الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنهم كانوا خير أمة فكذلك إن لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر كانوا شر أمة وقيل إنما صارت أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير أمة لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيهم أفشى.
وقال بعض العلماء: قدم سبحانه في هذه الآية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان، لأن الإيمان مشترك بين جميع الأمم، فليس هذا هو المؤثر لحصول هذه الزيادة، بل المؤثر كونهم أقوى حالًا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنما الإيمان شرط. والله أعلم.
فصل- 3 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفعال الصالحين وخلال المتقين
وأما قوله- تعالى-: {- ليسوا سواء مِّن أهل الكتاب أمَّةٌ قائمةٌ يتلون آيات الله أناء الَّليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الأخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسرعون في الخيرات وأولئك من الصَّالحين} .
قال المفسرون: (الواو في (ليسوا) هي لأهل الكتاب السابق ذكرهم في قوله: { ..... ولو آمن الكتاب لكان خيرًا لهم منهم المؤمنون أكثرهم الفاسقون ..... } الآيات.
و(سواء) خبر ليس فالمعنى: ليس أهل الكتاب مستويين، بل منهم من آمن بكتابه وبالقرآن ممن أدرك شريعة الإسلام، أو كان على استقامة فمات قبل أن يدركها.
(فغاير سبحانه بين أهل الكتاب كما غاير بين النور والظلام مغايرة تضاد).
وقوله: {مِّن أهل الكتاب أمُّةٌ قائمةٌ} مبتدأ وخبر وهم أهل القرآن ومعنى (قائمة) مستقيمة.
وقال: مجاهد، والحسن، وابن جريج: عادلة.
وقال ابن عباس: مهتدية قائمة بأمر الله لم يضيعوه ولم يتركوه.
وقال قتادة والربيع بن أنس قائمة على كتاب الله وحدوده مهتدية.
وقال السدي قانتة مطيعة.
فأثبت منافاة بين أحوال الأولياء أحوال الأعداء، فكيف يستوي الضياء والظلمة، واليقين والتهمة، والوصلة والفرقة، والبعاد والألفة، والمعتكف على البساط والمنصرف عن الباب. هيهات لا يلتقيان ومتى يتفقان أو يستويان).
ثم وصف- سبحانه- الأمة القائمة بأنها تالية آناء الليل ممدود الأول والآخر أي ساعاته وعبر بالتلاوة في ساعات الليل عن التهجد بالقرآن {وهم يسجدون} لأن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فالمعنى أن تلك التلاوة كانت في صلاة وقيل: أريد بالسجود الخشوع والخضوع وظاهر قوله: {آناء الليل} جميع ساعاته فيبعد صدور ذلك أعني التلاوة والسجود من كل شخص، وإنما يكون ذلك من جماعة، لأن بعض الناس يقوم أول الليل، وبعضهم يقوم آخره وبعضهم بعد هجعه ثم يعود إلى نومه فيأتي من مجموع الليل وجماعات الناس استيعاب ساعات الليل بالقيام.
قوله: {يؤمنون بالله واليوم الآخر} أي بكل ما يجب الإيمان به (ويأمرون بالمعروف) قال ابن عباس: بتوحيد الله {وينهون عن المنكر} أي الشرك.
وقال الزجاج: بإتباع النبي- صلى الله عليه وسلم وينهون عن نقض ميثاقه فلم يشهد لهم- سبحانه- بالصلاح بمجرد الإيمان بالله واليوم الآخر حتى أضاف إليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قوله: {ويسارعون في الخيرات} أي {يبادرون فيها} خوف الفوت بالموت.
وقيل: يعملونها غير متثاقلين فيها. {وأولئك من الصالحين} يعني أولئك الموصوفون بتلك الأوصاف الستة في الآية من الذين صلحت أعمالهم عن الله تعالى- وهذه أعلى المنازل.
قال الله تعالى حكاية عن نبيه، وابن نبيه سليمان بن داود عليهما السلام:"وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين".
فقد ثبت بذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفعال الصالحين وخلال عباد الله المتقين. والذي هجر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خارج عن هؤلاء المؤمنين المنعوتين في هذه الآية كما ذكر غير واحد من العلماء والله أعلم.