الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(
[يستحب لكل حاضر الحثو ثلاثا] :)
(ويستحب حثو التراب من كل من حضر ثلاث حثيات) : لحديث أبي هريرة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى على جنازة، ثم أتى قبر الميت، فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثا؛ أخرجه ابن ماجة، وأبو داود؛ وإسناده صحيح، لا كما قال أبو حاتم (1) {
وأخرج البزار، والدارقطني من حديث عامر بن ربيعة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] حثى على قبر عثمان بن مظعون - ثلاثا - (2) .
وفي الباب غير ذلك.
(
[لا يرفع القبر زيادة على شبر] :)
(ولا يرفع القبر زيادة على شبر) : لحديث علي عند مسلم، وأحمد، وأهل " السنن ": أنه بعثه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على أن لا يدع تمثالا إلا طمسه، ولا قبرا مشرفا إلا سواه.
وفي " مسلم " - أيضا - وغيره - من حديث جابر: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى أن يبنى على القبر.
وأخرج سعيد بن منصور، والبيهقي من حديث جعفر بن محمد، عن
(1) في " العلل "(1 / 348) ؛ حيث أعله بالإرسال} وهذا منه قول مرجوح.
(2)
• وفيه ضعف كما بينته في " التعليقات الجياد "(3 / 34) ، لكن مجموع ما ورد في الباب صالح للاحتجاج به. (ن)
أبيه: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رش على قبر ابنه إبراهيم، ووضع عليه حصباء، ورفعه شبرا (1) .
أقول: الأحاديث الصحيحة وردت بالنهي عن رفع القبور، وقد ثبت من حديث أبي الهياج ما تقدم، فما صدق عليه أنه قبر مرفوع أو مشرف - لغة -: فهو من منكرات الشريعة التي يجب على المسلمين إنكارها وتسويتها؛ من غير فرق بين نبي وغير نبي، وصالح وطالح، فقد مات جماعة من أكابر الصحابة في عصره [صلى الله عليه وسلم] ، ولم يرفع قبورهم، بل أمر عليا بتسوية المشرف منها، ومات -[صلى الله عليه وسلم]- ولم يرفع قبره أصحابه، وكان من آخر قوله:" لعن الله اليهود؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "، ونهى أن يتخذوا قبره وثنا.
فما أحق الصلحاء والعلماء أن يكون شعارهم هو الشعار الذي أرشدهم إليه -[صلى الله عليه وسلم]-!
وتخصيصهم بهذه البدعة المنهي عنها؛ تخصيص لهم بما لا يناسب العلم والفضل؛ فإنهم لو تكلموا لضجوا من اتخاذ الأبنية على قبورهم وزخرفتها؛
(1) • قلت: هو مرسل؛ وفيه عند البيهقي (3 / 411) إبراهيم بن محمد - وهو الأسلمي -؛ وهو مكشوف الحال، كما قال ابن التركماني، لكن أخرجه البيهقي أيضا من طريق أخرى، عن جعفر مرسلا؛ إلا أنه ذكر أن ذلك فعل بقبر النبي [صلى الله عليه وسلم] ؛ ورجاله ثقات، وقد وصله ابن حبان في " صحيحه "، فأسنده من هذا الوجه عن جابر كما في " التلخيص "(5 / 224) .
(فائدة) : وهل يسطح القبر أو يسنم؟ فيه خلاف؛ والصواب الثاني، وفي ذلك أثران ظاهرهما التعارض، وقد ذهب إلى كل واحد منهما بعض، والحق أنه لا تعارض؛ كما أشار إلى ذلك ابن القيم في " الزاد "، وبيناه في " التعليقات الجياد "(3 / 37) . (ن)
لأنهم لا يرضون بأن يكون لهم شعار من مبتدعات الدين ومنهياته، فإن رضوا بذلك في الحياة - كمن يوصي من بعده أن يجعل على قبره بناء، أو يزخرفه -؛ فهو غير فاضل، والعالم يزجره علمه عن أن يكون على قبره ما هو مخالف لهدي نبيه -[صلى الله عليه وسلم]-.
فما أقبح ما ابتدعه جهلة المسلمين من زخرفة القبور وتشييدها {وما أسرع ما خالفوا وصية رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عند موته، فجعلوا قبره على هذه الصفة التي هو عليها الآن}
وقد شد من عضد هذه البدعة؛ ما وقع من بعض الفقهاء من تسويغها لأهل الفضل، حتى دونوها في كتب الهداية، والله المستعان {
ومثل هذا التسويغ: الكتب على القبور بعد ورود صريح النهي عن ذلك في الأحاديث الصحيحة (1) ؛ كأنه لم يكف الناس ابتداعهم في مطعمهم ومشربهم وملبوسهم وسائر أمور دنياهم، فجعلوا على قبورهم شيئا من هذه البدع؛ لتنادي عليهم بما كانوا عليه حال الحياة، وتغالوا في ذلك حتى جعلوه مختصا بأهل العلم والفضل؛ اللهم غفرا}
(1) روى الحاكم في " المستدرك "(جزء 1 ص 370) من حديث جابر: نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن تجصيص القبور، والكتاب فيهما، والبناء عليها، والجلوس عليها، ثم قال:" هذه الأسانيد صحيحة؛ وليس العمل عليها؛ فإن أئمة المسلمين من المشرق إلى المغرب مكتوب على قبورهم، وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف ".
قال الذهبي عقبه: " قلت: ما قلت طائلا! ولا نعلم صحابيا فعل ذلك؛ وإنما هو شيء أحدثه بعض التابعين فمن بعدهم، ولم يبلغهم النهي ". (ش)
قلت: وانظر - للفائدة - " أحكام الجنائز "(ص 263) .