الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السِّجِستانِيُّ قال: الأحاديثُ كُلُّها على خِلافِ ما قال أبو الزُّبَيرِ
(1)
.
15040 -
أخبرَنا أبو الفَوارِسِ الحَسَنُ بنُ أحمدَ بنِ أبي الفَوارِسِ أخو الشيخِ أبى الفَتحِ الحافظِ رحمه الله ببَغدادَ، حدثنا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ جَعفَرِ بنِ محمدِ بنِ سَلْمٍ، حدثنا أبو جَعفَرٍ محمدُ بنُ يوسُفَ، حدثنا أبو الصَّلتِ إسماعيلُ بنُ أبى أُمَيَّةَ الذّارعُ مِن حِفظِه، حدثنا حَمّادُ بنُ زَيدٍ، حدثنا عبدُ العَزيزِ بنُ صهَيبٍ، عن أنَسِ بنِ مالكٍ قال: سَمِدتُ مُعاذَ بنَ جَبَلٍ رضي الله عنه يقولُ: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَن طَلَّقَ لِلبِدعَةِ ألزَمناه بدعَتَه"
(2)
.
أخبرَنا أبو عبدِ الرَّحمَنِ السُّلَمِيُّ، أخبرَنا أبو الحَسَنِ الدّارَقُطنِيُّ الحافظُ قال: إسماعيلُ بنُ أبى أُمَيَّةَ البصرِىُّ
(3)
مَتروكُ الحَديثِ
(4)
.
بابُ الاختيارِ لِلزَّوجِ ألا يُطَلِّقَ إلَّا واحِدَةً
قال الشّافِعِيُّ رحمه الله: لِتَكونَ له الرَّجعَةُ في المَدخولِ بها، ويَكونَ خاطِبًا في غَيرِ المَدخولِ بها، ومَتَى نَكَحَها
(5)
بَقِيَت له عَلَيها اثنَتانِ مِنَ الطَّلاقِ، ولا يَحرُمُ عَلَيه أن يُطَلِّقَ اثنَتَينِ ولا ثَلاثًا؛ لأنَّ اللَّهَ تَعالَى جلَّ ثناؤُه أباحَ الطَّلاقَ علي أهلِه، وما أباحَ فلَيسَ بمَحظورٍ على أهلِه، وإِنَّ
(1)
أبو داود عقب (2185).
(2)
أخرجه الدارقطني 4/ 20، 44، 45 من طريق إسماعيل بن أبي أمية به.
(3)
في س، ص 8، م:"المصرى".
(4)
الدارقطني 4/ 20. وتقدم عقب (11335).
(5)
في م: "نكحت".
رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رضي الله عنهما مَوضِعَ الطَّلاقِ، ولَو كان في عَدَدِ الطَّلاقِ مُباحٌ ومَحظورٌ عَلَّمَه إن شاءَ اللهُ إيّاه
(1)
.
15041 -
وأخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، أخبرَنِى أبو بكرِ ابنُ عبدِ اللهِ، أخبرَنا الحَسَنُ بنُ سُفيانَ، حدثنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ نُمَيرٍ (ح) وأخبرَنا أبو عليٍّ الرُّوذْبارِىُّ، أخبرَنا أبو بكرِ ابنُ داسَةَ، أخبرَنا أبو داودَ، حدثنا عثمانُ بنُ أبى شَيبَةَ قالا: حدثنا وكيعٌ، عن سُفيانَ، عن محمدِ بنِ عبدِ الرَّحمَنِ مَولَى آلِ طَلحَةَ، عن سالِمٍ، عن ابنِ عُمَرَ أنَّه طَلَّقَ امرأتَه وهِىَ حائضٌ، فذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ:"مُرْه فليُراجِعْها، ثُمَّ ليُطَلِّقْها إذا طَهَرَت، أو وهِىَ حامِلٌ"
(2)
. رَواه مسلمٌ في "الصحيح" عن محمدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ نُمَيرٍ
(3)
.
واحتَجَّ الشّافِعِىُّ أيضًا بما:
15042 -
أخبرَنا أبو زَكَريّا ابنُ أبي إسحاقَ، حدثنا أبو العباسِ الأصَمُّ، أخبرَنا الرَّبيعُ، أخبرَنا الشّافِعِىُّ، حدثنا مالكٌ، حَدَّثَنِى ابنُ شِهابٍ أنَّ سَهلَ بنَ سَعدٍ السّاعِدِىَّ أخبَرَه أنَّ عوَيمِرًا العَجلانِىَّ. فذَكَرَ الحديثَ في اللِّعانِ. قال سَهلٌ: فلَمّا فرَغا مِن تَلاعُنِهِما قال عوَيمِرٌ: كَذَبتُ عَلَيها يا رسولَ اللهِ إن أمسَكتُها. فطَلَّقَها ثَلاثًا قَبلَ أن يأمُرَه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(4)
.
(1)
الأم 5/ 180.
(2)
المصنف في الصغرى (2655)، وأبو داود (2181). وتقدم في (15023).
(3)
مسلم (1471/ 5).
(4)
المصنف في المعرفة (4555)، والشافعي 5/ 125، ومالك 2/ 566، ومن طريقه أحمد =
قال في الكِتابِ: فقَد طَلَّقَ عوَيمِرٌ ثَلاثًا بَينَ يَدَىِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ولَو كان ذَلِكَ مُحَرَّمًا لَنَهاه عَنه وقالَ: إنَّ الطَّلاقَ وإِن لَزِمَكَ فأَنتَ عاصى بأَن تَجمَعَ ثَلاثًا فافعَلْ كَذا
(1)
.
قال الشيخُ: وفِي رِوايَةِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال لِلمُتَلاعِنَينِ: "حِسابُكُما على اللهِ، أحَدُكُما كاذِبٌ، لا سبيلَ لَكَ عَلَيها"
(2)
. ولَيسَ ذَلِكَ في رِوايَةِ سَهلِ بنِ سَعدٍ، ولا الطَّلاقُ الثَّلاثُ في رِوايَةِ ابنِ عُمَرَ. واحتَجَّ الشّافِعِىُّ رحمه الله أيضًا بحَديثِ فاطِمَةَ بنتِ قَيسٍ أنَّ أبا عمرِو ابنَ حَفصٍ طَلَّقَها البَتَّةَ، يَعنِى واللَّهُ أعلَمُ ثَلاثًا، فلَمْ يَبلُغْنا أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن ذَلِكَ
(3)
.
15043 -
وقَد حدثنا أبو الحَسَنِ محمدُ بنُ الحُسَينِ بنِ داودَ العَلَوِىُّ رحمه الله، أخبرَنا أبو حامِدٍ الشَّرْقِىُّ، حدثنا أحمدُ بنُ حَفصِ بنِ عبدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِى [أبى، حَدَّثَنِى]
(4)
إبراهيمُ بنُ طَهمانَ، عن حُصَينِ بنِ عبدِ الرَّحمَنِ، عن الشَّعبِىِّ، عن فاطِمَةَ بنتِ قَيسٍ أنَّها قالَت: طَلَّقَنِى زَوجِى ثَلاثًا. فرُفِعَ ذَلِكَ إلَى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فلَم يَجعَلْ لَها سُكنَى ولا نَفَقَةً، وأَمَرَها أن تَعتَدَّ عِندَ ابنِ أُمِّ مَكتومٍ
(5)
. وفِي رِوايَةِ عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ عن فاطِمَةَ بنتِ قَيسٍ قالَت: قُلتُ:
= (22851)، والبخاري (5259)، ومسلم (1492/ 1)، وأبو داود (2245)، والنسائي (3402)، وابن حبان (4284). وتقدم في (12619)، وسيأتي في (15400، 15411).
(1)
الأم 5/ 137.
(2)
سيأتي في (15414، 15427، 15443).
(3)
الشافعي 5/ 180.
(4)
ليس في: س.
(5)
أخرجه أحمد (27338) من طريق حصين به. وسيأتي في (15817).
يا رسولَ اللهِ، زَوجِى طَلَّقَنِى ثَلاثًا، فأَخافُ أن يُقتَحَمَ
(1)
. فأَمَرَها فتَحَوَّلَت
(2)
.
15044 -
وأخبرَنا أبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ محمدِ بنِ عليِّ بنِ إبراهيمَ بنِ مُعاويَةَ النَّيسابورِىُّ، حدثنا أبو عبدِ اللهِ محمدُ بنُ يَعقوبَ بنِ الأخرَمِ، حدثنا يَحيَى بنُ محمدٍ، حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا يَحيَى، حَدَّثَنِى عُبَيدُ اللهِ، حَدَّثَنِى القاسِمُ، عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امرأتَه ثَلاثًا، فتَزَوَّجَها رَجُلٌ آخَرُ فطَلَّقَها قَبلَ أن يَمَسَّها، فسُئلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أتَحِلُّ لِلأوَّلِ؟ قال: "لا، حَتَّى يَذوقَ عُسَيلَتَها كما ذاقَ الأوَّلُ"
(3)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن بُندارٍ، ورَواه مسلمٌ عن محمدِ بنِ المُثَنَّى، كِلاهُما عن يَحيَى بنِ سعيدٍ القَطّانِ
(4)
.
قال الشّافِعِىُّ رحمه الله: وطَلَّقَ رُكانَةُ امرأتَه البَتَّةَ، وهِىَ تَحتَمِلُ واحِدَةً وتَحتَمِلُ الثَّلاثَ، فسألَه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عن نيَّتِه وأَحلَفَه عَلَيها، ولَم نَعلَمْه نَهَى أن يُطَلِّقَ البَتَّةَ يُريدُ بها ثَلاثًا، وطَلَّقَ عبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ رضي الله عنه امرأتَه ثَلاثًا
(5)
.
15045 -
أخبرَنا أبو بكرِ ابنُ الحارِثِ الفَقيهُ، أخبرَنا علىُّ بنُ عُمَرَ الحافظُ، أخبرَنا أبو عُبَيدٍ القاسِمُ بنُ إسماعيلَ، حدثنا محمدُ بنُ عبدِ المَلِكِ بنِ زَنجُويَه، حدثنا نُعَيمُ بنُ حَمّادٍ، عن ابنِ المُبارَكِ، عن محمدِ بنِ راشِدٍ، حدثنا سَلَمَةُ بنُ أبى سلمةَ، عن أبيه أنَّه ذُكِرَ عِندَه أنَّ الطَّلاقَ الثَّلاثَ بمَرَّةٍ
(1)
كذا بالنسخ. والمقصود أنها تخشى أن يقتحم عليها بيتها. وستأتى على وجهها في الموضع المشار إليه.
(2)
سيأتي في (15583).
(3)
المصنف في الصغرى (2657). وأخرجه أحمد (25604) من طريق يحيى به. وابن حبان (4120) من طريق عبيد الله به. وسيأتي في (15060، 15290).
(4)
البخاري (5261)، ومسلم (1433/. . .).
(5)
الأم 5/ 180.
مَكروهٌ فقالَ: طَلَّقَ حَفصُ بنُ عمرِو بنِ المُغيرَةِ فاطِمَةَ بنتَ قَيسٍ بكَلِمَةٍ واحِدَةٍ ثَلاثًا، فلَم يَبلُغْنا أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم عابَ ذَلِكَ عَلَيه، وطَلَّقَ عبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ امرأتَه ثَلاثًا فلَم يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيه أحَدٌ
(1)
.
وكَذَلِكَ رَواه شَيبانُ بنُ فرّوخَ عن محمدِ بنِ راشِدٍ
(2)
.
واحتَجَّ الشّافِعِىُّ رحمه الله في ذَلِكَ أيضًا بما رَواه بإِسنادِه عن ابنِ عباسٍ وأَبِى هريرةَ وعَبدِ اللَّهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رضي الله عنهم فيمَن طَلَّقَ امرأتَه ثَلاثًا قَبلَ أن يَدخُلَ بها: لا يَنكِحُها حَتَّى تَنكِحَ زَوجًا غَيرَه. قال: وما عابَ ابنُ عباسٍ ولا أبو هريرةَ عَلَيه أن يُطَلِّقَ ثَلاثًا، ولَم يَقُلْ له عبدُ اللَّهِ بنُ عمرٍو: بئسَ ما صَنَعتَ حينَ طَلَّقتَ ثَلاثًا
(3)
.
قال الشيخُ: وتِلكَ الآثارُ تَرِدُ بَعدَ هَذا إن شاءَ اللَّهُ
(4)
.
15046 -
وأَمّا الحَديثُ الَّذِى أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، وأبو بكرِ ابنُ الحَسَنِ القاضِى، وأبو سعيدِ ابنُ أبي عمرٍو قالوا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا محمدُ بنُ إسحاقَ الصَّغانِىُّ، حدثنا مُعَلَّى بنُ مَنصورٍ، حدثنا شُعَيبُ بنُ رُزَيقٍ، أنَّ عَطاءً الخُراسانِىَّ حَدَّثَه، عن الحَسَنِ قال: حدثنا عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ، أنَّه طَلَّقَ امرأتَه تَطليقَةً وهِىَ حائضٌ، ثُمَّ أرادَ أن يُتبِعَها تَطليقَتَينِ أُخراوَينِ عِندَ القَرءَينِ الباقيَينِ، فبَلَغَ ذَلِكَ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
الدارقطني 4/ 10، 11.
(2)
أخرجه الدارقطني 4/ 12 من طريق شيبان به.
(3)
الأم 5/ 138.
(4)
ستأتى في (15072، 15089، 15185).
فقالَ: "يا ابنَ عُمَرَ، ما هَكَذا أمَرَكَ اللهُ؛ إنَّكَ قَد أخطأتَ السُّنةَ؛ والسُّنةُ أن تَستقبِلَ الطُّهرَ فتُطَلِّقَ لِكُلِّ قَرءٍ". قال: فأَمَرَنِى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فراجَعْتُها، ثُمَّ قال:"إذا طَهَرَت فطَلِّقْ عِندَ ذَلِكَ أو أمسِكْ". فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ أفَرأيتَ لَو أنِّى طَلَّقتُها ثَلاثًا، كان يَحِلُّ لِى أن أُراجِعَها؟ قال:"كانَت تَبينُ مِنكَ، وتَكونُ مَعصيَةً"
(1)
.
هذه الزّياداتُ التي أُتِىَ بها عن عَطاءٍ الخُراسانِىِّ لَيسَت في رِوايَةِ غَيرِه، وقَد تَكَلَّموا فيه، ويُشبِه أن يَكونَ قَولُه:"وتَكونُ مَعصيَةً". راجِعًا إلَى إيقاعِ ما كان يوقِعُه مِنَ الطَّلاقِ الثَّلاثِ في حال الحَيضِ، واللهُ أعلَمُ
(2)
.
15047 -
وهَكَذا ما أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو عبدِ اللهِ الشَّيبانِىُّ، حدثنا محمدُ بنُ شاذانَ وأَحمَدُ بنُ سلمةَ قالا: حدثنا قُتَيبَةُ بنُ سعيدٍ، حدثنا اللَّيثُ، عن نافِعٍ، عن ابنِ عُمَرَ أنَّه طَلَّقَ امرأتَه وهِىَ حائضٌ تَطليقَةً واحِدَةً، فأَمَرَه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يُراجِعَها ثُمَّ يُمسِكَها حَتَّى تَطهُرَ،
(1)
أخرجه الدارقطنى 4/ 31 من طريق معلى. والطبراني في مسند الشاميين (2455) من طريق شعيب به. وستأتى في (15062).
(2)
حمل الذهبي رحمه الله في المهذب 6/ 2919 كلام المصنف هنا على أنه على شعيب فقال مختصرًا: فهذه الزيادات انفرد بها شعيب وقد تكلموا فيه. ثم قال: قلت: شعيب وثقه الدارقطني وغيره، وقال أبو الفتح الأزدى: لين. اهـ. لكن قال المصنف في الصغرى (2663): هذه لفظة تفرد بروايتها عطاء الخراساني والله أعلم. وقال في المعرفة 5/ 461: وأما الحديث الذي رواه عطاء الخراساني. . . فإنه أتى في هذا الحديث بزيادات لم يتابع عليها، وهو ضعيف في الحديث لا يقبل منه ما تفرد به. اهـ. وتقدم الكلام على عطاء الخراساني عقب (9219).
ثُمَّ تَحيضَ عِندَه حَيضَةً أُخرَى، ثُمَّ يُمهِلَها حَتَّى تَطهُرَ مِن حَيضَتِها، فإِن أرادَ أن يُطَلِّقَها فليُطَلِّقْها حينَ
(1)
تَطهُرُ مِن قَبلِ أن يُجامِعَها، فتِلكَ العِدَّةُ التي أمَرَ اللهُ عز وجل أن يُطَلَّقَ لَها النِّساءُ، وكانَ ابنُ عُمَرَ إذا سُئلَ عن ذَلِكَ قال لأحَدِهِم: إن كُنتَ طَلَّقْتَها ثَلاثًا فقَد حَرُمَت عَلَيكَ حَتَّى تَنكِحَ زَوجًا غَيرَكَ، وعَصيتَ اللَّهَ عز وجل فيما أمَرَكَ مِن طَلاقِ امرأتِكَ
(2)
. رَواه البخارىُّ ومُسلِمٌ في "الصحيح" عن قُتَيبَةَ
(3)
. قال البخاريُّ: وزادَ فيه غَيرُه عن اللَّيثِ عن نافِعٍ قال: قال ابنُ عُمَرَ رضي الله عنه: لَو طَلَّقْتَ مَرَّةً أو مَرَّتَينِ؟ كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أمَرَنِى بهَذا
(4)
.
15048 -
أخبَرَناه علىُّ بنُ أحمدَ بنِ عبدانَ، أخبرَنا أحمدُ بنُ عُبَيدٍ، حدثنا ابنُ مِلحانَ، حدثنا يَحيَى بنُ بُكَيرٍ، حدثنا اللَّيثُ، عن نافِعٍ، أنَّ عبدَ اللهِ طَلَّقَ امرأتَه وهِىَ حائضٌ. فذَكَرَ الحديثَ. قال: وكانَ عبدُ اللهِ إذا سُئلَ عن ذَلِكَ قال لأحَدِهِم: أمّا أنتَ لَو طَلَّقتَ امرأتَكَ مَرَّةً أو مَرَّتَينِ؟ فإِنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمَرَنِى بهَذا، وإِن كُنتَ طَلَّقتَها ثَلاثًا فقَد حَرُمَت عَلَيكَ حَتَّى تَنكِحَ زَوجًا غَيرَكَ، وعَصَيتَ اللهَ فيما أمَرَكَ به مِن طَلاقِ امرأتِكَ
(5)
.
يَعنِى - واللَّهُ أعلَمُ - لا رَجعَةَ في الثَّلاثِ؛ وإِنَّما الرَّجعَةُ في المَرَّةِ
(1)
في س: "حتى".
(2)
تقدم في (15018).
(3)
البخاري (5332)، ومسلم (1471/. . .).
(4)
البخاري عقب (5332) ولفظه: "فإن النبي. . .".
(5)
أخرجه مسلم (1471/. . .) من طريق الليث به.
والمَرَّتَينِ، يَعنِى في التَّطليقَةِ والتَّطليقَتَينِ. وقَولُه: وعَصَيتَ اللهَ فيما أمَرَكَ مِن طَلاقِ امرأتِكَ. يَعنِى حينَ طَلَّقْتَها في حالِ الحَيضِ. فيَكونُ قَولُه هَذا راجِعًا إلَى أصلِ المَسأَلَةِ، وأَمّا التَّفصيلُ فإِنَّه لأجلِ إثباتِ الرَّجعَةِ وقَطعِها، لا لِتَعليقِ المَعصيَةِ بأَحَدِهِما دونَ الآخَرِ، واللهُ أعلَمُ. وأَمّا قَولُه في رِوايَةِ نافِعٍ: ثُمَّ يُمسِكَها حَتَّى تَطهُرَ، ثُمَّ تَحيضَ عِندَه حَيضَةً أُخرَى، ثُمَّ يُمهِلَها حَتَّى تَطهُرَ مِن حَيضَتِها.
فقَد قال الشّافِعِىُّ: يَحتَمِلُ أن يَكونَ إنَّما أرادَ بذَلِكَ الاستِبراءِ أن يَكونَ يَستَبرِئُها بَعدَ الحَيضَةِ التي طَلَّقَها فيها بطُهرٍ تامٍّ ثُمَّ حَيضٍ تامٍّ؛ ليَكونَ تَطليقُها وهِىَ تَعلَمُ عِدَّتَها؛ الحَملُ هِىَ أمِ الحَيضُ، وليَكونَ يُطَلِّقُ بَعدَ عِلمِه بحَملٍ وهو غَيرُ جاهِلٍ بما صَنَعَ، أو يَرغَبُ فيُمسِكُ لِلحَملِ، وليَكونَ إن كانَت سألَتِ الطَّلاقَ غَيرَ حامِلٍ أن تَكُفَّ عنه حامِلًا. ثُمَّ ساقَ كَلامَه إلَى أن قال: مَعَ أنَّ غَيرَ نافِعٍ إنَّما رَوَى عن ابنِ عُمَرَ: حَتَّى تَطهُرَ مِنَ الحَيضَةِ التي طَلَّقَها فيها، ثُمَّ إن شاءَ أمسَكَها وإِن شاءَ طَلَّقَ. رَواه يونُسُ بنُ جُبَيرٍ وأَنَسُ بنُ سيرينَ وسالِمُ بنُ عبدِ اللهِ وغَيرُه خِلافَ رِوايَةِ نافِعٍ
(1)
.
قال الشيخُ: الرِّوايَةُ في ذَلِكَ عن سالِمِ بنِ عبدِ اللهِ مُختَلِفَةٌ، فأَمّا عن غَيرِه فعَلَى ما قال الشّافِعِىُّ رحمه الله.
15049 -
أخبرَنا أبو عليٍّ الرُّوذْبارِىُّ، أخبرَنا أبو بكرِ ابنُ داسَةَ، حدثنا أبو داودَ السِّجِستانِىُّ قال: رَوَى هَذا الحديثَ عن ابنِ عُمَرَ يونُسُ بنُ جُبَيرٍ،
(1)
ذكره المصنف في المعرفة عقب (4419).
وأَنَسُ بنُ سيرينَ، وسَعيدُ بنُ جُبَيرٍ، وزيدُ بنُ أسلَمَ، وأبو الزُّبَيرِ، ومَنصورٌ عن أبي وائلٍ، مَعناهُم كُلُّهُم أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَه أن يُراجِعَها حَتَّى تَطهُرَ، ثُمَّ إن شاءَ طَلَّقَ وإِن شاءَ أمسَكَ. وكَذَلِكَ رَواه محمدُ بنُ عبدِ الرَّحمَنِ عن سالِمٍ عن ابنِ عُمَرَ. وأَمّا رِوايَةُ الزُّهرِىِّ عن سالِمٍ عن ابنِ عُمَرَ، ورِوايَةُ نافِعٍ عن ابنِ عُمَرَ، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَه أن يُراجِعَها حَتَّى تَطهُرَ ثُمَّ تَحيضَ ثُمَّ تَطهُرَ، ثمَّ إن شاءَ طَلَّقَ أو أمسَكَ
(1)
.
15050 -
وأَمّا الأثَرُ الَّذِى أخبرَنا أبو عليٍّ الرُّوذْبارِىُّ، أخبرَنا أبو بكرِ ابنُ داسَةَ، حدثنا أبو داودَ، حدثنا حُمَيدُ بنُ مَسعَدةَ، حدثنا إسماعيلُ، أخبرَنا أيّوبُ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ كَثيرٍ، عن مُجاهِدٍ قال: كُنتُ عِندَ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما فجاءَه رَجُلٌ فقالَ: إنَّه طَلَّقَ امرأتَه ثَلاثًا. قال: فسَكَتَ حَتَّى ظَنَنّا أنَّه رادُّها إلَيه، ثُمَّ قال: يَنطَلِقُ أحَدُكُم فيَركَبُ الحَموقَةَ ثُمَّ يقولُ: يا ابنَ عباسٍ، يا ابنَ عباسٍ، وإِنَّ اللَّهَ جلَّ ثناؤُه قال:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2]. وإِنَّكَ لَم تَتَّقِ اللَّهَ، فلا أجِدُ لَكَ مَخرَجًا، عَصيتَ رَبَّكَ، وبانَت مِنكَ امرأتُكَ، وإِنَّ اللَّهَ قال:(يا أيُّها النَّبِىُّ إذا طَلَّقتُمُ النِّساءَ فطَلِّقوهُنَّ في قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ)
(2)
. هَكَذا في هذه الرِّوايَةِ: ثَلاثًا.
15051 -
وقَد أخبرَنا أبو الحَسَنِ علىُّ بنُ محمدٍ المُقرِئُ، أخبرَنا الحَسَنُ بنُ محمدِ بنِ إسحاقَ، حدثنا يوسُفُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا
(1)
المصنف في المعرفة (4420)، وأبو داود عقب (2185).
(2)
أبو داود (2197).
عمرُو بنُ مَرزوقٍ، أخبرَنا شُعبَةُ، عن عبدِ اللهِ بنِ أبي نَجيحٍ، عن مُجاهِدٍ، عن ابنِ عباسٍ أنَّه سُئلَ عن رَجُلٍ طَلَّقَ امرأتَه مِائَةَ تَطليقَةٍ قال: عَصَيتَ رَبَّكَ، وبانَت مِنكَ امرأتُكَ، لَم تَتَّقِ اللهَ فيَجعَلَ لَكَ مَخرَجًا. ثُمَّ قرأَ:(يا أيُّها النَّبِىُّ إذا طَلَّقتُمُ النِّساءَ فطَلِّقوهُنَّ في قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ)
(1)
.
15052 -
وأخبرَنا أبو بكرِ ابنُ الحارِثِ، أخبرَنا علىُّ بنُ عُمَرَ الحافظُ، حدثنا ابنُ صاعِدٍ، حدثنا يَعقوبُ بنُ إبراهيمَ الدَّورَقِىُّ، حدثنا عبدُ الرَّحمَنِ، حدثنا سفيانُ، عن عمرِو بنِ مُرَّةَ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما في رَجُلٍ طَلَّقَ امرأتَه ألفًا قال: أمّا ثَلاثٌ فتُحَرِّمُ عَلَيكَ امرأتَكَ، وبَقيَّتُهُنَّ عَلَيكَ وِزرٌ؛ اتَّخَذْتَ آياتِ الله هُزوًا
(2)
. ففِى هَذا دَلالَةٌ على أنَّه جَعَلَ الوِزرَ فيما فوقَ الثَّلاثِ، واللهُ أعلَمُ.
ورَواه الشّافِعِىُّ عن الزَّنجِىِّ عن ابنِ جُرَيحٍ عن عَطاءٍ عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما في مِائَةٍ قال: وسَبعٌ وتِسعونَ اتَّخَذتَ آياتِ اللهِ هُزُوًا. قال الشّافِعِىُّ: فعابَ عَلَيه ابنُ عباسٍ كُلَّ ما زادَ مِن عَدَدِ الطَّلاقِ الَّذِى لَم يَجْعَلْه اللهُ إلَيه، ولَم يَعِبْ عَلَيه ما جَعَلَ اللهُ إلَيه مِنَ الثَّلاثِ
(3)
.
15053 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، حَدَّثَنِى علىُّ بنُ حَمشاذَ،
(1)
أخرجه ابن جرير في تفسيره 23/ 23، 24، والطحاوى في شرح المعاني 3/ 58، والطبراني (11157)، والدارقطني 4/ 13 من طريق شعبة به. وعند الطبراني:(لعدتهن).
(2)
الدارقطني 4/ 14. وأخرجه عبد الرزاق (11353)، وابن أبي شيبة (17986)، والطحاوى في شرح المعانى 3/ 58 من طريق سفيان به.
(3)
الأم 5/ 139.
أخبرَنِى يَزيدُ بنُ الهَيثَمِ، أنَّ إبراهيمَ بنَ أبى اللَّيثِ حَدَّثَه قال: حدثنا الأشجَعِىُّ، عن سُفيانَ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي الأحوَصِ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ قال: مَن أرادَ أن يُطَلِّقَ لِلسُّنَّةِ كما أمَرَ اللَّهُ فليُنظِرْها حَتَّى تَحيضَ ثُمَّ تَطهُرَ، [ثُمَّ ليُطَلِّقْها طاهِرًا في غَيرِ جِماعٍ، ويُشهِدُ رَجُلَينِ، ثُمَّ ليُنظِرْها حَتَّى تَحيضَ، ثُمَّ تَطهُرَ]
(1)
، فإِن شاءَ راجَعَ وإِن شاءَ طَلَّقَ
(2)
.
15054 -
ورَواه الأعمَشُ عن أبي إسحاقَ عن أبي الأحوَصِ عن عبدِ اللَّهِ قال: طَلاقُ السُّنَّةِ أن يُطَلِّقَها في كُلِّ طُهرٍ تَطليقَةً، فإِذا كان آخِرُ ذَلِكَ فتِلكَ العِدَّةُ التي أمَرَ اللَّهُ بها. أخبَرَناه أبو عبدِ الرَّحمَنِ السُّلَمِىُّ، أخبرَنا علىُّ بنُ عُمَرَ الحافظُ، حدثنا الحُسَينُ والقاسِمُ ابنا إسماعيلَ المَحامِلِىِّ قالا: حدثنا أبو السّائبِ سَلمُ بنُ جُنادَةَ، حدثنا حَفصُ بنُ غياثٍ، عن الأعمَشِ. فذَكَرَه
(3)
.
ونَحنُ هَكَذا نَستَحِبُّ أن يَفعَلَ، وقَد روّينا أيضًا عن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ أنَّه جَعَلَ العُدوانَ في الزّيادَةِ على الثَّلاثِ، واللَّهُ أعلَمُ. وهو فيما رَواه يوسُفُ القاضِى عن عمرِو بنِ مَرزوقٍ عن شُعبَةَ عن الأعمَشِ عن مَسروقٍ قال: سألَ رَجُلٌ لِعَبدِ
(4)
اللَّهِ رضي الله عنه فقالَ: رَجُلٌ طَلَّقَ امرأتَه مِائَةً. قال: بانَت بثَلاثٍ، وسائرُ ذَلِكَ عُدوانٌ.
(1)
ليس في: س، ص 8.
(2)
أخرجه النسائي (3395)، وابن ماجه (2020) من طريق سفيان به مختصرًا.
(3)
الدارقطني 4/ 5. وأخرجه النسائي (3394)، وابن ماجه (2021) في طريق حفص بن غياث به.
(4)
كتب فوقها في الأصل: "كذا".