المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل (14): على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يقابل إساءة المأمورين بالإحسان - الكنز الأكبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ابن داود الحنبلي

[ابن داود الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول: في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان فرضيتهما

- ‌فصل- 1 - : حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 2 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 3 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفعال الصالحين وخلال المتقين

- ‌فصل- 4 - : دليل كون الأمر بالمعروف من أخص الأعمال الصالحة المتقبلة عند الله تعالى

- ‌فصل- 5 - : تحذير المحتسب (الآمر الناهي) والحاكم من التأثر ببغضه للبعض عند الحكم تفاديًا للظلم

- ‌فصل- 6 - : التحذير من الارتداد عن الدين

- ‌فصل- 7 - : التحذير من التفريط في الإنكار على فاعل المنكر

- ‌فصل- 8 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللعن وهو الطرد من رحمة الله

- ‌فصل- 9 - : دليل كون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من شرائع الإيمان أي من شروط تمامه

- ‌فصل- 11 - : وجوب اجتهاد الآمرين الناهين في الأمر والنهي وإن لم يستجب الجمهور إقامة للحجة الإلهية لله على خلقه

- ‌فصل- 12 - : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف من أخص أوصاف المنافقين

- ‌فصل- 13 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص أوصاف المؤمنين

- ‌فصل- 14 - : مراتب الجهاد في سبيل الله ثلاثة: جهاد الكفار وجهاد النفس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل- 15 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الهلاك في الدنيا فضلًا عن العذاب بالآخرة

- ‌فصل- 16 - : جمع آية في القرآن هي التي تأمر بالعدل والإحسان وتنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي

- ‌فصل -17 - : دليل وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه فرض عين في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -18 - : دليل كون المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الأمر بطاعة الله والنهي عن معصيته

- ‌فصل -19 - : دليل كون أعلى مراتب الجهاد امتثال أمر الله واجتناب نهيه

- ‌فصل -20 - : دليل كون المقصرين في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خسر

- ‌فصل -21 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفضل ما يعين المؤمن على تزكية نفسه ومعالجة ترقيها في الطاعات وتطهرها من الدنس

- ‌فصل -22 - : الأحاديث الواردة في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -23 - : ما ورد في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -24 - : وجوب تبليغ الشرع وأن ذلك يثمر نضارة الوجه

- ‌فصل -25 - : من ذب عن عرض مسلم وهو غائب وقاه الله النار يوم القيامة

- ‌فصل - 26 - : صلاح العباد في طاعة الله وطاعة الله لا تتم إلا بالاجتهاد في القيام بهذا الواجب

- ‌فصل - 27 - : أجمع العلماء على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتوافر خصوص الأمر به ولتوعد الشارع تاركه بأشد العقوبة

- ‌فصل - 28 - : تأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الحكام

- ‌فصل - 29 - : وجوب الإمعان في إنكار البدع المضلَّة حتى تخمد ثم يجب إنكار البدع المضلة، وإقامة الحجة على بطلانها

- ‌فصل - 30 - : قول العز بن عبد السلام: الواجبات والمندوبات ضربان:

- ‌فصل - 31 - : قول العز: من فعل واجبًا متعديًا أو مندوبًا متعديًا أو اجتنب محرمًا أو مكروهًا متعديان فقد قام بحق نفسه وحق ربه

- ‌فصل - 32 - : بيان آراء العلماء في: هل من شروط وجوب إنكار المنكر غلبية الظن في إزالته

- ‌فصل - 33 - : عدم سقوط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعزلة مادام قادرًا على الأمر والنهي

- ‌فصل - 34 - : من تيقن من وجود منكر بالسوق وكان قادرًا على تغييره لزمه الخروج لتغييره

- ‌فصل - 35 - : في إنكار المنكر أجر عظيم وفي عدم إنكاره الإثم الكبير

- ‌فصل -36 - : إذا تظاهر الناس بالمنكر وجب على كل من يراه أن يغيره في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -37 - : ثبوت عذاب القبر لمن ترك واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم قبول شفاعته

- ‌فصل -38 - : الأحاديث والآثار الواردة في ذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -39 - : تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عاص لوجوه أربعة

- ‌فصل- (40): إبطال زعم البعض أن السكوت عن المنكر مقام من مقامات الرضا بالقضاء:

- ‌فصل- (41): من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نزع هيبة الطاعة:

- ‌فصل- (42): توعد الله المذلين للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بإحباط عملهم في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل- (43): من أخص أوصاف المنافقين الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وأن من أمارات الساعة فساد المسلمين بإمرتهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف:

- ‌الباب الثاني: أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل- (1): شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (خمسة):

- ‌فصل - (2): أخص أوصاف المؤمنين الدالّة على صحة عقيدتهم:

- ‌فصل - (3): الركن الثاني للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [المأمور بالمعروف والمنهي عن المنكر]

- ‌فصل - (4): الإنكار على السلطان إذا عطل الحدود في حدود القدر المستطاع:

- ‌فصل - (5): دفع التعارض بين أمر خواض الأمة السلطان الجائر بالمعروف ونهيه عن المنكر وبين تحريم تعريض النفس للتهلكة:

- ‌فصل - (6): سقوط وجوب أمر خواص العلماء الحكام ونهيهم عند توقع ضر لا يطاق:

- ‌فصل - (7): تحريم فرار المسلمين من عدوهم إذا كانوا ضعفهم:

- ‌فصل - (8): جواز أمر خواص الأمة بالمعروف ونهيهم عن المنكر ولو تيقنوا القتل إذا تيقنوا رفع المنكر:

- ‌فصل - (9): إباحة أمر السلطان ونهيه خواص الأمة عندما لا يخافون إيذاءًا لغيرهم نتيجة لنهيهم:

- ‌فصل - (10): كيفية الإنكار على السلطان تكون بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف وذكر العاقبة في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل - (11): وجوب وعظ خواص الأمة السلطان سرًا أفضل منه جهرًا:

- ‌فصل - (12): وجوب نصح الولد للوالد بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف:

- ‌فصل - (13): وجوب نهي أهل الذمة من المنكر كزواج كتابي مسلمة أو عرضهم الخمر ولحم الخنزير للبيع بين المسلمين:

- ‌فصل - (14): الشروط الواجب توفرها في المنكّر حتى يجب النهي عنه:

- ‌فصل - (15): الشرط الثالث من شروط المنكر:

- ‌فصل - (16): أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبني على الظنون

- ‌فصل - (17): الشرط الرابع من شروط المنكر أن يكون معلومًا بغير اجتهاد

- ‌فصل - (18): وجوب التزام كل مقلد لمذهب بأحكام مذهبه وكراهة تقليده غيره إلاّ لضرورة

- ‌فصل - (19): ضروب الموجب للإنكار:

- ‌فصل - (20): الركن الرابع من أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل - (21): درجات النهي عن المنكر الدرجة الأولى: التعرف

- ‌فصل - (22): الدرجة الثانية: في الأمر النهي عن المنكر التعريف:

- ‌فصل - (23): الدرجة الثالثة للنهي عن المنكر النهي بالوعظ

- ‌فصل- (24): ما ينبغي على الآمر الناهي استخدامه في الوعظ من ذكر آيات وأحاديث وقصص:

- ‌فصل - (25): الدرجة الرابعة من درجات النهي عن المنكر:

- ‌فصل - (26): الدرجة الخامسة من درجات النهي عن المنكر التغيير باليد:

- ‌فصل - (27): وللمنكر كسر آلة اللهو وكسر وعاء الخمر:

- ‌فصل - (28): وجوب إنكار المنكر المستتر

- ‌فصل- (29): إختلاف الرواية عن أحمد في وجوب تحريق بيوت تجار الخمر:

- ‌فصل - (30): كراهة النظر إلى التصاوير وإباحة حكها من على الجدران:

- ‌فصل (31): لا ضمان في تحريق الكتب كالتي فيها الأحاديث المفتراة على رسول الله:

- ‌فصل - (32): في الدرجة الخامسة أدبان

- ‌فصل- (33): الدرجة السادسة من درجات النهي عن المنكر التهديد والتخويف:

- ‌فصل (34): الدرجة السابعة مباشرة الضرب باليد والرجل بلا شهر سلاح:

- ‌فصل - (35): الدرجة الثامنة للنهي عن المنكر الاستعانة بأعوان من أهل الخير لإزالة المنكر:

- ‌فصل- (36): وترتيب درجات النهي عن المنكر مقتبسة من إشارات بعض آيات التنزيل:

- ‌الباب الثالث: طبقات الناس من الآمرين والمأمورين والمتخلفين

- ‌فصل- (1) طبقات المنهيين:

- ‌فصل (2): أقسام التائبين الذين تأثروا بالموعظة:

- ‌فصل (3): المتقاعسون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (4): غربة الآمرين الناهين ين أهل الفساد:

- ‌فصل (5): ابتلاء الله الفقهاء ببعض العصاة لهم:

- ‌فصل (6): ذل المؤمن لغربته بين الفساق:

- ‌فصل (7): معاداة العصاة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر:

- ‌فصل (8): حسد الفساق للعلماء وتمنيهم إضلالهم:

- ‌(فصل): وجوب إيثار الآمر الناهي رضي رب العباد على رضى العباد:

- ‌الباب الرابع: بيان ما يستحب من الأفعال والأقوال والأحوال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل (1): الآمر بالمعروف والنهين عن المنكر القائم في حدوده بمنزلة الطبيب الذي يسقى الدواء الكريه الذي يرجو به الشفاء للمريض من دائه

- ‌فصل (2): يستجيب للآمر الناهي العلم والورع وحسن الخلق:

- ‌فصل (3): تأكد ورع الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بالإغراض عما في أيدي الناس

- ‌فصل (4): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بحسن الخلق:

- ‌فصل (4) [مكرر]: في ذم الغضب

- ‌فصل (5): فضيلة كظم الغيظ:

- ‌فصل (6): أساليب إذهاب الغضب:

- ‌فصل (7): استحباب الغضب عند انتهاك حرمات الله:

- ‌فصل (8): وجوب حذر الغاضب عند انتهاك حرمات الله من الشوائب الدنيوية

- ‌فصل (9): استحباب الحلم والعفو للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (10): أحاديث من مدح الرفق وذم تاركه:

- ‌فصل (11): تأكد استحباب الرفق للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (12): وجوب حذر الآمر الناهي من رفق المداهنة لبلوغ غرض دنيوي

- ‌فصل (13): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بالحلم والعفو

- ‌فصل (14): على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يقابل إساءة المأمورين بالإحسان

- ‌فصل (15): عفو الناهي عن المسيء يورثه عزًا

- ‌فصل (16)

- ‌فصل (17): استحباب الأناة والتثبت للآمر الناهي

- ‌فصل (18): ويستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر قصد نصح جميع الأمة

- ‌فصل (19): ومما يستحب للآمر بالمعروف أن يكون قصده رحمة الخلق والنفقة عليهم:

- ‌فصل (20): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ستر العورات والعيوب:

- ‌فصل (21): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون مغتمًا مما ظهر من معصية أخيه المسلم

- ‌فصل (22): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون غيورًا على إخوانه المسلمين أي غيورًا على دمائهم وأموالهم وأعراضهم

- ‌فصل (23): ومما يستحب (أو يجب) على كل مسلم أن يهجر المجاهرين بالمعاصي الفعلية والقولية والاعتقادية للإجتماع على وجوب ترك الأرض التي يجاهر فيها بالمعاصي

- ‌فصل (24): استحباب هجر المجاهر بالمعصية على جهة التأديب

- ‌فصل (25): استحباب هجر من ترك الفرائض من باب التغرير بترك السلام على تارك الصلاة وشارب الخمر

- ‌فصل (26): هجران أهل البدع والمتظاهرين بالمعاصي فرض كفاية

- ‌فصل (27): على الآمر الناهي أن يسلك مع العصاة والفساق مسالك بحسب مراتبهم في مخالفة أوامر الله

- ‌فصل (28): تباين درجات الهجر بحسب أحوال المهجورين فإن كان الهجر يضعف شرهم وجب الهجر كأسلوب للزجر وإن كان يزيد من شرهم وجبت مخالطتهم وتغريرهم

- ‌فصل (29): تباين درجات الهجر بحسب درجات اعتقاد وسلوك الجماهير:

- ‌فصل (30): الهجر أسلوب شرعي للزجر لتكون كلمة الله هي العليا

- ‌فصل (31): لا فرق بين وجوب هجر ذي الرحم والأجنبي إذا كان الهجر لتعدي حق الله:

- ‌فصل (32): عدم جواز الهجر المسلم للتهمة مداومة للصفاء والمحبة

- ‌فصل

- ‌فصل (33): هجر المسلم العدل في اعتقاده وأفعاله كبيرة:

- ‌فصل (34): قال ابن مفلح رحمه الله ولا هجرة مع السلام

- ‌فصل (35): استحباب التقرب إلى الله بحب أهل الطاعة وبغض أهل المعصية:

- ‌فصل (36): استحبالب تواضع الآمر الناهي في أمره ونهييه بلا افتخار أو تعاظم

- ‌فصل (37): استحباب استعانة الآمر الناهي بالله والاعتصام به وخاصة عند عجزه عن مجاهدة نفسه وعن القيام بحقوق الله

- ‌فصل (38): استحباب طلب الآمر الناهي إعانة الله

- ‌فصل (39): استحباب تحلي الآمر الناهي بالصبر والاحتمال:

- ‌فصل (40): صبر النبي على أذى قريش عشرين عامًا وعفوه عنهم بعد أن أظفره الله بهم

- ‌فصل (41): يبتلي المرء على قدر دينه والمرء يبتلي على قدر دينه وقوة يقينه

- ‌فصل (42): إذا تحقق المصاب من أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه والمصاب إذا علم وتحقق أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه

- ‌فصل (43): وعد الله المؤمنين الذين يعملون الصالحات باستخلافهم في الأرض وتمكين دينهم لهم:

- ‌فصل (44): من أخص آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (45): وجوب تحمل الآمر الناهي الصبر المترتب على أمره ونهيه:

- ‌فصل (46): قال العلامة ابن القيم: وللعبد فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه احد عشر مشهدًا

- ‌فصل (47): وقوع المحن على قدر قوى الآمرين الناهين ومراتبهم:

الفصل: ‌فصل (14): على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يقابل إساءة المأمورين بالإحسان

وأنشدوا:

قالوا: سكت وقد خوصت فقلت لهم

إن الجواب لباب الشر مفتاح

الصمت عن جاهل أو أحمق كرما

أيضًا وفيه لصون العرض إصلاح

أما ترى الأسد تمشي وهي صامتة

والكلب يخشى- لعمري- وهو نباح

وروى البيهقي- في الشعب- بسنده، عن أحمد بن عبيد. قال: أنشدني الأصمعي- رحمه الله:

وما شيء أحب إلى سفيه

إذا سب الكريم من الجواب

متاركة السفيه بلا جواب

أشد على السفيه من السباب

ولبعضهم:

وكم من لئين ود أني شتمته

وإن كان شتمي فيه صاب وعلقم

والكف عن شتم اللئيم تكرما

أضر به من شتمه حين يشتم

قال أسماء بن خارجة: ما شتمت أحدًا قط، لأنه إن شتمني كريم فأنا أحق من غفرها له وإن شتمني لئيم فلا أجعل عرضي له غرضًا.

وكان يتمثل وينشد:

واغفر عور الكريم اصطناعة

وأعرض عن ذات تكرما

وأنشد رجل لمسعر بن كدام:

لا ترجعن إلى السفيه خطابه

إلا جواب تحيه حياكها

فمتى تحركه تحرك جيفة

تزداد نتنا ما أردت حراكها

ولبعضهم:

وإذا بليت بجاهل متجاهل

بجد المحال من الأمور صوابا

أوليته من السكون وربما

كان السكوت عن الجواب جوابا

‌فصل (14): على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يقابل إساءة المأمورين بالإحسان

وجميع ما تقدم آنفًا يتضمن التغافل. وترك المقابلة على الإساءة ونسيان الأذى. لكن

ص: 377

فوق ذلك درجة أخرى. وهي الإحسان إلى من أساء إليك ومعاملته بضد ما عاملك به. بل يعتذر إليه ويستغفر لديك كما قال منشدًا:

إذا مرضنا أتيناكم نعودكم

وتذنبون فنأتيكم ونعتذر

ومعنى ذلك أنك تنزل نفسك منزلة الجاني لا المجني عليه. لأن الجاني خليق بالعذر.

ولبعضهم:

رب رام لي بأحجار الأذى

لم أجد بدًا من العطف عليه

ولغيره:

ولما رضوا بالحلم عن ذي ذلة

حتى أنالوا كفه وأفادوا

وتكون هذه المعاملة منك صادرة عن سماح وطيب نفس وانشراح صدر لا عن كظم غيظ ومصابرة. ولم يكن كمال هذه الدرجة لأحد سوى نبينا صلى الله عليه وسلم ثم للورثة منها بحسب سهامهم من التركة، لأن حلمه غير محدود كما قد ملأ عفوه كل الوجود. فإنه جمع الآداب الشريفة والمعارف المنيفة، والفضائل المقصودة، والأخلاق المحمودة. حيث سواه سبحانه فعدل تركيبه، وأدبه فأحسن تأديبه، وجبله على الصيانة والعفاف. وعدل به ميزان العدل والإنصاف، وكان أكثر الناس حياء وأوفرهم على العورات إغضاء، وأدومهم بشرًا وأنسًا وأبسطهم خلقًا وأطيبهم نفسًا، يصل من قطعه ويعطي من منعه ويأمر بالحسنة ويدني أهلها ولا يجزي بالسيئة مثلها، ولكن يعفو ويصفح. ويتجاوز عن المسيء ويسمح وكم أعرض عن جاهل ومعاند. وما ضرب بيده شيئًا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله اللهم صلِّ وسلِّم على محمد الحامد بجميع المحامد.

وفي الصحيحين ومسند أحمد وسنن ابن ماجه من حديث جابر رضي الله عنه قال: (أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة منصرفة من حنين. وفي ثوب بلال فضة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض منها ويعطي الناس فقال: يا محمد: اعدل فقال: ويلك. وم يعدل إذا لم أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل.

فقال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق. فقال: معاذ الله أن يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه. إن هذا وأصحابه يقرؤن القرآن ولا

ص: 378

يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).

هذا لفظ الصحيحين وأحمد، وفي رواية البخاري قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم غنيمة بالجعرانة. إذ قال له رجل: اعدل. فقال له: لقد شقيت إن لم أعدل.

ولابن ماجه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وهو يقسم التبر والغنائم. وهو في حجر بلال. فقال رجل: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل. فقال: ويحك من يعدل إذا لم أعدل؟ فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا في أصحاب له يقرؤون القرآن) فذكره الرجل المبهم القائل هو ذو الخويصرة حرقوص بن زهير. وقيل: نافع التميمي. وقيل: عبد الله بن ذي الخويصرة. والله أعلم.

ومن أعظم ما ورد في عفوه وحلمه- صلى الله عليه وسلم ما ثبت في الصحيحين، ومسند أحمد وسنن أبي داود من حديث أنس بن مالك- رضي الله عنه أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة ليأكل منها- فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك؟ فقالت: أردت قتلك. فقال: (ما كان الله ليسلطك علي)"فقالوا: ألا تقتلها؟ قال: لا".

وروى نحوه البخاري وأحمد من حديث أبي هريرة.

وروى نحوه أبو داود من حديث محمد بن شهاب الزهري. قال: "كان جابر يحدث أن يهودية من خيبر سمت شاة مصلية، ثم أهدتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ الذراع فأكل منها، وأكل رهط من أصحابه معه، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ارفعوا أيديكم) وأرسل إلى اليهودية فدعاها. فقال لها: (أسممت الشاة؟ ) قالت اليهودية: من أخبرك؟ قال: (أخبرتني هذه الذراع التي في يدي) قالت: نعم. قال: (فما أردت في ذلك؟ ) قالت: قلت إن كان نبيًا فلن يضره، وإن لم يكن نبيًا استرحنا منه، فعفا عنها، ولم يعاقبها، وتوفي أصحابه الذين أكلوا من الشاة".

ص: 379

وفي رواية عن أبي سلمة نحوه وفيها: "فمات بشر بن البراء بن معرور الأنصاري" الحديث. وفيه: فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلت.

وروى نحوه الدارقطني وفيه فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلبت.

والجمع بين الأحاديث في قتلها، والعفو عنها أن يقال: إنه صلى الله عليه وسلم عفا عنها في أول الأمر، فلما مات بشر بن البراء طلبها وقتلها قصاصًا. والله أعلم. واليهودية واضعة السم اسمها زينب بنت الحارث أخت مرحب اليهودي. والله أعلم وقد سبق من حديث الترمذي- في الشمائل- من حديث عائشة- رضي الله عنها قالت:"ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصرًا من مظلمة ظلمها قط ما لم تكن حرمة من محارم الله- تعالى- وما ضرب بيده شيئًا إلا أن يجاهد في سبيله، وما ضرب خادمًا ولا امرأة".

وفي مسند الإمام أحمد، وسنن النسائي من حديث زيد بن أرقم. قال: سحر النبي- صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود. قال فاشتكى لذلك أيامًا فجاءه جبريل فقال: إن رجلًا من اليهود سحرك، عقد لك عقدًا في بئر كذا وكذا فأرسل إليها فجيء بها. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا فاستخرجها فجاء بها فحللها. قال: فقام النبي صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال. قال: فما ذكر ذلك لذلك اليهودي ولا رآه في وجهه قط حتى مات.

وروى ابن أبي الدنيا بسنده، عن عائشة- أيضًا- قالت: والله ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء يؤتى إليه حتى ينتهك من محارم الله فينتقم لله- عز وجل.

وفي الصحيحين، ومسند أحمد من حديث أنس- رضي الله عنه قال:"كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية. فأدركه أعرابي. فجذبه بردائه جذبة شديدة. فنظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الراء من شدة جذبته. ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله عندك. فالتفت إليه. فضحك. ثم أمر له بعطاء".

وللحديث روايات وطرق.

ورواه ابن ماجه إلى قوله: (غليظ الحاشية) والله أعلم.

ص: 380

فأحاديث حلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعفوه عند المقدرة وإحسانه إلى من أساء إليه أكثر من أن يؤتى عليها، وكذلك أصحابه والتابعون وتابعوهم والصالحون.

وسب رجل أبا بكر الصديق- رضي الله عنه فقال: ما ستر الله عنك أكثر.

ومر عيسى ابن مريم- عليه السلام بقوم من اليهود فقالوا له شرًا. فقال لهم خيرًا. فقيل: إنهم يقولون شرًا، وأنت تقول خيرًا. فقال: كل أحد ينفق مما عنده.

وأنشدوا- في كان وكان-:

فكل شخص لسانوا

من قدر قلبوا يغترف

إذا كان طيب فطيب

وإن كان غيرو بان

(وقالوا: فلان في الورى لك شاتم

وأنت له- في الناس- تثني وتمدح

فقلت: دعوه ما تعد خالصه

فكل إنا بالذي فيه ينضح

وذكر أبو الفرج بن الجوزي، عن إبراهيم بن حمزة. قال: أتى عمر بن الخطاب- رضي الله عنه ببرود، فقسمها بين المهاجرين والأنصار، وكان فيها برد فاضل لها. فقال: إن أعطيته أحدًا منهم غضب أصحابه، ورأوا أني فضلته عليهم. فدلوني على فتى من قريش نشأ نشأة حسنة أعطيه إياها، فسموا له المسور بن مخرمة، فدعه إليه، فنظر إليه سعد بن أبي وقاص على المسور- رضي الله عنهما. فقال: ما هذا؟ قال: كسانيه أمير المؤمنين. فجاء سعد إلى عمر. فقال: تكسوني هذا البرد، وتكسو ابن أخي مسورًا أفضل منه. قال له: يا أبا إسحاق إني كرهت أن أعطيه أحدًا منكم فيغضب أصحابه فأعطيته فتى نشأ نشأة حسنة، لا تتوهموا أني فضلته عليكم .. فقال سعد: فإني قد حلفت لأضربن بالبرد الذي أعطيته رأسك فخضع له عمر رأسه، وقال: عبدك يا أبا إسحاق وليرفق الشيخ بالشيخ فضرب رأسه بالبرد.

ودعا علي- رضي الله عنه غلامًا فلم يجبه، فدعاه ثانية فلم يجبه، فقام إليه فرآه مضطجعًا. فقال: أما تسمع يا غلام؟ فقال: بلى. قال: فما حملك على السكوت. فقال: أمنت عقوبتك فتكاسلت فقال: امض فأنت حر لوجه الله.

وشتم رجل أبا ذر- رضي الله عنه فقال: يا هذا لا تستغرق في شتمنا. ودع

ص: 381

للصلح موضعًا، فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه.

وكان أويس القرني: إذا رآه الصبيان يرمونه بالحجارة فيقول: يا إخوتاه، إن كان ولا بد فبالصغار، لا تدمون ساقي فتمنعوني الصلاة.

وشتم سلمان الفارسي- رضي الله عنه فقال: إن خفت موازيني فأنا شر مما تقول وإن ثقلت موازيني لم يضرني ما تقول.

وروى الإمام- أحمد- في الزاهد، وابن أبي الدنيا- بسنديهما عن عمر بن حفص، عن شيخ قال: لما ولى عمر بن عبد العزيز- رحمة الله عليه- خرج ليلة ومعه حرسي، فدخل المسجد، فمر في الظلمة برجل نايم فعثر به، فرفع رأسه إليه. قال: أمجنون أنت؟ قال: لا. فهم به الحرسي. فقال له (عمر) معه إنما سألني أمجنون أنت؟ فقلت: لا.

وذكر أبو الفرح بن الجوزي، عن إبراهيم بن أبي عبلة. قال: غضب عمر بن عبد العزيز على رجل غضبًا شديدًا، فبعث إليه، فأتى به فجرده ومده في الحبال، ثم دعا بالسياط حتى قلنا: هو ضاربه. قال: خلوا سبيله، لو أني غضبان لسؤتك. ثم تلا:{والكاظمين الغيظ والعافين عن النَّاس والله يحب المحسنين} .

وذكر ابن الجوزي أيضًا عن سفيان قال: نال رجل من عمر بن عبد العزيز، فقال له: ما يمنعك مني؟ فقال: إن التقي ملجم.

وأسمعه رجل بعض ما يكره. فقال له: مه يا هذا كأنك أردت بكلامك هذا أن يستفزني الشيطان بعز السلطان، فأنال منك ما تستقصه مني. إذهب راشدًا، هداك الله.

وأنشدوا:

وذو سفه يخاطبني بجهل

وأكره أن أكون له مجيبا

يزيد سفاهة وأزيد حلمًا

كعود زاده الإحراق طيبا

وروي أن رجلًا شتم الأحنف بن قيس واسمه الضحاك. وقيل صخر وكان ذلك الرجل يتبعه فلما قرب من الحي وقف. فقال: إن كان في قلبك شيء فقله، كي لا يسمعك سفاء الحي فيحاربوك.

ص: 382

وذكر عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي: أن رجلًا أتى الأحنف فلطمه فقال: ما شأنك؟ قال: اجتعلت لي جعلًا على أن ألطم سيد بني تميم. فقال: ما أنا بسيدهم وإنما سيدهم الحارثة بن قدامة، فذهب الرجل فلطم حارثة فأخرج حارثة سكينًا فقطع يد ذلك. فقال: ما أنت قطعت يدي إنما قطعها الأحنف بن قيس.

وقيل للأحنف بن قيس: ممن تعلمت الحلم؟ فقال: من قيس بن عاصم فقيل: وماذا بلغ من حلمه؟ قال: قال: بينا هو جالس في داره إذ جاءته خادمة له بسفود من شواء، فسقط من يدها فوقع على ابنة له فماتت، فدهشت الجارية. فقال: لا روعة عليك أنت حرة لوجه الله- تعالى-.

وروى البيهقي من شعب الإيمان- بسنده- عن الأحنف بن قيس أنه قال: تعلموا الحلم تعلمًا، ولقد تعلمته من قيس بن عاصم، أتي قيس بابنه قتيلًا، فجاء بقاتله وهو أحد بني عمه. فقال له: لقد نقصت عددك وأوهنت عزك، وقتلت ابن عمك وقد عفوت عنك وإن أمه لثكلى وقد حملت لها مائة من الإبل في مالي.

وقد اتخذ أهل التصوف- رضي الله عنهم التحلي بعدم الانتصار لأنفسهم، لأن حظوظ النفس شين في العقلاء فستروها بالعزم على عدم الانتصار لها حتى إنه ذكر عن بعضهم أن شخصًا سبه فأعرض عنه فقال له: أنت أعني، فقال له السيد وعنك أعرض.

وشتم الربيع بن خيثم، فقال: يا هذا قد سمع الله كلامك، وإن دون الجنة عقبة إن قطعتها لم يضرني ما تقول، وإن لم أقطعها فأنا شر مما تقول.

وسب رجل لعلي بن الحسين- رضي الله عنهم فرمى له بخميصة كانت عليه، وأمر له بألف درهم. فقال بعضهم: جمع فيه خمس خصال: الحلم، وإسقاط الأذى، وتخليص الرجل مما يبعده من الله، وحمله على الندم والتوبة، ورجوعه إلى المدح بعد الذم اشترى ذلك بيسير من الدنيا.

وشتم الشعبي رجل في ملأ من الناس فقال له: إن كنت كذابًا فغفر الله لك، وإن كنت صادقًا، فغفر الله لي.

وقالت امرأة لمالك بن دنيار- رحمه الله يا مرائي. فقال: يا هذه وجدت اسمي الذي

ص: 383