الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعصر من العصور، بل تبع فيه الآخر الأول كأنه أخذه من أم الكتاب، وهو حديث خرافة، وقد كثرت التعيينات في هذه العبادة كما سبقت الإشارة إليها؛ بلا برهان، ولا قرآن، ولا شرع، ولا عقل! والبحث في هذا يطول جدا (1) .
قال الماتن رحمه الله: وقد جمعت فيه مصنفين؛ مطولا ومختصراً، ولله الحمد.
(
[مشروعية الخطبتين] :)
(إلا في مشروعية الخطبتين قبلها) : لأن رسول الله -[صلى الله عليه وسلم]- سنّ في الجمعة خطبتين يجلس بينهما، وما صلى بأصحابه جمعة من الجمع إلا وخطب فيها.
إنما دعوى الوجوب إن كانت بمجرد فعله المستمر: فهذا لا يناسب ما تقرر في الأصول، ولا يوافق تصرفات الفحول، وسائر أهل المذهب المنقول، وأما الأمر بالسعي إلى ذكر الله: فغايته أن السعي واجب، وإذا كان هذا الأمر مجملا فبيانه واجب، فما كان متضمنا لبيان نفس السعي إلى الذكر: يكون واجبا؛ فأين وجوب الخطبة (2) ؟
(1) ما قاله الشارح هنا جيد، ولكن رأيه في جواز صلاة الجمعة من اثنين بدون خطبة لا نراه حقا؛ فإن وجوبها معلوم من الدين ضرورة، لم يخالف فيه أحد، ولم تذكر في القرآن إلا إجمالا، ولكن تواتر العمل بها وبصفتها من عصر النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى الآن، والأحاديث الصحيحة بينت هذه الصفة تفصيلا، فلم يصلها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مرة بدون خطبتين، وبغير جمع الحاضرين ممن يسعه حضورها، وهذه المواظبة الدقيقة لا يصح حملها إلا على أنها بيان لهذا الواجب، يلحق به في الوجوب. (ش)
(2)
وجوب الخطبتين - كما قلنا - ظاهر، من المواظبة على الفعل الذي هو بيان لصفة هذه الصلاة الواجبة؛ وهذا ظاهر مطابق لقواعد الأصول، ودقائق الشريعة المطهرة. (ش)
فإن قيل: إنه لما وجب السعي إليها كانت واجبة بالأولى؛ فيقال: ليس السعي لمجرد الخطبة، بل وإليها وإلى الصلاة، ومعظم ما وجب السعي لأجله هو الصلاة، فلا تتم هذه الأولوية.
وهذا النزاع في نفس الوجوب، وأما في كون الخطبة شرطا للصلاة؛ فعدم وجود دليل يدل عليه لا يخفى على عارف؛ فإن شأن الشرطية أن يؤثر عدمها في عدم المشروط، فهل من دليل يدل على أن عدم الخطبة يؤثر في عدم الصلاة؟ (1)
ثم اعلم أن الخطبة المشروعة هي ما كان يعتاده -[صلى الله عليه وسلم]- من ترغيب الناس وترهيبهم، فهذا في الحقيقة روح الخطبة الذي لأجله شرعت.
وأما اشتراط الحمد لله، أو الصلاة على رسول الله، أو قراءة شيء من القرآن، فجميعه خارج عن معظم المقصود من شرعية الخطبة، واتفاق مثل ذلك في خطبته -[صلى الله عليه وسلم]- لا يدل على أنه مقصود متحتم وشرط لازم.
ولا يشك منصف أن معظم المقصود هو الوعظ، دون ما يقع قبله من الحمد والصلاة عليه -[صلى الله عليه وسلم]-، وقد كان عرف العرب المستمر أن أحدهم إذا أراد أن يقوم مقاماً ويقول مقالا، شرع بالثناء على الله وعلى رسوله.
وما أحسن هذا وأولاه! ولكن ليس هو المقصود؛ بل المقصود ما بعده،
(1) هذه الصلاة وجبت بهذه الصفة التي واظب عليها رسول الله، فمن قصّر بها عما كان عليه العمل؛ فإنه لم يؤد ما وجب عليه، وهو واضح في الشرطية. (ش)