الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى -: سنة، والمراد الإنقاء.
وقال الشافعي: لا يجوز الاقتصار على أقل من ثلاثة أحجار، وإن حصل الإنقاء بما دونها، فإن لم يحصل يجب أن يزيد حتى يحصل، فإن حصل بعدها بشفع يستحب أن يختم بالوتر.
وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى -: " يسن الإنقاء ولا يستحب الإيتار ".
وتأويل الحديث عنده: أن المراد بالإيتار هو التثليث، كنى به عن الإنقاء، ويستحب الاستنجاء بالماء من غير وجوب.
عن عمر بن الخطاب: " يتوضأ بالماء لما تحت إزاره ".
قلت: معنى الوضوء ههنا الغسل والتنظيف؛ وعليه عامة أهل العلم. انتهى.
وورد كيفية استعمال الثلاث في حديث ابن عباس رضي الله عنه: " حجران للصفحتين (1) ، وحجر للمسربة " - بسين مهملة وراء مضمومة أو مفتوحة -: مجرى للحدث من الدبر.
( [11 -
أن يستجمر بما يقوم مقام الأحجار فيما عدا المنهي عنه] :)
(وما يقوم مقامها) : للضرورة؛ أي: إذا لم توجد الأحجار، ما لم يكن ذلك الغير مما ورد النهي عنه - كالروثة والرجيع والعظم -، فإنه لا يجوز ولا يجزيء.
(1) أي: لما يصيبهما.
قال في " الحجة ": لأنه طعام الجن، وكذا سائر ما ينتفع به، ويستحب الجمع بين الحجر والماء (1) .
وأقول: لا شك أن الاستنجاء بالماء أفضل من الاستنجاء بالحجارة من دون ماء؛ لأنه أقطع للنجاسة، فلا تبقى بعده عين للنجاسة ولا ريح، بخلاف الاستنجاء بالحجارة - وهو الاستجمار -، فإذا لم يبق جزء من عين النجاسة بقي أثر من آثارها، وإذا لم يبق شيء من الآثار بقيت الريح، ومع هذا؛ فهو من السنن كما ثبت في الأحاديث الصحيحة مقرونا بما لا خلاف في مشروعيته، إنما الشأن في كونه يجب على من قضى الحاجة - إذا أراد القيام إلى الصلاة - أن يستنجي بالماء، ولا يكفيه الاستجمار بالأحجار ثم يتوضأ وضوء الصلاة ثم يصلي.
والاستدلال على الوجوب بحديث أهل قبا، لا يخفى أن غاية ما فيه تخصيصهم بالأمر بذلك دون غيرهم، فإن سائر الصحابة كانوا إذ ذاك لا يستنجون بالماء، ولهذا خص الله أهل قباء بالثناء، ثم لم يرد أنه [صلى الله عليه وسلم] أمر غير أهل قبا بذلك.
وقد ذهب إلى أنه يكفي الأحجار: ابن الزبير، وسعد بن أبي وقاص، والشافعية، والحنفية، كما حكى ذلك في " البحر الزخار " عنهم.
بل حكى - أيضا - عن عطاء أن غسل الدبر محدث.
وعن سعيد بن المسيب: ما يفعله إلا النساء.
(1) لا دليل على هذا.
هكذا في " البحر ".
وروى عنه أنه كان يقول: إذن لا يزال في يدي نتن - يعني: إذا غسل فرجه بالماء -.
ويدل على عدم الوجوب أحاديث الأمر بالاستجمار.
وما ورد - من أن ثلاثة أحجار ينقين المؤمن - لم يصح {
والحاصل: أنه لا نزاع في كون الماء أفضل؛ إنما النزاع في أنه يتعين ولا يجزيء غيره، وهذا كله على فرض ثبوت قوله في حديث أهل قبا:" ذلكموه فعليكموه "} ولكنه لم يثبت في شيء من كتب الحديث؛ بل الذي في " الجامع " عن أنس: ان النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لأهل قبا: " إن الله قد أحسن الثناء عليكم؛ فما ذاك "؟ ، قالوا: نجمع في الاستجمار بين الأحجار والماء.
قال في " الجامع ": ذكره رزين (1) .
وفي " التلخيص "(2) عن البزار في " مسنده " قال: نبأنا عبد الله بن شبيب: نبأنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز، قال: وجدت في كتاب أبي: عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن العباس، قال: نزلت هذه الآية في أهل قبا: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} ، فسألهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ؟ قالوا: إنا نتبع الحجارة الماء.
قال البزار: لا نعلم أحدا رواه عن الزهري؛ إلا محمد بن عبد العزيز،
(1) وكل ما يذكره رزين من زياداته ( {) : فلا أصل له}
(2)
" التلخيص الحبير "(رقم 151) ، و " مختصر زوائد البزار "(150) كلاهما للحافظ ابن حجر.