إلى: " السابع "!
الصحيحة الثابتة عن جماعة أنها " لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي ".
وفي لفظ لأحمد، وأهل " السنن " من حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار مرفوعا:" ولا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب ".
وفي بعض الأخبار. " ولا لذي مرة قوي ".
والمرة - بكسر الميم وتشديد الراء -: القوة وشدة العقل؛ كذا قال الجوهري.
قال في " الحجة البالغة ": " وجاء في تقدير الغنية المانعة من السؤال؛ أنها أوقية، أو خمسون درهما، وجاء أيضا أنها ما يغديه أو يعشيه، وهذه الأحاديث ليست متخالفة عندنا؛ لأن الناس على منازل شتى، ولكل واحد كسب لا يمكن أن يتحول عنه، فمن كان كاسبا بالحرفة؛ فهو معذور حتى يجد آلات الحرفة، ومن كان زارعا حتى يجد آلات الزرع، ومن كان تاجرا حتى يجد البضاعة، ومن كان على الجهاد مسترزقا بما يروح ويغدو من الغنائم، كما كان أصحاب رسول الله -[صلى الله عليه وسلم]-، فالضابط فيه: أوقية، أو خمسون درهما، ومن كان كاسبا بحمل الأثقال في الأسواق، أو احتطاب الحطب وبيعه وأمثال ذلك؛ فالضابط فيه: ما يغديه ويعشيه ". أه.
في " الموطأ "(1) من حديث عطاء بن يسار، أن رسول الله -[صلى الله عليه وسلم]- قال: " لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل
(1)(1 / 268) مرسلا.
ووصله أبو داود (1636) بسند صحيح.
وانظر " شرح الزرقاني على الموطأ "(2 / 125) .
الله، أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل اشتراها بماله (1) ، أو لرجل له جار مسكين، فتصدق على المسكين، فأهدى المسكين للغني ".
قال في " المسوى ": " لا خلاف في صورة تبدل الأيدي، وكذا في العامل وابن السبيل، وأما الغارم والغازي؛ فتحل الصدقة لهما وإن كانا غنيين عند الشافعي.
وقال أبو حنيفة: لا تحل إلا إذا كانا فقيرين.
وظاهر الآية مع الشافعي؛ لأن الله - تعالى - جعلهما قسيمي الفقير والمسكين.
وعند الحنفية: تحل الصدقة لمن ليس عنده نصاب غير مستغرق في حاجته، فلو ملك نصابا غير نام، لكنه غير مستغرق لم تحل له، ولو ملك نصبا كثيرة - إلا أنها مستغرقة - حلت له، ولا يحل السؤال إلا لمن لا يملك قوت يومه بعد ستر بدنه؛ كذا في " العالمكيرية ".
قال في " شرح السنة ": إذا رأى الإمام السائل جلدا قويا، وشك في أمره؛ أنذره وأخبره بالأمر، فإن زعم أنه لا كسب له، أو له عيال لا يقوم كسبه بكفايتهم قبل منه وأعطاه ".
أقول: يمكن أن يطبق بين الأحاديث باختلاف الأحوال، والأصل اعتبار معنى الحاجة والاستغناء بالكسب المتيسر، فالأوقية تمنع السؤال لمن كان حاله مثل حال المهاجر في زمان النبي -[صلى الله عليه وسلم]-، كانوا مرتزقين من الفيء دفعة بعد دفعة، وفي الفيء قلة، والاحتطاب مانع من
(1) • أي: اشتراها بماله من المتصدق عليه، وهذا قريب في المعنى من الفقرة التي بعدها. (ن)