الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسأل الإمام أحمد رجل. قال: أكون في المجلس تذكر فيه السنة ولا يعرفها غيري: افأتكلم بها؟ فقال: أخبر بالسنة ولا تخاصم عليها. فأعاد عليه القول: فقال: ما أراك إلاّ رجلًا مخاصمًا.
وهذا المعنى روي عن مالك فإنه أمر بالإخبار بالنسبة وقال: فإن لم يقبل منك فاسكت.
قال أبو حامد: (ومن اجتنب محظور السكوت عن المنكر، واستبدل عنه محظور الإيذاء للمسلم مع الاستغناء عنه فقد غسل الدم بالبول.
قال سالم بن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهم: نظر عمر إلى رجل أذنب ذنبًا فتناوله بالدرة. فقال الرجل: والله يا عمر: لئن كنت أحسنت فلقد ظلمتني، ولئن كنت أسأت فما علمتني؟ قال: صدقت فاستغفر الله، دونك فاقتد من عمر. فقال: فلأهبها لله وغفر الله لي ولك، رواه أبن أبي الدنيا، وأما إذا وقعت على خطأ في غير أمر الدين فلا ينبغي ان ترده عليه فإنه يستفيد منك علمًا ويصير لك عدوًا إلاّ إذا علمت أنه يغتنم العلم. وذلك عزيز جدًا والله أعلم.
فصل - (23): الدرجة الثالثة للنهي عن المنكر النهي بالوعظ
وأما الدرجة الثالثة: فهي النهي بالوعظ والنصح والتخويف بالله عز وجل وذلك فيمن يقدم على الأمر، وهو عالم بكونه منكرًا، أو فيمن أصرَّ عليه بعد أن عرف كونه منكرًا، كالذي يواظب على الشرب، أو على الظلم أو على اغتياب المسلمين، أو ما يجري مجراه فينبغي أن يوعظ، ويخوف بالله - تعالى - وتورد عليه الأخبار الواردة بالوعيد في ذلك، وتحكى له سيرة السلف وعبادة المتقين، وكل ذلك بشفقة ولطف من غير عنف وغضب؛ بل ينظر إليه نظر المترحم عليه، ويرى إقدامه على المعصية مصيبة على نفسه، إذ المسلمون كنفس واحدة كما سيأتي بيان ذلك فيما بعد - إن شاء الله.
ومن الناس من يستفزه الزهو والعجب، فإن وعظ عنَّف وان وعظ أنف. قال بعض
المحققين: فذلك في الدرك السابع من النار والفرق بين الموعظة والملامة: أن الموعظة أن تقبح الفعل المذموم وتذمه عند عامله، وقلبك يرحم ويعطف عليه قاصدًا بذلك الذم لنفسه الأمارة بالسوء التي دعته إلى فعل المذموم تريد أن تعصى به حتى تنكسر وتذل، فذلك منك نصرة للحق وعطف على أخيك وتكون معينًا له على نفسه بذلك، وينبغي أن يكون ذاك سرًا فيما بينه وبينه في أول مرة، فإن الله سبحانه وتعالى من كرمه وستره على عبده الخاطئ يستر ذنبه إذا حاسبه - كما في الصحيحين، ومسند أحمد من حديث ابن عمر. رضي الله عنه قال:(إن الله ليدني المؤمن فيضع عليه كتفه ويستره من الناس، ويقرره بذنوبه، ويقول له: أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا .. ) الحديث.
وروى البيهقي - بسنده - عن أم الدرداء رضي الله عنها قالت من وعظ أخاه سرًا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد شأنه" وكذلك روي عن الإمام الشافعي: من وعظ أخاه سرًا فقد نصحه وزانه. ومن وعظه علانية فقد فضحه وشأنه).
وذكر أبو عمر ابن عبد البر في كتابه - بهجة المجالس - عن مسعر بن كدام، أنه قال: رحم الله من أهدى إلي عيوبي في سر بيني وبينه، فإن النصيحة في الملا تقريع".
وروى الإمام أبو بكر بن أبي الدنيا - بسنده - عن ابن وديع قال: قال سليمان الخواص: (من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه.
وفي شعب الإيمان للبيهقي- بسنده - عن عبد الرحمن بن مطرف قال: كان الحسن ابن صالح ابن حي إذا أراد أن يعظ أخًا له كتبه في اللوح وناوله.
قيل لأبي الفضيل بن عياض: إنّ سفيان بن عيينة قبل جوائز السلطان؟ فقال: "فضيل" ما أخذ منهم إلاّ دون حقه، ثم خلا به وعذله ووبخه. فقال سفيان:(يا أبا علي إن لم نكن من الصالحين فإنا لنحب الصالحين).
وقال بعض السلف: (ينبغي أن يكون الوعظ والنصح في سر لا يطلع عليه أحد فما كان