الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث ولا سنده!
وذكر كلام ابن العربي وأبطله السيد محمد الأمير في " اليواقيت ".
نعم؛ أيام الشتاء يحسن التأني بالظهر حتى يحصل ظن أن الشمس لو كانت في كبد السماء أن قد زالت، لأنه يدرك بالحس والمشاهدة إذا كانت من جهة الجنوب، لأن ظلها يزداد في جهة الشرق زيادة كثيرة، لكن لا إلى الحد الذي يقدّر بالأقدام، وغايته أن ينظر في أمارات تحصل الظن بالزوال، وأهل الأقدام ليس معهم إلا الظن لا غير، وليس أحد مخاطباً بظن غيره بل بظن نفسه، فتأمل.
(
[بيان أول وقت العصر وآخره] :)
(وهو أول وقت العصر) أي: صيرورة ظله مثله.
قال ابن القيم: وأنهم كانوا يصلونها مع النبي [صلى الله عليه وسلم] ، ثم يذهب أحدهم إلى العوالي قدر أربعة أميال والشمس مرتفعة (1) .
وقال أنس: صلى بنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] العصر، فأتاه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله: إنا نريد أن ننحر جزوراً، وإنا نحب أن تحضرها، قال:" نعم "، فانطلق، وانطلقنا معه، فوجد الجزور لم تُنحر، فنحرت، ثم قطعت، ثم طبخ منها، ثم أكلنا منها قبل أن تغيب الشمس " (2) ، ومحال أن يكون هذا بعد المثلين.
(1) رواه الجماعة - إلا الترمذي - من حديث أنس بن مالك. (ش)
(2)
رواه مسلم في " صحيحه ". (ش) .
وفي " صحيح مسلم " عنه: " وقت صلاة الظهر ما لم يحضر العصر "(1) ، ولا معارض لهذه السنن في الصحة ولا في الصراحة والبيان، فرُدّت بالمجمل من قوله [صلى الله عليه وسلم] : " ومثل أهل الكتاب قبلكم كمثل رجل استأجر أجيراً، فقال: من يعمل إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟
…
" (2) الخ.
ويا لله العجب {أي دلالة في هذا على أنه لا يدخل وقت العصر حتى يصير الظل مثلين بنوع من أنواع الدلالة،؟} وإنما يدل على أن من صلاة العصر إلى غروب الشمس أقصر من نصف النهار إلى وقت العصر، وهذا لا ريب فيه. انتهى.
(وآخره) أي: آخر وقت العصر صيرورة ظله مثليه.
قال الشافعي: " آخر الوقت المختار للعصر أن يكون ظل كل شيء مثليه.
وقيل: إلى أن تصفر الشمس، وآخر وقت الضرورة مغيب الشمس ". كذا في " المسوى ".
وفي " الحجة البالغة ": وكثير من الأحاديث يدل على أن آخر وقت العصر أن تتغير الشمس، وهو الذي أطبق عليه الفقهاء، فلعل المثلين بيان لآخر الوقت المختار والذي يستحب فيه، أو نقول: لعل الشرع نظر - أولاً - إلى المقصود من اشتقاق العصر، أن يكون الفصل بين كل صلاتين نحواً من
(1) رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مطولاً، وسيذكره الشارح في الكلام على آخر وقت العصر. (ش)
(2)
رواه البخاري (2268) عن ابن عمر.
وانظر " الفتح "(2 / 40) ، و (4 / 446) .
ربع النهار، فجعل الأمد الآخر بلوغ الظل إلى المثلين، ثم ظهر من حوائجهم وأشغالهم ما يوجب الحكم بزيادة الأمد.
وأيضا معرفة ذلك الحد تحتاج إلى ضرب من التأمل وحفظ الفيء الأصلي ورصده.
وإنما ينبغي أن يُخاطب الناس في مثل ذلك بما هو محسوس ظاهر، فنفث الله تعالى في روعه [صلى الله عليه وسلم] أن يجعل الأمد تغير قرص الشمس أو ضوئها، والله تعالى أعلم.
(ما دامت الشمس بيضاء نقية) فإذا اصفرت خرج وقت العصر؛ لما ورد في ذلك من الأحاديث، منها حديث ابن عمرو، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] : " وقت صلاة الظهر ما لم يحضر العصر، ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يسقط ثور (1) الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل، ووقت صلاة الفجر ما لم تطلع الشمس ".
أخرجه مسلم وأحمد والنسائي وأبو داود.
ولا يخالف ما وقع في هذا الحديث - في آخر وقت العصر والعشاء - ما ورد في بعض الأحاديث " أن آخر وقت العصر مصير ظل الشيء مثليه، وآخر وقت العشاء ذهاب ثلث الليل (2) "؛ فإن هذا الحديث قد تضمن زيادة غير منافية للأصل؛ لأن وقت اصفرار الشمس هو متأخر عن المثلين، إذ هي تبقى
(1) بفتح الثاء المثلثة، وإسكان الواو، أي: ثورانه وانتشاره ومعظمه، وفي " القاموس " أنه حُمْرة الشفق الثائرة فيه. قاله المصنف [أي: مصنف " الأصل "] في " نيل الأوطار ". (ش)
(2)
ووقع في رواية عند البخاري (541) : " إلى شطر الليل ".