الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[صلى الله عليه وسلم]-، وعن كبراء الصحابة، وعظماء العلماء والفقهاء والمجتهدين، بحيث لا يشوبها نسخ ولا تعارض، حتى ادعى بعضهم التواتر، ولا أقل من أن تكون مشهورة. كذا في " التنوير ".
2 -
[الضم] :
(والضم) لليدين؛ أي: اليمنى على اليسرى حال القيام، إما على الصدر، أو تحت السرة، أو بينهما؛ بأحاديث تقارب العشرين في العدد، ولم يعارض هذه السنن معارض، ولا قدح أحد من أهل العلم بالحديث في شيء منها، وقد رواه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] نحو ثمانية عشر صحابياً، حتى قال ابن عبد البر: إنه لم يأت فيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] خلاف.
وفي " تنوير العينين ": " إن وضع اليد على الأخرى أولى من الإرسال؛ لأن الإرسال لم يثبت عن النبي -[صلى الله عليه وسلم]-، ولا عن أصحابه، بل ثبت الوضع بروايات صحيحة ثابتة عن النبي -[صلى الله عليه وسلم]- وعن أصحابه - رضي الله تعالى عنهم -، كما روى مالك في " الموطأ "، والبخاري في " صحيحه " عن سهل بن سعد، قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة "؛ قال أبو حازم: لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] .
وروى الترمذي عن قبيصة بن هلب، عن أبيه، قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه، قال الترمذي: وفي الباب عن وائل بن حجر، وغطيف بن الحارث، وابن عباس، وابن مسعود، وسهل بن سعد.
قال أبو عيسى: حديث هلب حديث حسن.
والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] والتابعين ومن بعدهم: يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة.
ورأى بعضهم أن يضعهما فوق السرة.
ورأى بعضهم أن يضعهما تحت السرة، وكل ذلك واسع عندهم ". انتهى.
وكذلك أخرج مسلم عن وائل بن حجر، وابن مسعود.
والنسائي عن وائل بن حجر.
والبخاري، والحاكم عن علي.
وابن أبي شيبة عن غطيف بن الحارث، وقبيصة بن هلب عن أبيه، ووائل بن حجر، وعلي، وأبي بكر الصديق، وأبي الدرداء، أنه قال: من أخلاق النبيين: وضع اليمين على الشمال في الصلاة.
وعن الحسن، أنه قال: قال رسول الله -[صلى الله عليه وسلم]-: " كأني أنظر إلى أحبار بني إسرائيل واضعي أيمانهم على شمائلهم في الصلاة "(1) .
وهكذا أخرج عن أبي مجلز، وأبي عثمان النهدي، ومجاهد، وأبي الجوزاء.
(1) رواه ابن أبي شيبة في " المصنف "(1 / 390) ؛ وهو ضعيف - لإرساله -، وفيه يوسف بن ميمون، وهو ضعيف.
وأما ما روي من الإرسال عن بعض التابعين - من نحو الحسن، وإبراهيم، وابن المسيب، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، كما أخرجه ابن أبي شيبة -: فإن بلغ عندهم حديث الوضع؛ فمحمول على أنه لم يحسبوه سنة من سنن الهدى، بل حسبوه عادة من العادات، فمالوا إلى الإرسال؛ لأصالته مع جواز الوضع، فعملوا بالإرسال بناء على الأصل؛ إذ الوضع أمر جديد يحتاج إلى الدليل، وإذ لا دليل لهم؛ فاضطروا إلى الإرسال، لا أنه ثبت عندهم الإرسال، وإلى ذلك يشير قول ابن سيرين حيث سئل عن الرجل يمسك بيمينه شماله؟ قال: إنما فعل ذلك من أجل الدم. كما أخرج ابن أبي شيبة.
وأما ما أخرج أبو بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن إبراهيم، قال: سمعت عمرو بن دينار، قال: كان ابن الزبير إذا صلى يرسل يديه! فهي رواية شاذة مخالفة لما روى الثقات عنه.
كما أخرج أبو داود عن زرعة بن عبد الرحمن، قال: سمعت ابن الزبير يقول: صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة.
وإن سُلّم كونها صحيحة؛ فهذه فعله، والفعل لا عموم له، ورواية الوضع عنه مرفوعة لأنه نسبه إلى السنة، وقول الصحابي: من السنة؛ في حكم الرفع، كما حُقق في كتب أصول الحديث.
ومع هذا لعله لم ير الوضع من سنن الهدى، وفهم الصحابي ليس بحجة - كما مضى -، لا سيما إذا كان مخالفاً لأجله الصحابة، كأميري المؤمنين أبي بكر الصديق، وعلي المرتضى، وابن عباس، وابن مسعود، وسهل بن سعد، ونحوهم.
على أنها مخالفة للأحاديث المرفوعة المشهورة، وأعمال الصحابة المستفيضة في باب الوضع، فينبغي أن لا يعوّل عليها، وتسقط على الاعتبار ولا يلتفت إليها.
وأما مالك بن أنس: فقد اضطربت الروايات عنه:
فالمدنيون من أصحابه رووا عنه أمر الوضع مطلقاً، سواء كان في الفرض أو النفل، كما يشهد به حديث " الموطأ " عن سهل بن سعد، وأثره عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصري.
والمصريون من أصحابه رووا عنه الإرسال في الفرض والوضع في النفل.
وعبد الرحمن بن القاسم روى عنه الإرسال مطلقاً.
وروى أشهب عنه إباحة الوضع.
وتلك الروايات - أي: روايات المصريين وابن القاسم عنه - وإن عمل بها المتأخرون من المالكية، لكنها روايات شاذة مخالفة لرواية جمهور أصحابه، فلا تخرق الإجماع والاتفاق، ولا تصادم ما ادعينا من الإطباق، ولكونها شاذة أولها ابن الحاجب في " مختصره في الفقه " بالاعتماد على الأرض إذا رفع رأسه من السجدة ونهض إلى القيام.
ووضع اليدين تحت السرة وفوقها متساويان؛ لأن كلا منهما مروي عن أصحاب النبي -[صلى الله عليه وسلم]-:
أخرج أبو داود، وأحمد، وابن أبي شيبة عن علي (1) : السنة وضع الكف في الصلاة تحت السرة.
رواه رزين وغيره.
في " سفر السعادة ": وضع الكف تحت الصدر في " صحيح ابن خزيمة ".
قال الترمذي: رأى بعضهم أن يضعهما فوق السرة، ورأى بعضهم أن يضعهما تحت السرة، وكل ذلك واسع عندهم؛ كما ذكرناه سابقا.
وقال الشيخ ابن الهمام: " ولم يثبت حديث صحيح يوجب (2) العمل في كون الوضع تحت الصدر، وفي كونه تحت السرة، والمعهود من الحنفية هو كونه تحت السرة، وعن الشافعية تحت الصدر، وعند أحمد قولان كالمذهبين، والتحقيق المساواة بينهما؛ كما ذكرنا سابقا، والله - تعالى - أعلم بأحكامه ". انتهى.
وقال ابن القيم في " إعلام الموقعين " بعد تخريج الأخبار والآثار في وضع اليمنى على اليسرى: رُدّت هذه الآثار برواية ابن القاسم عن مالك قال: تركه أحب إليّ! ولا أعلم شيئاً ردت به سواه. انتهى.
(1) هو ضعيف - كما ستأتي الإشارة إليه -.
(2)
• أقول: بلى، قد ورد ما يدل صريحاً على أن السنة الوضع على الصدر؛ عند الإمام أحمد بسند قوي، كما ذكره العلامة المحقق عبد العظيم آبادي في " غنية الألمعي "، وغيره في غيره، فيجب المصير إليه، وأما قول علي المذكور؛ فضعيف باتفاق المحدثين، فلا يعتمد عليه. (ن)
أقول: قوة سنده بالشواهد، وللسندي رسالة بعنوان " فتح الغفور في تحقيق وضع اليدين عند الصدور "، وهي مطبوعة.