الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقول: أما السباب للأموات من الشافعين لهم، القائمين بالصلاة عليهم: فما لهذا حمل الحاملون الجنازة إليهم؛ فإذا كان لا يستجيز الدعاء للميت، كمن يكون - مثلا - معلوم النفاق؛ فيدعو المصلي لنفسه، ولسائر المسلمين إذا ألجأته الضرورة إلى الصلاة عليه، و " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه "؛ و " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك "، طوبى لمن شغلته عيوبه عن عيوب الناس (1) .
قال بعض المقصرين لرجل من أهل العلم: ألا تلعن فلانا؟ {قال: وهل تعبدنا الله بذلك؟} قال: نعم، قال: فمتى عهدك بلعن الشيطان وفرعون؛ فإنهما من رؤوس هذه الطائفة التي زعمت أن الله تعبدك بلعنها؟ قال: لا أدري {قال: لقد فرطت فيما تعبدك الله به، وتركت ما هو أحق بما تفعل} فعرف ذلك المقصر خطأه (2) .
(
[التعزية مشروعة بألفاظ مأثورة] :)
(والتعزية مشروعة) : لحديث: " من عزى مصابا فله مثل أجره "، أخرجه ابن ماجة، والترمذي، والحاكم من حديث ابن مسعود، وقد أنكر هذا الحديث على علي بن عاصم (3) .
(1) قوله: " طوبى لمن
…
"؛ لفظ حديث لا يثبت؛ وإن كان معناه صحيحا؛ فانظر " العلل المتناهية " (2 / 344) .
وما قبله: حديثان صحيحان.
(2)
أقول: وهذا حال الغلاة الجدد؛ الذين لا ينقطع إطلاق القول بالتكفير عن ألسنتهم {
ألا ساء ما يزرون، وباطل ما كانوا يصنعون} !
(3)
• وقد ذكر له الحافظ في " التلخيص "(5 / 251 - 252) متابعين، قال:" وكلهم أضعف منه بكثير، وليس فيها رواية يمكن التعلق بها إلا طريق إسرائيل، فقد ذكرها صاحب " الكمال " من طريق وكيع عنه، ولم أقف على إسنادها بعد "؛ ثم ذكر له ثلاثة شواهد منها حديث عمرو بن حزم الذي بعده. (ن)
وأخرج ابن ماجة من حديث عمرو بن حزم، عن النبي -[صلى الله عليه وسلم]- قال:" ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة؛ إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة "؛ ورجال إسناده ثقات (1) .
وأخرج الشافعي من حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: لما توفي رسول الله -[صلى الله عليه وسلم]- وجاءت التعزية؛ سمعوا قائلا يقول: إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل فائت، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا؛ فإن المصاب من حرم الثواب "؛ وفي إسناده القاسم بن عبيد الله بن عمرو؛ وهو متروك (2) .
وأخرج البخاري، ومسلم من حديث أسامة بن زيد، قال: كنا عند النبي [صلى الله عليه وسلم] ، فأرسلت إليه إحدى بناته؛ تدعوه وتخبره أن صبيا لها - أو ابنا لها - في الموت، فقال للرسول:" ارجع إليها، فأخبرها أن لله ما أخذ، ولله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب ".
فينبغي التعزية بهذه الألفاظ الثابتة في " الصحيح "، ولا يعدل عنها إلى
(1) • وكذا قال في " النيل "(4 / 81) إلا أنه استثنى، فقال:" إلا قيسا أبا عمارة؛ ففيه لين ".
فترك المصنف لهذا ليس من الأمانة العلمية في شيء {
ثم إن في الحديث انقطاعا أو إرسالا؛ بينته في " معجم الحديث " - لنا -. (ن)
(2)
• قلت: لكن أخرجه الحاكم (ج 3 / ص 57) من طريق أخرى، وقال:" صحيح "، ووافقه الذهبي، وفي رواية: أن القائل هم الملائكة، وذكر له الحاكم شاهدا من حديث أنس، وفيه أن القائل هو الخضر عليه السلام} ولكنه منكر، وفي إسناده عباد بن عبد الصمد، قال فيه الذهبي: واه، قال البخاري: منكر الحديث، ووهاه ابن حبان، وقال أبو حاتم: ضعيف جدا ".
وفي سند الرواية الأولى عند الحاكم خالد بن إسماعيل، وهو كذاب؛ كما قاله الذهبي نفسه في " الميزان "، وانظر " التعليقات "(3 / 67) . (ن)