الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أضله أهل البصرة، وفي رواية ما عرفني غيرك.
وروى ابن أبي الدنيا بسنده عن هشام بن عروة. قال: كان أبو السواد العدوي- رحمة الله عليه- يعرض له الرجل فيشتمه فيقول له: إن كنت كما قلت فإني إذًا لرجل سوء.
وشتم رجل حكيمًا فقيل له: ألا تجيبه؟ فقال: لا أدخل في حزب الغالب فيه شر من المغلوب. وشتم رجل حكيمًا فقيل له: ألا تغضب؟ فقال: كفاه أنه يشتم ولا يشتم.
وقد روى البيهقي بسنده عن ذي النون المصري- قدس الله روحه- أنه قال: إذا غضب الرجل فلم يحلم فليس بحليم، لأن الحليم لا يعرف إلا عند الغضب.
أغضب صديقك غرة لتعرفه
…
لا يعرف الحلم إلا ساعة الغضب
وبسنده عنه- أيضًا- أنه قال: ثلاثة من أعلام الحلم: قلة الغضب عند مخالفة الرأي، والاحتمال عند الردى أحبابًا للرب ونسيان إساءة المسيء إليه عفوًا عنه.
وبسنده، عن محمد بن جحادة قال: كان عمر الشعبي- رحمة الله عليه- من أولع الناس بهذا البيت:
ليست الأحلام في حال الرضا
…
إنما الأحلام من حيث الغضب
وضرب رجل قدم بعض السلف فأوجعه ولم يغضب. فقيل له في ذلك. فقال: أقمته مقام حجر عثرت به وربحت الحلم. ثم إن الحلم لا يكون إلا عن اقتدار وعز وشرف، فإن النفس إذا انحرفت عن خلق الحلم انحرفت إما إلى الطيش والسرف والحدة والخفة، وإما إلى الذل والمهابة والحقارة والفجر. والله أعلم.
فصل (15): عفو الناهي عن المسيء يورثه عزًا
وفي صحيح مسلم، ومسند أحمد، وجامع الترمذي من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال وما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزًا، ولا تواضع عبد لله إلا رفعه الله- عز وجل).
وروى الإمام أحمد، وأبو يعلى الموصلي، والبزار من حديث عبد الرحمن بن عوف- رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ثلاث إن كانت لحالفًا عليهن: لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا، ولا يعفو عبد عن مظلمة إلا رفعه الله بها عزًا). (وفي رواية إلا زاده الله بها عزًا). وفي لفظ: إلا زاده الله بها عزًا يوم القيامة، ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر.
ورواه أحمد- أيضًا- من حديث أبي كبشة سعيد بن عمرو. وقيل عامر الأنماري- رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ثلاث أقسم عليهم وأحدثكم حديثًا فاحفظوه. قال: أما الثلاث التي أقسم عليهن، فإنه ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد فصبر عليها إلا زاده بها عزًا) الحديث.
ورواه الطبراني في الأوسط والصغير من حديث أم سلمة وقال فيه: (ولا عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزًا فاعفو يعزكم الله).
قال العلماء: ففي قوله: (لا يعفو عبد عن مظلمة إلا زاده الله بها عزًا) وجهان:
أحدهما: أنه على ظاهره، فإن من عرف بالعفو والصفح ساد وعظم في القلوب، وزاد عزه وإكرامه.
والثاني: أن المراد أجره في الآخرة وعزه هناك.
وقال النووي: وقد يكون المراد الوجهين معًا في الدنيا وفي الآخرة.
وروى الطبراني، وابن أبي عاصم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا وقف الناس للحساب نادى مناد من كان أجره على الله فليقم فليدخل الجنة. ثم ينادي الثانية: من كان أجره على الله فليقم فليدخل الجنة. قالوا: من ذا الذي أجره على الله؟ قال: العافين عن الناس. ثم ينادي الثالثة: من كان أجره على الله فليقم فليدخل الجنة. قال: فيدخلها كذا وكذا بغير حساب). ويصدق هذا الحديث قوله تعالى: { .. فمن عفا وأصلح فأجره على الله
…
}.