الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع: بيان ما يستحب من الأفعال والأقوال والأحوال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فأول ما يستجيب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بل لكل عامل، أن يحدث في كل أمر ونهي وحركة وسكون، نية صالحة مخلصًا جهاده من شوائب الأكدار.
قال الخطابي: معنى النية فصدك الشيء بقلبك. وقيل: عزيمة القلب.
قال الله تعالى: {
…
إن يريدّا إصلحًا يوفّق الله بينهماّ
…
} فجعل سبحانه النية سبب التوفيق وهي عمل القلب وعبوديته، كما أن العمل عبودية الجوارح.
وفي الصحيحين، والسنن الأربعة، وغيرها من حديث عمر بن الخطاب- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى).
وفي صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعًا: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)، فإنما نظره سبحانه إلى القلوب، لأنها مظنة النية.
وقد سبق- في الباب الأول- من رواية الصحيحين عن ابن عمر- رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أنزل بقوم عذابًا أصاب العذاب من كان فيهم، ثم يبعثون على نياتهم).
وروى ابن ماجه من حديث جابر مرفوعًا: "يحشر الناس على نياتهم".
وروى مسلم، وأحمد، والترمذي، وابن ماجه من حديث أم سلمة مرفوعًا:"يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث إليه بعث فإذا كان بيداء من الأرض خسف بهم"فقلت: يا رسول الله، فكيف من كان كارهاّ قال:(يخسف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته).
وروى الإمام أحمد- أيضًا- من حديث ابن مسعود مرفوعًا: "أكثر شهداء أمتي أصحاب الفرش، ورب قتيل بين الصفين الله أعلم به"
وروى-أيضًا- النسائي من حديث عبادة بن الصامت مرفوعًا: "من غزا في سبيل الله ولم ينو إلا عقالًا فله ما نوى".
وروى ابن أبي الدنيا- في كتاب الإخلاص والنيه- من حديث عمر بن الخطاب مرفوعًا: "إنما يبعث المقتتلون على النيات".
وروى الطبري- في الكبير- من حديث سهل بن سعد الساعدي مرفوعًا: "نية المؤمن خير من عمله، وعمل المنافق خير من نيته، فإذا عمل المؤمن عملًا ثار في قلبه نور".
ورواه- أيضًا- من حديث النواس بن سمعان مختصرًا.
قال بعض العلماء: قيل لأن النية تدوم إلى آخر العمل، والعمل لا يدوم.
وقيل لأن النية سر لا طلع عليه إلا الله- والعمل ظاهر ولعل السر أفضل، لأنه فعل
القلب، وعمل الأشراف أشرف. وقيل إن النية مجردة خير من العمل مجردًا لأن نية المرء خير من عمله.
(وقال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه: (أفضل الأعمال أداء ما افترضه الله- تعالى- والورع عما حرم الله، وصدق النية فيما عمل لله.
وكتب سالم بن عبد الله إلى عمر بن عبد العزيز- رحمة الله عليها- اعلم أن عون الله- تعالى- والورع عما حرم الله، وصدق النية فيما عمل لله.
-تعالى- للعبد على قدر النية. فمن تمت نيته ما لم يعطيه على عمله، لأن النية لا رياء فيها.
وقال الحسن البصري- رحمة الله عليه-: إنما حل أهل الجنة، وأهل النار في النار النيات.
وقال يونس بن عبيد: إني لأحسب الناس لا يدخلوا الجنة بفضل صوم ولا صلاة، ولكن يدخلوا الجنة بالنية (الحسنة) والسنة والقصد الصالح.
وينبغي للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، أن ينوي إبادة المعاصي وما يكره الله- تعالى- وتنظيف البقاع من المنكرات، وإعلاء كلمة الحق وإظهارها، والسعي في توبة أهل الجرائم والآثار، وتخليص أديانهم وأعرضهم من القاذورات التي لا تليق.
ثم ينبغي للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، والمعلم، إخلاص النية في تعليم أحكام ربه- تعالى- وأصابة الحق والصواب في أقواله وأفعاله، وألا يختار بنيته أن يكون هو الذي صلى الله عليه وسلم قال (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
وكان السلف- رضي الله عنهم يأتون بالمسائل العظيمة والفوائد الجسمية ولا يريدون