المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل (3): تأكد ورع الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بالإغراض عما في أيدي الناس - الكنز الأكبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ابن داود الحنبلي

[ابن داود الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول: في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان فرضيتهما

- ‌فصل- 1 - : حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 2 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 3 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفعال الصالحين وخلال المتقين

- ‌فصل- 4 - : دليل كون الأمر بالمعروف من أخص الأعمال الصالحة المتقبلة عند الله تعالى

- ‌فصل- 5 - : تحذير المحتسب (الآمر الناهي) والحاكم من التأثر ببغضه للبعض عند الحكم تفاديًا للظلم

- ‌فصل- 6 - : التحذير من الارتداد عن الدين

- ‌فصل- 7 - : التحذير من التفريط في الإنكار على فاعل المنكر

- ‌فصل- 8 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللعن وهو الطرد من رحمة الله

- ‌فصل- 9 - : دليل كون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من شرائع الإيمان أي من شروط تمامه

- ‌فصل- 11 - : وجوب اجتهاد الآمرين الناهين في الأمر والنهي وإن لم يستجب الجمهور إقامة للحجة الإلهية لله على خلقه

- ‌فصل- 12 - : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف من أخص أوصاف المنافقين

- ‌فصل- 13 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص أوصاف المؤمنين

- ‌فصل- 14 - : مراتب الجهاد في سبيل الله ثلاثة: جهاد الكفار وجهاد النفس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل- 15 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الهلاك في الدنيا فضلًا عن العذاب بالآخرة

- ‌فصل- 16 - : جمع آية في القرآن هي التي تأمر بالعدل والإحسان وتنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي

- ‌فصل -17 - : دليل وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه فرض عين في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -18 - : دليل كون المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الأمر بطاعة الله والنهي عن معصيته

- ‌فصل -19 - : دليل كون أعلى مراتب الجهاد امتثال أمر الله واجتناب نهيه

- ‌فصل -20 - : دليل كون المقصرين في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خسر

- ‌فصل -21 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفضل ما يعين المؤمن على تزكية نفسه ومعالجة ترقيها في الطاعات وتطهرها من الدنس

- ‌فصل -22 - : الأحاديث الواردة في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -23 - : ما ورد في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -24 - : وجوب تبليغ الشرع وأن ذلك يثمر نضارة الوجه

- ‌فصل -25 - : من ذب عن عرض مسلم وهو غائب وقاه الله النار يوم القيامة

- ‌فصل - 26 - : صلاح العباد في طاعة الله وطاعة الله لا تتم إلا بالاجتهاد في القيام بهذا الواجب

- ‌فصل - 27 - : أجمع العلماء على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتوافر خصوص الأمر به ولتوعد الشارع تاركه بأشد العقوبة

- ‌فصل - 28 - : تأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الحكام

- ‌فصل - 29 - : وجوب الإمعان في إنكار البدع المضلَّة حتى تخمد ثم يجب إنكار البدع المضلة، وإقامة الحجة على بطلانها

- ‌فصل - 30 - : قول العز بن عبد السلام: الواجبات والمندوبات ضربان:

- ‌فصل - 31 - : قول العز: من فعل واجبًا متعديًا أو مندوبًا متعديًا أو اجتنب محرمًا أو مكروهًا متعديان فقد قام بحق نفسه وحق ربه

- ‌فصل - 32 - : بيان آراء العلماء في: هل من شروط وجوب إنكار المنكر غلبية الظن في إزالته

- ‌فصل - 33 - : عدم سقوط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعزلة مادام قادرًا على الأمر والنهي

- ‌فصل - 34 - : من تيقن من وجود منكر بالسوق وكان قادرًا على تغييره لزمه الخروج لتغييره

- ‌فصل - 35 - : في إنكار المنكر أجر عظيم وفي عدم إنكاره الإثم الكبير

- ‌فصل -36 - : إذا تظاهر الناس بالمنكر وجب على كل من يراه أن يغيره في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -37 - : ثبوت عذاب القبر لمن ترك واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم قبول شفاعته

- ‌فصل -38 - : الأحاديث والآثار الواردة في ذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -39 - : تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عاص لوجوه أربعة

- ‌فصل- (40): إبطال زعم البعض أن السكوت عن المنكر مقام من مقامات الرضا بالقضاء:

- ‌فصل- (41): من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نزع هيبة الطاعة:

- ‌فصل- (42): توعد الله المذلين للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بإحباط عملهم في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل- (43): من أخص أوصاف المنافقين الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وأن من أمارات الساعة فساد المسلمين بإمرتهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف:

- ‌الباب الثاني: أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل- (1): شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (خمسة):

- ‌فصل - (2): أخص أوصاف المؤمنين الدالّة على صحة عقيدتهم:

- ‌فصل - (3): الركن الثاني للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [المأمور بالمعروف والمنهي عن المنكر]

- ‌فصل - (4): الإنكار على السلطان إذا عطل الحدود في حدود القدر المستطاع:

- ‌فصل - (5): دفع التعارض بين أمر خواض الأمة السلطان الجائر بالمعروف ونهيه عن المنكر وبين تحريم تعريض النفس للتهلكة:

- ‌فصل - (6): سقوط وجوب أمر خواص العلماء الحكام ونهيهم عند توقع ضر لا يطاق:

- ‌فصل - (7): تحريم فرار المسلمين من عدوهم إذا كانوا ضعفهم:

- ‌فصل - (8): جواز أمر خواص الأمة بالمعروف ونهيهم عن المنكر ولو تيقنوا القتل إذا تيقنوا رفع المنكر:

- ‌فصل - (9): إباحة أمر السلطان ونهيه خواص الأمة عندما لا يخافون إيذاءًا لغيرهم نتيجة لنهيهم:

- ‌فصل - (10): كيفية الإنكار على السلطان تكون بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف وذكر العاقبة في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل - (11): وجوب وعظ خواص الأمة السلطان سرًا أفضل منه جهرًا:

- ‌فصل - (12): وجوب نصح الولد للوالد بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف:

- ‌فصل - (13): وجوب نهي أهل الذمة من المنكر كزواج كتابي مسلمة أو عرضهم الخمر ولحم الخنزير للبيع بين المسلمين:

- ‌فصل - (14): الشروط الواجب توفرها في المنكّر حتى يجب النهي عنه:

- ‌فصل - (15): الشرط الثالث من شروط المنكر:

- ‌فصل - (16): أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبني على الظنون

- ‌فصل - (17): الشرط الرابع من شروط المنكر أن يكون معلومًا بغير اجتهاد

- ‌فصل - (18): وجوب التزام كل مقلد لمذهب بأحكام مذهبه وكراهة تقليده غيره إلاّ لضرورة

- ‌فصل - (19): ضروب الموجب للإنكار:

- ‌فصل - (20): الركن الرابع من أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل - (21): درجات النهي عن المنكر الدرجة الأولى: التعرف

- ‌فصل - (22): الدرجة الثانية: في الأمر النهي عن المنكر التعريف:

- ‌فصل - (23): الدرجة الثالثة للنهي عن المنكر النهي بالوعظ

- ‌فصل- (24): ما ينبغي على الآمر الناهي استخدامه في الوعظ من ذكر آيات وأحاديث وقصص:

- ‌فصل - (25): الدرجة الرابعة من درجات النهي عن المنكر:

- ‌فصل - (26): الدرجة الخامسة من درجات النهي عن المنكر التغيير باليد:

- ‌فصل - (27): وللمنكر كسر آلة اللهو وكسر وعاء الخمر:

- ‌فصل - (28): وجوب إنكار المنكر المستتر

- ‌فصل- (29): إختلاف الرواية عن أحمد في وجوب تحريق بيوت تجار الخمر:

- ‌فصل - (30): كراهة النظر إلى التصاوير وإباحة حكها من على الجدران:

- ‌فصل (31): لا ضمان في تحريق الكتب كالتي فيها الأحاديث المفتراة على رسول الله:

- ‌فصل - (32): في الدرجة الخامسة أدبان

- ‌فصل- (33): الدرجة السادسة من درجات النهي عن المنكر التهديد والتخويف:

- ‌فصل (34): الدرجة السابعة مباشرة الضرب باليد والرجل بلا شهر سلاح:

- ‌فصل - (35): الدرجة الثامنة للنهي عن المنكر الاستعانة بأعوان من أهل الخير لإزالة المنكر:

- ‌فصل- (36): وترتيب درجات النهي عن المنكر مقتبسة من إشارات بعض آيات التنزيل:

- ‌الباب الثالث: طبقات الناس من الآمرين والمأمورين والمتخلفين

- ‌فصل- (1) طبقات المنهيين:

- ‌فصل (2): أقسام التائبين الذين تأثروا بالموعظة:

- ‌فصل (3): المتقاعسون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (4): غربة الآمرين الناهين ين أهل الفساد:

- ‌فصل (5): ابتلاء الله الفقهاء ببعض العصاة لهم:

- ‌فصل (6): ذل المؤمن لغربته بين الفساق:

- ‌فصل (7): معاداة العصاة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر:

- ‌فصل (8): حسد الفساق للعلماء وتمنيهم إضلالهم:

- ‌(فصل): وجوب إيثار الآمر الناهي رضي رب العباد على رضى العباد:

- ‌الباب الرابع: بيان ما يستحب من الأفعال والأقوال والأحوال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل (1): الآمر بالمعروف والنهين عن المنكر القائم في حدوده بمنزلة الطبيب الذي يسقى الدواء الكريه الذي يرجو به الشفاء للمريض من دائه

- ‌فصل (2): يستجيب للآمر الناهي العلم والورع وحسن الخلق:

- ‌فصل (3): تأكد ورع الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بالإغراض عما في أيدي الناس

- ‌فصل (4): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بحسن الخلق:

- ‌فصل (4) [مكرر]: في ذم الغضب

- ‌فصل (5): فضيلة كظم الغيظ:

- ‌فصل (6): أساليب إذهاب الغضب:

- ‌فصل (7): استحباب الغضب عند انتهاك حرمات الله:

- ‌فصل (8): وجوب حذر الغاضب عند انتهاك حرمات الله من الشوائب الدنيوية

- ‌فصل (9): استحباب الحلم والعفو للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (10): أحاديث من مدح الرفق وذم تاركه:

- ‌فصل (11): تأكد استحباب الرفق للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (12): وجوب حذر الآمر الناهي من رفق المداهنة لبلوغ غرض دنيوي

- ‌فصل (13): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بالحلم والعفو

- ‌فصل (14): على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يقابل إساءة المأمورين بالإحسان

- ‌فصل (15): عفو الناهي عن المسيء يورثه عزًا

- ‌فصل (16)

- ‌فصل (17): استحباب الأناة والتثبت للآمر الناهي

- ‌فصل (18): ويستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر قصد نصح جميع الأمة

- ‌فصل (19): ومما يستحب للآمر بالمعروف أن يكون قصده رحمة الخلق والنفقة عليهم:

- ‌فصل (20): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ستر العورات والعيوب:

- ‌فصل (21): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون مغتمًا مما ظهر من معصية أخيه المسلم

- ‌فصل (22): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون غيورًا على إخوانه المسلمين أي غيورًا على دمائهم وأموالهم وأعراضهم

- ‌فصل (23): ومما يستحب (أو يجب) على كل مسلم أن يهجر المجاهرين بالمعاصي الفعلية والقولية والاعتقادية للإجتماع على وجوب ترك الأرض التي يجاهر فيها بالمعاصي

- ‌فصل (24): استحباب هجر المجاهر بالمعصية على جهة التأديب

- ‌فصل (25): استحباب هجر من ترك الفرائض من باب التغرير بترك السلام على تارك الصلاة وشارب الخمر

- ‌فصل (26): هجران أهل البدع والمتظاهرين بالمعاصي فرض كفاية

- ‌فصل (27): على الآمر الناهي أن يسلك مع العصاة والفساق مسالك بحسب مراتبهم في مخالفة أوامر الله

- ‌فصل (28): تباين درجات الهجر بحسب أحوال المهجورين فإن كان الهجر يضعف شرهم وجب الهجر كأسلوب للزجر وإن كان يزيد من شرهم وجبت مخالطتهم وتغريرهم

- ‌فصل (29): تباين درجات الهجر بحسب درجات اعتقاد وسلوك الجماهير:

- ‌فصل (30): الهجر أسلوب شرعي للزجر لتكون كلمة الله هي العليا

- ‌فصل (31): لا فرق بين وجوب هجر ذي الرحم والأجنبي إذا كان الهجر لتعدي حق الله:

- ‌فصل (32): عدم جواز الهجر المسلم للتهمة مداومة للصفاء والمحبة

- ‌فصل

- ‌فصل (33): هجر المسلم العدل في اعتقاده وأفعاله كبيرة:

- ‌فصل (34): قال ابن مفلح رحمه الله ولا هجرة مع السلام

- ‌فصل (35): استحباب التقرب إلى الله بحب أهل الطاعة وبغض أهل المعصية:

- ‌فصل (36): استحبالب تواضع الآمر الناهي في أمره ونهييه بلا افتخار أو تعاظم

- ‌فصل (37): استحباب استعانة الآمر الناهي بالله والاعتصام به وخاصة عند عجزه عن مجاهدة نفسه وعن القيام بحقوق الله

- ‌فصل (38): استحباب طلب الآمر الناهي إعانة الله

- ‌فصل (39): استحباب تحلي الآمر الناهي بالصبر والاحتمال:

- ‌فصل (40): صبر النبي على أذى قريش عشرين عامًا وعفوه عنهم بعد أن أظفره الله بهم

- ‌فصل (41): يبتلي المرء على قدر دينه والمرء يبتلي على قدر دينه وقوة يقينه

- ‌فصل (42): إذا تحقق المصاب من أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه والمصاب إذا علم وتحقق أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه

- ‌فصل (43): وعد الله المؤمنين الذين يعملون الصالحات باستخلافهم في الأرض وتمكين دينهم لهم:

- ‌فصل (44): من أخص آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (45): وجوب تحمل الآمر الناهي الصبر المترتب على أمره ونهيه:

- ‌فصل (46): قال العلامة ابن القيم: وللعبد فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه احد عشر مشهدًا

- ‌فصل (47): وقوع المحن على قدر قوى الآمرين الناهين ومراتبهم:

الفصل: ‌فصل (3): تأكد ورع الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بالإغراض عما في أيدي الناس

وروى أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني- في الترغيب والترهيب- بسنده، عن الحسن البصري في قوله- تعالي-:

{يؤتي الحكمة من يشاء} .

قال: الورع.

(ودخل الحسن- أيضًا- مكة، فرأي غلامًا من أولاد علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- قال: وقد اسند ظهره إلي الكعبة يعظ الناس، فوقف عليه الحسن. فقال: ما ملاك الدين؟ فقال: الورع. فقال: ما آفة الدين؟ قال الطمع. فتعجب الحسن منه.

قال شيخ مشايخنا محيي الدين عبد القادر الكيلاني- قدس الله روحه- والورع ثلاث درجات: ورع العوام (من الحرام) والشبهة، والخواص وهو كل ما للنفس والهوى فيه حظ، وورع خواص الخواص وهو عن كل ما لهم فيه إرادة ورؤية.

‌فصل (3): تأكد ورع الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بالإغراض عما في أيدي الناس

ويتأكد لزوم الورع للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، سيما بالإغراض عما في أيدي الناس بقطع المطامع، لأنها مذهبة للهيبة حيث كان غضبة لغرض دنيوي وكذلك سروره، فإن الطمع تعلق النفس بإدراك مطلوب تعلقًا قويًا.

وهو أشد من الرجاء، لأنه لا يحدث إلا عن قوة ورغبة وشدة إرادة فإذا اشتد صار طمعًا وإذا ضعف كان رغبة ورجاء.

وروي ابن ماجه، والحاكم، وغيرهما من حديث أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه أن رجلًا أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أوصني وأوجز. فقال:(عليك باليأس عما في أيدي الناس، وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر) الحديث.

ورواه أبو الشيخ ابن حيان في كتاب الأمثال، ورواه ابن أبي الدنيا- في كتاب القناعة- من حديث إسماعيل الأنصاري عن أبيه، عن جده.

وقد تقدم- في الباب الثاني- والله أعلم.

ص: 320

قال وهيب بن الورد: من أراد شهوات الدنيا فليتهيأ للذل.

وانشدوا:

بلوت بني الدنيا فلم أر فيهم

سوي غادر والغدر حشو إهابه

فجررت من كنز القناعة صارمًا

قطعت إياسي عنهم بذبابة

فلا يراني واقفًا في طريقه

ولا ذا يراني قاعدًا عنه بابه

وقد روي العطار- قدس الله روحه- قال: (مررنا بالبصرة في بعض الشوارع وإذا مشايخ قعود وصبيان يلعبون. فقلت: أما تستحيون من هؤلاء المشايخ؟ فقال صبي من بينهم: هؤلاء المشايخ قل ورعهم، فقلت هيبتهم).

قال بعض السلف: (ومن آداب الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، تقليل العلائق حتى لا يكثر خوفه، وقطع المطامع من الخلائق حتى تزول عنه المداهنة).

وفي المعجم الأوسط لأبي القاسم الطبراني، وصحيح الحاكم من حديث سهل بن سعد- رضي الله عنه في حديث طويل- أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم:"عز المؤمن استغناؤه عن الناس". ورواه أبو الشيخ في كتاب الثواب، وأبو نعيم- في الحلية.

قال الحاكم: صحيح الإسناد.

وجعله القضاعي- في مسند الشهاب- من قول النبي صلى الله عليه وسلم.

وأنشد أبو حازم المدني:

الدهر أدبني والصبر رباني

والقوت أقنعني واليأس أغناني

وأحكمتني من الأيام تجربة

حتى نهيت الذي كان ينهاني

وغيره:

حنكتني نوائب الدهر حتى

عرفتني طرائق الإرشاد

وفي جامع الترمذي، وغيره من حديث جابر بن عبد الله- رضي الله عنه قال: ذكر

ص: 321

رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم بعباده واجتهاد، وذكر آخر برعة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(ألا يعدل بالرعة شيء).

الرعة- بكسر الراء- من الورع. وهو الكف عن الحرام، ثم (يصير) التحرج منه حالًا.

ورع الرجل- يرع- بالكسر فيهما- ورعًا، فهو ورع، ونورع من كذا استعير للكف عن المباح، إذا كان يؤدي إلي الوقوع في الشبهات. والله أعلم.

وقد روي البيهقي- في شعب الإيمان - بسنده عن أحمد بن أبي الحواري. قال: سمعت عرام بن سميع. قال: كان سليمان الخواص يمر باللحام يأخذ منه لقط له فمر به فإذا تكلم (أمسك) قال: تقول له نفسه: يا أبا سليمان من أجل قط تمسك عن الكلام! ! فجاءه إلي منزله فأخرج القطة فطردها، ثم صار إلي اللحام من الغد فوعظه. هذه رواية البيهقي.

وذكر القصة أبو حامد الغزالي. وزاد- بعد ذلك- فقال له القصاب: لا أعطيك بعدها شيئًا لسنورك. فقال: ما أنكرت عليك إلا بعد إخراج السنور وقطع الطمع منك.

وروي أبو نعيم عن الثوري (إن الرجل ليستعير من السلاطين الدابة أو السرج فيتغير قلبه لهم.

وروي أبو بكر الخلال- بسنده- عن ميمون بن مهران أن عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز قال له: يا أبت ما يمنعك أن تمضي لما تريده من العدل؟ فو الله ما كنت أبالي لو غلت بي وبك القدور في ذلك. قال: يا بني إني إنما أروض الناس رياضة الصعب، إني أريد أن أحيي الأمر من العدل فأؤخر ذلك حتى أخرج معه طمعًا من طمع الدنيا، فينفروا لهذه ويسكنوا لهذه.

قال بعضهم: (من لم يقطع الطمع من الخلق، لا يقدر على الإنكار بيده، ولا بلسانه لعجزه).

ص: 322

وقال بعض الزهاد "للمنصور": (اذكر ليلة تمحض عن يوم القيامة لا ليلة بعدها. فأفحم المنصور) فأمر له بمال. فقال لو (تطلعت) إلي مالك ما وعظتك. وقال أكثم بن صيفي -رحمه الله_: ما يسرني أني مكفي من أمر الدنيا. قيل له: قال: أخاف عادة العجز.

وصدق- رحمه الله لأن العاجز ذليل لا يمكن من إزالة المنكرات ولا من غيرها.

وقال بعض السلف: ينبغي أن يكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر نزيهًا عفيفًا معرضًا عما في أيدي الناس، لتقبل موعظته وتؤثر نصيحته، ويصير حرًا.

قال أبو العتاهية:

أطعت مطامعي فاستبعدتني

ولو أني قنعت لكنت حرًا

قال الإمام أحمد رحمه الله: (سمعت محمد بن السماك يقول: الطمع غل في عنقك، وقيد في رجلك، فأخرج الغل من عنقك، يخرج القيد من رجلك).

(الغل- بضم الغين- طوق من حديد أو شبهه يجعل في العنق ويكسرها هو الحقد في القلب) والله أعلم.

وقال سفيان الثوري: ما وضع رجل يده في قصعة رجل إلا ذل له.

وأنشدوا:

لا تخضعن لمخلوق علي طمع

فإن ذلك وهن منك في الدين

واسترزق الله في خزائنه

فإنما الرزق بين الكاف والنون

وقال الجنيد: لا يكون العبد لله عبدًا حتى يكون مما سواه حرًا.

وقال أبو العباس: فإنه من أحب غير الله ورجاه أو خافه صار فيه عبودية له، فلا يكون عبدًا مخلصًا لله. انتهي.

قال بعض السلف: الحر عبد ما طمع والعبد حر ما قنع.

ص: 323

قال يحيى بن يوسف الصرصري- رحمه الله:

إذا انقطعت أطماع عبد عن الورى

تعلق بالرب الكريم رجاؤه

فأصبح حرًا عزة وقناعة

على وجهه أنواره وضياؤه

وإن علقت بالخلق أطماع نفسه

تباعد ما يرجو وطال هناؤه

ثم الورع- أيضًا- علي الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، وقطع المطامع من شيئين.

قال أبو الفرج بن الجوزي- رحمه الله: من لم يقطع الطمع من الناس من شيئين لم يقدر علي الإنكار عليهم.

الأول: من لطف ينالونه به.

والثاني: من رضاهم عنه وثنائهم عليه. انتهي.

وقال أبو حامد الغزالي:

(من أبواب الشيطان الداخل منها إلي القلب الطمع فيما عند الناس فإنه إذا غلب علي القلب فإنه لم يزل الشيطان يحن التصنع والتزين لمن يطمع فيه بأنواع الرياء والتلبيس حتى يصير المطموع فيه كأنه معبود، فلا يزال يتفكر في حيلة التودد والتحبب إليه ويدخل كل مدخل للوصول إلي ذلك. وأقل أحواله الثناء عليه بما ليس فيه والمداهنة معه بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

وأنشدوا:

إذا شئت أن تحيا عزيزًا فلا تكن

علي حالة إلا رضيت بدونها

فمن طمع أن تكون قلوب الناس عليه طيبة، وألسنتهم بالثناء مطلقة، وصلاتهم له مشرقة، لم يتمكن من الأمر بالمعروف ولا من النهي عن المنكر لذلته وهوانه.

وأنشدوا:

يذل النفس من طمع لديه

وفي الطمع المذلة للرقاب

قال شيخ مشايخنا عبد القادر الكيلاني- قدس الله روحه- يا غلام أنت أخو العزة، ما التحفت برداء القناعة، ومحبوب (الرب) ما التزمت بمفروض الطاعة.

ص: 324