الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضرب لنسي الأمر بالمعروف وغفل عن دين الله تعالى واشتغل بنفسه بل ربما يطلب الجاه والاسم وغير ذلك.
ليكن الآمر الناهي -حينئذ- حذرًا من نفسه، مفتقدًا لمجاري الغضب المفسد للدين وإلا كان ما يفسده أكثر مما يصلحه.
وروى الإمام أحمد -في الزهد- بسنده، عن يحيى بن أبي كثير -رحمة الله عليه- قال: قال سليمان بن داود عليهما السلام لابنه: يا بني إياك والغضب، فإن كثرة الغضب يستخف فؤاد الحليم. يا بني إياك والمراء، فإن نفعه قليل. وهو يهيج العداوة بين الإخوان.
وقال بعض السلف: الغضب يحدث ثلاثة أشياء مذمومة: تفرق الفهم، وتغير النطق، وقطع مادة الحجة.
وقال إبراهيم بن أدهم. أنا منذ عشرين سنة لي أخ، إذا غضب علي لم يقل في إلا الحق- لا أجده.
فصل (6): أساليب إذهاب الغضب:
وينبغي للمغضب أن يذهب غضبه بأشياء: منها، الاستعاذة؛ لقوله -تعالى-: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله
…
}.
وفي الصحيحين، وسنن أبي داود من حديث- سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: استب رجلان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن عنده فبينما أحدهما يسب صاحبه مغضبًا وقد احمر وجهه وانتفخت أوداجه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد. لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) فقال: وهل بي من جنون.
وعند أبي داود: فجعل أحدهما تحمر عيناه وتنتفخ أوداجه. وفي آخره: وهل ترى بي من جنون.
ومنها. ذكر الله -تعالى- وذكر وعده ووعيده. ففي بعض الآثار يقول الله تعالى: (يا ابن آدم اذكرني إذا غضبت أذكرك إذا غضبت ولا أهلكك فيمن أهلك) رواه ابن أبي حاتم.
ومنها ذكر نار جهنم، فقد قال الحسن البصري: أيها الناس أطفئوا نار الغضب بذكر نار جهنم.
وقال أبو الدرداء: أقرب ما يكون العبد من غضب الله إذا غضب.
ومنها: السكوت؛ لما روى الإمام أحمد، والبزار من حديث ابن عباس مرفوعًا:"علموا ويسروا ولا تعسروا، وإذا غضب أحدكم فليسكت، وإذا غضب أحدكم فليسكت وإذا غضب أحدكم فليسكت".
وهذا -أيضًا- دواء عظيم للغضب، لأن الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول والفعل ما يندم عليه بعد زوال غضبه.
ومنها: جلوسه إذا كان قائمًا واضطجاعه إذا كان قاعدًا، لما روى الإمام أحمد، وأبو داود من حديث أبي ذر مرفوعًا:"إذا غضب أحدكم وهو ائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع".
قال بعض العلماء؛ لأن القائم مهيئ للانتقام، والجالس دونه في ذلك، والمضطجع بعيد عنه. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتباعد عن حالة الانتقام.
ولهذا المعنى قال النبي صلى الله عليه وسلم في الفتن: (إن المضطجع فيها خير من القاعد، والقاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي فيها خير من الساعي
…
) والله أعلم.