المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل (7): معاداة العصاة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر: - الكنز الأكبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ابن داود الحنبلي

[ابن داود الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول: في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان فرضيتهما

- ‌فصل- 1 - : حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 2 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 3 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفعال الصالحين وخلال المتقين

- ‌فصل- 4 - : دليل كون الأمر بالمعروف من أخص الأعمال الصالحة المتقبلة عند الله تعالى

- ‌فصل- 5 - : تحذير المحتسب (الآمر الناهي) والحاكم من التأثر ببغضه للبعض عند الحكم تفاديًا للظلم

- ‌فصل- 6 - : التحذير من الارتداد عن الدين

- ‌فصل- 7 - : التحذير من التفريط في الإنكار على فاعل المنكر

- ‌فصل- 8 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللعن وهو الطرد من رحمة الله

- ‌فصل- 9 - : دليل كون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من شرائع الإيمان أي من شروط تمامه

- ‌فصل- 11 - : وجوب اجتهاد الآمرين الناهين في الأمر والنهي وإن لم يستجب الجمهور إقامة للحجة الإلهية لله على خلقه

- ‌فصل- 12 - : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف من أخص أوصاف المنافقين

- ‌فصل- 13 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص أوصاف المؤمنين

- ‌فصل- 14 - : مراتب الجهاد في سبيل الله ثلاثة: جهاد الكفار وجهاد النفس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل- 15 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الهلاك في الدنيا فضلًا عن العذاب بالآخرة

- ‌فصل- 16 - : جمع آية في القرآن هي التي تأمر بالعدل والإحسان وتنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي

- ‌فصل -17 - : دليل وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه فرض عين في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -18 - : دليل كون المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الأمر بطاعة الله والنهي عن معصيته

- ‌فصل -19 - : دليل كون أعلى مراتب الجهاد امتثال أمر الله واجتناب نهيه

- ‌فصل -20 - : دليل كون المقصرين في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خسر

- ‌فصل -21 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفضل ما يعين المؤمن على تزكية نفسه ومعالجة ترقيها في الطاعات وتطهرها من الدنس

- ‌فصل -22 - : الأحاديث الواردة في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -23 - : ما ورد في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -24 - : وجوب تبليغ الشرع وأن ذلك يثمر نضارة الوجه

- ‌فصل -25 - : من ذب عن عرض مسلم وهو غائب وقاه الله النار يوم القيامة

- ‌فصل - 26 - : صلاح العباد في طاعة الله وطاعة الله لا تتم إلا بالاجتهاد في القيام بهذا الواجب

- ‌فصل - 27 - : أجمع العلماء على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتوافر خصوص الأمر به ولتوعد الشارع تاركه بأشد العقوبة

- ‌فصل - 28 - : تأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الحكام

- ‌فصل - 29 - : وجوب الإمعان في إنكار البدع المضلَّة حتى تخمد ثم يجب إنكار البدع المضلة، وإقامة الحجة على بطلانها

- ‌فصل - 30 - : قول العز بن عبد السلام: الواجبات والمندوبات ضربان:

- ‌فصل - 31 - : قول العز: من فعل واجبًا متعديًا أو مندوبًا متعديًا أو اجتنب محرمًا أو مكروهًا متعديان فقد قام بحق نفسه وحق ربه

- ‌فصل - 32 - : بيان آراء العلماء في: هل من شروط وجوب إنكار المنكر غلبية الظن في إزالته

- ‌فصل - 33 - : عدم سقوط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعزلة مادام قادرًا على الأمر والنهي

- ‌فصل - 34 - : من تيقن من وجود منكر بالسوق وكان قادرًا على تغييره لزمه الخروج لتغييره

- ‌فصل - 35 - : في إنكار المنكر أجر عظيم وفي عدم إنكاره الإثم الكبير

- ‌فصل -36 - : إذا تظاهر الناس بالمنكر وجب على كل من يراه أن يغيره في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -37 - : ثبوت عذاب القبر لمن ترك واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم قبول شفاعته

- ‌فصل -38 - : الأحاديث والآثار الواردة في ذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -39 - : تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عاص لوجوه أربعة

- ‌فصل- (40): إبطال زعم البعض أن السكوت عن المنكر مقام من مقامات الرضا بالقضاء:

- ‌فصل- (41): من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نزع هيبة الطاعة:

- ‌فصل- (42): توعد الله المذلين للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بإحباط عملهم في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل- (43): من أخص أوصاف المنافقين الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وأن من أمارات الساعة فساد المسلمين بإمرتهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف:

- ‌الباب الثاني: أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل- (1): شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (خمسة):

- ‌فصل - (2): أخص أوصاف المؤمنين الدالّة على صحة عقيدتهم:

- ‌فصل - (3): الركن الثاني للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [المأمور بالمعروف والمنهي عن المنكر]

- ‌فصل - (4): الإنكار على السلطان إذا عطل الحدود في حدود القدر المستطاع:

- ‌فصل - (5): دفع التعارض بين أمر خواض الأمة السلطان الجائر بالمعروف ونهيه عن المنكر وبين تحريم تعريض النفس للتهلكة:

- ‌فصل - (6): سقوط وجوب أمر خواص العلماء الحكام ونهيهم عند توقع ضر لا يطاق:

- ‌فصل - (7): تحريم فرار المسلمين من عدوهم إذا كانوا ضعفهم:

- ‌فصل - (8): جواز أمر خواص الأمة بالمعروف ونهيهم عن المنكر ولو تيقنوا القتل إذا تيقنوا رفع المنكر:

- ‌فصل - (9): إباحة أمر السلطان ونهيه خواص الأمة عندما لا يخافون إيذاءًا لغيرهم نتيجة لنهيهم:

- ‌فصل - (10): كيفية الإنكار على السلطان تكون بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف وذكر العاقبة في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل - (11): وجوب وعظ خواص الأمة السلطان سرًا أفضل منه جهرًا:

- ‌فصل - (12): وجوب نصح الولد للوالد بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف:

- ‌فصل - (13): وجوب نهي أهل الذمة من المنكر كزواج كتابي مسلمة أو عرضهم الخمر ولحم الخنزير للبيع بين المسلمين:

- ‌فصل - (14): الشروط الواجب توفرها في المنكّر حتى يجب النهي عنه:

- ‌فصل - (15): الشرط الثالث من شروط المنكر:

- ‌فصل - (16): أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبني على الظنون

- ‌فصل - (17): الشرط الرابع من شروط المنكر أن يكون معلومًا بغير اجتهاد

- ‌فصل - (18): وجوب التزام كل مقلد لمذهب بأحكام مذهبه وكراهة تقليده غيره إلاّ لضرورة

- ‌فصل - (19): ضروب الموجب للإنكار:

- ‌فصل - (20): الركن الرابع من أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل - (21): درجات النهي عن المنكر الدرجة الأولى: التعرف

- ‌فصل - (22): الدرجة الثانية: في الأمر النهي عن المنكر التعريف:

- ‌فصل - (23): الدرجة الثالثة للنهي عن المنكر النهي بالوعظ

- ‌فصل- (24): ما ينبغي على الآمر الناهي استخدامه في الوعظ من ذكر آيات وأحاديث وقصص:

- ‌فصل - (25): الدرجة الرابعة من درجات النهي عن المنكر:

- ‌فصل - (26): الدرجة الخامسة من درجات النهي عن المنكر التغيير باليد:

- ‌فصل - (27): وللمنكر كسر آلة اللهو وكسر وعاء الخمر:

- ‌فصل - (28): وجوب إنكار المنكر المستتر

- ‌فصل- (29): إختلاف الرواية عن أحمد في وجوب تحريق بيوت تجار الخمر:

- ‌فصل - (30): كراهة النظر إلى التصاوير وإباحة حكها من على الجدران:

- ‌فصل (31): لا ضمان في تحريق الكتب كالتي فيها الأحاديث المفتراة على رسول الله:

- ‌فصل - (32): في الدرجة الخامسة أدبان

- ‌فصل- (33): الدرجة السادسة من درجات النهي عن المنكر التهديد والتخويف:

- ‌فصل (34): الدرجة السابعة مباشرة الضرب باليد والرجل بلا شهر سلاح:

- ‌فصل - (35): الدرجة الثامنة للنهي عن المنكر الاستعانة بأعوان من أهل الخير لإزالة المنكر:

- ‌فصل- (36): وترتيب درجات النهي عن المنكر مقتبسة من إشارات بعض آيات التنزيل:

- ‌الباب الثالث: طبقات الناس من الآمرين والمأمورين والمتخلفين

- ‌فصل- (1) طبقات المنهيين:

- ‌فصل (2): أقسام التائبين الذين تأثروا بالموعظة:

- ‌فصل (3): المتقاعسون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (4): غربة الآمرين الناهين ين أهل الفساد:

- ‌فصل (5): ابتلاء الله الفقهاء ببعض العصاة لهم:

- ‌فصل (6): ذل المؤمن لغربته بين الفساق:

- ‌فصل (7): معاداة العصاة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر:

- ‌فصل (8): حسد الفساق للعلماء وتمنيهم إضلالهم:

- ‌(فصل): وجوب إيثار الآمر الناهي رضي رب العباد على رضى العباد:

- ‌الباب الرابع: بيان ما يستحب من الأفعال والأقوال والأحوال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل (1): الآمر بالمعروف والنهين عن المنكر القائم في حدوده بمنزلة الطبيب الذي يسقى الدواء الكريه الذي يرجو به الشفاء للمريض من دائه

- ‌فصل (2): يستجيب للآمر الناهي العلم والورع وحسن الخلق:

- ‌فصل (3): تأكد ورع الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بالإغراض عما في أيدي الناس

- ‌فصل (4): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بحسن الخلق:

- ‌فصل (4) [مكرر]: في ذم الغضب

- ‌فصل (5): فضيلة كظم الغيظ:

- ‌فصل (6): أساليب إذهاب الغضب:

- ‌فصل (7): استحباب الغضب عند انتهاك حرمات الله:

- ‌فصل (8): وجوب حذر الغاضب عند انتهاك حرمات الله من الشوائب الدنيوية

- ‌فصل (9): استحباب الحلم والعفو للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (10): أحاديث من مدح الرفق وذم تاركه:

- ‌فصل (11): تأكد استحباب الرفق للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (12): وجوب حذر الآمر الناهي من رفق المداهنة لبلوغ غرض دنيوي

- ‌فصل (13): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بالحلم والعفو

- ‌فصل (14): على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يقابل إساءة المأمورين بالإحسان

- ‌فصل (15): عفو الناهي عن المسيء يورثه عزًا

- ‌فصل (16)

- ‌فصل (17): استحباب الأناة والتثبت للآمر الناهي

- ‌فصل (18): ويستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر قصد نصح جميع الأمة

- ‌فصل (19): ومما يستحب للآمر بالمعروف أن يكون قصده رحمة الخلق والنفقة عليهم:

- ‌فصل (20): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ستر العورات والعيوب:

- ‌فصل (21): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون مغتمًا مما ظهر من معصية أخيه المسلم

- ‌فصل (22): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون غيورًا على إخوانه المسلمين أي غيورًا على دمائهم وأموالهم وأعراضهم

- ‌فصل (23): ومما يستحب (أو يجب) على كل مسلم أن يهجر المجاهرين بالمعاصي الفعلية والقولية والاعتقادية للإجتماع على وجوب ترك الأرض التي يجاهر فيها بالمعاصي

- ‌فصل (24): استحباب هجر المجاهر بالمعصية على جهة التأديب

- ‌فصل (25): استحباب هجر من ترك الفرائض من باب التغرير بترك السلام على تارك الصلاة وشارب الخمر

- ‌فصل (26): هجران أهل البدع والمتظاهرين بالمعاصي فرض كفاية

- ‌فصل (27): على الآمر الناهي أن يسلك مع العصاة والفساق مسالك بحسب مراتبهم في مخالفة أوامر الله

- ‌فصل (28): تباين درجات الهجر بحسب أحوال المهجورين فإن كان الهجر يضعف شرهم وجب الهجر كأسلوب للزجر وإن كان يزيد من شرهم وجبت مخالطتهم وتغريرهم

- ‌فصل (29): تباين درجات الهجر بحسب درجات اعتقاد وسلوك الجماهير:

- ‌فصل (30): الهجر أسلوب شرعي للزجر لتكون كلمة الله هي العليا

- ‌فصل (31): لا فرق بين وجوب هجر ذي الرحم والأجنبي إذا كان الهجر لتعدي حق الله:

- ‌فصل (32): عدم جواز الهجر المسلم للتهمة مداومة للصفاء والمحبة

- ‌فصل

- ‌فصل (33): هجر المسلم العدل في اعتقاده وأفعاله كبيرة:

- ‌فصل (34): قال ابن مفلح رحمه الله ولا هجرة مع السلام

- ‌فصل (35): استحباب التقرب إلى الله بحب أهل الطاعة وبغض أهل المعصية:

- ‌فصل (36): استحبالب تواضع الآمر الناهي في أمره ونهييه بلا افتخار أو تعاظم

- ‌فصل (37): استحباب استعانة الآمر الناهي بالله والاعتصام به وخاصة عند عجزه عن مجاهدة نفسه وعن القيام بحقوق الله

- ‌فصل (38): استحباب طلب الآمر الناهي إعانة الله

- ‌فصل (39): استحباب تحلي الآمر الناهي بالصبر والاحتمال:

- ‌فصل (40): صبر النبي على أذى قريش عشرين عامًا وعفوه عنهم بعد أن أظفره الله بهم

- ‌فصل (41): يبتلي المرء على قدر دينه والمرء يبتلي على قدر دينه وقوة يقينه

- ‌فصل (42): إذا تحقق المصاب من أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه والمصاب إذا علم وتحقق أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه

- ‌فصل (43): وعد الله المؤمنين الذين يعملون الصالحات باستخلافهم في الأرض وتمكين دينهم لهم:

- ‌فصل (44): من أخص آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (45): وجوب تحمل الآمر الناهي الصبر المترتب على أمره ونهيه:

- ‌فصل (46): قال العلامة ابن القيم: وللعبد فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه احد عشر مشهدًا

- ‌فصل (47): وقوع المحن على قدر قوى الآمرين الناهين ومراتبهم:

الفصل: ‌فصل (7): معاداة العصاة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر:

وقال غيره:

النصح من رخصه في الناس مجان .... والغش غال له في الناس أثمان

والعدل نور وأهل الجور قد كثروا

وللظلوم على المظلوم أعوان

تفاسد الناس والبغضاء ظاهرة

فالناس في غير ذات الله أخوان

والعلم فاش وقل العاملون به

والعاملون لغير الله أقران

وذكر أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي - في تذكرته بأحوال الآخرة - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا يأتي على الناس عام إلا أماتوا فيه سنة وأحيوا فيه بدعة حتى تموت السنن وتحيا البدع. ولن يعمل بالسنن وينكر البدع إلا من هون الله عليه سخط الناس ومخالفتهم فيما أرادوا ونهيهم عما اعتادوا، ومن يسر لذلك أحسن الله تعويضه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال):(إنك لن تدع لله شيئًا إلا عوضك خيرًا منه).

وبالجملة فلا يميل أكثر الناس إلا إلى الأسهل والأوفق لطباعهم، فإن الحق مر والوقوف عليه صعب، وإدراكه شديد، وطريقه مستوعر.

وروى الإمام أحمد بسنده عن الحسن البصري -رحمة الله عليه - أنه قال: هذا الحق قد جهد الناس، وحال بينهم وبين شهواتهم، والله ما صبر عليه إلا من عرف فضله ورجا عاقبته.

‌فصل (7): معاداة العصاة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر:

قال الله تعالى: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين}

وقال -تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}

وقد قال ورقة بن نوفل للنبي صلى الله عليه وسلم: إنه لم يأت أحد بما جئت به إلا عودي.

وروى الترمذي وأبو يعلى عن علي: رحم الله أبا بكر زوجني ابنته وحملني إلى دار

ص: 296

الهجرة وصحبني في الغار وأعتق بلالاّ من ماله. ورحم الله عمر يقول الحق ولو كان مرًا. ما ترك له الحق من صديق ورحم الله عثمان تستحيي منه الملائكة. ورحم الله علياّ اللهم أدر الحق معه حيث دار. وروي عن أبي ذر موقوفًا- رضي الله عنه أنه قال: "ما زال بي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى ما ترك لي الحق صديقًا".

ولما استخلف أبو بكر عمر- رضي الله عنه قال لمعيقيب الدوسي: ما يقول الناس في استخلاف عمر؟ قال: كرهه قوم ورضيه قوم آخرون. قال فالذين كرهوه أكثر أم الذين رضوه؟ قال: الذين كرهوه أكثرهم.

قال: إن الحق يبدو كريهًا، وله تكون العاقبة.

كما روى أبو بكر بن أبي الدنيا- بإسناده- عن ابن سلامة البكري، عن رجل من مراد قال: دخلنا على أويس القرني. فقال يا أخا مراد إن قيام المؤمن بحق الله لم يبق له صديقًا، والله إنا لنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر فيتخذونا أعداء، ويجدون على ذلك من الفساق أعوانا، حتى لقد رموني بالعظائم، ووالله لا يمنعن ذلك أن أقوم لله بحق.

وبسنده، عن مسعد بن كدام- رحمة الله- قال: ما نصحت أحدًا إلا طلب عيوني، فالشيطان وأعوانه يودون أن لا يأمر أحد بمعروف ولا ينهى عن منكر، وإذا أمرهم أحد أو نهاهم، عابوه بما فيه وبما ليس فيه. كما قيل: إن سمعوا الخير أخفوه، وإن سمعوا شرًا أذاعوا وإن لم يسمعوا (كذبوا).

ولبعضهم:

إن يسمعوا فيه طاروا به فرحًا

مني وما سمعوا من صالح دفنوا

صم إذا سمعوا خيرًا ذكرت به

وإن ذكرت بشر عندهم أذنوا

جهلًا علينا وجبنًا عن عدوهم

لبئست الخلتان الجهل والجبن

إن يسمعوا الخير يخفوه وإن سمعوا

شرًا أذاعوا وإن لم يسمعوا أذنوا

لكنهم معذورون حيث قيل:

يعيب أمري أقوام وأعذرهم

لأني أمرو وردى وهم جعل

والنهي إن كان سهلًا فهو ذو ثقل

على عدوى، فهو السهل والجبل

ص: 297

الناهي عن المنكر يحمي عن طعام المعاصي. ولكن الطبيب مبغوض. قال الله تعالى: {ولكن لّا تٌحبٌون النّصحين} .

فمن قصد الناس بالإنكار عليهم، ونظر بعين النصيحة إليهم سارعوا إلى إهلاكه ومبادرته، وسبقوه قبل إن تسبق إليهم سيوف نقمته.

وروى البيهقي- في الشعب- بسنده، عن العلاء بن جرير، عن أبيه، عن الأحنف بن قيس. قال: من أسرع إلى الناس بما يكرهون. قالوا فيه مالا يعلمون".

كما قيل:

أرنوا إلى الأقوام أبغي ذكرهم

أبدًا ويجهل بعضهم مقداري

وروى ابن أبي الدنيا- بإسناده- عن أبي مخلد، عن عطاء بن مسلم. قال: قال لي سفيان الثوري- قدس الله روحه-: يا عطاء احذر الناس وأنا فاحذرني فلو خالفت رجًا في رمانة فقال: حامضة وقلت حلوة. أو قال: حلوه. وقلت: حامضة لخشيت أن يشيط بدمي.

وقال مرة: يشي بي إلى السلطان.

قوله: (يشيط بدمي) يقال: أشاط فلان، أي ذهب دمه هدرًا. ويقال: أشاطه وأشاط دمه أي عرضه للقتل. والله أعلم.

وقال سفيان- أيضًا- صاف من شئت ثم اغضبه بالمراء، فليرمينك بداهية تمنعك من العيش.

ولقد كان سبب قتل عمر بن الخطاب- رضي الله عنه أنه أمر ملجمًا بمعروف فقتله كما سيأتي- في الباب العاشر- إن شاء الله تعالى.

فقد جرت عادة الله التي لا تبدل، وسنته التي لا تحول في خلقه لا سيما في زماننا هذا أن من عظمت منزلته وتزايدت رتبته، وتردد الناس في حوائجهم إليه، وعولوا في كل قلب مسود منكوس.

كما قيل:

لو لم يكن لي في القلوب مهابة

ما أكثر الأعداء فيّ وأقدحوا

كالليث لما هيب حط له الزناد

وعوت لخشيته الكلاب النبح

ص: 298

يغرون بي حور العيون لأنني

علمت في طلب العلاء وأصبحوا

نظروا بعين عداوة لو أنها

عين الرضا لا ستحسنوا ما استقبحوا

ولبعضهم:

وإذا الفتى نال الفضائل كلها

لم يخل من سفه اللئيم الشاتم

والغصن تهجره الورى حتى إذا

أبدى الثمار فكم له من راجم

قد أجرى- سبحانه عادته في خلقه- أيضًا- أن الأشرار يكرهون الأخيار، وينفرون لرؤيتهم، لما بينهم من المباينة الظاهرة والباطنة.

كما قال ابن الملحي في كان وكان:

روائح الورد تحيي الأنفس

كذلك الأشرار تكره روائح الأخيار

لكن أنشد بعضهم:

إذا أتتك مذمتي من ناقص

فهي الشهادة لي بأني كامل

ولغيره:

زادني حبّا لنفسي أنني

بغض إلى كل امرى غير طائل

وأني شقي باللئام ولن ترى

شقيًا أبهم إلا الكريم الشمائل

وقيل لحكيم: من الذي يسلم من الناس؟ قال: من لا يظهر منه خير ولا شر. قيل له: كيف؟ قال: إن ظهر منه (خير) عاداه شرارهم وإن ظهر منه شر عاداه خيارهم.

وأنشدوا:

وما أنا إلا المسك ضاع فعندكم

يضيع وعند الأكرمين يضوع

كما قيل:

مثل النهار يزيد أبصار الورى

نورًا ويعمي أعين الخفاش

وروى أبو نعيم- في الحليه- والبيهقي- بسنديهما- عن مطرق بن عبد الله قال: قال لي مالك بن أنس- رحمه الله: ما يقول الناس في؟ قلت: أما الصديق فيثني وأما العدو فيقع. قال: ما زال الناس كذلك لهم صديق وعدو ولكن نعوذ ولكن بالله من تتابع الألسنة كلها.

ص: 299