الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ اللِّعانِ
بابُ الزَّوجِ يَقذِف امرأتَه فيَخرُجُ مِن مُوجَب قَدفِه بأَن يأتِىَ بأَربَعَةٍ من الشهودِ فيَشْهَدونَ عَلَيها بالزِّنَى أو يَلتَعِنَ
15383 -
أخبرَنا أبو عمرٍو محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ الأديبُ، أخبرَنا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ إبراهيمَ الإسماعيلِيُّ، أخبرَنِي الحَسَنُ بنُ سُفيانَ، وأخبرَنا القاسِمُ ابنُ زَكَريّا وعِمرانُ بنُ موسَى وابنُ عبدِ الكَريمِ الوزَّانُ
(1)
قالوا: حدثنا بُندارُ ابنُ بَشّارٍ، حدثنا ابنُ أبى عَدِىٍّ، حدثنا هِشامُ بنُ حَسّانَ، حَدَّثَنِى عِكرِمَةُ، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، أنَّ هِلالَ بنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امرأتَه بشَريكِ ابنِ سَحماءَ، فقالَ له النَّبِيُّ -صلي الله عليه وسلم-:"البَيِّنَة أو حَدٌّ في ظَهرِكَ". فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، إذا رأى أحَدُنا رَجُلًا على امرأتِه، أيَلتَمِسُ البَيِّنَةَ؟! فجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ:"البَيِّنَةَ وإلَّا حَدٌّ في ظَهرِكَ". فقالَ هِلالٌ: والَّذِى بَعَثَكَ بالحَقِّ إنِّى لَصادِق، ولَيُنزِلَنَ اللهُ في أمرِى ما يُبرِئُ ظَهرِى مِنَ الحَدِّ. فنَزَلَ جِبريلُ عليه السلام ونَزَلَت:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} ، فقَرأ حَتَّى بَلَغَ:{وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 6 - 9]. قال: فانصَرَفَ النَّبِيُّ -صلي الله عليه وسلم- فأَرسَلَ إلَيهِما فجاءا فقامَ هِلالُ بنُ أُمَيَّةَ فشَهِدَ والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إنّ اللَّهَ يَعلَم أنّ أحَدَكما كاذِبٌ، فهَل مِنكُما تائبٌ؟ ". ثُمَّ قامَت فشَهِدَت، فلَمّا كان عِندَ الخامِسَةِ:{أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} . قالوا لَها: إنَّها موجِبَةٌ. قال ابنُ عباسٍ:
(1)
في س، ص 8، م:"الوراق". وينظر الإكمال 7/ 399، وتبصير المنتبه 4/ 1480.
فتَلَكأَت ونكَصَت
(1)
، حَتَّى ظَنَنّا أنَّها سَتَرجِعُ، ثُمَّ قالَت: لا أفضحُ قَومِى سائرَ اليَومِ. فمَضَت فقالَ النَّبِيُّ -صلي الله عليه وسلم-: "انظُروها؛ فإِن جاءَت به أكحَلَ العَينَينِ، سابغَ الأليتَينِ، خَدَلَّجَ السّاقَينِ
(2)
، فهو لِشَريكِ ابنِ سَحماءَ". فجاءَت به كَذَلِكَ، فقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَولا ما مَضى مِن كتابِ اللَّهِ لكانَ لِى ولَها شأنٌ"
(3)
. رَواه البخارىُّ في "الصحيح" عن محمدِ بنِ بَشارٍ
(4)
.
15384 -
أخبرَنا أبو بكرٍ محمدُ بنُ الحَسَنِ بنِ فُورَكَ، أخبرَنا عبدُ اللهِ ابنُ جَعفَرٍ الأصبَهانِيُّ، حدثنا يونُس بنُ حَبيبٍ، حدثنا أبو داودَ الطيالِسِىُّ، حدثنا عَبّادُ بنُ مَنصورٍ، حدثنا عِكرِمَةُ، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: لمّا نَزَلَت هذه الآيَةُ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] إلَى آخِرِ الآيَةِ. فقالَ سَعدُ بنُ عُبادَةَ: أهَكَذا أُنزِلَت؟ فلَو وجَدتُ لَكاعًا مُتَفَخِّذُها رَجُلٌ، لَم يَكُنْ لي أن أُحَرِّكَه ولا أَهيجَه حَتَّى آتِيَ بأَربَعَةِ شُهَداءَ؟! فو اللَّهِ لا آتِيَ بأَربَعَةِ شُهَداءَ حَتَى يَقضِىَ حاجَتَه! فقالَ رسولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم-:"يا مَعشَرَ الأنصارِ" ألا تَسمَعونَ ما يقولُ سَيِّدكُم؟ ". قالوا: يا رسولَ اللهِ، لا تَلُمْه؛ فإِنَّه رَجُلٌ غَيورٌ، واللَّهِ ما تَزَوَّجَ فينا قَط إلا عَذراءَ، ولا طَلَّقَ امرأةً له فاجتَرأ رَجُلٌ مِنا أن يَتَزَوَّجَها مِن شِدَّةِ غَيرَتِه. قال سَعدٌ: واللَّهِ إنِّى لأعلَمُ يا رسولَ اللهِ أنَّها الحَقُّ،
(1)
ليس في: س، م.
(2)
الخدلج الساقين: الغليظهما. معالم السنن 3/ 268.
(3)
أخرجه الترمذي (3179)، وابن ماجه (2067) عن محمد بن بشار به. وسيأتي في (21319).
(4)
البخارى (4747).
وأَنَّها مِن عِندِ اللهِ، ولَكِنِّى عَجِبتُ. فبَينا رسولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- كَذَلِكَ إذ جاءَ هِلالُ بنُ أُمَيَّةَ الواقِفِيُّ، وهو أحَدُ الثَّلاثَةِ الَّذينَ تابَ اللَّهُ عَلَيهِم، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، إنِّى جِئتُ البارِحَةَ عِشاءً مِن حائطٍ لِى كُنتُ فيه، فرأيتُ عِندَ أهلِى رَجُلًا ورأيتُ بعَينَيَّ وسَمِعتُ بأُذُنَيَّ. فكَرِهَ رسولُ اللَّهِ -صلي الله عليه وسلم- ما جاءَ به فقيلَ: يُجلَدُ هِلال وتُبطَلُ شَهادَتُه في المُسلِمينَ. فقالَ هِلالٌ: يا رسولَ اللهِ، واللَّهِ إنِّى لأرَى في وجهِكَ أنَّكَ تَكرَهُ ما جِئتُ به، وإِنِّى لأرجو أن يَجعَلَ اللَّهُ لِى فرَجًا. قال: فبَينَا رسولُ اللَّهِ -صلي الله عليه وسلم- كَذَلِكَ إذ نَزَلَ عَلَيه الوَحي، وكانَ رسولُ اللَّهِ -صلي الله عليه وسلم- إذا نَزَلَ عَلَيه الوَحيُ تَرَبَّدَ
(1)
لِذَلِكَ خَدُّه ووَجهُه، وأَمسَكَ عنه أصحابُه فلَم يُكلِّمْه أحَدٌ مِنهُم، فلَمّا رُفِعَ الوَحيُ قال:"أبشِرْ يا هِلالُ". قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ادعوها". فدُعيَت، فقالَ رسولُ اللَّهِ -صلي الله عليه وسلم-:"إنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَعَلَمُ أنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ، فهَل مِنكُما تائبٌ؟ ". فقالَ هِلال رضي الله عنه: واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ، ما قُلتُ إلا حَقًّا، ولَقَد صَدَقتُ. قال: فقالَت هِيَ عِندَ ذَلِكَ: كَذَبَ. قال: فقيلَ لِهِلالٍ: تَشهَدُ أربَعَ شَهاداتٍ باللَّهِ إنَّكَ لَمِنَ الصّادِقينَ، وقيلَ له عِندَ الخامِسَةِ: يا هِلالُ اتَّقِ اللهَ؛ فإِنَّ عَذابَ اللَّهِ أشدُّ مِن عَذابِ الناسِ، وإِنَّ هذه الموجِبَةُ التى توجِبُ عَلَيكَ العَذابَ. فَقالَ: واللَّهِ لا يُعَذَبُنِي اللهُ أبَدًا كما لَم يَجلِدْنِى عَلَيها. قال: فشَهِدَ الخامِسَةَ؛ أنَّ لَعنَةَ اللَّهِ عليه إن كان مِنَ الكاذِبينَ. وقيلَ: اشهَدِى أربَعَ شَهاداتٍ باللَّهِ إنَّه لَمِنَ الكاذِبينَ. وقيلَ لَها عِندَ الخامِسَةِ: يا هذه اتَّقِى اللهَ؛ فإِنَّ عَذابَ اللهِ أشَدُّ مِن عَذابِ النّاسِ، وإِنَّ هذه الموجِبَةُ
(1)
تربد لونه: أى تلوَّن وصار كلون الرماد. غريب الحديث لابن الجوزى 1/ 373.
التى توجِبُ عَلَيكِ العَذابَ. فتلكّأَت
(1)
ساعَةً، ثُمَّ قالَت: واللَّهِ لا أفضَحُ قَومِى. فشَهِدَتِ الخامِسَةَ أنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيها إن كان مِنَ الصّادِقينَ. قال: وقَضى رسولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- ألَّا تُرمَى ولا يُرمَى ولَدُها، ومَن رَماها أو رَمَى ولَدَها جُلِدَ الحَدَّ، ولَيسَ لَها عَلَيه قوتٌ ولا سُكنَى؛ مِن أجلِ أنَّهُما يَتَفَرَّقانِ بغَيرِ طَلاقٍ ولا مُتَوَفًّى عَنها، فقالَ رسولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم-: "أبصِروها
(2)
فإِن جاءَت به أُثَيبِجَ، أُصَيهِبَ، أُرَيسِحَ، حَمْشَ السّاقَينِ، فهو لِهِلالِ بنِ أُمَيَّةَ، وإن جاءَت به خَدَلَّجَ السّاقَينِ، سابغَ الأليتَينِ، أورَقَ جَعدًا جُمَاليًّا، فهو لِصاحِبِه
(3)
". قال: فجاءَت به أورَقَ جَعدًا جُمَاليًّا، خَدَلَّجَ السّاقَينِ، سابغَ الأليَتَينِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ -صلي الله عليه وسلم-: "لَولا الأيمانُ لكانَ لِى ولَها أمرٌ". قال عَبّادٌ: فسَمِعتُ عِكرِمَةَ يقولُ: لَقَد رأيتُه أميرَ مِصرٍ مِنَ الأمصارِ ولا يُدرَى مَن أبوه
(4)
.
(1)
في س، م:"فسكتت".
(2)
في س، ص 8، م:"انظروها".
(3)
الأثيبج: تصغير أثبج، وهو الناتئ الثبج، والثبج: ما بين الكاهل ووسط الظهر، وهو من كل شئ وسطه وأعلاه. والأصيهب تصغير الأصهب، وهو الذى في شعر رأسه حمرة. والأريسح: تصغير الأرسح، وهو خفيف الأليتين. وحمش الساقين: دقيقهما. والأورق: الذى لونه بين السواد والغبرة. والجعد: أن يكون شديد الاسر والخلق، أو يكون جعد الشعر، وهو ضد السبط، وإما أن يكون صفة ذم بمعنى القصير المتردد الخلق، والجمالى: عظيم الخلق، شبه خلقه بخلق الجمل. ينظر: غريب الحديث لأبى عبيد 2/ 98، 99، وغريب الحديث للخطابى 1/ 375، والفائق 2/ 322، والنهاية 1/ 275.
(4)
الطيالسى (2789). وأخرجه أحمد (2199) من طريق عباد بن منصور به.