المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل -38 - : الأحاديث والآثار الواردة في ذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - الكنز الأكبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ابن داود الحنبلي

[ابن داود الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول: في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان فرضيتهما

- ‌فصل- 1 - : حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 2 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 3 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفعال الصالحين وخلال المتقين

- ‌فصل- 4 - : دليل كون الأمر بالمعروف من أخص الأعمال الصالحة المتقبلة عند الله تعالى

- ‌فصل- 5 - : تحذير المحتسب (الآمر الناهي) والحاكم من التأثر ببغضه للبعض عند الحكم تفاديًا للظلم

- ‌فصل- 6 - : التحذير من الارتداد عن الدين

- ‌فصل- 7 - : التحذير من التفريط في الإنكار على فاعل المنكر

- ‌فصل- 8 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللعن وهو الطرد من رحمة الله

- ‌فصل- 9 - : دليل كون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من شرائع الإيمان أي من شروط تمامه

- ‌فصل- 11 - : وجوب اجتهاد الآمرين الناهين في الأمر والنهي وإن لم يستجب الجمهور إقامة للحجة الإلهية لله على خلقه

- ‌فصل- 12 - : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف من أخص أوصاف المنافقين

- ‌فصل- 13 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص أوصاف المؤمنين

- ‌فصل- 14 - : مراتب الجهاد في سبيل الله ثلاثة: جهاد الكفار وجهاد النفس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل- 15 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الهلاك في الدنيا فضلًا عن العذاب بالآخرة

- ‌فصل- 16 - : جمع آية في القرآن هي التي تأمر بالعدل والإحسان وتنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي

- ‌فصل -17 - : دليل وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه فرض عين في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -18 - : دليل كون المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الأمر بطاعة الله والنهي عن معصيته

- ‌فصل -19 - : دليل كون أعلى مراتب الجهاد امتثال أمر الله واجتناب نهيه

- ‌فصل -20 - : دليل كون المقصرين في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خسر

- ‌فصل -21 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفضل ما يعين المؤمن على تزكية نفسه ومعالجة ترقيها في الطاعات وتطهرها من الدنس

- ‌فصل -22 - : الأحاديث الواردة في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -23 - : ما ورد في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -24 - : وجوب تبليغ الشرع وأن ذلك يثمر نضارة الوجه

- ‌فصل -25 - : من ذب عن عرض مسلم وهو غائب وقاه الله النار يوم القيامة

- ‌فصل - 26 - : صلاح العباد في طاعة الله وطاعة الله لا تتم إلا بالاجتهاد في القيام بهذا الواجب

- ‌فصل - 27 - : أجمع العلماء على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتوافر خصوص الأمر به ولتوعد الشارع تاركه بأشد العقوبة

- ‌فصل - 28 - : تأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الحكام

- ‌فصل - 29 - : وجوب الإمعان في إنكار البدع المضلَّة حتى تخمد ثم يجب إنكار البدع المضلة، وإقامة الحجة على بطلانها

- ‌فصل - 30 - : قول العز بن عبد السلام: الواجبات والمندوبات ضربان:

- ‌فصل - 31 - : قول العز: من فعل واجبًا متعديًا أو مندوبًا متعديًا أو اجتنب محرمًا أو مكروهًا متعديان فقد قام بحق نفسه وحق ربه

- ‌فصل - 32 - : بيان آراء العلماء في: هل من شروط وجوب إنكار المنكر غلبية الظن في إزالته

- ‌فصل - 33 - : عدم سقوط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعزلة مادام قادرًا على الأمر والنهي

- ‌فصل - 34 - : من تيقن من وجود منكر بالسوق وكان قادرًا على تغييره لزمه الخروج لتغييره

- ‌فصل - 35 - : في إنكار المنكر أجر عظيم وفي عدم إنكاره الإثم الكبير

- ‌فصل -36 - : إذا تظاهر الناس بالمنكر وجب على كل من يراه أن يغيره في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -37 - : ثبوت عذاب القبر لمن ترك واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم قبول شفاعته

- ‌فصل -38 - : الأحاديث والآثار الواردة في ذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -39 - : تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عاص لوجوه أربعة

- ‌فصل- (40): إبطال زعم البعض أن السكوت عن المنكر مقام من مقامات الرضا بالقضاء:

- ‌فصل- (41): من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نزع هيبة الطاعة:

- ‌فصل- (42): توعد الله المذلين للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بإحباط عملهم في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل- (43): من أخص أوصاف المنافقين الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وأن من أمارات الساعة فساد المسلمين بإمرتهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف:

- ‌الباب الثاني: أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل- (1): شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (خمسة):

- ‌فصل - (2): أخص أوصاف المؤمنين الدالّة على صحة عقيدتهم:

- ‌فصل - (3): الركن الثاني للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [المأمور بالمعروف والمنهي عن المنكر]

- ‌فصل - (4): الإنكار على السلطان إذا عطل الحدود في حدود القدر المستطاع:

- ‌فصل - (5): دفع التعارض بين أمر خواض الأمة السلطان الجائر بالمعروف ونهيه عن المنكر وبين تحريم تعريض النفس للتهلكة:

- ‌فصل - (6): سقوط وجوب أمر خواص العلماء الحكام ونهيهم عند توقع ضر لا يطاق:

- ‌فصل - (7): تحريم فرار المسلمين من عدوهم إذا كانوا ضعفهم:

- ‌فصل - (8): جواز أمر خواص الأمة بالمعروف ونهيهم عن المنكر ولو تيقنوا القتل إذا تيقنوا رفع المنكر:

- ‌فصل - (9): إباحة أمر السلطان ونهيه خواص الأمة عندما لا يخافون إيذاءًا لغيرهم نتيجة لنهيهم:

- ‌فصل - (10): كيفية الإنكار على السلطان تكون بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف وذكر العاقبة في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل - (11): وجوب وعظ خواص الأمة السلطان سرًا أفضل منه جهرًا:

- ‌فصل - (12): وجوب نصح الولد للوالد بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف:

- ‌فصل - (13): وجوب نهي أهل الذمة من المنكر كزواج كتابي مسلمة أو عرضهم الخمر ولحم الخنزير للبيع بين المسلمين:

- ‌فصل - (14): الشروط الواجب توفرها في المنكّر حتى يجب النهي عنه:

- ‌فصل - (15): الشرط الثالث من شروط المنكر:

- ‌فصل - (16): أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبني على الظنون

- ‌فصل - (17): الشرط الرابع من شروط المنكر أن يكون معلومًا بغير اجتهاد

- ‌فصل - (18): وجوب التزام كل مقلد لمذهب بأحكام مذهبه وكراهة تقليده غيره إلاّ لضرورة

- ‌فصل - (19): ضروب الموجب للإنكار:

- ‌فصل - (20): الركن الرابع من أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل - (21): درجات النهي عن المنكر الدرجة الأولى: التعرف

- ‌فصل - (22): الدرجة الثانية: في الأمر النهي عن المنكر التعريف:

- ‌فصل - (23): الدرجة الثالثة للنهي عن المنكر النهي بالوعظ

- ‌فصل- (24): ما ينبغي على الآمر الناهي استخدامه في الوعظ من ذكر آيات وأحاديث وقصص:

- ‌فصل - (25): الدرجة الرابعة من درجات النهي عن المنكر:

- ‌فصل - (26): الدرجة الخامسة من درجات النهي عن المنكر التغيير باليد:

- ‌فصل - (27): وللمنكر كسر آلة اللهو وكسر وعاء الخمر:

- ‌فصل - (28): وجوب إنكار المنكر المستتر

- ‌فصل- (29): إختلاف الرواية عن أحمد في وجوب تحريق بيوت تجار الخمر:

- ‌فصل - (30): كراهة النظر إلى التصاوير وإباحة حكها من على الجدران:

- ‌فصل (31): لا ضمان في تحريق الكتب كالتي فيها الأحاديث المفتراة على رسول الله:

- ‌فصل - (32): في الدرجة الخامسة أدبان

- ‌فصل- (33): الدرجة السادسة من درجات النهي عن المنكر التهديد والتخويف:

- ‌فصل (34): الدرجة السابعة مباشرة الضرب باليد والرجل بلا شهر سلاح:

- ‌فصل - (35): الدرجة الثامنة للنهي عن المنكر الاستعانة بأعوان من أهل الخير لإزالة المنكر:

- ‌فصل- (36): وترتيب درجات النهي عن المنكر مقتبسة من إشارات بعض آيات التنزيل:

- ‌الباب الثالث: طبقات الناس من الآمرين والمأمورين والمتخلفين

- ‌فصل- (1) طبقات المنهيين:

- ‌فصل (2): أقسام التائبين الذين تأثروا بالموعظة:

- ‌فصل (3): المتقاعسون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (4): غربة الآمرين الناهين ين أهل الفساد:

- ‌فصل (5): ابتلاء الله الفقهاء ببعض العصاة لهم:

- ‌فصل (6): ذل المؤمن لغربته بين الفساق:

- ‌فصل (7): معاداة العصاة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر:

- ‌فصل (8): حسد الفساق للعلماء وتمنيهم إضلالهم:

- ‌(فصل): وجوب إيثار الآمر الناهي رضي رب العباد على رضى العباد:

- ‌الباب الرابع: بيان ما يستحب من الأفعال والأقوال والأحوال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل (1): الآمر بالمعروف والنهين عن المنكر القائم في حدوده بمنزلة الطبيب الذي يسقى الدواء الكريه الذي يرجو به الشفاء للمريض من دائه

- ‌فصل (2): يستجيب للآمر الناهي العلم والورع وحسن الخلق:

- ‌فصل (3): تأكد ورع الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بالإغراض عما في أيدي الناس

- ‌فصل (4): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بحسن الخلق:

- ‌فصل (4) [مكرر]: في ذم الغضب

- ‌فصل (5): فضيلة كظم الغيظ:

- ‌فصل (6): أساليب إذهاب الغضب:

- ‌فصل (7): استحباب الغضب عند انتهاك حرمات الله:

- ‌فصل (8): وجوب حذر الغاضب عند انتهاك حرمات الله من الشوائب الدنيوية

- ‌فصل (9): استحباب الحلم والعفو للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (10): أحاديث من مدح الرفق وذم تاركه:

- ‌فصل (11): تأكد استحباب الرفق للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (12): وجوب حذر الآمر الناهي من رفق المداهنة لبلوغ غرض دنيوي

- ‌فصل (13): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بالحلم والعفو

- ‌فصل (14): على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يقابل إساءة المأمورين بالإحسان

- ‌فصل (15): عفو الناهي عن المسيء يورثه عزًا

- ‌فصل (16)

- ‌فصل (17): استحباب الأناة والتثبت للآمر الناهي

- ‌فصل (18): ويستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر قصد نصح جميع الأمة

- ‌فصل (19): ومما يستحب للآمر بالمعروف أن يكون قصده رحمة الخلق والنفقة عليهم:

- ‌فصل (20): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ستر العورات والعيوب:

- ‌فصل (21): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون مغتمًا مما ظهر من معصية أخيه المسلم

- ‌فصل (22): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون غيورًا على إخوانه المسلمين أي غيورًا على دمائهم وأموالهم وأعراضهم

- ‌فصل (23): ومما يستحب (أو يجب) على كل مسلم أن يهجر المجاهرين بالمعاصي الفعلية والقولية والاعتقادية للإجتماع على وجوب ترك الأرض التي يجاهر فيها بالمعاصي

- ‌فصل (24): استحباب هجر المجاهر بالمعصية على جهة التأديب

- ‌فصل (25): استحباب هجر من ترك الفرائض من باب التغرير بترك السلام على تارك الصلاة وشارب الخمر

- ‌فصل (26): هجران أهل البدع والمتظاهرين بالمعاصي فرض كفاية

- ‌فصل (27): على الآمر الناهي أن يسلك مع العصاة والفساق مسالك بحسب مراتبهم في مخالفة أوامر الله

- ‌فصل (28): تباين درجات الهجر بحسب أحوال المهجورين فإن كان الهجر يضعف شرهم وجب الهجر كأسلوب للزجر وإن كان يزيد من شرهم وجبت مخالطتهم وتغريرهم

- ‌فصل (29): تباين درجات الهجر بحسب درجات اعتقاد وسلوك الجماهير:

- ‌فصل (30): الهجر أسلوب شرعي للزجر لتكون كلمة الله هي العليا

- ‌فصل (31): لا فرق بين وجوب هجر ذي الرحم والأجنبي إذا كان الهجر لتعدي حق الله:

- ‌فصل (32): عدم جواز الهجر المسلم للتهمة مداومة للصفاء والمحبة

- ‌فصل

- ‌فصل (33): هجر المسلم العدل في اعتقاده وأفعاله كبيرة:

- ‌فصل (34): قال ابن مفلح رحمه الله ولا هجرة مع السلام

- ‌فصل (35): استحباب التقرب إلى الله بحب أهل الطاعة وبغض أهل المعصية:

- ‌فصل (36): استحبالب تواضع الآمر الناهي في أمره ونهييه بلا افتخار أو تعاظم

- ‌فصل (37): استحباب استعانة الآمر الناهي بالله والاعتصام به وخاصة عند عجزه عن مجاهدة نفسه وعن القيام بحقوق الله

- ‌فصل (38): استحباب طلب الآمر الناهي إعانة الله

- ‌فصل (39): استحباب تحلي الآمر الناهي بالصبر والاحتمال:

- ‌فصل (40): صبر النبي على أذى قريش عشرين عامًا وعفوه عنهم بعد أن أظفره الله بهم

- ‌فصل (41): يبتلي المرء على قدر دينه والمرء يبتلي على قدر دينه وقوة يقينه

- ‌فصل (42): إذا تحقق المصاب من أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه والمصاب إذا علم وتحقق أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه

- ‌فصل (43): وعد الله المؤمنين الذين يعملون الصالحات باستخلافهم في الأرض وتمكين دينهم لهم:

- ‌فصل (44): من أخص آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (45): وجوب تحمل الآمر الناهي الصبر المترتب على أمره ونهيه:

- ‌فصل (46): قال العلامة ابن القيم: وللعبد فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه احد عشر مشهدًا

- ‌فصل (47): وقوع المحن على قدر قوى الآمرين الناهين ومراتبهم:

الفصل: ‌فصل -38 - : الأحاديث والآثار الواردة في ذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وروى أبو الشيخ بن حيان في كتاب التوبيخ. ومن حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اغتيب عنده أخوه المسلم فلم ينصره وهو يستطيع نصره أدركه إثمه في الدنيا والآخرة).

ورواه الأصبهاني في الترغيب والترهيب: ولفظه: (من اغتيب عنده أخوه واستطاع نصرته فنصره، نصره الله في الدنيا والآخرة).

‌فصل -38 - : الأحاديث والآثار الواردة في ذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وأما الأحاديث الموقوفة، والآثار الواردة المعروفة بذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمنها:

ما روى أبو القاسم الأصبهاني -في الترغيب والترهيب- بسنده، عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال:(لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم سلطانًا ظالمًا لا يجل كبيركم ولا يرحم صغيركم ويدعو عليه خياركم فلا يستجيب لكم وتستنصرون فلا تنصرون وتستغفرون فلا يغفر لكم).

وروى أبو بكر ابن أبي الدنيا -في كتابه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- بسنده، عن حذيفة بن اليمان موقوفًا:(إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصير بها منافقًا، وإني لأسمعها من أحدكم اليوم في المقعد الواحد أربع مرات، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتحاضُّن على الخير أو ليسحتنكم الله جميعًا بعذاب أو لتأمرن عليكم شراركم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم).

ورواه ابن أبي الدنيا -أيضًا- من طريق أخرى: ولفظه: "ليس منا أحد أعظم من أحد لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو لتقاتلن فليظهرن شراركم على خياركم فليقتلنكم حتى لا يبقى أحد يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر ثم تدعو الله فلا يستجيبكم لمقتكم".

ص: 159

قوله: (لتحاضن) أي ليحضن بعضكم بعضًا على الخير.

وفي كتاب الزهد والرقائق لابن المبارك بسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: يذهب الصالحون ويبقى أهل الريب. قالوا: يا عبد الله ومن أهل الريب؟ قال: قوم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر.

وفيه بسنده عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي. قال حدثنا أسيد بن عبد الرحمن عن العلاء بن زياد -رحمة الله عليه- قال: إنكم في زمان أقلكم من ذهب عشر دينه، وإن بعدكم زمانًا أقلكم من يبقى عشر دينه.

وفي شعب الإيمان للبيهقي من حديث أبي جحيفة عن علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- أنه قال: الجهاد ثلاثة: جهاد بيد وجهاد بلسان وجهاد بقلب، فأول ما يغلب عليه من الجهاد جهاد اليد ثم جهاد اللسان فإذا كان القلب لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا نكس فجعل أعلاه أسفله.

وروى ابن أبي الدنيا بسنده عن أبي شريح الخزاعي، قال: خرج علينا حذيفة بن اليمان. وقال أتاكم الخير. قلنا وما ذاك؟ قال هلك عثمان -قلنا- هلكنا والله إذا. قال إنكم لن تهلكوا إنما تهلكون إذا لم يعرف لذي شيبة شيبته. ولا لذي سنن سنه. وصرتم تمشون على الركبات كأنكم يعاقيب حجل لا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المنكر.

وفي الترغيب والترهيب -لأبي القاسم الأصبهاني- بسنده -عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً قال له إني لأعمل بأعمال البر كلها إلا في خصلتين: قال: وما هما؟ قال: لا آمر بالمعروف ولا أنهى عن المنكر. فقال له (عمر): لقد طمست سمهمين من سهام الإسلام إن شاء عذبك وإن شاء غفر لك.

وفي كتاب الزهد للإمام أحمد -رحمة الله عليه- بسنده، عن بلال بن سعد بن تميم الأشعري -رحمة الله عليه- قال:(إن الخطيئة إذا أخفيت لم تضر إلا عاملها، وإذا ظهرت ولم تغير ضرت العامة).

ورواه ابن المبارك -في الزهد والرقائق- ولفظة: (إن المعصية إذا أخفيت لم تضر إلا

ص: 160

صاحبها، وإذا أعلنت فلم تغير ضرت العامة).

وروى البيهقي اللفظين في شعب الإيمان.

وروى ابن أبي الدنيا -في كتاب الأمر بالمعروف- وأبو الشيخ الأصبهاني بسنديهما عن إبراهيم بن عمرو الصنعاني رحمه الله قال: أوحى الله -تعالى- إلى يوشع بن نون عليه السلام إني مهلك من قومك أربعين ألفًا من خياركم، وستين ألفًا من شرارهم قال: يارب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ قال: لأنهم لم يغضبوا لغضبي، وكانو يؤاكلونهم ويشاربونهم.

وروى ابن أبي الدنيا -أيضًا- بسنده، عن وهب بن منبه رحمه الله قال: لما أصاب داود الخطيئة: قال: يارب اغفر لي: قال: قد غفرتها لك وألزمت عراها بني اسرائيل.

قال: كيف يارب وأنت الحكم العدل لا نظلم أحدًا. أعمل أنا الخطيئة وتلزم عارها غيري؟

فأوحى الله إليه: يا داود إنك لما اجترأت علي بالمعصية لم يعجلوا غليك بالنكرة.

وبسنده، عن إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت الفضيل بن عياض قال: بلغني أن الله عز وجل قال: إني أنا الله أقسمت بشديد الغضب، لآخذن مطيعكم بعاصيكم حتى لا أعصى علانية بين ظهرانيكم. وفي الزهد للإمام أحمد، وشعب الإيمان للبيهقي، عن مالك بن دينار رحمه الله عليه- قال: أن الله -تعالى- أمر بقرية أن تعذب فضجت الملائكة. وقالت: إن فيهم عبدك فلانًا العابد فقال: أسمعوني (منه) صيحة، فإن وجهه لم يتمعّر، غضبًا لمحارمي.

قال البيهقي: هذا هو المحفوظ من قول مالك بن دينار.

وقد روي من وجه آخر مرفوعًا.

وروى الطبراني -في الكبير- من حديث نعيم بن نمحة وذكر خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفي آخرها: لا خير في قول لا يراد به وجه الله -تعالى- ولا خير في مال

ص: 161

لا ينفق في سبيل الله، ولا خير فيمن يغلب -حلمه جهله- ولا خير فيمن لا يخاف في الله لومة لائم.

وقال سفيان الثوري: (إذا أثنى على الرجل جيرانه أجمعون فذاك رجل سوء لا خير له، كان يراهم يعملون المعاصي ولا ينهاهم (ويلقاهم) بوجه طلق).

وروى ابن أبي الدنيا بسنده، عن حذيفة بن أسباط قال: سمعت سفيان قال: قال حذيفة رضي الله عنه: إن الرجل ليدخل المدخل الذي يجب عليه أن يتكلم فيه لله فلا يتكلم، فلا يعود قلبه إلى ما كان أبدًا. قال يوسف: فحدثت به أبا إسحق الفزاري حين قدم من عند هارون فبكى ثم قال: أنت سمعت هذا من سفيان.

وفي الزهد والرقائق لابن المبارك، وشعب الإيمان للبيهقي، عن عمر بن عبد العزيز -رحمة الله عليه- قال: كان يقال: إن الله -تعالى- لا يعذب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عمل المنكر جهارًا فقد استحقوا كلهم العقوبة).

ورواه أبو بكر ابن أبي الدنيا -في كتاب الأمر بالمعروف.

وفي كتاب الزهد للإمام أحمد بسنده عن مالك بن دينار. أنه قال: (قرأت في التواراة: من كان له جار يعمل بالمعاصي فهو شريكه).

ورواه أبو القاسم في الترغيب والترهيب.

وفي الزهد -أيضًا- عن مالك بن دينار قال: كان حبر من أحبار بني إسرائيل يغشى منزله الرجال والنساء؛ يعظهم ويذكرهم بأيام الله عز وجل فرأى بعض بنيه يومًا وقد غمز بعض النساء. فقال له: مهلاً. قال: فسقط من سريره فانقطع نخاعه وأسقطت امرأته وقتل بنوه في الجيش فأوحى الله إلى نبي ذلك الزمان، أن أخبر فلانًا الحبر: أني لا أخرج من صلبك صديقًا أبدًا. ما كان من غضبك إلا أن قلت: مهلاً يا بني! ! ).

ورواه ابن أبي الدنيا بلفظ آخر.

قوله: (مهلاً) أي أمهل والمهل -بفتح الميم والهاء-: التؤدة والله أعلم.

ص: 162

وروى أبو بكر بن أبي الدنيا -بسنده- عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الشعباني -رحمه الله تعالى-- قال: أوحى الله عز وجل إلى نبي من أنبياء يني إسرائيل يقال له أرميا: أن قم بين ظهراني قومك؛ فإن لهم قلوبًا لا يفقهون بها وأعينًا لا يبصرون بها وآذانًا لا يسمعون بها، فسلهم كيف وجدوا غب طاعتي، وسلهم كيف وجدوا غب معصيتي؟ وسلهم هل شقى أحد بطاعتي؟ أم هل سعد أحد بمعصيتي؟ إن البهائم تذكر أوطانها فتفزع إليها، وإن هؤلاء القوم تركوا الأمر الذي أكرمت به آبائهم، والتمسوا الكرامة من غير وجهها. أما ملوكهم فكفروا نعمتي، وأما خيارهم فلم ينتفعوا بما عرفوا من حكمتي خرنوا المنكر في صدورهم، وعوذوا الكذب ألسنتهم فبعزني وجلالي (لأهيجن) عليهم جنودًا لا يعرفون وجوههم ولا يفقهون ألسنتهم، ولا يرحمون بكاءهم ولأسلطن عليهم ملكًا جبارًا قاسيًا له جنود كقطع السحاب كأن حمل فرسانه كسرا العقبان وكأن حقق راياته أجنحة النسور فيدعون العمران خرابًا، والقرى وحشًا، فويل لأهل "إيليا" وسكانها كيف أسلط عليهم السبابة وأذلهم بالقتل. ولأنهم من بعد تحف الأعراس صراخ السهام وأذلهم بالقتل؟ ولأبدلن نساءهم بعد العز الذل وبعد الشبع الجوع، ولأجعلن لحومهم زبل الأرض وعظامهم ضاحية الشمس.

فقال النبي أرميا: أي رب إنك مهلك هذه الأمة ومخرب هذه المدينة وهم ولد خليلك إبراهيم وأمة صفيك موسى، وقوم نبيك داود فلأي أمة تأمن مكرك بعد هذه الأمة؟ وأي مدينة تحتوي عليك بعد هذه المدينة؟ فأوحى الله -تعالى- إليه: إنما أكرمت إبراهيم وموسى وداود بطاعتي، ولو عصوني لأنزلتهم منزلة العاصين، إن القرون قبلك كانوا يستخفون بمعصيتي، حتى كان القرن الذي أنت فيه، فأظهروا معصيتي فوق رؤوس الجبال، وتحت ظلال الشجر، وفي بطون الأودية، فلما رأيت ذلك أمرت السماء فكانت طبقًا من حديد وأمرت الأرض فكانت صفيحةً من نحاس فلا سماء تمطر ولا أرض تنبت فإن أمطرت السماء شيئًا فبرحمتي وعطفي على البهائم، وإن أنبتت الأرض شيئًا سلطت عليه الجراد والجنادب والصراصر، فإن حصدوا منه شيئًا في خلال ذلك، وأودعوه بيوتهم نزعت بركته ثم يدعوني فلا أستجيب لهم.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال يؤمر بالرجل إلى النار ويؤمر بجلساته فيقولون: يا ربنا ما لنا فيقول: أما كنتم تأمرون أما كنت تنهون؟ فيقولون: لا. فيقول: اذهبوا بهم إلى النار.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كنا نسمع أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة وهو لا يعرفه فيقول له: ما لك متعلق بي وما بيني وبينك معرفة؟ فيقول: كنت تراني على

ص: 163

الخطأ وعلى المنكر ولا تنهاني. ذكره رزين. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، على من لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، يتهارجون كما تتهارج البهائم).

وروى البيهقي -في شعب الإيمان- بسنده، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة. قال: سئل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن ميت الأحياء فقال: الذي لا ينكر المنكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه.

فجعل علامة موت القلب عدم الإنكار. وموت القلب أعظم من موت البدن.

كما قيل:

ليس من مات فاستراح بميت

إنما الميت ميت الأحياء

فالرجل هو الذي يخاف موت قلبه إذا كان الناس يخافون موته أبدانهم، ولا يبالون بموت قلوبهم ولا يعرفون سوى الحياة الطبيعية والله أعلم.

روي من حديث ابن عباس: يأتي على الناس زمان وجوههم وجوه الآدميين، وقلوبهم فلوب الشياطين سفاكين للدماء لا يرعون من قبيح، صبيهم عارم، وشابههم شاطر، وشيخهم لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، السنة فيهم بدعة، والبدعة فيهم سنة وذو الأمر عار فعند ذلك يسلط الله عليهم شرارهم، فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم.

(وقال علي بن الحسين زين العابدين: التارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كالنابذ كتاب الله وراء ظهره، إلا أن يتقي منهم تقاة. قيل وما تقاته؟ قال: يخاف جبارًا عنيدًا أن يسطو عليه أو أن يطغى).

وروى البيهقي في شعب الإيمان بسنده، عن جعفر بن سليمان قال: قال مالك بن دينار: اصطلحنا على حب الدنيا فلا يأمر بعضنا بعضًا ولا ينهى بعضنا بعضًا، ولا يذرنا الله على هذا فليت شعري. (أي عذاب الله ينزل).

وبسنده، عن أبي الجوزاء أوس بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول

ص: 164