الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(
[وجوب التعوذ من أربع] :)
وورد ما يفيد وجوب التعوذ من أربع؛ كما أخرجه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] : " إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير؛ فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال ".
وورد نحو ذلك من حديث عائشة، وهو في " الصحيحين " وغيرهما.
فيكون هذا التعوذ من تمام التشهد، ثم يتخير المصلي بعد ذلك من الدعاء أعجبه، كما أرشد إلى ذلك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] .
قال في " الحجة ": وورد في صيغ الدعاء في التشهد: " اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ".
وورد: " اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت ".
(
[التسليم من واجبات الصلاة] :)
(والتسليم) : وهو واجب؛ لكون النبي [صلى الله عليه وسلم] جعله تحليل الصلاة، فلا تحليل لها إلا به، فأفاد ذلك وجوبه، وإن لم يذكر في حديث المسيء.
قال في " الحجة ": " وجب أن لا يكون الخروج من الصلاة إلا بكلام هو
أحسن كلام الناس، أعني: السلام، وأن يوجب ذلك ". انتهى.
قال ابن القيم: " إن السنة الصحيحة الصريحة المحكمة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] التي رواها خمس عشرة نفسا من الصحابة: أنه كان يسلم في الصلاة عن يمينه وعن يساره: " السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله "؛ منهم عبد الله بن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وجابر بن سمرة، وأبو موسى الأشعري، وعمار بن ياسر، وعبد الله بن عمر، والبراء بن عازب، ووائل بن حجر، وأبو مالك الأشعري، وعدي بن عميرة الحضرمي، وطلق بن علي، وأوس بن أوس، وأبو رمثة، والأحاديث بذلك ما بين صحيح وحسن، فرد ذلك بخمسة أحاديث مختلف في صحتها، واردة في تسليمة واحدة ". انتهى.
وقد أطال في الجواب عنها إلى خمسة أوراق (1) ، فليرجع إليه.
قلت: وعامة أهل العلم على أنه يسلم تسليمتين عن يمينه وعن شماله، واحتجوا بحديث عبد الله بن مسعود، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ؛ رواه أبو داود، والترمذي، ولفظه: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يسلم عن يمينه: " السلام عليكم ورحمة الله، حتى يرى بياض خده الأيمن، السلام عليكم ورحمة الله، حتى يرى بياض خده الأيسر "، رواه النسائي، وأحمد، وابن حبان، والدارقطني، وغيرهم.
وفي الباب عن سهل بن سعد، وحذيفة، ومغيرة بن شعبة، وواثلة بن
(1) كذا {} والصواب: خمس أوراق
…
وللمصنف رحمه الله من هذا الوهم كثير.
الأسقع، ويعقوب بن الحصين (1) .
ووقع في " صحيح ابن حبان " من حديث ابن مسعود زيادة: " وبركاته "، وهي عند ابن ماجة أيضا، وعند أبي داود أيضا في حديث وائل بن حجر.
فالعجب من ابن الصلاح؛ كيف يقول: إن هذه الزيادة ليست في شيء من كتب الحديث؛ إلا في رواية وائل بن حجر؟ {كذا في " التلخيص ".
وقال مالك: يسلم الإمام والمنفرد تسليمة واحدة: السلام عليكم؛ لا يزيد على ذلك، ويستحب للمأموم أن يسلم ثلاثا: عن يمينه، وعن شماله، وتلقاء وجهه؛ يردها على إمامه. كذا في " المسوى ".
أقول: وورود التسلمية الواحدة فقط لا يعارض الثابت مما فيه زيادة عليها، وهي أحاديث التسليمتين؛ لما عرفناك غير مرة أن الزيادة التي لم تكن منافية يجب قبولها، فالقول بتسليمتين إعمال لجميع ما ورد، بخلاف القول بتسليمة فإنه إهدار لأكثر الأدلة بدون مقتض.
وأما كون التسليم واجبا أو غير واجب فقد تقرر أن المرجع حديث المسيء، وأنه لا وجوب لغير ما لم يذكر فيه؛ إلا أن يثبت إيجابه بعد تاريخ حديث المسيء إيجابا، لا يمكن صرفه بوجه من الوجوه (2) .
(1) انظر " التلخيص الحبير "(1 / 271) .
(2)
لا نسلم هذا؛ فإن حديث المسيء اختلفت رواياته كثيرا، وهو حديث صحيح، وبعض الرواة يزيد فيه ما تركه غيره، وقد يصح دليل على بعض الواجبات في الصلاة، وهي زيادة من ثقة، فتكون مقبولة، ولعلنا لم نطلع على جميع ألفاظ حديث المسيء} أو لعل بعض الرواة نسي منه شيئا! فلا يجوز رد ما يصح دليله بهذا الحصر. (ش)