المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل (10): أحاديث من مدح الرفق وذم تاركه: - الكنز الأكبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ابن داود الحنبلي

[ابن داود الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول: في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان فرضيتهما

- ‌فصل- 1 - : حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 2 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 3 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفعال الصالحين وخلال المتقين

- ‌فصل- 4 - : دليل كون الأمر بالمعروف من أخص الأعمال الصالحة المتقبلة عند الله تعالى

- ‌فصل- 5 - : تحذير المحتسب (الآمر الناهي) والحاكم من التأثر ببغضه للبعض عند الحكم تفاديًا للظلم

- ‌فصل- 6 - : التحذير من الارتداد عن الدين

- ‌فصل- 7 - : التحذير من التفريط في الإنكار على فاعل المنكر

- ‌فصل- 8 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللعن وهو الطرد من رحمة الله

- ‌فصل- 9 - : دليل كون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من شرائع الإيمان أي من شروط تمامه

- ‌فصل- 11 - : وجوب اجتهاد الآمرين الناهين في الأمر والنهي وإن لم يستجب الجمهور إقامة للحجة الإلهية لله على خلقه

- ‌فصل- 12 - : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف من أخص أوصاف المنافقين

- ‌فصل- 13 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص أوصاف المؤمنين

- ‌فصل- 14 - : مراتب الجهاد في سبيل الله ثلاثة: جهاد الكفار وجهاد النفس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل- 15 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الهلاك في الدنيا فضلًا عن العذاب بالآخرة

- ‌فصل- 16 - : جمع آية في القرآن هي التي تأمر بالعدل والإحسان وتنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي

- ‌فصل -17 - : دليل وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه فرض عين في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -18 - : دليل كون المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الأمر بطاعة الله والنهي عن معصيته

- ‌فصل -19 - : دليل كون أعلى مراتب الجهاد امتثال أمر الله واجتناب نهيه

- ‌فصل -20 - : دليل كون المقصرين في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خسر

- ‌فصل -21 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفضل ما يعين المؤمن على تزكية نفسه ومعالجة ترقيها في الطاعات وتطهرها من الدنس

- ‌فصل -22 - : الأحاديث الواردة في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -23 - : ما ورد في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -24 - : وجوب تبليغ الشرع وأن ذلك يثمر نضارة الوجه

- ‌فصل -25 - : من ذب عن عرض مسلم وهو غائب وقاه الله النار يوم القيامة

- ‌فصل - 26 - : صلاح العباد في طاعة الله وطاعة الله لا تتم إلا بالاجتهاد في القيام بهذا الواجب

- ‌فصل - 27 - : أجمع العلماء على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتوافر خصوص الأمر به ولتوعد الشارع تاركه بأشد العقوبة

- ‌فصل - 28 - : تأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الحكام

- ‌فصل - 29 - : وجوب الإمعان في إنكار البدع المضلَّة حتى تخمد ثم يجب إنكار البدع المضلة، وإقامة الحجة على بطلانها

- ‌فصل - 30 - : قول العز بن عبد السلام: الواجبات والمندوبات ضربان:

- ‌فصل - 31 - : قول العز: من فعل واجبًا متعديًا أو مندوبًا متعديًا أو اجتنب محرمًا أو مكروهًا متعديان فقد قام بحق نفسه وحق ربه

- ‌فصل - 32 - : بيان آراء العلماء في: هل من شروط وجوب إنكار المنكر غلبية الظن في إزالته

- ‌فصل - 33 - : عدم سقوط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعزلة مادام قادرًا على الأمر والنهي

- ‌فصل - 34 - : من تيقن من وجود منكر بالسوق وكان قادرًا على تغييره لزمه الخروج لتغييره

- ‌فصل - 35 - : في إنكار المنكر أجر عظيم وفي عدم إنكاره الإثم الكبير

- ‌فصل -36 - : إذا تظاهر الناس بالمنكر وجب على كل من يراه أن يغيره في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -37 - : ثبوت عذاب القبر لمن ترك واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم قبول شفاعته

- ‌فصل -38 - : الأحاديث والآثار الواردة في ذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -39 - : تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عاص لوجوه أربعة

- ‌فصل- (40): إبطال زعم البعض أن السكوت عن المنكر مقام من مقامات الرضا بالقضاء:

- ‌فصل- (41): من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نزع هيبة الطاعة:

- ‌فصل- (42): توعد الله المذلين للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بإحباط عملهم في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل- (43): من أخص أوصاف المنافقين الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وأن من أمارات الساعة فساد المسلمين بإمرتهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف:

- ‌الباب الثاني: أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل- (1): شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (خمسة):

- ‌فصل - (2): أخص أوصاف المؤمنين الدالّة على صحة عقيدتهم:

- ‌فصل - (3): الركن الثاني للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [المأمور بالمعروف والمنهي عن المنكر]

- ‌فصل - (4): الإنكار على السلطان إذا عطل الحدود في حدود القدر المستطاع:

- ‌فصل - (5): دفع التعارض بين أمر خواض الأمة السلطان الجائر بالمعروف ونهيه عن المنكر وبين تحريم تعريض النفس للتهلكة:

- ‌فصل - (6): سقوط وجوب أمر خواص العلماء الحكام ونهيهم عند توقع ضر لا يطاق:

- ‌فصل - (7): تحريم فرار المسلمين من عدوهم إذا كانوا ضعفهم:

- ‌فصل - (8): جواز أمر خواص الأمة بالمعروف ونهيهم عن المنكر ولو تيقنوا القتل إذا تيقنوا رفع المنكر:

- ‌فصل - (9): إباحة أمر السلطان ونهيه خواص الأمة عندما لا يخافون إيذاءًا لغيرهم نتيجة لنهيهم:

- ‌فصل - (10): كيفية الإنكار على السلطان تكون بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف وذكر العاقبة في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل - (11): وجوب وعظ خواص الأمة السلطان سرًا أفضل منه جهرًا:

- ‌فصل - (12): وجوب نصح الولد للوالد بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف:

- ‌فصل - (13): وجوب نهي أهل الذمة من المنكر كزواج كتابي مسلمة أو عرضهم الخمر ولحم الخنزير للبيع بين المسلمين:

- ‌فصل - (14): الشروط الواجب توفرها في المنكّر حتى يجب النهي عنه:

- ‌فصل - (15): الشرط الثالث من شروط المنكر:

- ‌فصل - (16): أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبني على الظنون

- ‌فصل - (17): الشرط الرابع من شروط المنكر أن يكون معلومًا بغير اجتهاد

- ‌فصل - (18): وجوب التزام كل مقلد لمذهب بأحكام مذهبه وكراهة تقليده غيره إلاّ لضرورة

- ‌فصل - (19): ضروب الموجب للإنكار:

- ‌فصل - (20): الركن الرابع من أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل - (21): درجات النهي عن المنكر الدرجة الأولى: التعرف

- ‌فصل - (22): الدرجة الثانية: في الأمر النهي عن المنكر التعريف:

- ‌فصل - (23): الدرجة الثالثة للنهي عن المنكر النهي بالوعظ

- ‌فصل- (24): ما ينبغي على الآمر الناهي استخدامه في الوعظ من ذكر آيات وأحاديث وقصص:

- ‌فصل - (25): الدرجة الرابعة من درجات النهي عن المنكر:

- ‌فصل - (26): الدرجة الخامسة من درجات النهي عن المنكر التغيير باليد:

- ‌فصل - (27): وللمنكر كسر آلة اللهو وكسر وعاء الخمر:

- ‌فصل - (28): وجوب إنكار المنكر المستتر

- ‌فصل- (29): إختلاف الرواية عن أحمد في وجوب تحريق بيوت تجار الخمر:

- ‌فصل - (30): كراهة النظر إلى التصاوير وإباحة حكها من على الجدران:

- ‌فصل (31): لا ضمان في تحريق الكتب كالتي فيها الأحاديث المفتراة على رسول الله:

- ‌فصل - (32): في الدرجة الخامسة أدبان

- ‌فصل- (33): الدرجة السادسة من درجات النهي عن المنكر التهديد والتخويف:

- ‌فصل (34): الدرجة السابعة مباشرة الضرب باليد والرجل بلا شهر سلاح:

- ‌فصل - (35): الدرجة الثامنة للنهي عن المنكر الاستعانة بأعوان من أهل الخير لإزالة المنكر:

- ‌فصل- (36): وترتيب درجات النهي عن المنكر مقتبسة من إشارات بعض آيات التنزيل:

- ‌الباب الثالث: طبقات الناس من الآمرين والمأمورين والمتخلفين

- ‌فصل- (1) طبقات المنهيين:

- ‌فصل (2): أقسام التائبين الذين تأثروا بالموعظة:

- ‌فصل (3): المتقاعسون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (4): غربة الآمرين الناهين ين أهل الفساد:

- ‌فصل (5): ابتلاء الله الفقهاء ببعض العصاة لهم:

- ‌فصل (6): ذل المؤمن لغربته بين الفساق:

- ‌فصل (7): معاداة العصاة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر:

- ‌فصل (8): حسد الفساق للعلماء وتمنيهم إضلالهم:

- ‌(فصل): وجوب إيثار الآمر الناهي رضي رب العباد على رضى العباد:

- ‌الباب الرابع: بيان ما يستحب من الأفعال والأقوال والأحوال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل (1): الآمر بالمعروف والنهين عن المنكر القائم في حدوده بمنزلة الطبيب الذي يسقى الدواء الكريه الذي يرجو به الشفاء للمريض من دائه

- ‌فصل (2): يستجيب للآمر الناهي العلم والورع وحسن الخلق:

- ‌فصل (3): تأكد ورع الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بالإغراض عما في أيدي الناس

- ‌فصل (4): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بحسن الخلق:

- ‌فصل (4) [مكرر]: في ذم الغضب

- ‌فصل (5): فضيلة كظم الغيظ:

- ‌فصل (6): أساليب إذهاب الغضب:

- ‌فصل (7): استحباب الغضب عند انتهاك حرمات الله:

- ‌فصل (8): وجوب حذر الغاضب عند انتهاك حرمات الله من الشوائب الدنيوية

- ‌فصل (9): استحباب الحلم والعفو للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (10): أحاديث من مدح الرفق وذم تاركه:

- ‌فصل (11): تأكد استحباب الرفق للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (12): وجوب حذر الآمر الناهي من رفق المداهنة لبلوغ غرض دنيوي

- ‌فصل (13): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بالحلم والعفو

- ‌فصل (14): على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يقابل إساءة المأمورين بالإحسان

- ‌فصل (15): عفو الناهي عن المسيء يورثه عزًا

- ‌فصل (16)

- ‌فصل (17): استحباب الأناة والتثبت للآمر الناهي

- ‌فصل (18): ويستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر قصد نصح جميع الأمة

- ‌فصل (19): ومما يستحب للآمر بالمعروف أن يكون قصده رحمة الخلق والنفقة عليهم:

- ‌فصل (20): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ستر العورات والعيوب:

- ‌فصل (21): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون مغتمًا مما ظهر من معصية أخيه المسلم

- ‌فصل (22): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون غيورًا على إخوانه المسلمين أي غيورًا على دمائهم وأموالهم وأعراضهم

- ‌فصل (23): ومما يستحب (أو يجب) على كل مسلم أن يهجر المجاهرين بالمعاصي الفعلية والقولية والاعتقادية للإجتماع على وجوب ترك الأرض التي يجاهر فيها بالمعاصي

- ‌فصل (24): استحباب هجر المجاهر بالمعصية على جهة التأديب

- ‌فصل (25): استحباب هجر من ترك الفرائض من باب التغرير بترك السلام على تارك الصلاة وشارب الخمر

- ‌فصل (26): هجران أهل البدع والمتظاهرين بالمعاصي فرض كفاية

- ‌فصل (27): على الآمر الناهي أن يسلك مع العصاة والفساق مسالك بحسب مراتبهم في مخالفة أوامر الله

- ‌فصل (28): تباين درجات الهجر بحسب أحوال المهجورين فإن كان الهجر يضعف شرهم وجب الهجر كأسلوب للزجر وإن كان يزيد من شرهم وجبت مخالطتهم وتغريرهم

- ‌فصل (29): تباين درجات الهجر بحسب درجات اعتقاد وسلوك الجماهير:

- ‌فصل (30): الهجر أسلوب شرعي للزجر لتكون كلمة الله هي العليا

- ‌فصل (31): لا فرق بين وجوب هجر ذي الرحم والأجنبي إذا كان الهجر لتعدي حق الله:

- ‌فصل (32): عدم جواز الهجر المسلم للتهمة مداومة للصفاء والمحبة

- ‌فصل

- ‌فصل (33): هجر المسلم العدل في اعتقاده وأفعاله كبيرة:

- ‌فصل (34): قال ابن مفلح رحمه الله ولا هجرة مع السلام

- ‌فصل (35): استحباب التقرب إلى الله بحب أهل الطاعة وبغض أهل المعصية:

- ‌فصل (36): استحبالب تواضع الآمر الناهي في أمره ونهييه بلا افتخار أو تعاظم

- ‌فصل (37): استحباب استعانة الآمر الناهي بالله والاعتصام به وخاصة عند عجزه عن مجاهدة نفسه وعن القيام بحقوق الله

- ‌فصل (38): استحباب طلب الآمر الناهي إعانة الله

- ‌فصل (39): استحباب تحلي الآمر الناهي بالصبر والاحتمال:

- ‌فصل (40): صبر النبي على أذى قريش عشرين عامًا وعفوه عنهم بعد أن أظفره الله بهم

- ‌فصل (41): يبتلي المرء على قدر دينه والمرء يبتلي على قدر دينه وقوة يقينه

- ‌فصل (42): إذا تحقق المصاب من أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه والمصاب إذا علم وتحقق أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه

- ‌فصل (43): وعد الله المؤمنين الذين يعملون الصالحات باستخلافهم في الأرض وتمكين دينهم لهم:

- ‌فصل (44): من أخص آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (45): وجوب تحمل الآمر الناهي الصبر المترتب على أمره ونهيه:

- ‌فصل (46): قال العلامة ابن القيم: وللعبد فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه احد عشر مشهدًا

- ‌فصل (47): وقوع المحن على قدر قوى الآمرين الناهين ومراتبهم:

الفصل: ‌فصل (10): أحاديث من مدح الرفق وذم تاركه:

وقد روي عن عمر- رضي الله (عنه) أنه (كان) يخرج يعس المدينة بالليل فرأي نارًا موقدة في حي فوقف. قال: يا أهل الضوء، وكره أن يقول يا أهل النار.

وسأل رجلًا عن شيء هل كان؟ قال: لا أطال الله بقاءك. فقال: قد علمتهم فلم يتعلموا: هل لا وأطال الله بقاءك.

وكان بعض القضاة جلس أعمي وكان إذا أراد أن ينهض يقول: يا غلام اذهب مع أبي محمد. يقول خذ بيده. قال: والله ما أخل بها مرة واحدة. وسأل بعض الخلفاء ولده وفي يده عود أراك. ما جمع هذا؟ قال: محاسنك بي يا أمير المؤمنين.

‌فصل (10): أحاديث من مدح الرفق وذم تاركه:

وقد جاء في مدح الرفق وذم تاركه في غير ما حديث، وما أحسن ما بوب عليه الإمام أبو عبد الله البخاري- في صحيحه- فقال: باب الرفق في الأمر كله. حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رهط من اليهود علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم. قالت عائشة: ففهمتها فقلت عليكم السام واللعنة. فقالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مهلًا يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر كله) فقلت: يا رسول الله أولم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد قلت وعليكم).

وفي رواية نحوه.

وفي أخري. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قد قلت: عليكم). ولم يذكر الواو. هذا لفظ الصحيحين، ومسند أحمد، والترمذي.

وفي رواية البخاري: "أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم فقال: وعليكم. فقالت عائشة: السام عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عائشة عليك بالرفق وإياك والفحش). فقالت أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: أو (لم) تسمعي ما قلت؟

ص: 355

رددت عليهم، فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم فيَّ".

وفي رواية أحمد كذلك.

ولمسلم، قالت: أتي النبي صلى الله عليه وسلم ناس من اليهود فقالوا: السام عليكم يا أبا القاسم قال: (وعليكم) قالت عائشة- رضي الله عنها وعليكم السام والذام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عائشة لا تكوني فاحشة) فقالت: ما سمعت ما قالوا؟ قال: (أوليس قد رددت عليهم الذي قالوا؟ قلت: وعليكم).

وفي رواية أخري بنحوه، وفيه: قال: ففطنت بهم عائشة فسبتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مه يا عائشة، فإن الله لا يحب الفحش والتفحش). وزاد: فأنزل الله- عز وجل: {وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله

}.

ولأحمد، قالت: بينما أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ استأذن رجل من اليهود فأذن له. فقال: السام عليك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وعليك). قالت فهممت أن أتكلم. قالت: ثم دخل الثاني: فقال مثل ذلك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم وعليك قالت: ثم دخل الثالث: فقال: السام عليك: قالت: قلت: بل السام عليكم وغضب الله إخوان القردة والخنازير، "أتحيون الله صلى الله عليه وسلم بما لم يحيه به الله؟ ! قالت: فنظر إليَّ. فقال: (مه، إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش)، فقالوا قولًا فرددناه عليهم .. الحديث.

وروي الترمذي الرواية الأولي. وقال حديث حسن صحيح، قوله:(والذام) بتشديد الذال المعجمة وتخفيف الميم- والذم. والله أعلم.

ثم قال أبو عبد الله البخاري: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال: حدثنا حماد بن زيد. قال: حدثنا ثابت، عن أنس- رضي الله عنه أن أعرابيًا بال المسجد، فقاموا إليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا تزرموه، ثم دعا بدلو من ماء فصب عليه). وفي رواية فقام الناس إليه ليقعوا فيه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوه وأريقوا علي بوله سجلًا من ماء أو ذنوبًا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين).

ص: 356

ورواه مسلم وغيره.

قوله: (لا تزرموه) بضم التاء وإسكان الزاي بعدها راء- أي لا تقطعوا عليه بوله و (الإزرام) القطع. والسجل- بفتح السين المهملة وسكون الجيم- وهي الدلو الممتلئة بالماء.

والذنوب- الدلو. والله أعلم.

فالحديث دال علي استحباب الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعسف ولا إيذاء، إذا لم يأت بالمخالفة استخفافًا ولا عنادًا. وعلي دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما من قوله صلى الله عليه وسلم:(دعوه) وكان قوله صلى الله عليه وسلم دعوة لمصلحتين.

إحداهما: لو قطع عليه بوله تضرر، وأصل التنجيس قد حصل، فكان احتمال زيادته أولي من إيقاع الضرر به.

الثانية: أن التنجيس قد حصل في جزء يسير من المسجد فلو أقاموه في أثناء بوله لتنجست ثيابه وبدنه ومواضع كثيرة في المسجد.

فكذلك ينبغي للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يستعمل في جميع أموره مراعاة المصالح من الرفق وغيره.

وفي صحيح مسلم وسنن أبي داود من حديث عائشة- رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع في شيء إلا شانه).

وفي رواية. قال: ركبت عائشة- رشي الله عنها- بعيرًا وكان فيه صعوبة فجعلت تردده. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليك بالرفق) وذكر مثله وفي رواية أخري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالي رفيق يحب الرفق ويعطي علي الرفق ما لا يعطي علي العنف وما لا يعطي علي سواه) هذه رواية مسلم.

ولأحمد، ولأبي داود، عن المقدام بن شريح، عن أبيه. قال: سألت عائشة- رضي

ص: 357

الله عنها- عن البداوة. فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدو إلي هذه التلاع، وأنه أراد البداوة مرة، فأرسل إلي ناقة محرمة من إبل الصدقة. فقال لي: يا عائشة، ارفقي، فإن الرفق لم يكن شيء قط إلا زانه ولا نزع من شيء قط إلا شانه).

وفي رواية ذكرها رزين بعد قوله: محرمة، وهي التي لك تركب فلعنتها. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله، فعليك بالرفق).

ولأحمد- أيضًا- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (من أعطي حظه من الرفق، فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار).

ولان ماجه: إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله".

قال العلماء: الشين ضد الزين وهو العيب.

ورفق الله: تودده إلي عباده، ودعاؤه إياهم.

والعنف بضم العين وإسكان النون هو ضد الرفق ومعني يعطي علي الرفق أي يثيب عليه- ما لا يثيب علي غيره.

وقيل: يتأتي به من الأغراض وتسهيل به من المطالب ما لا يتأتي بغيره.

والبداوة: الخروج إلي البادية. فيها لغتان: فتح الباء وكسرها.

والتلاع جمع تلعة، وهي مجري بأعلى الأرض في بطون الأدوية. وقيل: ما ارتفع من الأرض وما انخفض منها.

والناقة المحرمة: التي لم ترض ولم تذلل بالركوب- كما سبق في رواية رزين قريبًا-.

وروي الحديث ابن أبي الدنيا. ولفظه: (ما كان الفحش في شيء إلا شانه). قال العلماء: الفحش التعبير عن الأمور القبيحة بعبارة صريحة. والله أعلم.

ص: 358

وأنشدوا:

فإن الرفق قيل يمن

وأن الخرق في الأشياء شؤم

ولبعضهم:

الرفق يمن والأناة سلامة

فاستأن في رفق تلاق نجاحا

وفي صحيح مسلم، وسنن أبي داود، وابن ماجه حديث جرير بن عبد الله مرفوعًا:"من يحرم الخير وزاد مسلم كله".

وفي مسند أحمد وسنن أبي داود من حديث عبد الله بن مغفل مرفوعًا: "إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي علي الرفق ما لا يعطي علي العنف".

ومعني الحديث: أن استعمال اللطف يثمر ما لا يثمر العنف غالبًا وأنشدوا:

ينال بالرفق ما يغني الرجال به

كالموت مستعجلًا يأتي علي مهل

وفي مسند أحمد، وجامع الترمذي من حديث أبي الدرداء مرفوعًا:"من أعطي حظه من الرفق أعطي حظه من الرفق أعطي حظه من الخير".

قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وروي أحمد- أيضًا- نحوه من حديث عائشة. ولفظه:

"فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة".

وفي صحيح مسلم- أيضًا- وغيره من حديث عياض بن حماد المجاشعي مرفوعًا: "

أهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط، ورجل رحيم رقيق القلب بكل ذي قربي ومسلم، ورجل غني عفيف متصدق

" الحديث

ص: 359

قوله: (ذو سلطان مقسط) وما بعده مرفوع علي أنها صفات له، وهي بمعني صاحب.

وانشدوا:

رأيت الرفق أعلي في السمو

ولم أر كالتواضع في العلو

وفي صحيح مسلم، ومسند أحمد من حديث عائشة مرفوعًا:

(الهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم، فاشقق عليه. ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم، فارفق به).

وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله تعالي).

وفي الصحيحين -أيضًا- ومسند أحمد، وسنن أبي داود، والنسائي من حديث أبي موسي الأشعري- رشي الله عنه- قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذًا إلي اليمين- فقال: (ادعوا الناس وبشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا، وتطاوعا ولا تختلفا).

وفيهما -أيضًا- من حديث أنس بن مالك مرفوعًا: يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا.

وفي سنن أبي داود من حديث أبي موسي الأشعري- رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحدًا من أصحابه في بعض أمره قال: (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا).

وروي الإمام أحمد من حديث ابن عباس مرفوعًا: "علموا ويسروا ولا تعسروا".

ص: 360

وروى البزار من حديث أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب: (إن الله أمرني أن أعلمك ولا أجفوك، وأن أدنيك ولا أقضيك فحق علي أن أعلمك، وحق عليك أن تعي).

قال العلماء: في هذا الحديث الأمر بالتيسير وهو ضد التعسير، ثم بالتبشير أي الإخبار بالخير، نقيض الإنذار وهو الإخبار بالشر، وذلك بفضل الله ورحمته وجزيل عطائه، رفقًا بعباده، والنهي عن التغير بذكر التخويف.

وهذا الحديث من جوامع الكلم، لاشتماله علي خير الدنيا والآخرة، لأن الدنيا دار الأعمال والآخرة دار الجزاء، فأمر صلى الله عليه وسلم بالتسهيل فيما يتعلق بالآخرة تخفيفًا لكونه رحمة للعالمين في الدارين. وفي تأليف من قرب إسلامه وترك التشديد عليهم. وكذلك من تاب من أهل المعاصي يتلطف بهم كلهم ويدرجون في أنواع الطاعة قليلًا قليلًا. وقد كانت أمور الإسلام في التكليف علي التدريج فمتى يسر علي الدخل في الطاعة الدخول فيها سهلت عليه (وكانت عاقبته- غالبًا- التزايد فيها، ومتى عسرت عليه أوشك أن لا يدخل فيها، وإن أوشك أن لا يدوم أو لا يستحليها. وفيه أمر الولاة بالرفق. كما ذكر النووي وغيره.

وفي جامع الترمذي، وصحيح ابن حبان من حديث عبد الله بن مسعود مرفوعًا:"ألا أخبركم بمن يحرم علي النار، أو بمن تحرم عليه النار؟ علي قريب هين لين سهل" قال الترمذي: حديث حسن.

وفي رواية لابن حيان: "إنما تحرم النار علي كل هين لين قريب سهل".

وروي الخرائطي- في مكارم الأخلاق- من حديث جرير مرفوعًا: "الرفق رأس الحكمة".

ص: 361