الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(
[قراءة الفاتحة في كل ركعة شرط للصلاة] :)
(والفاتحة في كل ركعة) : لقوله [صلى الله عليه وسلم] في حديث المسيء: " ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن "، وفي لفظ من حديث المسيء لأبي داود:" ثم أقرأ بأم القرآن "، وكذلك في لفظ منه لأحمد، وابن حبان؛ بزيادة:" ثم اصنع ذلك في كل ركعة " - بعد قوله: " ثم اقرأ بأم القرآن " -، فكان ذلك بيانا ل " ما تيسر ".
وورد ما يفيد وجوب الفاتحة في غير حديث المسيء كأحاديث: " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب "، وهي صحيحة.
ويدل على وجوبها في كل ركعة: ما وقع في حديث المسيء؛ فإنه [صلى الله عليه وسلم] وصف له ما يفعل في كل ركعة، وقد أمره بقراءة الفاتحة، فكانت من جملة ما يجب في كل ركعة، كما أنه يجب فعل ما اقترن بها في كل ركعة، بل ورد ما يفيد ذلك من لفظه [صلى الله عليه وسلم]، فإنه قال للمسيء:" ثم افعل ذلك في الصلاة كلها "؛ وهو في " الصحيح " من حديث أبي هريرة، قال ذلك بعد أن وصف له ما يفعل في الركعة الواحدة، لا في جملة الصلاة، فكان ذلك قرينة على أن المراد بالصلاة كل ركعة تماثل تلك الركعة من الصلاة.
قال في " الحجة ": وما ذكره النبي [صلى الله عليه وسلم] بلفظ الركنية، كقوله [صلى الله عليه وسلم] :" لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب "، وقوله:" لا يجزيء صلاة الرجل، حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود "، وما سمى الشارع الصلاة به؛ فإنه تنبيه بليغ على كونه ركنا في الصلاة. انتهى.
(
[قراءة الفاتحة ولو مؤتما] :)
(ولو كان مؤتما) : فوجوب الفاتحة في كل ركعة على المؤتم؛ لما ورد من
الأدلة الدالة على أن المؤتم يقرأها خلف الإمام؛ كحديث: " لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب "، ونحوه، ولدخول المؤتم تحت هذه الأدلة المقتضية لوجوب الفاتحة في كل ركعة على كل مصل.
قال في " الحجة البالغة ": " وإن كان مأموما؛ وجب عليه الإنصات والاستماع، فإن جهر الإمام لم يقرأ إلا عند الإسكاتة، وإن خافت فله الخيرة، فإن قرأ فليقرأ الفاتحة قراءة لا يشوش على الإمام.
وهذا أولى الأقوال عندي، وبه يجمع بين أحاديث الباب ". انتهى.
وفي " تنوير العينين "(1) دلائل الجانبين فيه قوية، لكن يظهر بعد التأمل في الدلائل؛ أن القراءة أولى من تركها، فقد عولنا فيه على قول محمد؛ كما نقل عنه صاحب " الهداية "، وتركنا الكلام.
وقال ابن القيم في " الأعلام ": ردت النصوص المحكمة الصريحة الصحيحة في تعيين قراءة الفاتحة فرضا؛ بالمتشابه من قوله - تعالى -: {فاقرؤا ما تيسر منه} ، وليس ذلك في الصلاة، وإنما يدل على قيام الليل، وبقوله للأعرابي:" ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن "؛ وهذا يحتمل أن يكون قبل تعيين الفاتحة للصلاة، وأن يكون الأعرابي لا يحسنها، وأن يكون لم يسيء في قراءتها، فأمره أن يقرأ معها ما تيسر من القرآن، وأن يكون أمره بالاكتفاء بما تيسر عنها، فهو متشابه يحتمل هذه الوجوه، فلا يترك الصريح. انتهى.
(1) سيأتي - من كلام المصنف - أنه للشيخ محمد إسماعيل الشهيد الدهلوي.
وانظر " الثقافة الإسلامية في الهند "(104 و 119) .
وقال في " إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء "(1) : روى البيهقي عن يزيد بن شريك، أنه سأل عمر عن القراءة خلف الإمام؟ فقال: اقرأ بفاتحة الكتاب، فقلت: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا، قلت: وإن جهرت؟ قال: وإن جهرت ".
قلت: روى أهل الكوفة عن أصحاب عمر الكوفيين: أن المأموم لا يقرأ شيئا.
والجمع - أن القبيح - في الأصل - أن ينازع الإمام في القرآن، وقراءة المأموم قد تفضي إلى ذلك، ثم إن اشتغال المأموم بمناجاة ربه مطلوب، فتعارضت مصلحة ومفسدة، فمن استطاع أن يأتي بالمصلحة بحيث لا تخدشها مفسدة فليفعل، ومن خاف المفسدة ترك، والله تعالى أعلم. انتهى.
أقول: الأوجه هو الإتيان بفاتحة الكتاب خلف الإمام، كما تشهد له أدلة السنة الصريحة من دون تعارض، والأمر بالإنصات في قوله - تعالى -:{أنصتوا} عام يتناول فاتحة الكتاب وغيرها، وكذلك حديث:" وإذا قرأ فأنصتوا " - وإن كان فيه مقال (2) ؛ لا ينتهض معه للاستدلال، وعلى فرض انتهاضه؛ فغاية ما فيه أنه اقتضى أن الإنصات حال قراءة الإمام يجب على المؤتم، ولا يقرأ بفاتحة الكتاب ولا غيرها.
وأما حديث: " خلطتم علي ": فلا يشك عارف أن خلط المؤتم على
(1) لولي الله الدهلوي؛ وهو مطبوع باللغة الفارسية.
وانظر " السنن الكبرى "(2 / 167) للبيهقي.
(2)
والصواب صحته؛ انظر تعليقي على " علل أحاديث صحيح مسلم "(رقم 10) لابن عمار الشهيد.