الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(
[الأدعية المأثورة في الصلاة على الميت] :)
(ويدعو بين التكبيرات بالأدعية المأثورة) : منها ما أخرجه أحمد، والترمذي، وأبو داود، وابن ماجه من حديث أبي هريرة، قال: كان النبي -[صلى الله عليه وسلم]- إذا صلى على جنازة قال: " اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم {من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ".
زاد أبو داود، وابن ماجه:" اللهم} لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده ".
وأخرجه أيضا النسائي، وابن حبان، والحاكم، قال: وله شاهد صحيح من حديث عائشة نحوه.
وأخرج هذا الشاهد الترمذي، وأعله بعكرمة بن عمار.
وأخرج مسلم وغيره من حديث عوف بن مالك، قال: سمعت النبي -[صلى الله عليه وسلم]- يقول: " اللهم اغفر له وارحمه، واعف عنه وعافه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بماء وثلج وبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وقه فتنة القبر، وعذاب النار ".
وقد وردت أدعية متنوعة في أحاديث صحيحة؛ هي أولى من الاستحسانات التي ذكرها الفقهاء في كتبهم من عند أنفسهم، فإنهم لم يقصدوا أنها أولى من الثابت عنه [صلى الله عليه وسلم] ، ولكن فن الرواية هم عنه بمعزل، فضاقت عليهم المسالك؛ وهي واسعة.
قال في " الحجة البالغة ": ومن دعاء النبي [صلى الله عليه وسلم] على الميت: " اللهم {إن فلان بن فلان في ذمتك وحبل جوارك؛ فقه من فتنة القبر وعذاب النار؛ وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم} اغفر له وارحمه؛ إنك أنت الغفور الرحيم "(1) .
وأما الصلاة على الجنائز في المساجد: فغاية ما استدل به من قال بالكراهة؛ ما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] : " من صلى على جنازة في المسجد؛ فلا شيء عليه "(2) .
وأخرجه ابن ماجه بلفظ: " فليس له شيء ".
وقد أجاب الجمهور عن هذا الحديث بأجوبة:
منها: أنه ضعيف؛ كما قاله جماعة من الحفاظ؛ فإن في إسناده صالحاً - مولى التوأمة - (3) .
ومنها: أن الذي في النسخ المشهورة الصحيحة من " سنن أبي داود " بلفظ: " فلا شيء عليه " كما تقدم.
وعلى فرض ثبوت الرواية باللفظ الآخر؛ فيجب تأويلها؛ لما ثبت من صلاته [صلى الله عليه وسلم] على ابني بيضاء في المسجد.
(1) حديث صحيح؛ انظر " أحكام الجنائز "(ص 158) .
(2)
هذه الرواية ضعيفة، والتي تليها هي الصحيحة؛ فانظر تفصيل ذلك - رواية ودراية - في " الصحيحة "(2351) .
(3)
بل الحديث ثابت؛ فانظر التعليق السابق.
بل أخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة (1) : أن الصحابة صلوا على أبي بكر وعمر في المسجد.
وأما إنكار من أنكر على عائشة (2) فلا حجة فيه، ولا سيما وقد انقطع عند أن قامت عليه الحجة.
وأما الصلاة على الجنازة فرادى؛ فأقول: الاستدلال ممن قال باشتراط التجميع فيها بأنه [صلى الله عليه وسلم] ما صلى على جنازة إلا في جماعة: لا تتم به الحجة؛ لأن الأصل في كل صلاة مشروعة أن تكون كالصلوات الخمس في إجزائها فرادى كما تجزئ جماعة.
ومن زعم غير ذلك فعليه الدليل.
ولو كان فعلها منه [صلى الله عليه وسلم] في جماعة تقوم به الحجة؛ للزم في صلاة الفرائض الخمس أن لا تصح إلا جماعة؛ لأنه [صلى الله عليه وسلم] لم يؤدها إلا جماعة.
إذا تقرر هذا: فالاقتصار في الاستدلال لصحة صلاة الجنازة فرادى على ما ذكرناه مغن عن غيره؛ فإن تحقيق إجماع الصحابة على تجويز الصلاة عليه [صلى الله عليه وسلم] عند موته فرادى (3) ممنوع؛ لأنهم قد تفرقوا بعض تفرق في تلك الحال، وإن كان الباقون في المدينة جمهورهم وأكابرهم.
ثم لو فرض الإجماع على ذلك: فهو إجماع سكوتي، وانتهاضه
(1) في " المصنف "(3 / 364) .
(2)
كما في " صحيح مسلم "(973) في قصة جنازة سعد.
(3)
انظر " مختصر الشمائل المحمدية "(333) لشيخنا.