الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى أبو الشيخ بن حيان في كتاب التوبيخ. ومن حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اغتيب عنده أخوه المسلم فلم ينصره وهو يستطيع نصره أدركه إثمه في الدنيا والآخرة).
ورواه الأصبهاني في الترغيب والترهيب: ولفظه: (من اغتيب عنده أخوه واستطاع نصرته فنصره، نصره الله في الدنيا والآخرة).
فصل -38 - : الأحاديث والآثار الواردة في ذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وأما الأحاديث الموقوفة، والآثار الواردة المعروفة بذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمنها:
ما روى أبو القاسم الأصبهاني -في الترغيب والترهيب- بسنده، عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال:(لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم سلطانًا ظالمًا لا يجل كبيركم ولا يرحم صغيركم ويدعو عليه خياركم فلا يستجيب لكم وتستنصرون فلا تنصرون وتستغفرون فلا يغفر لكم).
وروى أبو بكر ابن أبي الدنيا -في كتابه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- بسنده، عن حذيفة بن اليمان موقوفًا:(إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصير بها منافقًا، وإني لأسمعها من أحدكم اليوم في المقعد الواحد أربع مرات، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتحاضُّن على الخير أو ليسحتنكم الله جميعًا بعذاب أو لتأمرن عليكم شراركم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم).
ورواه ابن أبي الدنيا -أيضًا- من طريق أخرى: ولفظه: "ليس منا أحد أعظم من أحد لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو لتقاتلن فليظهرن شراركم على خياركم فليقتلنكم حتى لا يبقى أحد يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر ثم تدعو الله فلا يستجيبكم لمقتكم".
قوله: (لتحاضن) أي ليحضن بعضكم بعضًا على الخير.
وفي كتاب الزهد والرقائق لابن المبارك بسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: يذهب الصالحون ويبقى أهل الريب. قالوا: يا عبد الله ومن أهل الريب؟ قال: قوم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر.
وفيه بسنده عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي. قال حدثنا أسيد بن عبد الرحمن عن العلاء بن زياد -رحمة الله عليه- قال: إنكم في زمان أقلكم من ذهب عشر دينه، وإن بعدكم زمانًا أقلكم من يبقى عشر دينه.
وفي شعب الإيمان للبيهقي من حديث أبي جحيفة عن علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- أنه قال: الجهاد ثلاثة: جهاد بيد وجهاد بلسان وجهاد بقلب، فأول ما يغلب عليه من الجهاد جهاد اليد ثم جهاد اللسان فإذا كان القلب لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا نكس فجعل أعلاه أسفله.
وروى ابن أبي الدنيا بسنده عن أبي شريح الخزاعي، قال: خرج علينا حذيفة بن اليمان. وقال أتاكم الخير. قلنا وما ذاك؟ قال هلك عثمان -قلنا- هلكنا والله إذا. قال إنكم لن تهلكوا إنما تهلكون إذا لم يعرف لذي شيبة شيبته. ولا لذي سنن سنه. وصرتم تمشون على الركبات كأنكم يعاقيب حجل لا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المنكر.
وفي الترغيب والترهيب -لأبي القاسم الأصبهاني- بسنده -عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً قال له إني لأعمل بأعمال البر كلها إلا في خصلتين: قال: وما هما؟ قال: لا آمر بالمعروف ولا أنهى عن المنكر. فقال له (عمر): لقد طمست سمهمين من سهام الإسلام إن شاء عذبك وإن شاء غفر لك.
وفي كتاب الزهد للإمام أحمد -رحمة الله عليه- بسنده، عن بلال بن سعد بن تميم الأشعري -رحمة الله عليه- قال:(إن الخطيئة إذا أخفيت لم تضر إلا عاملها، وإذا ظهرت ولم تغير ضرت العامة).
ورواه ابن المبارك -في الزهد والرقائق- ولفظة: (إن المعصية إذا أخفيت لم تضر إلا
صاحبها، وإذا أعلنت فلم تغير ضرت العامة).
وروى البيهقي اللفظين في شعب الإيمان.
وروى ابن أبي الدنيا -في كتاب الأمر بالمعروف- وأبو الشيخ الأصبهاني بسنديهما عن إبراهيم بن عمرو الصنعاني رحمه الله قال: أوحى الله -تعالى- إلى يوشع بن نون عليه السلام إني مهلك من قومك أربعين ألفًا من خياركم، وستين ألفًا من شرارهم قال: يارب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ قال: لأنهم لم يغضبوا لغضبي، وكانو يؤاكلونهم ويشاربونهم.
وروى ابن أبي الدنيا -أيضًا- بسنده، عن وهب بن منبه رحمه الله قال: لما أصاب داود الخطيئة: قال: يارب اغفر لي: قال: قد غفرتها لك وألزمت عراها بني اسرائيل.
قال: كيف يارب وأنت الحكم العدل لا نظلم أحدًا. أعمل أنا الخطيئة وتلزم عارها غيري؟
فأوحى الله إليه: يا داود إنك لما اجترأت علي بالمعصية لم يعجلوا غليك بالنكرة.
وبسنده، عن إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت الفضيل بن عياض قال: بلغني أن الله عز وجل قال: إني أنا الله أقسمت بشديد الغضب، لآخذن مطيعكم بعاصيكم حتى لا أعصى علانية بين ظهرانيكم. وفي الزهد للإمام أحمد، وشعب الإيمان للبيهقي، عن مالك بن دينار رحمه الله عليه- قال: أن الله -تعالى- أمر بقرية أن تعذب فضجت الملائكة. وقالت: إن فيهم عبدك فلانًا العابد فقال: أسمعوني (منه) صيحة، فإن وجهه لم يتمعّر، غضبًا لمحارمي.
قال البيهقي: هذا هو المحفوظ من قول مالك بن دينار.
وقد روي من وجه آخر مرفوعًا.
وروى الطبراني -في الكبير- من حديث نعيم بن نمحة وذكر خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفي آخرها: لا خير في قول لا يراد به وجه الله -تعالى- ولا خير في مال
لا ينفق في سبيل الله، ولا خير فيمن يغلب -حلمه جهله- ولا خير فيمن لا يخاف في الله لومة لائم.
وقال سفيان الثوري: (إذا أثنى على الرجل جيرانه أجمعون فذاك رجل سوء لا خير له، كان يراهم يعملون المعاصي ولا ينهاهم (ويلقاهم) بوجه طلق).
وروى ابن أبي الدنيا بسنده، عن حذيفة بن أسباط قال: سمعت سفيان قال: قال حذيفة رضي الله عنه: إن الرجل ليدخل المدخل الذي يجب عليه أن يتكلم فيه لله فلا يتكلم، فلا يعود قلبه إلى ما كان أبدًا. قال يوسف: فحدثت به أبا إسحق الفزاري حين قدم من عند هارون فبكى ثم قال: أنت سمعت هذا من سفيان.
وفي الزهد والرقائق لابن المبارك، وشعب الإيمان للبيهقي، عن عمر بن عبد العزيز -رحمة الله عليه- قال: كان يقال: إن الله -تعالى- لا يعذب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عمل المنكر جهارًا فقد استحقوا كلهم العقوبة).
ورواه أبو بكر ابن أبي الدنيا -في كتاب الأمر بالمعروف.
وفي كتاب الزهد للإمام أحمد بسنده عن مالك بن دينار. أنه قال: (قرأت في التواراة: من كان له جار يعمل بالمعاصي فهو شريكه).
ورواه أبو القاسم في الترغيب والترهيب.
وفي الزهد -أيضًا- عن مالك بن دينار قال: كان حبر من أحبار بني إسرائيل يغشى منزله الرجال والنساء؛ يعظهم ويذكرهم بأيام الله عز وجل فرأى بعض بنيه يومًا وقد غمز بعض النساء. فقال له: مهلاً. قال: فسقط من سريره فانقطع نخاعه وأسقطت امرأته وقتل بنوه في الجيش فأوحى الله إلى نبي ذلك الزمان، أن أخبر فلانًا الحبر: أني لا أخرج من صلبك صديقًا أبدًا. ما كان من غضبك إلا أن قلت: مهلاً يا بني! ! ).
ورواه ابن أبي الدنيا بلفظ آخر.
قوله: (مهلاً) أي أمهل والمهل -بفتح الميم والهاء-: التؤدة والله أعلم.
وروى أبو بكر بن أبي الدنيا -بسنده- عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الشعباني -رحمه الله تعالى-- قال: أوحى الله عز وجل إلى نبي من أنبياء يني إسرائيل يقال له أرميا: أن قم بين ظهراني قومك؛ فإن لهم قلوبًا لا يفقهون بها وأعينًا لا يبصرون بها وآذانًا لا يسمعون بها، فسلهم كيف وجدوا غب طاعتي، وسلهم كيف وجدوا غب معصيتي؟ وسلهم هل شقى أحد بطاعتي؟ أم هل سعد أحد بمعصيتي؟ إن البهائم تذكر أوطانها فتفزع إليها، وإن هؤلاء القوم تركوا الأمر الذي أكرمت به آبائهم، والتمسوا الكرامة من غير وجهها. أما ملوكهم فكفروا نعمتي، وأما خيارهم فلم ينتفعوا بما عرفوا من حكمتي خرنوا المنكر في صدورهم، وعوذوا الكذب ألسنتهم فبعزني وجلالي (لأهيجن) عليهم جنودًا لا يعرفون وجوههم ولا يفقهون ألسنتهم، ولا يرحمون بكاءهم ولأسلطن عليهم ملكًا جبارًا قاسيًا له جنود كقطع السحاب كأن حمل فرسانه كسرا العقبان وكأن حقق راياته أجنحة النسور فيدعون العمران خرابًا، والقرى وحشًا، فويل لأهل "إيليا" وسكانها كيف أسلط عليهم السبابة وأذلهم بالقتل. ولأنهم من بعد تحف الأعراس صراخ السهام وأذلهم بالقتل؟ ولأبدلن نساءهم بعد العز الذل وبعد الشبع الجوع، ولأجعلن لحومهم زبل الأرض وعظامهم ضاحية الشمس.
فقال النبي أرميا: أي رب إنك مهلك هذه الأمة ومخرب هذه المدينة وهم ولد خليلك إبراهيم وأمة صفيك موسى، وقوم نبيك داود فلأي أمة تأمن مكرك بعد هذه الأمة؟ وأي مدينة تحتوي عليك بعد هذه المدينة؟ فأوحى الله -تعالى- إليه: إنما أكرمت إبراهيم وموسى وداود بطاعتي، ولو عصوني لأنزلتهم منزلة العاصين، إن القرون قبلك كانوا يستخفون بمعصيتي، حتى كان القرن الذي أنت فيه، فأظهروا معصيتي فوق رؤوس الجبال، وتحت ظلال الشجر، وفي بطون الأودية، فلما رأيت ذلك أمرت السماء فكانت طبقًا من حديد وأمرت الأرض فكانت صفيحةً من نحاس فلا سماء تمطر ولا أرض تنبت فإن أمطرت السماء شيئًا فبرحمتي وعطفي على البهائم، وإن أنبتت الأرض شيئًا سلطت عليه الجراد والجنادب والصراصر، فإن حصدوا منه شيئًا في خلال ذلك، وأودعوه بيوتهم نزعت بركته ثم يدعوني فلا أستجيب لهم.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال يؤمر بالرجل إلى النار ويؤمر بجلساته فيقولون: يا ربنا ما لنا فيقول: أما كنتم تأمرون أما كنت تنهون؟ فيقولون: لا. فيقول: اذهبوا بهم إلى النار.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كنا نسمع أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة وهو لا يعرفه فيقول له: ما لك متعلق بي وما بيني وبينك معرفة؟ فيقول: كنت تراني على
الخطأ وعلى المنكر ولا تنهاني. ذكره رزين. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، على من لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، يتهارجون كما تتهارج البهائم).
وروى البيهقي -في شعب الإيمان- بسنده، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة. قال: سئل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن ميت الأحياء فقال: الذي لا ينكر المنكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه.
فجعل علامة موت القلب عدم الإنكار. وموت القلب أعظم من موت البدن.
كما قيل:
ليس من مات فاستراح بميت
…
إنما الميت ميت الأحياء
فالرجل هو الذي يخاف موت قلبه إذا كان الناس يخافون موته أبدانهم، ولا يبالون بموت قلوبهم ولا يعرفون سوى الحياة الطبيعية والله أعلم.
روي من حديث ابن عباس: يأتي على الناس زمان وجوههم وجوه الآدميين، وقلوبهم فلوب الشياطين سفاكين للدماء لا يرعون من قبيح، صبيهم عارم، وشابههم شاطر، وشيخهم لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، السنة فيهم بدعة، والبدعة فيهم سنة وذو الأمر عار فعند ذلك يسلط الله عليهم شرارهم، فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم.
(وقال علي بن الحسين زين العابدين: التارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كالنابذ كتاب الله وراء ظهره، إلا أن يتقي منهم تقاة. قيل وما تقاته؟ قال: يخاف جبارًا عنيدًا أن يسطو عليه أو أن يطغى).
وروى البيهقي في شعب الإيمان بسنده، عن جعفر بن سليمان قال: قال مالك بن دينار: اصطلحنا على حب الدنيا فلا يأمر بعضنا بعضًا ولا ينهى بعضنا بعضًا، ولا يذرنا الله على هذا فليت شعري. (أي عذاب الله ينزل).
وبسنده، عن أبي الجوزاء أوس بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول