المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل (26): هجران أهل البدع والمتظاهرين بالمعاصي فرض كفاية - الكنز الأكبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ابن داود الحنبلي

[ابن داود الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول: في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان فرضيتهما

- ‌فصل- 1 - : حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 2 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 3 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفعال الصالحين وخلال المتقين

- ‌فصل- 4 - : دليل كون الأمر بالمعروف من أخص الأعمال الصالحة المتقبلة عند الله تعالى

- ‌فصل- 5 - : تحذير المحتسب (الآمر الناهي) والحاكم من التأثر ببغضه للبعض عند الحكم تفاديًا للظلم

- ‌فصل- 6 - : التحذير من الارتداد عن الدين

- ‌فصل- 7 - : التحذير من التفريط في الإنكار على فاعل المنكر

- ‌فصل- 8 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللعن وهو الطرد من رحمة الله

- ‌فصل- 9 - : دليل كون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من شرائع الإيمان أي من شروط تمامه

- ‌فصل- 11 - : وجوب اجتهاد الآمرين الناهين في الأمر والنهي وإن لم يستجب الجمهور إقامة للحجة الإلهية لله على خلقه

- ‌فصل- 12 - : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف من أخص أوصاف المنافقين

- ‌فصل- 13 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص أوصاف المؤمنين

- ‌فصل- 14 - : مراتب الجهاد في سبيل الله ثلاثة: جهاد الكفار وجهاد النفس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل- 15 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الهلاك في الدنيا فضلًا عن العذاب بالآخرة

- ‌فصل- 16 - : جمع آية في القرآن هي التي تأمر بالعدل والإحسان وتنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي

- ‌فصل -17 - : دليل وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه فرض عين في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -18 - : دليل كون المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الأمر بطاعة الله والنهي عن معصيته

- ‌فصل -19 - : دليل كون أعلى مراتب الجهاد امتثال أمر الله واجتناب نهيه

- ‌فصل -20 - : دليل كون المقصرين في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خسر

- ‌فصل -21 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفضل ما يعين المؤمن على تزكية نفسه ومعالجة ترقيها في الطاعات وتطهرها من الدنس

- ‌فصل -22 - : الأحاديث الواردة في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -23 - : ما ورد في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -24 - : وجوب تبليغ الشرع وأن ذلك يثمر نضارة الوجه

- ‌فصل -25 - : من ذب عن عرض مسلم وهو غائب وقاه الله النار يوم القيامة

- ‌فصل - 26 - : صلاح العباد في طاعة الله وطاعة الله لا تتم إلا بالاجتهاد في القيام بهذا الواجب

- ‌فصل - 27 - : أجمع العلماء على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتوافر خصوص الأمر به ولتوعد الشارع تاركه بأشد العقوبة

- ‌فصل - 28 - : تأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الحكام

- ‌فصل - 29 - : وجوب الإمعان في إنكار البدع المضلَّة حتى تخمد ثم يجب إنكار البدع المضلة، وإقامة الحجة على بطلانها

- ‌فصل - 30 - : قول العز بن عبد السلام: الواجبات والمندوبات ضربان:

- ‌فصل - 31 - : قول العز: من فعل واجبًا متعديًا أو مندوبًا متعديًا أو اجتنب محرمًا أو مكروهًا متعديان فقد قام بحق نفسه وحق ربه

- ‌فصل - 32 - : بيان آراء العلماء في: هل من شروط وجوب إنكار المنكر غلبية الظن في إزالته

- ‌فصل - 33 - : عدم سقوط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعزلة مادام قادرًا على الأمر والنهي

- ‌فصل - 34 - : من تيقن من وجود منكر بالسوق وكان قادرًا على تغييره لزمه الخروج لتغييره

- ‌فصل - 35 - : في إنكار المنكر أجر عظيم وفي عدم إنكاره الإثم الكبير

- ‌فصل -36 - : إذا تظاهر الناس بالمنكر وجب على كل من يراه أن يغيره في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -37 - : ثبوت عذاب القبر لمن ترك واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم قبول شفاعته

- ‌فصل -38 - : الأحاديث والآثار الواردة في ذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -39 - : تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عاص لوجوه أربعة

- ‌فصل- (40): إبطال زعم البعض أن السكوت عن المنكر مقام من مقامات الرضا بالقضاء:

- ‌فصل- (41): من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نزع هيبة الطاعة:

- ‌فصل- (42): توعد الله المذلين للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بإحباط عملهم في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل- (43): من أخص أوصاف المنافقين الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وأن من أمارات الساعة فساد المسلمين بإمرتهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف:

- ‌الباب الثاني: أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل- (1): شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (خمسة):

- ‌فصل - (2): أخص أوصاف المؤمنين الدالّة على صحة عقيدتهم:

- ‌فصل - (3): الركن الثاني للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [المأمور بالمعروف والمنهي عن المنكر]

- ‌فصل - (4): الإنكار على السلطان إذا عطل الحدود في حدود القدر المستطاع:

- ‌فصل - (5): دفع التعارض بين أمر خواض الأمة السلطان الجائر بالمعروف ونهيه عن المنكر وبين تحريم تعريض النفس للتهلكة:

- ‌فصل - (6): سقوط وجوب أمر خواص العلماء الحكام ونهيهم عند توقع ضر لا يطاق:

- ‌فصل - (7): تحريم فرار المسلمين من عدوهم إذا كانوا ضعفهم:

- ‌فصل - (8): جواز أمر خواص الأمة بالمعروف ونهيهم عن المنكر ولو تيقنوا القتل إذا تيقنوا رفع المنكر:

- ‌فصل - (9): إباحة أمر السلطان ونهيه خواص الأمة عندما لا يخافون إيذاءًا لغيرهم نتيجة لنهيهم:

- ‌فصل - (10): كيفية الإنكار على السلطان تكون بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف وذكر العاقبة في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل - (11): وجوب وعظ خواص الأمة السلطان سرًا أفضل منه جهرًا:

- ‌فصل - (12): وجوب نصح الولد للوالد بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف:

- ‌فصل - (13): وجوب نهي أهل الذمة من المنكر كزواج كتابي مسلمة أو عرضهم الخمر ولحم الخنزير للبيع بين المسلمين:

- ‌فصل - (14): الشروط الواجب توفرها في المنكّر حتى يجب النهي عنه:

- ‌فصل - (15): الشرط الثالث من شروط المنكر:

- ‌فصل - (16): أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبني على الظنون

- ‌فصل - (17): الشرط الرابع من شروط المنكر أن يكون معلومًا بغير اجتهاد

- ‌فصل - (18): وجوب التزام كل مقلد لمذهب بأحكام مذهبه وكراهة تقليده غيره إلاّ لضرورة

- ‌فصل - (19): ضروب الموجب للإنكار:

- ‌فصل - (20): الركن الرابع من أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل - (21): درجات النهي عن المنكر الدرجة الأولى: التعرف

- ‌فصل - (22): الدرجة الثانية: في الأمر النهي عن المنكر التعريف:

- ‌فصل - (23): الدرجة الثالثة للنهي عن المنكر النهي بالوعظ

- ‌فصل- (24): ما ينبغي على الآمر الناهي استخدامه في الوعظ من ذكر آيات وأحاديث وقصص:

- ‌فصل - (25): الدرجة الرابعة من درجات النهي عن المنكر:

- ‌فصل - (26): الدرجة الخامسة من درجات النهي عن المنكر التغيير باليد:

- ‌فصل - (27): وللمنكر كسر آلة اللهو وكسر وعاء الخمر:

- ‌فصل - (28): وجوب إنكار المنكر المستتر

- ‌فصل- (29): إختلاف الرواية عن أحمد في وجوب تحريق بيوت تجار الخمر:

- ‌فصل - (30): كراهة النظر إلى التصاوير وإباحة حكها من على الجدران:

- ‌فصل (31): لا ضمان في تحريق الكتب كالتي فيها الأحاديث المفتراة على رسول الله:

- ‌فصل - (32): في الدرجة الخامسة أدبان

- ‌فصل- (33): الدرجة السادسة من درجات النهي عن المنكر التهديد والتخويف:

- ‌فصل (34): الدرجة السابعة مباشرة الضرب باليد والرجل بلا شهر سلاح:

- ‌فصل - (35): الدرجة الثامنة للنهي عن المنكر الاستعانة بأعوان من أهل الخير لإزالة المنكر:

- ‌فصل- (36): وترتيب درجات النهي عن المنكر مقتبسة من إشارات بعض آيات التنزيل:

- ‌الباب الثالث: طبقات الناس من الآمرين والمأمورين والمتخلفين

- ‌فصل- (1) طبقات المنهيين:

- ‌فصل (2): أقسام التائبين الذين تأثروا بالموعظة:

- ‌فصل (3): المتقاعسون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (4): غربة الآمرين الناهين ين أهل الفساد:

- ‌فصل (5): ابتلاء الله الفقهاء ببعض العصاة لهم:

- ‌فصل (6): ذل المؤمن لغربته بين الفساق:

- ‌فصل (7): معاداة العصاة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر:

- ‌فصل (8): حسد الفساق للعلماء وتمنيهم إضلالهم:

- ‌(فصل): وجوب إيثار الآمر الناهي رضي رب العباد على رضى العباد:

- ‌الباب الرابع: بيان ما يستحب من الأفعال والأقوال والأحوال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل (1): الآمر بالمعروف والنهين عن المنكر القائم في حدوده بمنزلة الطبيب الذي يسقى الدواء الكريه الذي يرجو به الشفاء للمريض من دائه

- ‌فصل (2): يستجيب للآمر الناهي العلم والورع وحسن الخلق:

- ‌فصل (3): تأكد ورع الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بالإغراض عما في أيدي الناس

- ‌فصل (4): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بحسن الخلق:

- ‌فصل (4) [مكرر]: في ذم الغضب

- ‌فصل (5): فضيلة كظم الغيظ:

- ‌فصل (6): أساليب إذهاب الغضب:

- ‌فصل (7): استحباب الغضب عند انتهاك حرمات الله:

- ‌فصل (8): وجوب حذر الغاضب عند انتهاك حرمات الله من الشوائب الدنيوية

- ‌فصل (9): استحباب الحلم والعفو للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (10): أحاديث من مدح الرفق وذم تاركه:

- ‌فصل (11): تأكد استحباب الرفق للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (12): وجوب حذر الآمر الناهي من رفق المداهنة لبلوغ غرض دنيوي

- ‌فصل (13): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بالحلم والعفو

- ‌فصل (14): على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يقابل إساءة المأمورين بالإحسان

- ‌فصل (15): عفو الناهي عن المسيء يورثه عزًا

- ‌فصل (16)

- ‌فصل (17): استحباب الأناة والتثبت للآمر الناهي

- ‌فصل (18): ويستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر قصد نصح جميع الأمة

- ‌فصل (19): ومما يستحب للآمر بالمعروف أن يكون قصده رحمة الخلق والنفقة عليهم:

- ‌فصل (20): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ستر العورات والعيوب:

- ‌فصل (21): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون مغتمًا مما ظهر من معصية أخيه المسلم

- ‌فصل (22): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون غيورًا على إخوانه المسلمين أي غيورًا على دمائهم وأموالهم وأعراضهم

- ‌فصل (23): ومما يستحب (أو يجب) على كل مسلم أن يهجر المجاهرين بالمعاصي الفعلية والقولية والاعتقادية للإجتماع على وجوب ترك الأرض التي يجاهر فيها بالمعاصي

- ‌فصل (24): استحباب هجر المجاهر بالمعصية على جهة التأديب

- ‌فصل (25): استحباب هجر من ترك الفرائض من باب التغرير بترك السلام على تارك الصلاة وشارب الخمر

- ‌فصل (26): هجران أهل البدع والمتظاهرين بالمعاصي فرض كفاية

- ‌فصل (27): على الآمر الناهي أن يسلك مع العصاة والفساق مسالك بحسب مراتبهم في مخالفة أوامر الله

- ‌فصل (28): تباين درجات الهجر بحسب أحوال المهجورين فإن كان الهجر يضعف شرهم وجب الهجر كأسلوب للزجر وإن كان يزيد من شرهم وجبت مخالطتهم وتغريرهم

- ‌فصل (29): تباين درجات الهجر بحسب درجات اعتقاد وسلوك الجماهير:

- ‌فصل (30): الهجر أسلوب شرعي للزجر لتكون كلمة الله هي العليا

- ‌فصل (31): لا فرق بين وجوب هجر ذي الرحم والأجنبي إذا كان الهجر لتعدي حق الله:

- ‌فصل (32): عدم جواز الهجر المسلم للتهمة مداومة للصفاء والمحبة

- ‌فصل

- ‌فصل (33): هجر المسلم العدل في اعتقاده وأفعاله كبيرة:

- ‌فصل (34): قال ابن مفلح رحمه الله ولا هجرة مع السلام

- ‌فصل (35): استحباب التقرب إلى الله بحب أهل الطاعة وبغض أهل المعصية:

- ‌فصل (36): استحبالب تواضع الآمر الناهي في أمره ونهييه بلا افتخار أو تعاظم

- ‌فصل (37): استحباب استعانة الآمر الناهي بالله والاعتصام به وخاصة عند عجزه عن مجاهدة نفسه وعن القيام بحقوق الله

- ‌فصل (38): استحباب طلب الآمر الناهي إعانة الله

- ‌فصل (39): استحباب تحلي الآمر الناهي بالصبر والاحتمال:

- ‌فصل (40): صبر النبي على أذى قريش عشرين عامًا وعفوه عنهم بعد أن أظفره الله بهم

- ‌فصل (41): يبتلي المرء على قدر دينه والمرء يبتلي على قدر دينه وقوة يقينه

- ‌فصل (42): إذا تحقق المصاب من أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه والمصاب إذا علم وتحقق أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه

- ‌فصل (43): وعد الله المؤمنين الذين يعملون الصالحات باستخلافهم في الأرض وتمكين دينهم لهم:

- ‌فصل (44): من أخص آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (45): وجوب تحمل الآمر الناهي الصبر المترتب على أمره ونهيه:

- ‌فصل (46): قال العلامة ابن القيم: وللعبد فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه احد عشر مشهدًا

- ‌فصل (47): وقوع المحن على قدر قوى الآمرين الناهين ومراتبهم:

الفصل: ‌فصل (26): هجران أهل البدع والمتظاهرين بالمعاصي فرض كفاية

‌فصل (26): هجران أهل البدع والمتظاهرين بالمعاصي فرض كفاية

وأما هجران أهل البدع فقال "ابن تميم"(هجران أهل البدع كافرهم وفاسقهم والمتظاهر بالمعاصي فرض كفاية) لأن المشهور عن أحمد كفر الداعية إلى البدع يعني المحرمة وعنه: لا. قال ابن حمدان -في الرعاية-: ويجب هجر من كفر أو فسق ببدعة أو (دعا) إلى بدعة مضلة أو منسقة على من عجز عن الرد عليه أو خاف الاغترار به والتأذي دون غيره.

وقيل: يجب هجره مطلقًا. و (هو) ظاهر نصوص أحمد وأصحابه في البدعة سواء كفر بهم أم لا. قال ابن مفلح في فروعه: وفي تحريم السلام على مبتدع لمخاصم روايتان قال ابن مفلح" وظاهر نصوص أحمد: لا فرق بين من جهر بالبدعة ودعا إليها أو أسرها. قال ابن حامد في أصوله: المبتدع المدعي للسنة هل يجب هجره ومباعدته؟ فنقل علي بن سعد ع ن أحمد في المرجئ: يدعو إلى طعامه أو أدعوه؟ قال يدعوه ويجيبه إلا أن يكون رأسًا فيهم. ونقل "حرب" عن "أحمد" لا يعجبني أن أخاطب أهل البدع. ورد الخطاب أبو ثابت سلام جهمي. فقال أحمد: يرد على كافر.

فقلت أليس يرد على اليهودي والنصراني؟ قال اليهود والنصارى قد تبين أمرهما. قال ابن حامد فمذهب أحمد في أهل البدع- إن كان داعية مشتهرًا به فلا يعاد ولا يسلم عليه ولا يرد عليه السلام ولا يجاب إلى طعام ولا دعوة - وإن كان يخفي بدعته فعلى وجهين في الجواز والمنع بناء على جواز إقامته. ونقل الفضل عن أحمد أنه قال: (إذا عرفت من أحد نفاقًا فلا تكلمه لأن النبي صلى الله عليه وسلم خاف على الثلاثة الذين خلفوا فأمر الناس أن لا يكلموهم). ونقل الميموني عنه أنه قال: فكذا كل من خفنا عليه. قيل له: فالمرجئه؟ قال: هؤلاء أسهل إلا المخاصم منهم فلا يكلم.

ص: 431

وروى الخلال عن إسماعيل بن إسحاق الثقفي النيسابوري (أن أبا عبد الله سئل عن رجل له جار رافضي يسلم عليه؟ قال: لا. وإذا سلم لا يرد عليه.

(وقد اشتهرت الرواية عنه في هجر من أجاب في المحنة إلى أن مات).

(وقال القاضي أبو الحسين بن أبي يعلى- في التمائم 0 لا تختلف الرواية في وجوب هجر أهل البدع وفساق الملة). قال ابن مفلح: "أطلق كما ترى فظاهره أنه لا فرق بين المهاجر وغيره في المبتدع والفاسق وهو ظاهر كلام أحمد في مكان وقطع به أبو الوفا ابن عقيل وقال: ليكون ذلك كسرًا واستصلاحًا". وقال إن أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى ازدحامهم في أبواب الجوامع ولا ضجيجهم في الموقف (ولكن انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة).

ومن الهجران: ترك العبادة -نص عليه أحمد.

وقد حرم ابن الصيرفي الحراني من الحنابلة -من نوادره- عيادة المبتدع.

وعن أحمد ورواية لا يعاد الداعية فقط -كما تقدم- واعتبر ابن عباس بن تيمية المصلحة في ذلك. ونقل أبو الحرث ع ن "أحمد": أن أهل البدع لا يعادون ولا تشهد لهم جنازة وهو مذهب مالك.

فأهل البدع فلي الهجر -أسوأ حالاً من أهل الذمة- كما تقدم قريبًا من قول أحمد لأن الذمي يجوز إجابة دعوته وترد التحية عليه إذا سلم ويجوز قصده في البيع والشراء فجازت عيادته وتعزيته كالمسلم. بخلاف من يحكم بكفره من أهل البدع لوجب هجره كما ذكر العلامة مجد الدين بن تيمية -في المحرر-.

قال القاضي أبو يعلي: (ولم يهجر أهل الذمة لأنا عقدناها معهم لمصلحتنا بأخذ الجزية، وأما المرتدون فإن الصحابة باينوهم بالقتال وأي هجر أعظم من هذا؟ ). وروى الإمام أحمد وأبو داود من الحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لكل أمة مجوس ومجوس أمتي الذين يقولون لا قدر إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا

ص: 432

تشهدوهم). هذا لفظ أحمد ولفظ أبي داود: "القدرية مجوس هذه الأمة" وذكره.

وروى أبو داود أيضاً -من حديث حذيفة بن اليمان مرفوعًا: "لكل أمة مجوس ومجوس هذه الأمة الذين يقولون: لا قدر. من مات منهم فلا تشهدوا جنازته ومن مرض منهم فلا تعودوهم وهم شيعة الدجال، وحق ع لى الله أن يلحقهم بالدجال".

وروى أحمد وأبو داود من حديث عمر مرفوعًا: " لا تجالسوا أهل القدر ولا تناكحوهم".

وروى ابن ماجة من حديث جابر مرفوعًا: "إن مجوس هذه الأمة المكذبون بالأقدار إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم وإن لقيتموهم فلا تسلموا عليهم".

وروى الإمام أحمد وأبو داود من حديث نافع. قال: كان لابن عمر صديق من أهل الشام فكاتبه. فكتب إليه عبد الله بن عمر: إنه بلغني أنك تكلمت في شيء من القدر فإياك أن تكتب إليَّ فإن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر). ورواه ابن ماجة والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

وروى أبو بكر الخلال بسنده عن أنس رضي الله عنه -وقيل له: إن قومًا يكذبون بالشفاعة وقومًا يكذبون بعذاب القبر؟ قال: لا تجالسوهم. وبإسناده عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال لرجل جعل في عضده خيطًا من الحما: لو مت وهذا عليك لم أصل عليك.

وبإسناده عن الحسن قال لسمرة بن جندب رضي الله عنه إن ابنك أكل طعامًا كثيرًا حتى كاد أن يقتله. قال: (لو ومات مات ما صليت عليه).

وبإسناده أن أنسًا رضي الله عنه كان له امرأة في خلقها سوء فكان يهجرها السنة

ص: 433

والأشهر فتتعلق بثوبه. فتقول" أنشدك الله يا بن مالك أنشدك الله يا بن مالك فما يكلمها قال محمد بن كعب القرظي رحمه الله: لا تجالسوا أصحاب القدر ولا تماروهم.

وكان حماد بن مسلمة إذا جلس يقول: من كان قدريًا فليقم.

وعن طاوس وأيوب وسليمان التيمي وأبي السوار ويونس بن عبيد مثل ذلك. قال القاضي أيو يعلى: هو إجماع الصحابة والتابعين.

وروى الحافظ أبو نعيم -في الحلية- بسنده- عن أحمد بن عبد الله بن يونس قال: سمعت رجًلا يقول لسفيان الثوري: رجل يكذب بالقدر أصلي وراءه؟ قال: لا تقدموه. قال: هو إمام القرية ليس لهم إمام غيره؟ قال: لا تقدموه وجعل يصبح.

وبسنده عن بشر بن منصور قال: "سفيان" يقول وسأله رجل فقال على بابي مسجد إمامه صاحب بدعة قال: سمعت "سفيان" يقول وسأله رجل فقال على بابي مسجد إمامه صاحب بدعة؟ قال: لا تصل خلفه. قال: يكون الليلة المطيرة وأنا شيخ كبير؟ فقال لا تصل خلفه. وقال بعض أهل البدع لأبي عمران النخعي رحمه الله إسمع مني كلمة فأعرض عنه، قال: لا ولا نصف كلمة. ومثله عن أيوب لسختياني.

وقيل لأحد رحمه الله: آخذذ على ابن الجهمي؟ قال: كم له؟ قلت ابن سبع أو ثمان. قال لا تأخذ عليه، ولا تلقنه لتذل الأب به.

وقال في رسالته إلى "مسدد": (ولا تشاور أهل البدع في دينك ولا ترافقهم في سفرك).

ونقل أبو داود عن أحمد -أيضاً- في الرجل يمشي مع المبتدع: لا يكلمه.

وقال في رواية حنبل: (عليكم بالسنة والحديث وما ينفعكم، وإياكم والخوض والمراء فإنه لا يفلح من أحب الكلام وقال لي أبو عبد الله: لا تجالسهم ولا تكلم أحدًا منهم وقال أيضًا -وذكر أهل البدع فقال: لا أحب لأحد أن يجالسهم ولا يخالطهم ولا يأنس بهم وكل من أحب الكلام لم يكن آخره أمره إلا إلى بدعة لأن الكلام لا يدعوا إلى

ص: 434

خير. عليكم بالسنن والفقه الذي تنتفعون به. ودعوا الجدال وكلام أهل الزيغ والمراء. أدركنا الناس وما يعرفون هذا ويجانبون أهل الكلام.

وقال في رواية حنبل -أيضًا- وكتب إليه رجل يسأله عن مناظرة أهل الكلام والجلوس معهم؟ قال: والذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا من سلفنا من أهل العلم أنهم كانوا يكرهون الكلام والخوض مع أهل الزيغ.

وقال موسى بن هارون الحمال عن أحمد: (لاتجالس أصحاب الكلام وإن ذبوا عن السنة).

وذكر موفق الدين بن قدامة في "المقنع" -في النظر في كتب المبتدعة- قال: كان السلف ينهون عن مجالسة أهل البدع والنظر في كتبهم والاستماع لكلامهم -إلى أن قال: وإذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبع سنتهم في جميع الأمصار والإعصار متفقين على وجوب اتباع الكتاب والسنة وترك علم الكلام وتبديع أهله وهجرانهم والخبر بزندقتهم وبدعتهم. وقد روى الحاكم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها -قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام).

وذكر القرطبي -في تفسيره- عن الفضيل بن عياض. أنه قال: من أحب صاحب البدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه ومن زوج كريمته من مبتدع قطع رحمها ومن جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة فإذا علم الله من رجل أنه يبغض صاحب بدعة رجوت أن يغفر له. وقال عبد الله بن محمد بن الفضل الصيداوي: قال"أحمد" إذا سلم الرجل على المبتدع فهو يحبه قال النبي صلى الله عليه وسلم (ألا أدلكم على ما إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم). وروى أبو نعيم في الحلية بسنده عن سفيان الثوري أنه قال: (من أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة فقد خرج من عصمة الله ووكل إلى نفسه والبدعة أحب إلى إبليس من المعصية، المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها على إحدى الروايتين.

قال أبو داود: قلت لأبي عبد الله بن حنبل: أرى الرجل من أهل السنة مع

ص: 435

الرجل من أهل البدع أأترك كلامه؟ قال: لا. أو تعلمه أن الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة فإن ترك كلامه فكلمه وإلا فألحقه به).

وأما مبايعة أهل البدع ومشاوراتهم فسأل المروزي أحمد رحمه الله فقال: أمر بقربة فيها الجهمية لا زاد معي ترى أن أطوي؟ قال: نعم ولا تشتر منها شيئًا وتوقى أن تبيعه قال: بايعته ولا أعلم؟ قال: إن قدرت أن تسترد البيع فافعل فقلت: فإن لم يكن أتصدق بالثمن؟ قال: أكرره أن أحمل الناس على هذا فتذهب أموال الناس: قلت فكيف أصنع؟ قال: لا أدري أكره أن أتكلم بشيء ولكن أقل ما هنا أن يتصدق بالربح.

قال ابن حامد: فظاهر كلام "أحمد" المنع من ذلك وإبطاله مطلقًا فمن كان منهم داعية فالبيع باطل يملك به شيئًا.

كالمرتدين سواء والإخراج على وجهين في إمامته والسلام عليه ورد سلامه.

قال ابن حامد: فدل كلام أحمد أن مراده البدعة المكفرة فالداعية إليها كالمرتد وإلا فالوجهان. وقال جماعة من السلف: إن الدعاة إلى البدع لا تقبل شهادتهم ولا يصلى خلفهم ولا يؤخذ عنهم العلم ولا يناكحون فذلك عقوبة لهم حتى ينتهوا. وهجر أحمد الحارث المحاسبي ع لى تصنيفه في الرد على المعتزلة وقال: وحمل الناس على التفكير فيها ثم ترد عليهم.

وهجر أبا ثور في تأويله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق آدم على صورته) وذكر الغزالي عنه -أيضًا- أنه كان بينه وبين يحيى بن معين صحبة طويلة فهجره "أحمد" إذ سمعه يقول: إني لا أسألك أحدًا شيئًا ولو أعطاني الشيطان شيئًا لأكلته. حتى اعتذر يحيى وقال: كنت أمزح فقال: تمزح بالدين! أما علمت أن الأكل من الدين قدمه الله -تعالى- على العمل الصالح فقال: {كلو من الطَّيبات واعملوا صالحاً} .

فيتعين حينئذ على المرء هجر أهل البدع لاسيما الداعية وترك مخالطتهم والتردد إليهم لغير مصلحة فإن في ذلك وزراً عليه في دينه.

ولقد أحسن الإمام أبو عبد القوي -في نظمه- حيث قال:

وهجران من أبدى المعاصي سنة وقد قيل: أن يردعه أوجب وآكد

ص: 436