الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأماكن التي لا يخطئها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة
1866 -
عن أنس قال: سألت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يَشْفَعَ لي يَوْمَ القِيَامَةِ، فقال أنا: فاعل إن شاء الله، قلت: فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ؟ قال: أوَّلَ ما تَطْلُبُني على الصّراطِ، قلت: فإِنْ لم أَلْقَكَ على الصّراطِ؟ قال: فاطْلُبْني عِنْدَ المِيزَانِ، قلت: فإن لم ألْقَكَ عند المِيزَان؟ قال: فاطْلُبْني عِنْدَ الحَوْضِ فإِنِّي لا أُخْطئ هذه الثلاثة مَواطِن". أخرجه الترمذي (1).
المقام المحمود الذي وعده رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
1867 -
عن أنس، أن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: يجمعُ [اللهُ] الناسَ يَوْمَ القيامةِ فَيَهْتَمُّونَ بذلِكَ، فيقولون: لو اسْتَشْفَعْنا إلى رَبِّنا فَيُريحَنا من مَكانِنا، فَيَأْتُونَ آدَم فيقولون: أَنْتَ آدَمُ أَبو الخَلْقِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ، وأَسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ، وعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيءٍ، اشْفَعْ لنا عِنْدَ رَبِّكَ حتَّى يُريحنا مِن مَكانِنَا هذا، فَيَقولُ لَستُ هناكم، ويَذكُرُ خَطِيئَتِهُ الَّتِي أصَاب، - وهي أكله [من] الشَّجرة وقد نُهِيَ عنها -، ولكن ائتوا نوحًا أوَّل نبيٍّ بعثه الله إلى أهل الأرض، فَيَأتون نوحًا، فَيقولُ: لَستُ هُنَاكُم، ويَذكُرُ خطيئته التي أصاب، - سؤاله ربَّهُ بغير علمٍ -، ولكن ائتُوا إِبراهيمَ خليلُ الرَّحمَنِ، قالَ: فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقولُ: لَسْتُ هناكم ويذكُر ثلاثَ كَذَبات كذّبهنّ، ولكن ائتوا مُوسى عبدًا آتاه الله التوراةَ وكلَّمهُ وقرَّبهُ نجيًا، قال: فيَأْتُونَ مُوسى فيقولُ: إني لست هناكم، ويذكرُ خطيئتهِ التي أصاب، قتل النفس، لكن ائتوا عيسى، عبدُ الله ورَسُولهُ ورُوحُ الله وكَلِمَتُهُ، قَالَ فَيَأْتُونَ إِلى عِيسَى، فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمَّدًا عبدًا غفَرَ الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، قال:
(1) رقم (2435) في صفة القيامة: باب ما جاء في شأن الصراط، وإسناده صحيح.
فيأتوني. . . فأستَأذنُ على ربِّي في داره، فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته، وقعتُ ساجدًا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، فيقول: ارفع يا محمَّد، وقُل يُسْمَعْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، وسَلْ تُعْطَه، قال: فَأَرفَعُ رَأْسِي، فَأُثني على رَبِّي بِثَنَاءٍ وتحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيه، ثم أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لي حَدًّا فأُخْرَجُ فأُخْرجُهُم من النَّارِ، فأُدِخِلُهُم الجَنَّةَ، ثم أَعُودُ، فأَسْتَأْذِنُ على رَبِّي في دَارِه، فَيُؤْذَنُ لي عَلَيْهِ، فإذا رَأَيْتُه وَقَعْتُ ساجِدًا، فَيَدَعني ما شَاءَ الله أن يَدَعني ثم يقول: ارْفَع محمد، وقل يُسْمَعْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، وسَلْ تُعْطَه، قال: فأرْفَعُ رَأْسي، وأُثني على رَبِّي بِثَناءٍ وتَحْمِيدٍ يُعَلّمُنيه [قال: ] ثم اشْفَعُ، فَيَحُدُّ لي حَدًّا، فأَخْرُجُ، فَأُدْخِلُهُم الجَنَّةَ، ثم أَدْعو الثَّالِثَةَ، فاسْتَأذِن على رَبّي في دَارِه، فيُؤذَنُ لي عليه، فإذا رأيتُه، وقَعْتُ ساجِدًا، فَيَدَعُني ما شَاءَ اللهُ أَن يَدَعَني ثم يقول: ارْفَع محمد، وقل يُسْمَعْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، وسَلْ تُعْطَه، قال: فأرْفَعُ رَأْسي، فأُثْني عليه بثناءَ وتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنيه، [قال: ] ثم أَشفع - فَيَحُدُّ لي حدًا، فأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُم الجنة حتى لا يبقى في النَّار إلا من حَبَسَهُ الْقُرآنُ، (أي وَجَبَ عليه الخُلُود) ثم تلا هذه الآية {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} قال: وهذا المقامُ المحمودُ الَّذي وَعَدَهُ نَبيُّكم صلى الله عليه وسلم". أخرج حديث الشفاعة البخاري ومسلم والترمذي عن جماعة، منهم أنس بن مالك رضي الله عنهم (1) وليكن هذا آخر ما قصدنا إيراده من فصول الكتاب ونشرع فيما وعدنا من شرح ما يتعلق بها.
(1) رواه البخاري 11/ 343 - 352 في الرقاق: باب صفة الجنة والنار، وفي التوحيد: باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ، ومسلم رقم (193) في الإيمان: باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، من حديث أنس، والترمذي رقم (2560) في صفة الجنة: باب ما جاء في خلود أهل الجنة وأهل النار من حديث أبي هريرة.
والحمد لله رب العالمين أولًا وآخرًا، ووسطًا وظاهرًا وباطنًا.
تم - بعون الله تعالى وتوفيقه - كتاب الرصف فيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الفعل والوصف، بجزئيه، ويتلوه شرح الغريب للمؤلف وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
شَرْح الغَريب
تأليف
العلّامة محمّد بن محمّد بن عبد الله العاقولي
(733 هـ - 797 هـ)
مؤسسة الرسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (والذي حملنا على تأليفه أنا مكلفون بالإيمان به) أراد بالتكليف: الوجوب، فإن الإيمان به صلى الله عليه وسلم واجب على كل مكلّف، لقوله تعالى:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} بالمعجزة، فيجب علينا قبول ما أخبرنا به عن ربنا، وهذا مما أخبرنا به عن ربنا تعالى، وهو ممكن عقلًا، فوجب قبول قول الصادق فيه.
قوله: (وذلك يقتضي معرفته) أي: الأمر بالإيمان به تستلزم معرفته، فيكون من قبيل ما يتوقف عليه الواجب، وما يتوقف عليه الواجب وكان مقدورًا للمكلف، فهو واجب على ما هو مقرر في فنّه، وإنما قلنا: إنه يستلزم معرفته، لأن الأمر بالحكم على الشيء أو الحكم له بسلب أمر أو إيجابه يستلزم تصور ذلك أولًا، فإن العلم بالوحدة مثلًا متوقف على العلم بالحقيقة، فمن لم يعرف العالم ولا الحادث، لا يمكنه العلم بأن العالم حادث.
قوله: (وكمال التعريف يحصل بذكر الاسم. . . إلى آخره). أراد: تعريف الشخص الواحد من النوع، لا تعريف النوع، لأن تعريفه بذكر الجنس والفصل كما قرر في فنّه.
وقوله: أما الاسم فلأنه السِّمة الدالة على مسماه يريد بذلك أن اختصاص
الذات باسم غير مشارك فيه كافٍ في العلم بها عند إطلاقه، ولهذا قال الفقهاء: لو اشتهر المقر باسم انفرد به أو نسب انفرد به كفى بذلك عند أداء الشهادة له وعليه، بخلاف ما إذا كان له مشارك بذلك، فإنه لا بد من الرفع في النسب، وبيان ما يرفع اللبس.
قوله: قال الله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} أي: تخصيصه الله تعالى بهذا الاسم الشريف كاف بالايتان به عند أداء شهادة التوحيد، وذلك لأنه لما كان تعالى مقدسًا عن الجنس الجامع، والفصل المميز، وخلا من الشريك في هذا الاسم تعين أن يكون هو المراد به عند إطلاقه.
قوله: (وأما الأفعال فلأنها شواهد الرجال) أي: آثارهم، والأثر يدل على المؤثر ضرورة، واختلف العلماء في وجوب الأخذ بأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس على إطلاقه، لأنهم ذكروا فيه تفصيلًا فقالوا: كل ما كان من أفعاله الجبلِّية، كالقيام والقعود، فالأخذ فيه مباح اتفاقًا، وما كان من خصائصه، كتخيير نسائه، ونكاح مرغوبته، ووجوب الوتر، والتهجد، فالقول بالاشتراك فيه ينافي اختصاصه، وما وقع بيانًا كقوله:"صلوا كما رأيتموني أصلي" أو بقرينة حال، كأمره بقطع يد السارق، ثم قطعه لها من الكوع، فالأخذ بها واجب اتفاقًا، وما علمت صفته من أفعاله التي سوى الخصائص من كونه واجبًا، أو مباحًا، فالجمهور على أن الأخذ به على حسبه. وقال أبو علي بن خلاد المعتزلي: يختص ذلك بالعبادات فقط ما لم يعلم وجهه، وكونه من أحد هذه الأنواع السابقة، فهو محل النزاع، فمذهب مالك: أنه على الإباحة، ومذهب الشافعي: أنه على الندب، ومذهب أبي حنيفة، وابن سريج والاصطخري، وابن خيران: على الوجوب، ومذهب الصيرفي، والقاضي أبي بكر: التوقف، لأن الفعل لا صيغة له، والخصوصيات والأدلة متعارضة، وقد يرجح الوجوب بأن كل
ما كان من خصائصه، فواجب عليه بيانه، وبعد بيانه له يتعين الاتباع في كل ما سواه على حسبه، لقوله:"ما بال أقوام يَتَنَزَّهون عن الشيء أصنعه"، فإنه ذكر في معرض الإنكار عليهم.
قوله: (واعتمدنا من الكتب الجامعة ما جمعه في كتاب جامع الأصول) هذا الكتاب جمع فيه ما هو مذكور في صحيحي البخاري ومسلم، والموطأ، وجامع الترمذي، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وكتاب رزين، فاعتمدنا نقله، ولم نراجع واحدًا واحدًا منها إلا قليلًا لضيق الزمان على ذلك (1)، ولأنه موضع الوثوق به على ما قابلناه بكثير منها، رحمه الله تعالى.
(1) وقد يسر الله لنا مراجعة ذلك حديثًا حديثًا، وآية ذلك التخريج المثبت في التعليقات على كل حديث، يسر. وبذلك تم تصحيح الأخطاء، واستدراك السقط، وتقويم النص.