الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول: في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان فرضيتهما
. وذم تارك ذلك وتأكيد الإثم على من صد عنه. قال الله تعالى وجل ذكره وتقدست أسماؤه التي عجز عن حصرها العالمون {ولتكن منكم أمَّةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} . وقال تعالى إخبارًا عن هذه الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم {كنتم خير أمَّةٍ أخرجت للنَّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} . وقال عز من قائل: {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمَّةٌ قائمةٌ يتلون آيات الله أنآء الَّليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الأخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسرعون في الخيرات وأولئك من الصَّالحين} . وقال تعالى: {لا خير في كثير من نَّجواهم إلَّا من أمر بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاح بين النَّاس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا} . وقال سبحانه وتعالى: {يا أيُّها الَّذين آمنوا كونوا قوَّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} . وقال جلت عظمته: {يا أيُّها الَّذين آمنوا كونوا قوَّامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنَّكم شنئان قومٍ على ألَاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتَّقوا الله إنَّ الله خبير بما تعملون} .
وقال أصدق قائل: {لولا ينهاهم الربَّانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون} .
وقال سبحانه- واصفًا لعباده القائمين لنصرة دينه، ومثنيًا عليهم بكل خير جسيم:{يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم} .
وقال تعالى- توبيخًا لقوم يجهلون، وتقريعًا لمن بعدهم يخلفون:{لعن الَّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} .
وقال- عز من قائل- مخاطبًا كليمه موسى بن عمران، واصفًا لحبيبه المبعوث من عدنان حيث نوه بذكر صفاته الظاهرات:{الَّذين يتَّبعون الرَّسول النَّبي الأمّيَّ الَّذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التَّوّراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلُّ لهم الطيِّبات} . وقال تعالى: {ومن قوم موسى أمَّةٌ يهدون بالحق} .
وقال- سبحانه- منوهًا بنجاة الناهين عن المنكر من العذاب لعلهم يستبقون {وإذ قالت أمَّةٌ منهم لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا قالوا معذرةً إلى ربِّكم ولعلَّهم يتَّقون فلمَّا نسوا ما ذكروا به أنجينا الَّذين ينهون عن السُّوء وأخذنا الَّذين ظلموا بعذاب بئس بما كانوا يفسقون} .
وقال- تعالى- مبينًا صفات المنافقين، ومعرفًا أخلاق الفاسقين، أنهم ينهون عن المعروف ويأمرون بالمنكر المألوف، فأراد- سبحانه- بذلك أن يخزيهم بقوله:{المنافقون والمنافقات بعضهم مِّن بعضٍ يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم} .
ثم (جلَّى) - تعالى- أوصاف عباده المؤمنين والمؤمنات، وأوردها بأكمل المعاني، وأحسن العبارات، حيث افتتحها بالأمر بالمعروف، إذ كان المؤمن بها أجمل منعوت وموصوف. فقال من لا إله سواه:{والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله} .
وقال- تبارك وتعالى في السورة التي ذكرنا فيها فضله ومنَّه: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنَّ لهم الجنَّة} .
ثم ذكر- سبحانه- أوصاف هؤلاء السادة، ليبادر الفائزون إلى التحلي بها فينالوا مراده. فقال- وهو خير المحسنين-: {التَّائبون العابدون الحامدون السَّائحون
الرَّاكعون السَّاجدون الآمرون بالمعروف والنَّاهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين}.
ثم تولى الله- سبحانه- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بنفسه الشريفة، ونظم ذلك منبهًا عليه فذ هذه الآية اللطيفة فقال- مفهِّمًا ومعلِّمًا لقوم يعقلون-:{- إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلَّكم تذكَّرون} .
ووعد- تعالى- عباده القائمين بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتأييدهم ونصرتهم على أهل الفساد بعد تعظيم الأجور فقال: {ولولا دفع النَّاس بعضهم ببعض لهَّدِّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا ولينصرنَّ الله من ينصره إنَّ الله لقويٌ عزيزٌ الذَّين إن مَّكَّنَّهم في الأرض أقاموا الصَّلاة وآتوا الزَّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} .
وقال- تعالى-: {وجاهدوا في الله حقَّ جهاده هو اجتباكم} .
ثم أمر- سبحانه- بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم بالصبر عليه على لسان عبده لقمان الحكيم حين وصى لابنه دلالة على استباق الخيرات والأجر الموفور.
حيث قال: {يا بني أقم الصلاة أمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إنَّ ذلك من عزم الأمور} .
وقال- تعالى-: {والعصر إنَّ الإنسان لفي خسرٍ إلَّا الذَّين آمنوا وعملوا الصَّالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصَّبر} .