الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{والليل إذا يغشى} ومثلهما، وحُمل الظهر على الفجر، والعصر على العشاء، وفي بعض الروايات: الظهر على العشاء، والعصر على المغرب، وفي بعضها: وفي المغرب بقصار المفصل؛ لضيق الوقت ". انتهى.
(7 -
[التشهد الأوسط] :)
(و) أما (التشهد الأوسط) : فلم يرد فيه ألفاظ تخصه، بل يقول فيه ما يقول في التشهد الأخير، ولكنه يسرع بذلك.
وفي " حاشية الشفاء " للشوكاني رحمه الله: " وأما ما يقال فيه؛ فهو ما يقال في التشهد الأخير سواء بسواء؛ إلا ما ورد تخصيصه بالآخر؛ فيختص به، وظاهر الأدلة الواردة في التشهد شامل للتشهدين جميعاً، إلا أنه ينبغي تخفيفه كما ورد الدليل بذلك، وأقل ما يقال فيه تشهد ابن مسعود، ويُضم إليه الصلاة على النبي وآله [صلى الله عليه وسلم] بأخصر لفظ، فهذا لا ينافي التخفيف المشروع ". انتهى.
وقد روى أحمد، والنسائي من حديث ابن مسعود قال: إن محمداً قال: " إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه؛ فليدع به ربه عز وجل "، ورجاله ثقات.
وأخرجه الترمذي بلفظ: علمنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا قعدنا في الركعتين.
فالتقييد بالقعود في كل ركعتين يفيد أن هذا التشهد هو التشهد الأوسط، ولكن ليس فيه ما ينفي زيادة الصلاة على النبي [صلى الله عليه وسلم] ، وقد شرعها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في التشهد مقترنة بالسلام على النبي [صلى الله عليه وسلم]، كما ورد بلفظ: قد علمنا كيف السلام عليك؛ فكيف الصلاة؟ وهو في " الصحيحين " من حديث كعب ابن عجرة.
وفي رواية من حديث ابن مسعود: فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا؟
وإنما لم يكن التشهد الأوسط واجباً ولا قعوده لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] تركه سهوا، فسبَّح الصحابة، فلم يعد له، بل استمر وسجد للسهو، فلو كان واجباً؛ لعاد له عند ذهاب السهو بوقوع التنبيه من الصحابة؛ فلا يقال: إن سجود السهو يكون لجبران الواجب كما يكون لجبران غير الواجب! لأنا نقول: محل الدليل ههنا هو عدم العود لفعله بعد التنبيه على السهو.
أقول: لا ريب أنه [صلى الله عليه وسلم] لازم التشهد الأوسط، ولم يثبت في حديث من الأحاديث الحاكية لفعله [صلى الله عليه وسلم] أنه تركه مرة واحدة، ولكن هذا القدر لا يثبت به الوجوب، وإن كان بيانا لمجمل واجب، وانضم إليه حديث:" صلوا كما رأيتموني أصلي "؛ لأن الاقتصار في حديث المسيء على بعض ما كان يفعله دون بعض يشعر بعدم وجوب ما لم يذكر فيه، وأحاديث التشهد الصحيحة التي فيها لفظ " قولوا " - وإن كان أصل الأمر للوجوب -؛ لكنه مصروف عن حقيقته بحديث المسيء.
ويشكل على ذلك قول ابن مسعود: كنا نقول قبل أن يفرض علينا
التشهد
…
الحديث؛ فإن هذه العبارة تدل على أن التشهد من المفترضات، ويمكن أن يقال: إن فهم ابن مسعود للفرضية لا يستلزم أن يكون الأمر كذلك؛ لأنه من مجالات الاجتهادات، واجتهاده ليس بحجة على أحد (1)، وأيضا: بعض التشهد تعليم كيفية، وتعليم الكيفيات - وإن كان بلفظ الأمر - لا يدل على وجوبها، وما نحن بصدده من ذلك؛ فإنه وقع في جواب: كيف نصلي عليك؟ وإنما كان كذلك؛ لأن جواب السائل عن الكيفية يكون بالأمر، وإن كانت غير واجبة إجماعاً، تقول: كيف أغسل ثوبي وأحمل متاعي: فيقول المسؤول: افعل كذا؛ غير مريد لإيجاب ذلك عليك، بل لمجرد التعليم للهيئة المسؤول عنها ب (كيف؟) ؛ فلا بد أن يكون الشيء المسؤول عن كيفيته قد وجب بدليل آخر غير تعليم الكيفية (2) .
وقد وقع في بعض طرق حديث المسيء ذكر للتشهد فراجعه في الموطن، فإن صحت تلك الطرق؛ كانت هي المفيدة للوجوب،
أما حديث: " إذا أحدث المصلي بعد آخر سجدة ": فليس مما تقوم به الحجة؛ فليعلم.
(1) أما احتجاج الشارح بحديث المسيء صلاته: فقد بينا آنفا أنه لا يمنع من وجوب ما يدل الدليل على وجوبه، فالأحاديث التي فيها:" قولوا " تدل على الوجوب قطعا، ولا تصرف عن الوجوب.
وأما دعواه أن قول ابن مسعود: قبل أن يفرض علينا التشهد فهم من ابن مسعود! فإنه مغالطة واضحة، بل هو دليل صريح، وإخبار منه على أن التشهد فرض عليهم.
وبناء الفعل لما لم يسم فاعله لا ينفي فهم المراد، وهو الشارع الذي إذا فرض عليهم شيئا وجبت طاعته. (ش)
(2)
وقد وجب المسؤول عن كيفيته بدليل آخر، وهو الأمر بالصلاة عليه في القرآن، واستفهموا عن بيان هذا الأمر المجمل، فبين لهم، فصار تفسيراً للأمر الأول ملحقاً به، واجباً طاعته، والله الموفق. (ش)