المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل - (4): الإنكار على السلطان إذا عطل الحدود في حدود القدر المستطاع: - الكنز الأكبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ابن داود الحنبلي

[ابن داود الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول: في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان فرضيتهما

- ‌فصل- 1 - : حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 2 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 3 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفعال الصالحين وخلال المتقين

- ‌فصل- 4 - : دليل كون الأمر بالمعروف من أخص الأعمال الصالحة المتقبلة عند الله تعالى

- ‌فصل- 5 - : تحذير المحتسب (الآمر الناهي) والحاكم من التأثر ببغضه للبعض عند الحكم تفاديًا للظلم

- ‌فصل- 6 - : التحذير من الارتداد عن الدين

- ‌فصل- 7 - : التحذير من التفريط في الإنكار على فاعل المنكر

- ‌فصل- 8 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللعن وهو الطرد من رحمة الله

- ‌فصل- 9 - : دليل كون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من شرائع الإيمان أي من شروط تمامه

- ‌فصل- 11 - : وجوب اجتهاد الآمرين الناهين في الأمر والنهي وإن لم يستجب الجمهور إقامة للحجة الإلهية لله على خلقه

- ‌فصل- 12 - : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف من أخص أوصاف المنافقين

- ‌فصل- 13 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص أوصاف المؤمنين

- ‌فصل- 14 - : مراتب الجهاد في سبيل الله ثلاثة: جهاد الكفار وجهاد النفس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل- 15 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الهلاك في الدنيا فضلًا عن العذاب بالآخرة

- ‌فصل- 16 - : جمع آية في القرآن هي التي تأمر بالعدل والإحسان وتنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي

- ‌فصل -17 - : دليل وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه فرض عين في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -18 - : دليل كون المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الأمر بطاعة الله والنهي عن معصيته

- ‌فصل -19 - : دليل كون أعلى مراتب الجهاد امتثال أمر الله واجتناب نهيه

- ‌فصل -20 - : دليل كون المقصرين في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خسر

- ‌فصل -21 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفضل ما يعين المؤمن على تزكية نفسه ومعالجة ترقيها في الطاعات وتطهرها من الدنس

- ‌فصل -22 - : الأحاديث الواردة في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -23 - : ما ورد في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -24 - : وجوب تبليغ الشرع وأن ذلك يثمر نضارة الوجه

- ‌فصل -25 - : من ذب عن عرض مسلم وهو غائب وقاه الله النار يوم القيامة

- ‌فصل - 26 - : صلاح العباد في طاعة الله وطاعة الله لا تتم إلا بالاجتهاد في القيام بهذا الواجب

- ‌فصل - 27 - : أجمع العلماء على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتوافر خصوص الأمر به ولتوعد الشارع تاركه بأشد العقوبة

- ‌فصل - 28 - : تأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الحكام

- ‌فصل - 29 - : وجوب الإمعان في إنكار البدع المضلَّة حتى تخمد ثم يجب إنكار البدع المضلة، وإقامة الحجة على بطلانها

- ‌فصل - 30 - : قول العز بن عبد السلام: الواجبات والمندوبات ضربان:

- ‌فصل - 31 - : قول العز: من فعل واجبًا متعديًا أو مندوبًا متعديًا أو اجتنب محرمًا أو مكروهًا متعديان فقد قام بحق نفسه وحق ربه

- ‌فصل - 32 - : بيان آراء العلماء في: هل من شروط وجوب إنكار المنكر غلبية الظن في إزالته

- ‌فصل - 33 - : عدم سقوط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعزلة مادام قادرًا على الأمر والنهي

- ‌فصل - 34 - : من تيقن من وجود منكر بالسوق وكان قادرًا على تغييره لزمه الخروج لتغييره

- ‌فصل - 35 - : في إنكار المنكر أجر عظيم وفي عدم إنكاره الإثم الكبير

- ‌فصل -36 - : إذا تظاهر الناس بالمنكر وجب على كل من يراه أن يغيره في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -37 - : ثبوت عذاب القبر لمن ترك واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم قبول شفاعته

- ‌فصل -38 - : الأحاديث والآثار الواردة في ذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -39 - : تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عاص لوجوه أربعة

- ‌فصل- (40): إبطال زعم البعض أن السكوت عن المنكر مقام من مقامات الرضا بالقضاء:

- ‌فصل- (41): من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نزع هيبة الطاعة:

- ‌فصل- (42): توعد الله المذلين للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بإحباط عملهم في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل- (43): من أخص أوصاف المنافقين الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وأن من أمارات الساعة فساد المسلمين بإمرتهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف:

- ‌الباب الثاني: أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل- (1): شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (خمسة):

- ‌فصل - (2): أخص أوصاف المؤمنين الدالّة على صحة عقيدتهم:

- ‌فصل - (3): الركن الثاني للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [المأمور بالمعروف والمنهي عن المنكر]

- ‌فصل - (4): الإنكار على السلطان إذا عطل الحدود في حدود القدر المستطاع:

- ‌فصل - (5): دفع التعارض بين أمر خواض الأمة السلطان الجائر بالمعروف ونهيه عن المنكر وبين تحريم تعريض النفس للتهلكة:

- ‌فصل - (6): سقوط وجوب أمر خواص العلماء الحكام ونهيهم عند توقع ضر لا يطاق:

- ‌فصل - (7): تحريم فرار المسلمين من عدوهم إذا كانوا ضعفهم:

- ‌فصل - (8): جواز أمر خواص الأمة بالمعروف ونهيهم عن المنكر ولو تيقنوا القتل إذا تيقنوا رفع المنكر:

- ‌فصل - (9): إباحة أمر السلطان ونهيه خواص الأمة عندما لا يخافون إيذاءًا لغيرهم نتيجة لنهيهم:

- ‌فصل - (10): كيفية الإنكار على السلطان تكون بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف وذكر العاقبة في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل - (11): وجوب وعظ خواص الأمة السلطان سرًا أفضل منه جهرًا:

- ‌فصل - (12): وجوب نصح الولد للوالد بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف:

- ‌فصل - (13): وجوب نهي أهل الذمة من المنكر كزواج كتابي مسلمة أو عرضهم الخمر ولحم الخنزير للبيع بين المسلمين:

- ‌فصل - (14): الشروط الواجب توفرها في المنكّر حتى يجب النهي عنه:

- ‌فصل - (15): الشرط الثالث من شروط المنكر:

- ‌فصل - (16): أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبني على الظنون

- ‌فصل - (17): الشرط الرابع من شروط المنكر أن يكون معلومًا بغير اجتهاد

- ‌فصل - (18): وجوب التزام كل مقلد لمذهب بأحكام مذهبه وكراهة تقليده غيره إلاّ لضرورة

- ‌فصل - (19): ضروب الموجب للإنكار:

- ‌فصل - (20): الركن الرابع من أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل - (21): درجات النهي عن المنكر الدرجة الأولى: التعرف

- ‌فصل - (22): الدرجة الثانية: في الأمر النهي عن المنكر التعريف:

- ‌فصل - (23): الدرجة الثالثة للنهي عن المنكر النهي بالوعظ

- ‌فصل- (24): ما ينبغي على الآمر الناهي استخدامه في الوعظ من ذكر آيات وأحاديث وقصص:

- ‌فصل - (25): الدرجة الرابعة من درجات النهي عن المنكر:

- ‌فصل - (26): الدرجة الخامسة من درجات النهي عن المنكر التغيير باليد:

- ‌فصل - (27): وللمنكر كسر آلة اللهو وكسر وعاء الخمر:

- ‌فصل - (28): وجوب إنكار المنكر المستتر

- ‌فصل- (29): إختلاف الرواية عن أحمد في وجوب تحريق بيوت تجار الخمر:

- ‌فصل - (30): كراهة النظر إلى التصاوير وإباحة حكها من على الجدران:

- ‌فصل (31): لا ضمان في تحريق الكتب كالتي فيها الأحاديث المفتراة على رسول الله:

- ‌فصل - (32): في الدرجة الخامسة أدبان

- ‌فصل- (33): الدرجة السادسة من درجات النهي عن المنكر التهديد والتخويف:

- ‌فصل (34): الدرجة السابعة مباشرة الضرب باليد والرجل بلا شهر سلاح:

- ‌فصل - (35): الدرجة الثامنة للنهي عن المنكر الاستعانة بأعوان من أهل الخير لإزالة المنكر:

- ‌فصل- (36): وترتيب درجات النهي عن المنكر مقتبسة من إشارات بعض آيات التنزيل:

- ‌الباب الثالث: طبقات الناس من الآمرين والمأمورين والمتخلفين

- ‌فصل- (1) طبقات المنهيين:

- ‌فصل (2): أقسام التائبين الذين تأثروا بالموعظة:

- ‌فصل (3): المتقاعسون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (4): غربة الآمرين الناهين ين أهل الفساد:

- ‌فصل (5): ابتلاء الله الفقهاء ببعض العصاة لهم:

- ‌فصل (6): ذل المؤمن لغربته بين الفساق:

- ‌فصل (7): معاداة العصاة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر:

- ‌فصل (8): حسد الفساق للعلماء وتمنيهم إضلالهم:

- ‌(فصل): وجوب إيثار الآمر الناهي رضي رب العباد على رضى العباد:

- ‌الباب الرابع: بيان ما يستحب من الأفعال والأقوال والأحوال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل (1): الآمر بالمعروف والنهين عن المنكر القائم في حدوده بمنزلة الطبيب الذي يسقى الدواء الكريه الذي يرجو به الشفاء للمريض من دائه

- ‌فصل (2): يستجيب للآمر الناهي العلم والورع وحسن الخلق:

- ‌فصل (3): تأكد ورع الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بالإغراض عما في أيدي الناس

- ‌فصل (4): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بحسن الخلق:

- ‌فصل (4) [مكرر]: في ذم الغضب

- ‌فصل (5): فضيلة كظم الغيظ:

- ‌فصل (6): أساليب إذهاب الغضب:

- ‌فصل (7): استحباب الغضب عند انتهاك حرمات الله:

- ‌فصل (8): وجوب حذر الغاضب عند انتهاك حرمات الله من الشوائب الدنيوية

- ‌فصل (9): استحباب الحلم والعفو للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (10): أحاديث من مدح الرفق وذم تاركه:

- ‌فصل (11): تأكد استحباب الرفق للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (12): وجوب حذر الآمر الناهي من رفق المداهنة لبلوغ غرض دنيوي

- ‌فصل (13): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بالحلم والعفو

- ‌فصل (14): على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يقابل إساءة المأمورين بالإحسان

- ‌فصل (15): عفو الناهي عن المسيء يورثه عزًا

- ‌فصل (16)

- ‌فصل (17): استحباب الأناة والتثبت للآمر الناهي

- ‌فصل (18): ويستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر قصد نصح جميع الأمة

- ‌فصل (19): ومما يستحب للآمر بالمعروف أن يكون قصده رحمة الخلق والنفقة عليهم:

- ‌فصل (20): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ستر العورات والعيوب:

- ‌فصل (21): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون مغتمًا مما ظهر من معصية أخيه المسلم

- ‌فصل (22): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون غيورًا على إخوانه المسلمين أي غيورًا على دمائهم وأموالهم وأعراضهم

- ‌فصل (23): ومما يستحب (أو يجب) على كل مسلم أن يهجر المجاهرين بالمعاصي الفعلية والقولية والاعتقادية للإجتماع على وجوب ترك الأرض التي يجاهر فيها بالمعاصي

- ‌فصل (24): استحباب هجر المجاهر بالمعصية على جهة التأديب

- ‌فصل (25): استحباب هجر من ترك الفرائض من باب التغرير بترك السلام على تارك الصلاة وشارب الخمر

- ‌فصل (26): هجران أهل البدع والمتظاهرين بالمعاصي فرض كفاية

- ‌فصل (27): على الآمر الناهي أن يسلك مع العصاة والفساق مسالك بحسب مراتبهم في مخالفة أوامر الله

- ‌فصل (28): تباين درجات الهجر بحسب أحوال المهجورين فإن كان الهجر يضعف شرهم وجب الهجر كأسلوب للزجر وإن كان يزيد من شرهم وجبت مخالطتهم وتغريرهم

- ‌فصل (29): تباين درجات الهجر بحسب درجات اعتقاد وسلوك الجماهير:

- ‌فصل (30): الهجر أسلوب شرعي للزجر لتكون كلمة الله هي العليا

- ‌فصل (31): لا فرق بين وجوب هجر ذي الرحم والأجنبي إذا كان الهجر لتعدي حق الله:

- ‌فصل (32): عدم جواز الهجر المسلم للتهمة مداومة للصفاء والمحبة

- ‌فصل

- ‌فصل (33): هجر المسلم العدل في اعتقاده وأفعاله كبيرة:

- ‌فصل (34): قال ابن مفلح رحمه الله ولا هجرة مع السلام

- ‌فصل (35): استحباب التقرب إلى الله بحب أهل الطاعة وبغض أهل المعصية:

- ‌فصل (36): استحبالب تواضع الآمر الناهي في أمره ونهييه بلا افتخار أو تعاظم

- ‌فصل (37): استحباب استعانة الآمر الناهي بالله والاعتصام به وخاصة عند عجزه عن مجاهدة نفسه وعن القيام بحقوق الله

- ‌فصل (38): استحباب طلب الآمر الناهي إعانة الله

- ‌فصل (39): استحباب تحلي الآمر الناهي بالصبر والاحتمال:

- ‌فصل (40): صبر النبي على أذى قريش عشرين عامًا وعفوه عنهم بعد أن أظفره الله بهم

- ‌فصل (41): يبتلي المرء على قدر دينه والمرء يبتلي على قدر دينه وقوة يقينه

- ‌فصل (42): إذا تحقق المصاب من أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه والمصاب إذا علم وتحقق أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه

- ‌فصل (43): وعد الله المؤمنين الذين يعملون الصالحات باستخلافهم في الأرض وتمكين دينهم لهم:

- ‌فصل (44): من أخص آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (45): وجوب تحمل الآمر الناهي الصبر المترتب على أمره ونهيه:

- ‌فصل (46): قال العلامة ابن القيم: وللعبد فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه احد عشر مشهدًا

- ‌فصل (47): وقوع المحن على قدر قوى الآمرين الناهين ومراتبهم:

الفصل: ‌فصل - (4): الإنكار على السلطان إذا عطل الحدود في حدود القدر المستطاع:

الريبة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما).

ثم ذكر رواية محمد بن يحيي الثانية. وانتهى كلامه).

وقال القاضي - في الأحكام السلطانية - فيما يتعلق بالمحتسب: وإذا رأى وقوف رجل مع امرأة في طريق سالك ولم تظهر منهما أمارات الريب لم يعترض عليهما بزجر ولا إنكار.

وإن كان الوقوف في طريق خال فخلو المكان ريبة فينكرها ولا يعجل في التأديب عليهما حذرًا من أن تكون ذات محرم.

وليقل: إن كانت محرم فصنها عن مواقف الريب، وإن كانت أجنبية فاحذر من خلوة تؤديك إلى معصية الله - تعالى -، وليكن زجره بحسب الأمارات.

(وإن كانت شواهد حاله وفحوى كلامه ينطقان بفجوره وريبته) وإذا رأى المحتسب من هذه الأمارات ما ينكرها تأني وتفحص وراعى شواهد الحال ولم يعجل بالإنكار قبل الاستخبار. انتهى والله - سبحانه - أعلم.

‌فصل - (4): الإنكار على السلطان إذا عطل الحدود في حدود القدر المستطاع:

ومما يتعلق بهذا الركن الإنكار على السلطان ونحوه إذا غصب. أو عطل الحدود، أو استأثر بالفيء والأعشار وغير ذلك من حقوق المسلمين، أو فعل شيئًا لا تسوغه الشريعة المطهرة فهذه وظيفة الأقوياء الذين فقهوا عن ربهم سبحانه وتعالى أنه لا مالك معه، ولا يحدث في ملكه ما لم يقدره.

والعلماء مجمعون على أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر إذا كان عادلاً، ومختلفون فيه إذا كان جائرًا: فقالت فرقة: نأمره وإن كان جائرًا، فإنا نقول بالحق ونقوم بالأمر والنهي، وناصيته بيد الله عز وجل.

ص: 189

قال القاضي أبو الحسين بن أبي يعلى: واختلفت الرواية عن "أحمد" هل يحسن الإنكار ويكون أفضل من تركه؟ على روايتين.

قال الله تعالى موبخًا بني إسرائيل لما تركوا أمر الملوك ونهيهم: } أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم {وقال تعالى: } واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور {.

وفي الصحيحين، ومسند الإمام أحمد، والموطأ، وسنن النسائي، وابن ماجه من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثره علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول الحق أينما كنا، ولا نخاف في الله لومة لائم؟ ؟ وقد سبق هذا الحديث بأطول منه، والكلام على بعض معناه في الباب الأول. والله أعلم.

ثم يستدل لذلك بما روى الإمام أحمد، والنسائي، والبيهقي - بإسناد صحيح - عن أبي عبد الله طارق بن شهاب رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقد وضع رجله في الغرز - أي الجهاد أفضل؟ قال:"كلمة حق عند سلطان جائر"]-[الغزز بفتح الغين وإسكان الراء ركاب كور الجمل إذا كان من جلد. فإن كان حديد أو خشب فهو ركاب]- وروى الحديث أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) وللترمذي - أيضًا - قال - أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر.

وقال: حديث حسن غريب.

ص: 190

وروى الإمام أحمد، والبيهقي نحوه من حديث أبي أمامه الباهلي: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يرمي جمرة العقبة فقال له: أي الجهاد أحب إلى الله عز وجل؟

قال: فسكت عنه حتى رمى الجمرة. فقال: يا رسول الله، أي الجهاد أحب إلى الله عز وجل؟ فسكت عنه حتى إذا رمى الجمرة الثانية عرض له. فقال: يا رسول الله، أي الجهاد أحب إلى الله عز وجل؟ فسكت عنه ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا اعترض في الجمرة الثالثة عرض له فقال: يا رسول الله، أي الجهاد أحب إلى الله عز وجل؟ قال:"كلمة حق (تقال لإمام) جائر".

ورواه ابن ماجه ولفظه قال: عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل عند الجمرة الأولى. فقال: يا رسول الله أي الجهاد أفضل؟ فسكت عنه. فلما رمى الثانية سأله. فسكت عنه. فلما رمى جمرة العقبة، وضع رجله في الغرز ليركب. قال:(أين السائل؟ قال: أنا يا رسول الله! قال: "كلمة حق عند ذي سلطان جائر").

قال بعض العلماء: إنما صارت كلمة الحق عند الإمام الجائر من أمرك له بالمعروف، ونهيك عن المنكر أفضل من جهاد الكفار، لأن مجاهدة الكفار لإعلاء كلمة الحق، ونصرة دين الله فيقاومهم مع المماثلة في العدد والعدد، ومساعدة المجاهدين لك والمدد، وتأميل الغلبة عليهم ولم يتيقن تسلطهم عليهم وقهرهم، وهذا الجهاد أيسر وأهون من جهادك الأمير الجائر في أمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر. ورده عن جوره. مع وحدتك وقلة عددك وعدم مساعدتك ورؤيتك تسلطه عليك وغلبته واستشعارك فتكه بك وسطوته، فمحنتك أبلغ وأتم، وجهادك أصعب وأعظم، فكان أفضل من كل جهاد وأبلغ، لأن خوف سطوته ورجاء بره وصلته يمنعان النفس عن إظهار كلمة الحق له فيعظم جهادها. انتهى.

وروى أبو بكر البزار بسنده - عن أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي الشهداء أكرم على الله؟ قال: رجل قام إلى - وال - جائر فأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر فقتله.

وروى الإمام أحمد - في الزهد - بسنده عن ميمون بن مهران - رحمة الله عليه - قال ما

ص: 191

من صدقة أفضل من كلمة حق عند إمام جائز.

ثم استدل لذلك بما روى أبو عبد الله الحاكم وغيره من حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام فأمره ونهاه في ذات الله فقتله على ذلك قال الحاكم: صحيح الإسناد.

وقد سند في الباب الأول من رواية الإمام أحمد، والبيهقي، وابن أبي الدنيا من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له: إنك ظالم فقد تودع منهم".

قوله (تودع منهم) أي تودع الخير منهم.

ثم يستدل لذلك بما روى أحمد، والترمذي، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعن أحدكم هيبة أن يقول في حق إذا رآه أو شهده أو سمعه قال: وقال أبو سعيد: وددت أني لم أسمعه هذا لفظ أحمد.

وللترمذي قال -: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيبًا فكان فيما قال: "ألا لا يمنعن أحدكم هيبة أن يقول (الحق) إذا علمه". قال: فبكى أبو سعيد، وقال:"والله قد رأينا شيئًا فهبنا".

ورواه ابن أبي الدنيا ولفظه: "لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بحق إذا علمه".

وفي رواية: إذا علمه أو رآه أو سمعه.

قال أبو سعيد: "فما زال البلاء بنا حتى قصرنا".

ورواه - أيضًا - من طريق ابن ماجه وزاد (إنا لنبلغ في السر) ولفظه: "لا يمنعن أحدكم أن يقول في الحق إذا رآه أو علمه".

ص: 192

قال: وقال أبو سعيد: (حملني هذا الحديث أني ركبت إلى معاوية فوعظته ثم أقبلت).

وروى البيهقي في الشعب - أيضًا - وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب بسنديهما، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا ينبغي لامرئ أن يقوم مقامًا في مقال حق إلاّ تكلم به فإنه لن يقدم (أجله) ولن يحرمه رزقًا هوله"

ثم يستدل بما روى الإمام أحمد وابن ماجه من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحقرن أحدكم نفسه) أن يرى أمرًا لله عز وجل فيه مقال أن يقوله فيقول الله عز وجل ما منعك أن تقول فيه؟ فيقول: يا رب خشيت الناس. فيقول: أنا أحق أن تخشى" هذا لفظ أحمد ولابن ماجه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحقرن أحدكم نفسه) قالوا: يا رسول الله كيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: "يرى أمرًا لله عليه فيه مقال ثم لا يقول. فيقول الله له يوم القيامة: ما منعك أن تقول في كذا وكذا؟ فيقول: خشيت الناس. فيقول: فإياي كنت أحق أن تخشى" ورواه أبو بكر البيهقي ولفظه: "لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمرًا لله عليه فيه مقال فلا يقول به فيلقى الله عز وجل وقد أضاع ذلك فيقول: ما منعك؟ فيقول: خشية (الناس) فيقول: فإني كنت أحق أن تخشى". ورواه أبو القاسم الأصبهاني - في الترغيب والترهيب.

ولفظه: "لا يحقرن أحدكم يعني نفسه، يرى أمرًا لله فيه مقال أن يقول فيه فيبعثه الله عز وجل يوم القيامة فيقول: ما منعك إذ رأيت كذا وكذا ألا تقول؟ فيقول: أي رب خفت. فيقول سبحانه - إياي كنت أحق أن تخاف".

ورواه ابن أبي الدنيا من حديث أبي سعيد الأنصاري وزاد - بعد قوله - "إن الله ليسأل العبد يوم القيامة".

ص: 193

قال البيهقي: هذا فيمن يتركه خشية ملامة الناس وهو قادر على القيام به.

ففي هذه الأحاديث الحض على الشجاعة والإقدام على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يعلم الإنسان يقينًا أن الأمر والنهي لن يقدما أجلاً أخره الله ولن يمنعا رزقًا قدره الله، فلا يلتفت لما يلقيه الشيطان من تخذيله وقوله: لا تتعرض لفلان يضرك أو يقتلك أو يحرمك رزقك، فإن الضر وإن قل والنفع وإن جل مقدران لا يؤيدان (فتيلاً) ولا ينقصان نقيرًا.

وفي صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعًا: إن الله يرضى لكم ثلاثًا (ويسخط لكم ثلاثًا) يرضى لكن أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا. وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم .... " الحديث.

وقد روي من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لا يقيم أمر الله في الناس إلاّ رجل يتكلم بلسانه كلمة يخاف الله في الناس ولا يخاف الناس في الله.

ثم يستدل بما روي من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سيجيء أمراء يدعون من السنة مثل هذه، وأومأ بيده إلى مفصل إصبعه، فإن تركتموهم جاؤوا مثل هذه، مثل هذه، وأومأ بيده إلى مفصلين، فإن تركتموهم جاؤوا بالطامة الكبرى.

قال الإمام أحمد - في كتاب المحنة - في رواية حنبل إن عرضت علي لا أجيب وقال فيها - أيضًا -: إذا أجاب العالم تقية، والجاهل بجهل فمتى يتبين الحق.

قال إبراهيم بن أدهم - قدس الله روحه -: أعز حتى في آخر الزمان ثلاثة: أخ يؤنس به، وكسب درهم حلال، وكلمة حق عند ذي سلطان.

وقال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي رحمه الله يقول: أشد الأعمال ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يرجى ويخاف.

ص: 194