الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هناك حديث إسماعيل بن عياش، وفيه من المقال ما لا يخفى.
(6 -
[مس الذكر] :)
(ومس الذكر) : وقد دل على ذلك حديث بسرة بنت صفوان رضي الله عنها، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:" من مس ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ "؛ رواه أحمد رحمه الله، وأهل " السنن " رحمهم الله، ومالك رحمه الله، والشافعي رحمه الله، وابن خزيمة رحمه الله، وابن حبان رحمه الله، والحاكم رحمه الله، وابن الجارود.
وصححه أحمد رحمه الله، والترمذي رحمه الله، والدارقطني رحمه الله، ويحيى بن معين رحمه الله، والبيهقي رحمه الله، والحازمي رحمه الله، وابن حبان رحمه الله، وابن خزيمة رحمه الله.
قال البخاري: هو أصح شيء في هذا الباب.
وفي الباب أحاديث عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم؛ منهم: جابر رضي الله عنه، وأبو هريرة رضي الله عنه، وأم حبيبة رضي الله عنها، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وزيد بن خالد رضي الله عنه، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وعائشة رضي الله عنها، وابن عباس رضي الله عنهما، ابن عمرو رضي الله عنهما، والنعمان بن بشير رضي الله عنه، وأنس رضي الله عنه، وأبي بن كعب، ومعاوية بن حيدة (1) - رضي
(1) في الأصل: معاوية بن أبي حيدة؛ وهو خطأ. (ش)
الله عنه -، وقبيصة رضي الله عنه، وأروى بنت أُنيس (1) رضي الله عنها (2) .
وحديث بسرة رضي الله عنها بمجرده أرجح من حديث طلْق بن علي رضي الله عنه عند أهل " السنن " رحمهم الله مرفوعاً، بلفظ: الرجل يمس ذكره أعليه وضوء؟ فقال [صلى الله عليه وسلم] : " إنما هو بضعة منك "؛ فكيف إذا انضم إلى حديث بسرة رضي الله عنها أحاديث كثيرة كما أشرنا إليه؟ {
ومن مال إلى ترجيح حديث طلق: فلم يأت بطائل}
وقد تقرر في الأصول: أن رواية الإثبات أولى من رواية النفي، وأن المقتضي للحظر أولى من المقتضي للإباحة.
قد ذهب إلى انتقاض الوضوء بمس الذكر جماعة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، والأئمة رحمهم الله، ومالوا إلى العمل بحديث بسرة؛ لتأخر إسلامها.
وذهب إلى خلاف ذلك جماعة كذلك.
والحق الانتقاض.
وقد ورد ما يدل على أنه ينتقض الوضوء بمس الفرج؛ وهو أعم من
(1) هي غير معروفة، والإسناد إليها ضعيف.
واختُلف فيها؛ فقال بعضهم: أروى؛ ولم يذكر اسم أبيها.
وقال بعضهم: أروى بنت أنيس.
وقال بعضهم: عن أبي أروى؛ فقط! (ش)
(2)
انظر " التلخيص الحبير "(1 / 122 - 124) .
القُبُل والدُبُر، كما أخرجه ابن ماجه رحمه الله من حديث أم حبيبة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: " من مس فرجه فليتوضأ "، وصححه أحمد رحمه الله، وأبو زرعة رحمه الله، وقال ابن السكن رحمه الله: لا أعلم له علة.
وأخرج الدارقطني رحمه الله من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: " إذا مسّت إحداكن فرجها فلتتوضأ "؛ وفي إسناد عبد الرحمن بن عبد الله العمري؛ وفيه مقال (1) .
وأخرج أحمد رحمه الله، والترمذي رحمه الله، والبيهقي رحمه الله، من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: " أيما رجل مس فرجه فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ "، وفي إسناده بقية بن الوليد، ولكنه صرح بالتحديث (2) .
قال في " المسوى ": قال الشافعي رحمه الله: يجب الوضوء على من مس الفرج، وشرطه أن يمس ببطن الكف أو بطون الأصابع.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: مس الفرج لا ينقض؛ واحتج بقوله [صلى الله عليه وسلم] : " هل هو إلا بضعة منك؟ ! ". انتهى.
قالوا: إن مس الفرج لما كانت حاجة الناس إليه عامة، والبلوى به دائمة: وجب أن ينقل شرعاً ثابتاً متواتراً مستقراً.
(1) بل هو كذّاب، انظر " المجروحين "(2 / 53) لابن حبان.
(2)
فهو حسن؛ وقد نقل الحافظ في " التلخيص "(1 / 124) تصحيحه عن البخاري.
أقول: قد وقع في الأصول أن الحكم الذي تعم به البلوى لا بد أن يُنقل نقلاً مستفيضاً؛ والقائل بذلك بعض الحنفية.
وخالفهم الجمهور لعموم الأدلة الدالة على قبول أخبار الآحاد.
وهذه القاعدة كثيراً ما ترى المشغوفين بمحبة ما ألفوه من مذاهب الأسلاف يدفعون بها الحجج الشرعية التي يوردها خصومهم {
فإذا استدلوا لأنفسهم على إثبات حكم قد دأبوا عليه ودرجوا، وصار عندهم من المألوفات المعروفات: مالوا عن ذلك ولم يُعرِّجوا عليه، وهذا ستراه في غير موطن من كتب المتمذهبين، فإن كنت ممن لا تنفق عليه التدليسات، ولا يغره سراب التلبيسات: فلا تلعب بك الرجال من حال إلى حال بزخارف ما تنمقه من الأقوال.
(فكن رجلا رِجْله في الثَّرى
…
وهامة همته في الثُرَيّا)
ولا حرج على المجتهد إذا رجح غير ما رجحناه؛ إنما الشأن في التكلم في مواطن الخلاف بما يتبرأ منه الإنصاف، اللهم} بصرنا بالصواب، واجعل بيننا وبين العصبية من لطفك أمنع حجاب.
وفي " الحجة البالغة ": " موجبات الوضوء في شريعتنا على ثلاث درجات:
إحداها: ما اجتمع عليه جمهور الصحابة - رضي الله تعالى عنهم -، وتطابق فيه الرواية والعمل الشائع، وهو البول والغائط والريح والمذي والنوم الثقيل وما في معناها.