الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(6 -
باب التيمم)
قال الله - تعالى -: {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} ؛ وقد كثر الاختباط في تفسير هذه الآية، والحق أن قيد عدم الوجود راجع إلى قوله - تعالى -:{أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء} .
(
[الأسباب المبيحة للتيمم] :)
فتكون الأعذار ثلاثة: السفر، والمرض، وعدم الوجود في الحضر، وهذا ظاهر على قول من قال: إن القيد إذا وقع بعد جُمل متصلة كان قيداً (1) لآخرها.
وأما من قال: أنه يكون قيداً للجميع إلا أن يمنع مانع: فكذلك أيضا (2) ؛ لأنه قد وجد المانع ههنا من تقييد السفر والمرض بعدم الوجود للماء، وهو: أن كل واحد منهما عذر مستقل في غير هذا الباب - كالصوم -.
ويؤيد هذا أحاديث التيمم الواردة مطلقة ومقيدة بالحضر.
فإن قلت: ما المعتبر في تسويغ التيمم للمقيم؟ هل هو عدم الوجود عند إرادة الصلاة كما هو الظاهر من الآية؟ أم عدم الوجود مع طلب مخصوص - كما قيل: إنه يطلب في كل جهة من الجهات الأربع في ميل -، أو ينتظر إلى آخر الوقت حتى لا يبقى إلا ما يسع الصلاة بعد التيمم؟
قلت: الحق أن المعتبر هو ما يصدق عليه مفهوم عدم الوجود المقيد بالقيام إلى الصلاة، فإذا دخل الوقت المضروب للصلاة، وأراد المصلي القيام إليها، فلم يجد حينئذ ما يتوضأ به، أو يغتسل في منزله ومسجده وما يقرب منهما: كان ذلك عذراً مسوغاً للتيمم.
وليس المراد بعدم الوجود في ذلك أن لا يجده بعد الكشف والبحث وإحفاء (1) السؤال، بل المراد أن لا يكون معه علم أو ظن بوجود شيء منه هنالك، ولم يتمكن في تلك الحالة من تحصيله بشراء أو نحوه، فهذا يصدق عليه أنه لم يجد الماء عند أهل اللغة.
والواجب حمل كلام الله على ذلك مع عدم وجود عرف شرعي (2) ، وقد وقع منه [صلى الله عليه وسلم] ما يشعر بما ذكرناه؛ فإنه تيمم في المدينة من جدار؛ كما ثبت ذلك في " الصحيحين " من دون أن يسأل ويطلب، ولم يصح عنه في الطلب شيء تقوم به الحجة، فهذا - كما يدل على عدم وجوب الطلب - يدل على عدم وجوب انتظار آخر الوقت.
ويدل على ذلك حديث الرجلين اللذين تيمما في سفر، ثم وجدوا الماء،
(1) شدته.
(2)
وهذه قاعدة مهمة من قواعد الشرع.