المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل- (1): شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (خمسة): - الكنز الأكبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ابن داود الحنبلي

[ابن داود الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول: في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان فرضيتهما

- ‌فصل- 1 - : حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 2 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 3 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفعال الصالحين وخلال المتقين

- ‌فصل- 4 - : دليل كون الأمر بالمعروف من أخص الأعمال الصالحة المتقبلة عند الله تعالى

- ‌فصل- 5 - : تحذير المحتسب (الآمر الناهي) والحاكم من التأثر ببغضه للبعض عند الحكم تفاديًا للظلم

- ‌فصل- 6 - : التحذير من الارتداد عن الدين

- ‌فصل- 7 - : التحذير من التفريط في الإنكار على فاعل المنكر

- ‌فصل- 8 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللعن وهو الطرد من رحمة الله

- ‌فصل- 9 - : دليل كون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من شرائع الإيمان أي من شروط تمامه

- ‌فصل- 11 - : وجوب اجتهاد الآمرين الناهين في الأمر والنهي وإن لم يستجب الجمهور إقامة للحجة الإلهية لله على خلقه

- ‌فصل- 12 - : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف من أخص أوصاف المنافقين

- ‌فصل- 13 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص أوصاف المؤمنين

- ‌فصل- 14 - : مراتب الجهاد في سبيل الله ثلاثة: جهاد الكفار وجهاد النفس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل- 15 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الهلاك في الدنيا فضلًا عن العذاب بالآخرة

- ‌فصل- 16 - : جمع آية في القرآن هي التي تأمر بالعدل والإحسان وتنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي

- ‌فصل -17 - : دليل وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه فرض عين في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -18 - : دليل كون المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الأمر بطاعة الله والنهي عن معصيته

- ‌فصل -19 - : دليل كون أعلى مراتب الجهاد امتثال أمر الله واجتناب نهيه

- ‌فصل -20 - : دليل كون المقصرين في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خسر

- ‌فصل -21 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفضل ما يعين المؤمن على تزكية نفسه ومعالجة ترقيها في الطاعات وتطهرها من الدنس

- ‌فصل -22 - : الأحاديث الواردة في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -23 - : ما ورد في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -24 - : وجوب تبليغ الشرع وأن ذلك يثمر نضارة الوجه

- ‌فصل -25 - : من ذب عن عرض مسلم وهو غائب وقاه الله النار يوم القيامة

- ‌فصل - 26 - : صلاح العباد في طاعة الله وطاعة الله لا تتم إلا بالاجتهاد في القيام بهذا الواجب

- ‌فصل - 27 - : أجمع العلماء على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتوافر خصوص الأمر به ولتوعد الشارع تاركه بأشد العقوبة

- ‌فصل - 28 - : تأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الحكام

- ‌فصل - 29 - : وجوب الإمعان في إنكار البدع المضلَّة حتى تخمد ثم يجب إنكار البدع المضلة، وإقامة الحجة على بطلانها

- ‌فصل - 30 - : قول العز بن عبد السلام: الواجبات والمندوبات ضربان:

- ‌فصل - 31 - : قول العز: من فعل واجبًا متعديًا أو مندوبًا متعديًا أو اجتنب محرمًا أو مكروهًا متعديان فقد قام بحق نفسه وحق ربه

- ‌فصل - 32 - : بيان آراء العلماء في: هل من شروط وجوب إنكار المنكر غلبية الظن في إزالته

- ‌فصل - 33 - : عدم سقوط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعزلة مادام قادرًا على الأمر والنهي

- ‌فصل - 34 - : من تيقن من وجود منكر بالسوق وكان قادرًا على تغييره لزمه الخروج لتغييره

- ‌فصل - 35 - : في إنكار المنكر أجر عظيم وفي عدم إنكاره الإثم الكبير

- ‌فصل -36 - : إذا تظاهر الناس بالمنكر وجب على كل من يراه أن يغيره في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -37 - : ثبوت عذاب القبر لمن ترك واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم قبول شفاعته

- ‌فصل -38 - : الأحاديث والآثار الواردة في ذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -39 - : تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عاص لوجوه أربعة

- ‌فصل- (40): إبطال زعم البعض أن السكوت عن المنكر مقام من مقامات الرضا بالقضاء:

- ‌فصل- (41): من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نزع هيبة الطاعة:

- ‌فصل- (42): توعد الله المذلين للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بإحباط عملهم في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل- (43): من أخص أوصاف المنافقين الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وأن من أمارات الساعة فساد المسلمين بإمرتهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف:

- ‌الباب الثاني: أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل- (1): شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (خمسة):

- ‌فصل - (2): أخص أوصاف المؤمنين الدالّة على صحة عقيدتهم:

- ‌فصل - (3): الركن الثاني للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [المأمور بالمعروف والمنهي عن المنكر]

- ‌فصل - (4): الإنكار على السلطان إذا عطل الحدود في حدود القدر المستطاع:

- ‌فصل - (5): دفع التعارض بين أمر خواض الأمة السلطان الجائر بالمعروف ونهيه عن المنكر وبين تحريم تعريض النفس للتهلكة:

- ‌فصل - (6): سقوط وجوب أمر خواص العلماء الحكام ونهيهم عند توقع ضر لا يطاق:

- ‌فصل - (7): تحريم فرار المسلمين من عدوهم إذا كانوا ضعفهم:

- ‌فصل - (8): جواز أمر خواص الأمة بالمعروف ونهيهم عن المنكر ولو تيقنوا القتل إذا تيقنوا رفع المنكر:

- ‌فصل - (9): إباحة أمر السلطان ونهيه خواص الأمة عندما لا يخافون إيذاءًا لغيرهم نتيجة لنهيهم:

- ‌فصل - (10): كيفية الإنكار على السلطان تكون بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف وذكر العاقبة في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل - (11): وجوب وعظ خواص الأمة السلطان سرًا أفضل منه جهرًا:

- ‌فصل - (12): وجوب نصح الولد للوالد بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف:

- ‌فصل - (13): وجوب نهي أهل الذمة من المنكر كزواج كتابي مسلمة أو عرضهم الخمر ولحم الخنزير للبيع بين المسلمين:

- ‌فصل - (14): الشروط الواجب توفرها في المنكّر حتى يجب النهي عنه:

- ‌فصل - (15): الشرط الثالث من شروط المنكر:

- ‌فصل - (16): أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبني على الظنون

- ‌فصل - (17): الشرط الرابع من شروط المنكر أن يكون معلومًا بغير اجتهاد

- ‌فصل - (18): وجوب التزام كل مقلد لمذهب بأحكام مذهبه وكراهة تقليده غيره إلاّ لضرورة

- ‌فصل - (19): ضروب الموجب للإنكار:

- ‌فصل - (20): الركن الرابع من أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل - (21): درجات النهي عن المنكر الدرجة الأولى: التعرف

- ‌فصل - (22): الدرجة الثانية: في الأمر النهي عن المنكر التعريف:

- ‌فصل - (23): الدرجة الثالثة للنهي عن المنكر النهي بالوعظ

- ‌فصل- (24): ما ينبغي على الآمر الناهي استخدامه في الوعظ من ذكر آيات وأحاديث وقصص:

- ‌فصل - (25): الدرجة الرابعة من درجات النهي عن المنكر:

- ‌فصل - (26): الدرجة الخامسة من درجات النهي عن المنكر التغيير باليد:

- ‌فصل - (27): وللمنكر كسر آلة اللهو وكسر وعاء الخمر:

- ‌فصل - (28): وجوب إنكار المنكر المستتر

- ‌فصل- (29): إختلاف الرواية عن أحمد في وجوب تحريق بيوت تجار الخمر:

- ‌فصل - (30): كراهة النظر إلى التصاوير وإباحة حكها من على الجدران:

- ‌فصل (31): لا ضمان في تحريق الكتب كالتي فيها الأحاديث المفتراة على رسول الله:

- ‌فصل - (32): في الدرجة الخامسة أدبان

- ‌فصل- (33): الدرجة السادسة من درجات النهي عن المنكر التهديد والتخويف:

- ‌فصل (34): الدرجة السابعة مباشرة الضرب باليد والرجل بلا شهر سلاح:

- ‌فصل - (35): الدرجة الثامنة للنهي عن المنكر الاستعانة بأعوان من أهل الخير لإزالة المنكر:

- ‌فصل- (36): وترتيب درجات النهي عن المنكر مقتبسة من إشارات بعض آيات التنزيل:

- ‌الباب الثالث: طبقات الناس من الآمرين والمأمورين والمتخلفين

- ‌فصل- (1) طبقات المنهيين:

- ‌فصل (2): أقسام التائبين الذين تأثروا بالموعظة:

- ‌فصل (3): المتقاعسون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (4): غربة الآمرين الناهين ين أهل الفساد:

- ‌فصل (5): ابتلاء الله الفقهاء ببعض العصاة لهم:

- ‌فصل (6): ذل المؤمن لغربته بين الفساق:

- ‌فصل (7): معاداة العصاة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر:

- ‌فصل (8): حسد الفساق للعلماء وتمنيهم إضلالهم:

- ‌(فصل): وجوب إيثار الآمر الناهي رضي رب العباد على رضى العباد:

- ‌الباب الرابع: بيان ما يستحب من الأفعال والأقوال والأحوال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل (1): الآمر بالمعروف والنهين عن المنكر القائم في حدوده بمنزلة الطبيب الذي يسقى الدواء الكريه الذي يرجو به الشفاء للمريض من دائه

- ‌فصل (2): يستجيب للآمر الناهي العلم والورع وحسن الخلق:

- ‌فصل (3): تأكد ورع الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بالإغراض عما في أيدي الناس

- ‌فصل (4): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بحسن الخلق:

- ‌فصل (4) [مكرر]: في ذم الغضب

- ‌فصل (5): فضيلة كظم الغيظ:

- ‌فصل (6): أساليب إذهاب الغضب:

- ‌فصل (7): استحباب الغضب عند انتهاك حرمات الله:

- ‌فصل (8): وجوب حذر الغاضب عند انتهاك حرمات الله من الشوائب الدنيوية

- ‌فصل (9): استحباب الحلم والعفو للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (10): أحاديث من مدح الرفق وذم تاركه:

- ‌فصل (11): تأكد استحباب الرفق للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (12): وجوب حذر الآمر الناهي من رفق المداهنة لبلوغ غرض دنيوي

- ‌فصل (13): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بالحلم والعفو

- ‌فصل (14): على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يقابل إساءة المأمورين بالإحسان

- ‌فصل (15): عفو الناهي عن المسيء يورثه عزًا

- ‌فصل (16)

- ‌فصل (17): استحباب الأناة والتثبت للآمر الناهي

- ‌فصل (18): ويستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر قصد نصح جميع الأمة

- ‌فصل (19): ومما يستحب للآمر بالمعروف أن يكون قصده رحمة الخلق والنفقة عليهم:

- ‌فصل (20): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ستر العورات والعيوب:

- ‌فصل (21): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون مغتمًا مما ظهر من معصية أخيه المسلم

- ‌فصل (22): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون غيورًا على إخوانه المسلمين أي غيورًا على دمائهم وأموالهم وأعراضهم

- ‌فصل (23): ومما يستحب (أو يجب) على كل مسلم أن يهجر المجاهرين بالمعاصي الفعلية والقولية والاعتقادية للإجتماع على وجوب ترك الأرض التي يجاهر فيها بالمعاصي

- ‌فصل (24): استحباب هجر المجاهر بالمعصية على جهة التأديب

- ‌فصل (25): استحباب هجر من ترك الفرائض من باب التغرير بترك السلام على تارك الصلاة وشارب الخمر

- ‌فصل (26): هجران أهل البدع والمتظاهرين بالمعاصي فرض كفاية

- ‌فصل (27): على الآمر الناهي أن يسلك مع العصاة والفساق مسالك بحسب مراتبهم في مخالفة أوامر الله

- ‌فصل (28): تباين درجات الهجر بحسب أحوال المهجورين فإن كان الهجر يضعف شرهم وجب الهجر كأسلوب للزجر وإن كان يزيد من شرهم وجبت مخالطتهم وتغريرهم

- ‌فصل (29): تباين درجات الهجر بحسب درجات اعتقاد وسلوك الجماهير:

- ‌فصل (30): الهجر أسلوب شرعي للزجر لتكون كلمة الله هي العليا

- ‌فصل (31): لا فرق بين وجوب هجر ذي الرحم والأجنبي إذا كان الهجر لتعدي حق الله:

- ‌فصل (32): عدم جواز الهجر المسلم للتهمة مداومة للصفاء والمحبة

- ‌فصل

- ‌فصل (33): هجر المسلم العدل في اعتقاده وأفعاله كبيرة:

- ‌فصل (34): قال ابن مفلح رحمه الله ولا هجرة مع السلام

- ‌فصل (35): استحباب التقرب إلى الله بحب أهل الطاعة وبغض أهل المعصية:

- ‌فصل (36): استحبالب تواضع الآمر الناهي في أمره ونهييه بلا افتخار أو تعاظم

- ‌فصل (37): استحباب استعانة الآمر الناهي بالله والاعتصام به وخاصة عند عجزه عن مجاهدة نفسه وعن القيام بحقوق الله

- ‌فصل (38): استحباب طلب الآمر الناهي إعانة الله

- ‌فصل (39): استحباب تحلي الآمر الناهي بالصبر والاحتمال:

- ‌فصل (40): صبر النبي على أذى قريش عشرين عامًا وعفوه عنهم بعد أن أظفره الله بهم

- ‌فصل (41): يبتلي المرء على قدر دينه والمرء يبتلي على قدر دينه وقوة يقينه

- ‌فصل (42): إذا تحقق المصاب من أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه والمصاب إذا علم وتحقق أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه

- ‌فصل (43): وعد الله المؤمنين الذين يعملون الصالحات باستخلافهم في الأرض وتمكين دينهم لهم:

- ‌فصل (44): من أخص آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (45): وجوب تحمل الآمر الناهي الصبر المترتب على أمره ونهيه:

- ‌فصل (46): قال العلامة ابن القيم: وللعبد فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه احد عشر مشهدًا

- ‌فصل (47): وقوع المحن على قدر قوى الآمرين الناهين ومراتبهم:

الفصل: ‌فصل- (1): شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (خمسة):

‌الباب الثاني: أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

(في بيان أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشروطه، ودرجاته ومراتبه).

قال أبو حامد الغزالي -رحمه الله تعالى--: أعلم أن أركان الحسبة التي هي عبارة شاملة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أربعة: المحتسب، والمحتسب عليه، والمحتسب فيه، ونفس الاحتساب).

قلت: يعني بهذه الأربعة: الآمر، والمأمور، المأمور به، ونفس الآمر. قال: فهذه أربعة أركان، ولكل ركن منها شروط.

الركن الأول: هو الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.

‌فصل- (1): شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (خمسة):

لوجوب الأمر بالمعروف والنهي غن المنكر شروط خمسة:

الشرط الأول: أن يكون مكلفًا، لأن غير المكلف لا يلزمه وجوب أمر ولا نهي.

قال أبو عبد الله بن مفلح رحمه الله وللميز إنكار ويثاب عليه لكن لا يجب قال الغزالي: أما إمكانه من الفعل وجوازه فلا يستدعي إلا الفعل، حتى إن الصبي المراهق للبلوغ المميز وإن لم (يكن) مكلفًا فله إنكار المنكر، وله أن يهريق الخمر، ويكسر الملاهي وإذا فعل ذلك نال ثوابًا، ولم يكن لأحد منعه من حديث أنه ليس بمكلف، فإن (هذه) قربة إلى الله وهو من أهلها كالصلاة، والإمامة، وسائر القربات وليس حكمه حكم الولايات، حتى يشترط فيه التكليف، ولذلك أثبتناه للعبد وآحاد الرعية.

ص: 176

نعم: في المنع بالفعل، وإبطال المنكر نوع ولاية وسلطنة، ولكنها تستفاد بمجرد الإيمان كقتل المشرك، وإبطال أسبابه، وسلب أسلحته، فإن للصبي أن يفعل ذلك حيث لا يستضربه، والمنع عن الفسق كالمنع عن الكفر. والله أعلم.

الشرط الثاني: أن يكون مسلمًا، فلا يخفي وجه اشتراطه، لأن هذا نصرة الدين، فكيف يكون من أهلها من هو جاحد لأصل الدين؟ .

قال أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي رحمه الله: (الكافر ممنوع من إنكار المنكر لما فيه من السلطنة والعز).

الشرط الثالث: العدالة فقد اعتبرها قوم وقالوا: ليس على الفاسق) أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وربما استدلو على ذلك بما ورد في الكتاب والسنة. من الإنكار على من يأمر بما لا يفعل كما سيأتي في - الباب الخامس .. قال أبو حامد الغزالي: وكل ما ذكروه خيالات، وإنما الحق أن للفاسق وعليه أن يأمر وينهى.

وسيأتي برهان ذلك وتحريره في الباب السابع - إن شاء الله - تعالى-.

الشرط الرابع: أن يكون مأذونًا من جهة الإمام أو نوابه فقد (شرط) قوم هذا الشرط، ولم يثبتوا لآحاد الرعية الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. قال أبو حامد وغيره: هذا الاشتراط فاسد، فإن الآيات والأخبار التي وردت في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدل على أن كل من رأى منكرًا فسكت عليه فقد عصى أينما رآه، وكيفما رآه على العموم.

ومن أمثلة ما ورد في ذلك ما سبق - في الباب الأول - من حديث طارق بن شهاب عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".

قال العلماء، (من رأى) هو على العموم، فالتخصيص بشرط التفويض من الإمام تحكم لا أصل له كما ذكره غير واحد. قال أبو حامد الغزالي: فإن قيل: في الأمر بالمعروف

ص: 177

إثبات سلطنه وولاية واحتكام على المحكوم عليه، ولذلك لم يثبت للكافر على المسلم مع كونه حقًا، فينبغي أن لا يثبت لآحاد الرعية إلا بتفويض من الوالي وصاحب الأمر؟ فنقول: أما الكافر فممنوع لما فيه من السلطنة، وعز الأحكام، والكافر ذليل (فلا يستحق أن ينال عز الحكم والتحكم على المسلم. وأما آحاد المسلمين فيستحقون هذا العز بالدين والمعرفة. وما فيه من عز السلطنة والاحتكام لا يحوج إلى تفويض كعز التعليم والتعريف، إذ لا خلاف في أن تعريف التحريم والإيجاب لمن هو جاهل ومقدم على المنكر بجهله لا يحتاج إلى إذن إمام وفيه عز الإرشاد وعلى المعرف ذل التجهيل وذلك يكفي (فيه) مجرد الدين وكذلك النهي.

والعجيب أن الرافضة زادوا على هذا وقالوا: "لا يجوز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما لم يخرج الإمام المعصوم وهو الإمام الحق عندهم وهؤلاء أحسن رتبة (من) أن يكلموا بل جوابهم أن يقال لهم إذا جاءوا إلى القضاء بحقوقهم في دمائهم وأموالهم: إن نصرتكم آمر بالمعروف وأستخرج حقوقكم من يد من ظلمكم نهي عن المنكر، وطلبكم لحقكم من جملة المعروف وما هذا زمان النهي عن الظلم، وطلب الحقوق، لأن الإمام الحق لم يخرج بعد.

قال أبو حامد: وشرح القول في المسألة أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له حمس مراتب:

المرتبة الأولى: التعريف والثانية: الوعظ بالكلام اللطيف، والثالثة: السبب العنيف ولست أعني به الفحش بل أن يقول: يا جاهل، يا أحمق ألا تخاف الله؟ ألا تستحي من الله؟ وما يجرى هذا المجرى. الرابعة: المنع بالقهر بطريق المباشرة ككسر الملاهي، وإراقة الخمور، واختطاف الثوب الحرير من لابسه، واستلاب الشيء المغصوب منه. ورده إلى صاحبه، المرتبة الخامسة: التخويف، والتهديد والضرب، أو مباشرة الضرب له حتى يمتنع عما هو عليه كالمواظبة على الغيبة، والقذف، فإن سلب لسانه غير ممكن، لكن يحمل على اختيار السكوت بالضرب. وهذا قد يحوج إلى استعانة، وجمع جنود، وأعوان من الجانبين ويجر ذلك إلى القتال. وسائر المراتب لا يخفى وجه استغنائها عن إذن الإمام إلاّ هذه المرتبة، قال فإن فيها نظرا انتهى.

وروى أبو بكر البيهقي - في شعب الإيمان - بسنده عن محمد بن زياد الأعرابي قال:

ص: 178

قال بعض السلف: خوفوا المؤمنين بالله وخوفوا المنافقين بالسلطان، وخوفوا المرائين بالناس.

قال أبو عبد الله بن مفلح - في كتابه الآداب - "ويجب أن يبدأ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالأسهل، فإن لم يزل المنكر زاد بقدر الحاجة، فإن لم ينفع أغلظ فيه، فإن زال (و) إلاّ رفعه إلى ولي الأمر إن أمن الضرر فيه، وكان إنكاره واجبًا كما أشار إليه أبو عبد الله محمد بن عبد القوي - في منظومته - بقوله:

وبالأسهل أبدأ ثم زد قدر حاجة

فإن لم يزل بالناقد الأمر فاصدد

إذا لم تخف في ذلك الفعل خيفة

إذا كان ذا الإنكار حتم التأكد

وذكر في - نهاية المبتدئين: أن من قدر - على - إنهاء المنكر إلى ولي الأمر أنهاه، وإن خاف فوته قبل إنهائه أنكره هو وقيل: لا يجوز رفعه إلى ولي الأمر لظنه أنه لا يقوم به، أو يقوم به على غير وجه المأمور به.

ونص أحمد في رواية الجماعة. على أنه لا يرفعه إلى السلطان إن تعدى فيه.

ذكره ابن عقيل، وغيره.

وقال أحمد - أيضًا: إن علمت أنه يقيم الحد فارفعه، وذلك لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتم إلاّ بالعقوبات الشرعية، فإن الله - تعالى - ينزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

وقال أبو بكر الخلال: (أخبرني ابن أشرس. قال: مر بنا سكران فشتم ربه - فبعثنا إلى أبي عبد الله رسولاً وكان مختفيًا. فقلنا: (إيش) أي شيء السبيل في هذا؟ سمعناه يشتم ربه، أترى أن نرفعه إلى السلطان؟ فبعث إلينا إن أخذه السلطان أخاف أن لا يقيم عليه الذي ينبغي ولكن أخيفوه حتى يكون منكم شبيها بالهارب، فأخفناه فهرب).

قوله: (أحقنوه) أي أحبوه.

وقال الإمام أحمد - أيضًا - ليعقوب (بن بختان لما سأله عن القوم يؤذونه بالغناء) انههم واجمع عليهم.

قلت: السلطان؟ قال: لا.

ص: 179

ونقل عنه الحارث. قال: يعظهم (وينهاهم) قلت: قد فعل فلم ينتهوا. قال يستعين عليهم بالجيران، فأما السلطان فلا، إذا رفعهم إلى السلطان خرج الأمر من يده).

قال في نهاية المبتدئين: ويخبر في رفع منكر غير متعين عليه. قال أبو طالب عمر ابن الربيع - في كتابه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: إنما يجب علينا أن يرفع أهل المنكرات إلى السلطان، إذا رجونا أن يغير ذلك من غير تعد. فأما إذا خفنا أن يأتي من الظالم - ما لا يستحقه - أهل المنكرات من الضرب بغير حق أو أخذ أموالهم بغير وجه فليس لنا أن نستعين به على تغيير ذلك، وعلينا أن نصبر ونقتصر على الإنكار بالوعظ إلى أن نجد سلطانًا يغير ذلك بغير تعد - انتهى.

قال أبو عبد الله محمد بن مفلح: (والذي تحصل من كلام أحمد، أنه هل يجب رفعه إلى السلطان إذا علم أنه يقيمه على الوجه المأمور به أم لا؟ .

فيه روايتان: (فإن) لم يجب فهل يلزمه أن يستعين في ذلك بالجمع عليه بالجيران أو غيرهم أم لا؟ فيه روايتان. ونقل أبو طالب أحمد بن حميد عنه الكراهة.

قال المروذي لأبي عبد الله: ما تقول إذا ضرب رجل رجلاً بحضرتي، أو شتمه فأراد أن أشهد له عند السلطان؟

قال: إن خاف أن يعتدي عليه لم يشهد، وإن لم يخف يشهد، ويسقط وجوب رفع المنكر إلى السلطان خوف أن لا يقيمه على الوجه المأمور كما تقدم وظاهر كلام جماعة جوازه.

وأطلق بعضهم رفعه إلى ولي الأمر بلا تفصيل، لكن قد قال الأصحاب: من كان عنده شهادة بحد يستحب أن لا يقيمها. ولعل كلام أحمد في الأمر برفعه على الاستحباب. وعلى كل تقدير فهو مخالف لكلام الأصحاب إلاّ أن يتأول على جواز الرفع وهو تأويل بعيد من هذا الكلام، ولعله أمر بعد حظر فيكون للإباحة فيكون رفعه لأجل الحد مباحًا، ورفعه لأجل إنكار المنكر واجبًا أو مستحبًا.

ذكر ذلك "ابن مفلح" والله أعلم.

قال أبو الفرج بن الجوزي: (الضرب باليد والرجل وغير ذلك مما ليس فيه إشهار

ص: 180

سلاح أو سيف يجوز لآحاد الناس، بشرط الضرورة والاقتصار على قدر الحاجة، فإن احتاج إلى أعوان يشهرون السلاح، لكونه لا يقدر على التغير بنفسه ثم قال، فالصحيح أن ذلك يحتاج إلى إذن الإمام لأنه يؤدي إلى الفتن، وهيجان الفساد).

وقيل: لا يشترط في ذلك إذن الإمام. وقد قال أبو طالب عمر بن الربيع: الحشاب - فيمن يشرب الخمر، ويجمع الجموع على ذلك - يجب إذا شاهدناهم أن ننهاهم، فإن أجابوا وإلاّ صرنا إلى السلطان، حتى يمنعهم ويعاقبهم بما يستوجبون، إذا أمنا تعديه عليهم، فإن لم يمكن الوصول إلى السلطان كان على المسلمين أن ينكروا على هؤلاء الذين يجمعون الجموع على المنكر، وأن يفرقوا جماعتهم، فإن كانوا في منازلهم لا يصل المسلمون إليهم، وجب على السلطان أن يبعث من يهجم عليهم في منازلهم، حتى يمنعهم ويعاقبهم بما يستوجبون من العقوبة، وليس للمسلمين أن يهجموا عليهم إلاّ بأن يأمرهم السلطان، وبأن أمرهم بذلك كان لهم أن يهجموا عليهم، ويفرقوا جماعتهم. وليس لهم أن يعاقبوهم. لأن العقوبة إنما حق للسلطان أو نوابه، وليس ذلك إلى الرعية، فإن كان هؤلاء المجتمعون على المنكر متعدين على المسلمين، مثل أن يكون معهم امرأة مكرهة أو رجل قد أضجعوه، ليقتلوه وجب على المسلمين الهجوم عليهم، أمرهم السلطان أو لم يأمرهم.

وإذا لم يكن منهم أذى ولا ظلم ولا إظهار ذلك بالملاهي والجموع، وإنما معاصيهم بينهم وبين ربهم لم يكن للمسلمين أن يهجموا عليهم، ولا يصيروا إلى السلطان في أمرهم، ولكن يجب عليهم أن يعظوهم ويخوفوهم عقاب الله عز وجل ثم قال - في موضع آخر: فإن قال قائل: أفيجب الإنكار على من يظهر السفه والخنا في الطريق؟ نعم إن كان ممن إذا نهي انتهى وعظوه بتخويف عقاب الله - تعالى-. وإن كان ممن لا ينتهي بالموعظة، كان لهم أن يزجوا به إلى السلطان، حتى يعاقبه على ذلك بما يرى أنه مانع له. انتهى.

قال أبو حامد الغزالي رحمه الله: أما التعريف والوعظ فكيف يحتاج إلى إذن الإمام؟ وأما التجهيل والتحميق والنسبة إلى الفسق وقلة الخوف من الله - تعالى-، وما يجري مجرى ذلك، فهو كلام صدق والصدق محقق (بل) من أفضل الدرجات كلمة حق عند سلطان جائر - كما سيأتي في الحديث.

ص: 181

فإذا جاز الحكم على الإمام على مراغمته فكيف يحتاج إلى إذنه! ؟ وذلك ككسر الملاهي، والمنع من شرب الخمر، فإنه تعاطى ما يعرف كونه حقًا من غير اجتهاد فلا يفتقر إلى الإمام.

وأما جمع الأعوان، وشهر الأسلحة فذلك قد يجر إلى فتنة عامة، ففيه نظر، واستمرار عادات السلف الصالح على الإنكار على الولاة قاطع - بإجماعهم - على الاستغناء عن التفويض، بل كل أمر بمعروف أو نهي عن منكر إن كان الوالي راضيًا به (فذاك، وإن كان ساخطًا فسخطه له منكر، ويجب الإنكار (عليه) فكيف يحتاج إلى إذنه) في الإنكار عليه.

ويدل على ذلك عادة السلف في الإنكار على الأئمة. كما سبق - في الباب الأول من حديث طارق بن شهاب: أن مروان بن الحكم رضي الله عنه وكان أمير المدينة - خطب قبل الصلاة في العيد. فقال له رجل: إنما الخطبة بعد الصلاة. فقال مروان: قد ترك ذلك، فقال أبو سعيد الخدري أما هذا فقد قضى ما عليه. الحديث.

قال العلماء: فقد كانوا فهموا من هذه العمومات دخول السلاطين تحتها فكيف يحتاج إلى إذنه - كما ذكر الغزالي وغيره.

ولكن من ولاه السلطان الحسبة تعين عليه فعل ذلك ما ليس لغيره كما ذكر ابن حمدان في الرعاية، وغيره.

وسيأتي - فيما بعد - تمام الكلام على ذلك فيما يتعلق بالإنكار على السلطان والله المستعان، وعليه التكلان.

الشرط الخامس: أن يكون (الآمر قادرًا، ولا يخفى أن العاجز ليس عليه الإنكار إلاّ بقلبه - كما سبق بيانه-.

إذ كل من أحب الله يكره معاصيه، وينكرها. كما قال ابن مسعود: جاهدوا الكفار بأيديكم فإن لم تستطيعوا إلاّ أن تكفهروا في وجوههم فافعلوا.

ص: 182

قال العلماء: (وإنما شرطنا القدرة على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على أن يغيروا عليه ولا يغيرون إلاّ أصابهم الله بعقاب).

وقد تقدم هذا الحديث من رواية أبي داود، وابن ماجه في الباب الأول - فقد شرط صلى الله عليه وسلم القدرة في ذلك.

قال شيخ مشايخنا السيد، عبد القادر الكيلاني - قدس الله روحه: وهو إذا كانت الغلبة لأهل الصلاح، وعدل السلطان ومعاونته لأهل الخير، وأنا إذا كان الإنكار تغريرًا بالنفس (مع) لحوق ضرر به وبماله. فلا يجب عليه ذلك، لقوله تعالى: } وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين {وقوله: } يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أمولكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم ولا تقتلوا أنفسكم إنَّ الله كان بكم رحيمًا {.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ينبغي) للمسلم أن يذل نفسه

) الحديث انتهى.

قال بعض العلماء: (ولا يقف سقوط الوجوب على العجز الحسي، بل يلحق به ما يخاف (عليه) من مكروه يناله، وذلك في معنى العجز. كما سيأتي بيانه في الباب السادس.

وكذلك إذا لم يخف مكروهًا ولكن علم أن إنكاره لا يفيد ولا ينفع على خلاف. تقدم ذكره في الباب الأول، وعلى عفو الله المعول.

ص: 183