الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المفسرون: فقد تضمنت هذه الآية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكما أن الله -تعالى- وحزبه يأمرون بالعدل والإحسان فالشيطان وحزبه يأمرون (بالفحشاء والمنكر) كما قال -تعالى-: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر
…
} والله أعلم.
فصل -17 - : دليل وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه فرض عين في حدود القدر المستطاع
قال المفسرون: في الآية الكريمة تحريض على القتال المأذون فيه وأجرى الله العادة في الأمم الماضية بذلك، بأن ينتظم به الأمر وتقوم به الشرائع وتصان المتعبدات من الهدم وأهلها من القتل، فلولا القتال لتغلب على الحق في كل أمة. كما قال في الآية الأخرى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض
…
}.
قال مجاهد: ولولا دفع الله ظلم قوم بشهادات العدول ونحو هذا.
وقال قوم: دفع الظلمة بعدل الولاة.
وقال قوم: دفع العذاب بدعاء الأخيار.
وقيل: بالقصاص عن النفوس.
وقيل: بالنبيين عن المؤمنين.
وقال بعض العارفين: يتجاوز -سبحانه- عن الأصاغر لقدر الأكابر ويعفو عن العوام الاحترام للكرام، وتلك سنة أجراها الله -سبحانه- لاستيفاء منازل العبادة، واستصفاء مناهل العرفان، ولا تحويل لسنته، ولا تبديل لكريم عادته.
وأما الصوامع وما بعدها. فقيل: الصوامع للرهبان، والبيع للنصارى، والصلوات لليهود والمساجد للمسلمين.
وقيل: الصلوات المعهودة في الأمم.
ومعنى: (هدمت) عطلت.
وتأخير المساجد، لقدم تلك عليها، أو للانتقال من الشريف إلى ما هو أشرف.
ولم يذكر في هذه الآية المجوس ولا أهل الشرك، لأن هؤلاء ليس لهم ما يوجب حمايته ولا يوجد ذكر الله إلا عند أهل الشرائع.
ثم أقسم -سبحانه- على أنه لينصرن من ينصره. أي ينصر دينه ونبيه وأولياءه فنصر العبد لربه هو اتباع أمره واجتناب نهيه.
وقال الزجاج: من أقام شريعة من شرائعه نصر على إقامة ذلك. ونصره -تعالى- هو أن يظفرهم بأعدائهم، وهذا وعد من الله ينصر من ينصر دينه وشريعته.
ونظير هذه الآية قوله -تعالى-: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم} أي إن تنصروا دين الله ينصركم على أعدائكم.
ثم قال: {ويثبت أقدامكم} .
قيل: عند القتال.
وقيل: على الإسلام.
وقيل: على الصراط.
وقيل: يثبت القلوب بالأمن.
قال القرطبي: فيكون تثبيت الأقدام عبارة عن النصر والمعونة. وقد قال: في الآية الأخرى: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي
…
} (أي حكم وكتب في كتابه الأول وقدره الذي لا يمانع ولا يبدل، بأن النصرة له ولكتابه ولرسوله وعباده المؤمنين في الدنيا والآخرة وأن العاقبة لهم {إن الله لقوي عزيز} .
أي كتب القوي العزيز أنه الغالب لأعدائه.
كما قال -تعالى-: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد
يوم لا ينفع الظالمون معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار}.
وقال -تعالى-: {وكان حقًا علينا نصر المؤمنين} .
أي واجبًا أوجبه -سبحانه- على نفسه.
وقال -تعالى-: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين. إنهم لهم المنصورون. وإن جندنا لهم الغالبون} .
وقال -تعالى-: {فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفًا} .
وقال -تعالى-: {أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون} .
وهذا قدر محكم وأمر مبرم أن العاقبة والنصرة للمؤمنين- القائمين بنصرة دين الله -تعالى-.
قال المفسرون: وفي ذلك كله حض على القتال في الله.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستيفاء الحدود وغير ذلك.
ثم أخبر -تعالى- في هذه الآية أنه قوي على نصرهم عزيز لا يغلب. [يغالب] قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: هذا والله ثناء قبل بلاء. يعني أن الله -تعالى- قد أثنى عليهم قبل أن يحدثوا من الخير ما أحدثوا.
قوله -تعالى-: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر
…
}.
(مكناهم) أي نصرناهم على عدوهم حتى يتمكنوا من البلاد غير مقهورين.
قال المفسرون: في الآية أخذ العهد على من مكنه الله أن يفعل ما رتب على التمكين في الآية.
قال ابن أبي نجيح: المشار إليهم هم الولاة.
وقال الضحاك: هو شرط شرطه الله على من آتاه الملك.
وهذان القولان ضعيفان.
وقيل: إذا طالت بهم المدة وساعدهم العمر لم يستفرغوا أعمارهم في استجلاب