الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتقديم الأولى من المقضيات على الأخرى: هو الأولى والأحب، ولو لم يرد في ذلك إلا فعله [صلى الله عليه وسلم] في يوم الخندق؛ لكان فيه كفاية.
وإنما الشأن في كون ذلك متحتما لا يجوز غيره.
(
[وجوب الإيمان بالصلاة المتروكة لعذر] )
(وإن كان) ؛ أي: الترك (لعذر) : من نوم، أو سهو، أو نسيان، أو اشتغال بملاحمة القتال مع عدم إمكان صلاة الخوف والمسايفة (فليس بقضاء) ، بل تجب تأدية تلك الصلاة المتروكة عند زوال العذر، وذلك وقتها، وفعلها فيه أداء، كما يفيد ذلك أحاديث:" من نام عن صلاة أو سها عنها؛ فوقتها حين يذكرها "(1) - وقد تقدمت في أول كتاب الصلاة -؛ وفي ذلك خلاف.
والحق أن ذلك هو وقت الأداء، لا وقت القضاء؛ للتصريح منه [صلى الله عليه وسلم] أن وقت الصلاة المنسية، أو التي نام عنها المصلي؛ وقت الذكر.
وأما المتروكة لغير نوم وسهو، كمن يترك الصلاة لاشتغاله بالقتال - كما سبق -؛ فقد شغل النبي [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه يوم الخندق عن صلاة الظهر والعصر، وما صلوهما إلا بعد هوي (2) من الليل، كما أخرجه أحمد، والنسائي من حديث أبي سعيد.
وهو في " الصحيحين " من حديث جابر.
(1) انظر " إرواء الغليل "(263) ؛ ففيه تخريج دقيق لألفاظه ورواياته.
(2)
الهوي - بفتح الهاء وكسر الواو وتشديد الياء المثناة التحتية -: الحين الطويل من الزمان، أو الساعة الممتدة من الليل، وقيل: هو خاص بالليل.
وحكى فيه ابن سيده ضم الهاء أيضا. (ش)
وليس فيه ذكر الظهر، بل العصر فقط، ولذلك قال الماتن:
(بل أداء في وقت زوال العذر، إلا صلاة العيد) المتروكة لعذر؛ وهو عدم العلم بأن ذلك اليوم يوم عيد.
(ففي ثانيه) ؛ أي: تفعل في اليوم الثاني، ولا تفعل في يوم العيد بعد خروج الوقت، إذا حصل العلم بأن ذلك اليوم يوم عيد؛ لحديث أبي عمير بن أنس عن عمومة له: أنه غم عليهم الهلال، فأصبحوا صياما، فجاء ركب من آخر النهار، فشهدوا عند رسول الله -[صلى الله عليه وسلم]- أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر الناس أن يفطروا من يومهم، وأن يخرجوا لعيدهم من الغد "؛ أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وابن حبان في " صحيحه "، وصححه ابن المنذر، وابن السكن، وابن حزم، والخطابي، وابن حجر في " بلوغ المرام " (1) .
أقول: وأما الكافر إذا أسلم: فلا يجب عليه القضاء على كل حال؛ لأن القائل بأنه غير مخاطب بالشرعيات ينفي عنه الوجوب حال الكفر، والقائل أنه مخاطب؛ يجعل الخطاب باعتبار الثواب والعقاب، لا باعتبار وجوب الأداء أو القضاء، فالإسلام يجب ما قبله بلا خلاف.
والظاهر أن المرتد حكمه حكم غيره من الكفار في عدم وجوب القضاء؛ لأن الدليل يصدق عليه كما يصدق على غيره من الكفار.
(1) انظر " صحيح أبي داود "(1026)