الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يخالف في وجوبه من علماء الأمة - سلفًا وخلفًا - سوى طائفة من الحشوية وهم فرقة من الرَّافضة - قبَّحهم الله - تعالى - فلا يعتدُّ بخلافهم كما قال إمام الحرمين أبو المعالي لا يكترث بخلافهم في هذا، فقد أجمع المسلمون عليه، ووجوبه بالشرع لا بالعقل خلافًا للمعتزلة.
فصل - 29 - : وجوب الإمعان في إنكار البدع المضلَّة حتى تخمد ثم يجب إنكار البدع المضلة، وإقامة الحجة على بطلانها
.
وقد قال بعض السلف: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، وذلك في البدع المحرمة، لأن البدع مقسمة إلى: واجبة، ومحرمة ومندوبة، ومكروهة، ومباحة.
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة، ، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب فمندوبة، أو الكراهة فمكروهة، أو المباح فمباحة.
فالبدع الواجبة مثل الاشتغال بعلم النحو الذي يفهم به كلام الله - تعالى - وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك واجب لأن حفظ الشريعة واجب، ولا يمكن حفظها إلا بذلك، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب مثل حفظ غريب الكتاب والسنة من اللغة.
ومثل: تدوين أصول الفقه.
ومثل: الجرح والتعديل، وتمييز الصحيح من السقيم.
والبدع المحرمة مثل: مذاهب القدرية، والجبرية، والجهمية والمرجئة، والمجسمة، ونحوهم.
(والرد على هؤلاء من البدع الواجبة).
وروى أبو نعيم - في الحلية، والهروي - في ذم الكلام من حديث عمر مرفوعًا:(نهى صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمنًا وإيمانًا ومن أهان صاحب بدعة أمنه الله يوم الفزع الأكبر).
قال أبو بكر المروزي: قلت لأبي عبد الله يعني الإمام أحمد: (يرى الرجل أن يشتغل بالصلاة، والصوم، ويسكت عن الكلام في أهل البدعة، فكلح في وجهي. وقال: إذا هو صام وصلَّى واعتزل الناس أليس إنما هو لنفسه؟ قلت: بلى. قال: فإذا تكلَّم كان له ولغيره؟ ويتكلم أفضل).
وقال أبو حامد الغزالي: الإنكار والنهي في البدع أهم منه في المنكرات، فينظر إلى البلدة التي فيها ظهرت تلك البدعة، فإن كانت البدعة غريبة والناس كلهم على السنة فلهم الإنكار على المبتدع بغير إذن السلطان وإن انقسم أهل البلد إلى أهل البدعة وأهل السنة وكان في الاعتراض تحريك فتنة بالمقابلة فليس للآحاد الإنكار في المذاهب إلا بنصب السلطان، فإذا رأى السلطان الرأي الحق ونصره وأذن لواحد بأن يزجر المبتدعة عن إظهار البدعة كان له ذلك وليس لغيره فإن الذي يكون بإذن السلطان لا يتقابل وما يكون من جهة الآحاد فيتقابل الأمر فيه، فينبغي أن يراعي فيها هذا التفصيل، لئلا يتقابل الأمر فيها ولئلا ينجر المنكرون إلى تحريك فتنة. انتهى.
والبدع المندوبة مثل: إحداث الربط، والمدارس، وكل إحسان لم يعهد في العصر الأول، ومثل التراويح والقصص، ومثل الكلام في دقائق التصوف، والجدل وغير ذلك إذا قصد بذلك وجه الله.
والبدع المكروهة مثل: زخرفة المساجد، وتذويق المصاحف، والبدع المباحة مثل: المصافحة عقيب الصلاة، ومثل التوسع في اللذيذ من المأكل والمشارب والملابس والمساكن ولبس الطيالسة وتوسيع الأكمام.
وقد يختلف في بعض ذلك فيجعله بعض العلماء من البدع المكروهة ويجعله آخرون من السنن المفعولة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بعده وذلك كالاستعاذة في الصلاة والبسملة وغير ذلك.
كما قال ابن عبد السلام، وغيره:(فالأمر بالبدع الواجبة واجب وبالمندوبة مستحب، والنهي عن البدع المحرمة واجب، وعن المكروهة مستحب. والله أعلم).