المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فكأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، طلبًا لاستصحاب - الكنز الأكبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ابن داود الحنبلي

[ابن داود الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول: في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان فرضيتهما

- ‌فصل- 1 - : حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 2 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين أم فرض كفاية

- ‌فصل- 3 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفعال الصالحين وخلال المتقين

- ‌فصل- 4 - : دليل كون الأمر بالمعروف من أخص الأعمال الصالحة المتقبلة عند الله تعالى

- ‌فصل- 5 - : تحذير المحتسب (الآمر الناهي) والحاكم من التأثر ببغضه للبعض عند الحكم تفاديًا للظلم

- ‌فصل- 6 - : التحذير من الارتداد عن الدين

- ‌فصل- 7 - : التحذير من التفريط في الإنكار على فاعل المنكر

- ‌فصل- 8 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللعن وهو الطرد من رحمة الله

- ‌فصل- 9 - : دليل كون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من شرائع الإيمان أي من شروط تمامه

- ‌فصل- 11 - : وجوب اجتهاد الآمرين الناهين في الأمر والنهي وإن لم يستجب الجمهور إقامة للحجة الإلهية لله على خلقه

- ‌فصل- 12 - : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف من أخص أوصاف المنافقين

- ‌فصل- 13 - : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص أوصاف المؤمنين

- ‌فصل- 14 - : مراتب الجهاد في سبيل الله ثلاثة: جهاد الكفار وجهاد النفس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل- 15 - : من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الهلاك في الدنيا فضلًا عن العذاب بالآخرة

- ‌فصل- 16 - : جمع آية في القرآن هي التي تأمر بالعدل والإحسان وتنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي

- ‌فصل -17 - : دليل وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه فرض عين في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -18 - : دليل كون المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الأمر بطاعة الله والنهي عن معصيته

- ‌فصل -19 - : دليل كون أعلى مراتب الجهاد امتثال أمر الله واجتناب نهيه

- ‌فصل -20 - : دليل كون المقصرين في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خسر

- ‌فصل -21 - : دليل كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفضل ما يعين المؤمن على تزكية نفسه ومعالجة ترقيها في الطاعات وتطهرها من الدنس

- ‌فصل -22 - : الأحاديث الواردة في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -23 - : ما ورد في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -24 - : وجوب تبليغ الشرع وأن ذلك يثمر نضارة الوجه

- ‌فصل -25 - : من ذب عن عرض مسلم وهو غائب وقاه الله النار يوم القيامة

- ‌فصل - 26 - : صلاح العباد في طاعة الله وطاعة الله لا تتم إلا بالاجتهاد في القيام بهذا الواجب

- ‌فصل - 27 - : أجمع العلماء على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتوافر خصوص الأمر به ولتوعد الشارع تاركه بأشد العقوبة

- ‌فصل - 28 - : تأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الحكام

- ‌فصل - 29 - : وجوب الإمعان في إنكار البدع المضلَّة حتى تخمد ثم يجب إنكار البدع المضلة، وإقامة الحجة على بطلانها

- ‌فصل - 30 - : قول العز بن عبد السلام: الواجبات والمندوبات ضربان:

- ‌فصل - 31 - : قول العز: من فعل واجبًا متعديًا أو مندوبًا متعديًا أو اجتنب محرمًا أو مكروهًا متعديان فقد قام بحق نفسه وحق ربه

- ‌فصل - 32 - : بيان آراء العلماء في: هل من شروط وجوب إنكار المنكر غلبية الظن في إزالته

- ‌فصل - 33 - : عدم سقوط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعزلة مادام قادرًا على الأمر والنهي

- ‌فصل - 34 - : من تيقن من وجود منكر بالسوق وكان قادرًا على تغييره لزمه الخروج لتغييره

- ‌فصل - 35 - : في إنكار المنكر أجر عظيم وفي عدم إنكاره الإثم الكبير

- ‌فصل -36 - : إذا تظاهر الناس بالمنكر وجب على كل من يراه أن يغيره في حدود القدر المستطاع

- ‌فصل -37 - : ثبوت عذاب القبر لمن ترك واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم قبول شفاعته

- ‌فصل -38 - : الأحاديث والآثار الواردة في ذم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل -39 - : تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عاص لوجوه أربعة

- ‌فصل- (40): إبطال زعم البعض أن السكوت عن المنكر مقام من مقامات الرضا بالقضاء:

- ‌فصل- (41): من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نزع هيبة الطاعة:

- ‌فصل- (42): توعد الله المذلين للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بإحباط عملهم في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل- (43): من أخص أوصاف المنافقين الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وأن من أمارات الساعة فساد المسلمين بإمرتهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف:

- ‌الباب الثاني: أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل- (1): شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (خمسة):

- ‌فصل - (2): أخص أوصاف المؤمنين الدالّة على صحة عقيدتهم:

- ‌فصل - (3): الركن الثاني للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [المأمور بالمعروف والمنهي عن المنكر]

- ‌فصل - (4): الإنكار على السلطان إذا عطل الحدود في حدود القدر المستطاع:

- ‌فصل - (5): دفع التعارض بين أمر خواض الأمة السلطان الجائر بالمعروف ونهيه عن المنكر وبين تحريم تعريض النفس للتهلكة:

- ‌فصل - (6): سقوط وجوب أمر خواص العلماء الحكام ونهيهم عند توقع ضر لا يطاق:

- ‌فصل - (7): تحريم فرار المسلمين من عدوهم إذا كانوا ضعفهم:

- ‌فصل - (8): جواز أمر خواص الأمة بالمعروف ونهيهم عن المنكر ولو تيقنوا القتل إذا تيقنوا رفع المنكر:

- ‌فصل - (9): إباحة أمر السلطان ونهيه خواص الأمة عندما لا يخافون إيذاءًا لغيرهم نتيجة لنهيهم:

- ‌فصل - (10): كيفية الإنكار على السلطان تكون بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف وذكر العاقبة في الدنيا والآخرة:

- ‌فصل - (11): وجوب وعظ خواص الأمة السلطان سرًا أفضل منه جهرًا:

- ‌فصل - (12): وجوب نصح الولد للوالد بالتعريف والوعظ بالكلام اللين اللطيف:

- ‌فصل - (13): وجوب نهي أهل الذمة من المنكر كزواج كتابي مسلمة أو عرضهم الخمر ولحم الخنزير للبيع بين المسلمين:

- ‌فصل - (14): الشروط الواجب توفرها في المنكّر حتى يجب النهي عنه:

- ‌فصل - (15): الشرط الثالث من شروط المنكر:

- ‌فصل - (16): أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبني على الظنون

- ‌فصل - (17): الشرط الرابع من شروط المنكر أن يكون معلومًا بغير اجتهاد

- ‌فصل - (18): وجوب التزام كل مقلد لمذهب بأحكام مذهبه وكراهة تقليده غيره إلاّ لضرورة

- ‌فصل - (19): ضروب الموجب للإنكار:

- ‌فصل - (20): الركن الرابع من أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل - (21): درجات النهي عن المنكر الدرجة الأولى: التعرف

- ‌فصل - (22): الدرجة الثانية: في الأمر النهي عن المنكر التعريف:

- ‌فصل - (23): الدرجة الثالثة للنهي عن المنكر النهي بالوعظ

- ‌فصل- (24): ما ينبغي على الآمر الناهي استخدامه في الوعظ من ذكر آيات وأحاديث وقصص:

- ‌فصل - (25): الدرجة الرابعة من درجات النهي عن المنكر:

- ‌فصل - (26): الدرجة الخامسة من درجات النهي عن المنكر التغيير باليد:

- ‌فصل - (27): وللمنكر كسر آلة اللهو وكسر وعاء الخمر:

- ‌فصل - (28): وجوب إنكار المنكر المستتر

- ‌فصل- (29): إختلاف الرواية عن أحمد في وجوب تحريق بيوت تجار الخمر:

- ‌فصل - (30): كراهة النظر إلى التصاوير وإباحة حكها من على الجدران:

- ‌فصل (31): لا ضمان في تحريق الكتب كالتي فيها الأحاديث المفتراة على رسول الله:

- ‌فصل - (32): في الدرجة الخامسة أدبان

- ‌فصل- (33): الدرجة السادسة من درجات النهي عن المنكر التهديد والتخويف:

- ‌فصل (34): الدرجة السابعة مباشرة الضرب باليد والرجل بلا شهر سلاح:

- ‌فصل - (35): الدرجة الثامنة للنهي عن المنكر الاستعانة بأعوان من أهل الخير لإزالة المنكر:

- ‌فصل- (36): وترتيب درجات النهي عن المنكر مقتبسة من إشارات بعض آيات التنزيل:

- ‌الباب الثالث: طبقات الناس من الآمرين والمأمورين والمتخلفين

- ‌فصل- (1) طبقات المنهيين:

- ‌فصل (2): أقسام التائبين الذين تأثروا بالموعظة:

- ‌فصل (3): المتقاعسون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (4): غربة الآمرين الناهين ين أهل الفساد:

- ‌فصل (5): ابتلاء الله الفقهاء ببعض العصاة لهم:

- ‌فصل (6): ذل المؤمن لغربته بين الفساق:

- ‌فصل (7): معاداة العصاة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر:

- ‌فصل (8): حسد الفساق للعلماء وتمنيهم إضلالهم:

- ‌(فصل): وجوب إيثار الآمر الناهي رضي رب العباد على رضى العباد:

- ‌الباب الرابع: بيان ما يستحب من الأفعال والأقوال والأحوال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل (1): الآمر بالمعروف والنهين عن المنكر القائم في حدوده بمنزلة الطبيب الذي يسقى الدواء الكريه الذي يرجو به الشفاء للمريض من دائه

- ‌فصل (2): يستجيب للآمر الناهي العلم والورع وحسن الخلق:

- ‌فصل (3): تأكد ورع الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بالإغراض عما في أيدي الناس

- ‌فصل (4): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بحسن الخلق:

- ‌فصل (4) [مكرر]: في ذم الغضب

- ‌فصل (5): فضيلة كظم الغيظ:

- ‌فصل (6): أساليب إذهاب الغضب:

- ‌فصل (7): استحباب الغضب عند انتهاك حرمات الله:

- ‌فصل (8): وجوب حذر الغاضب عند انتهاك حرمات الله من الشوائب الدنيوية

- ‌فصل (9): استحباب الحلم والعفو للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (10): أحاديث من مدح الرفق وذم تاركه:

- ‌فصل (11): تأكد استحباب الرفق للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر

- ‌فصل (12): وجوب حذر الآمر الناهي من رفق المداهنة لبلوغ غرض دنيوي

- ‌فصل (13): وجوب اتصاف الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بالحلم والعفو

- ‌فصل (14): على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يقابل إساءة المأمورين بالإحسان

- ‌فصل (15): عفو الناهي عن المسيء يورثه عزًا

- ‌فصل (16)

- ‌فصل (17): استحباب الأناة والتثبت للآمر الناهي

- ‌فصل (18): ويستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر قصد نصح جميع الأمة

- ‌فصل (19): ومما يستحب للآمر بالمعروف أن يكون قصده رحمة الخلق والنفقة عليهم:

- ‌فصل (20): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ستر العورات والعيوب:

- ‌فصل (21): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون مغتمًا مما ظهر من معصية أخيه المسلم

- ‌فصل (22): ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون غيورًا على إخوانه المسلمين أي غيورًا على دمائهم وأموالهم وأعراضهم

- ‌فصل (23): ومما يستحب (أو يجب) على كل مسلم أن يهجر المجاهرين بالمعاصي الفعلية والقولية والاعتقادية للإجتماع على وجوب ترك الأرض التي يجاهر فيها بالمعاصي

- ‌فصل (24): استحباب هجر المجاهر بالمعصية على جهة التأديب

- ‌فصل (25): استحباب هجر من ترك الفرائض من باب التغرير بترك السلام على تارك الصلاة وشارب الخمر

- ‌فصل (26): هجران أهل البدع والمتظاهرين بالمعاصي فرض كفاية

- ‌فصل (27): على الآمر الناهي أن يسلك مع العصاة والفساق مسالك بحسب مراتبهم في مخالفة أوامر الله

- ‌فصل (28): تباين درجات الهجر بحسب أحوال المهجورين فإن كان الهجر يضعف شرهم وجب الهجر كأسلوب للزجر وإن كان يزيد من شرهم وجبت مخالطتهم وتغريرهم

- ‌فصل (29): تباين درجات الهجر بحسب درجات اعتقاد وسلوك الجماهير:

- ‌فصل (30): الهجر أسلوب شرعي للزجر لتكون كلمة الله هي العليا

- ‌فصل (31): لا فرق بين وجوب هجر ذي الرحم والأجنبي إذا كان الهجر لتعدي حق الله:

- ‌فصل (32): عدم جواز الهجر المسلم للتهمة مداومة للصفاء والمحبة

- ‌فصل

- ‌فصل (33): هجر المسلم العدل في اعتقاده وأفعاله كبيرة:

- ‌فصل (34): قال ابن مفلح رحمه الله ولا هجرة مع السلام

- ‌فصل (35): استحباب التقرب إلى الله بحب أهل الطاعة وبغض أهل المعصية:

- ‌فصل (36): استحبالب تواضع الآمر الناهي في أمره ونهييه بلا افتخار أو تعاظم

- ‌فصل (37): استحباب استعانة الآمر الناهي بالله والاعتصام به وخاصة عند عجزه عن مجاهدة نفسه وعن القيام بحقوق الله

- ‌فصل (38): استحباب طلب الآمر الناهي إعانة الله

- ‌فصل (39): استحباب تحلي الآمر الناهي بالصبر والاحتمال:

- ‌فصل (40): صبر النبي على أذى قريش عشرين عامًا وعفوه عنهم بعد أن أظفره الله بهم

- ‌فصل (41): يبتلي المرء على قدر دينه والمرء يبتلي على قدر دينه وقوة يقينه

- ‌فصل (42): إذا تحقق المصاب من أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه والمصاب إذا علم وتحقق أن المصيبة بتقدير الله وإرادته هانت عليه

- ‌فصل (43): وعد الله المؤمنين الذين يعملون الصالحات باستخلافهم في الأرض وتمكين دينهم لهم:

- ‌فصل (44): من أخص آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌فصل (45): وجوب تحمل الآمر الناهي الصبر المترتب على أمره ونهيه:

- ‌فصل (46): قال العلامة ابن القيم: وللعبد فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه احد عشر مشهدًا

- ‌فصل (47): وقوع المحن على قدر قوى الآمرين الناهين ومراتبهم:

الفصل: فكأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، طلبًا لاستصحاب

فكأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، طلبًا لاستصحاب الصفاء، ومداومة المحبة والوفاء، وخوفًا من تغير خاطره الشريف على أحد من أصحابه ومفارقة إخوانه وأحبابه.

وذكر أبو عمر بن عبد البر، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يقول:(إذا كان لك أخ في الله -تعالى- فلا تماره ولا تسمع فيه من أحد، فربما قال لك ما ليس فيه فحال بينك وبينه).

وأنشدوا:

إن الوشاة كثير إن أطعتم

لا يرقبون بناء إلَاّ ولا ذمما

‌فصل

وذهب أبو الدرداء وجماعة من الصحابة والتابعين إلى عدم هجر الصديق والأخ في الله تعالى إذا ارتكب معصية ولم يقبل وعظه صديقه قال أبو الدرداء: إذا تغير أخوك وحال عما كان عليه فلا تدعه لأجل ذلك فإنه يعوج مرة ويستقيم أخرى. قال بعض السلف: لا تقطع أخاك إلا بعد عجز الحيلة في إصلاحه وأنشدوا:

إذ أنت لم تشرب مرارًا على القذى

ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه

ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها

كفى المرء فضًلا أن تعد معايبه

قال إبراهيم النخفي: (لاتقطع أخاك ولا تهجره عند الذنب بذنبه فإنه يركبه اليوم ويتركه غدًا).

وقال أيضًا -لا تحدثوا الناس بزلة العالم، فإن العالم يزل الزلة ثم يتركها.

وروى البغوي في المعجم، وابن عدي في الكامل، من حديث عمر بن عوف المزني مرفوعًا:"اتقوا زلّة العالم ولا تقطعوه".

وفي حديث زيد بن الأصم، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (قد سأل عن أخ كان) أخاه فخرج إلى الشام، فسأل عنه بعض من قدم عليه، فقال: ما فعل أخي؟ فقال: ذاك أخو الشيطان. قال له: مه، قال: إنه قارف الكبائر حتى وقع في الخمر، قال إذا أردت

ص: 447

الخروج فآذني. فكتب -عند خروجه (إليه): {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التَّوب شديد العقاب ذي الطوّل لا إله إلا هو إليه المصير} .

ثم عاتبه تحت ذلك وعزله، فلما قرأ الكتاب بكى. وقال صدق الله ونصح لي عمر فتاب ورجع.

ورواه أبو نعيم -الحافظ- في الحلية.

ورواه الخطيب أبو بكر البغدادي ولفظه: أن رجًلا كان ذا بأس وكان يوفد إليه عمر ليأتيه، وكان من أهل الشم، وأن عمر فقده. فسأل عنه. فقيل له: تتابع في هذا الشراب فدعا كاتبه. فقال: اكتب من عمر بن الخطاب إلى فلان سلام عليكم فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو غافر (الذنب) قابل التوب شديد العقاب، ذو الطول لا إله إلا هو إليه المصير ثم دعا وأمن من عنده، ودعوا له أن يقبل على الله بقلبه وأن يتوب عليه. فلما أتت الصحيفة الرجل، جعل يقرؤها، ويقول غافر الذنب قد وعدني أن يغفر لي ذنبي، وقابل التوب قد وعدني أن يتوب علي، شديد العقاب قد حذرني عقابه، ذي الطول، والطول -الخير الكثير، إليه المصير. فلم يزل يرددها على نفسه، ثم بكى ثم نزع فأحسن النزع فلما بلغ عمر أمره. قال: هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخًا لكم زل زلة فسددوه، ووفقوه، وادعوا الله أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعوانًا للشيطان عليه.

وروي عن أخوين من السلف انقلب أحدهما على الانشقاق فقيل لأخيه: ألا تقطعه وتهجره؟ فقال: أحوج ما كان إلي من هذا الوقت لما وقع في عسرته أن أخذ بيده وأتلطف له في المعاتبة وادعوا له بالعود إلى ما كان عليه.

وروي أن أخوين ابتلي أحدهما بهوى، فأظهر عليه أخاه وقال: إني اعتللت، فإن شئت أن لا تعقد على محبتي لله فافعل. فقال: ما كنت لأحل عقد أخوتك لأجل خطيئتك أبدًا، ثم عقد أخوه بينه وبين الله أن لا يأكل ولا يشرب حتى يعافي الله أخاه من هواه، فطوى أربعين يومًا، في كلها يسأله عن حاله؟ فكان يقول القلب مقيم على حاله. ومازال هو ينحل من الغم والجوع حتى زال الهوى عن قلب أخيه بعد الأربعين. فأخبره فأكل بعد ذلك وشرب.

ص: 448

وأنشدوا:

ومن يتبع عثرة من صديقه يجدها

فلم يسلم له الدهر صاحب

ولبعضهم:

إذا كنت في كل الأمور معاتبًا

صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه

فعش مفردًا أو صل أخاك فإنه

مقارف ذنب مرة ومجانبه

إذا أنت لم تشرب مرارًا على القذى

ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه

وروي - في الإسرائيليات - أن اخوين عابدين كانا في جبل فنزل أحدهما ليشتري من المصر شيئًا يقيتهم فرأى بغيًا فرمقها وعشقها فواقعها، ثم أقام عندها ثلاثة أيام، واستحيا أن يرجع إلى أخيه، من جنايته، قال فافتقده أخوه واهتم بشأنه، فنزل إلى المصر، فلم يزل يسأل عنه، حتى دل عليه، فدخل إليه وهو جالس فاعتنقه وجعل يقبله ويلزمه، وأنكر (الآخر) أنه يعرفه، لفرط استحيائه منه فقال: قم يا أخي فقد علمت شأنك وقصتك وما كنت ق أحب إلي ولا أعز من ساعتك هذه، فلما رأى أن ذلك لم يسقطه من عينه قام وانصرف معه.

ونقل مثنى عن أحمد رحمه الله في أخوين يحيف أحدهما على أخيه هل تجوز قطيعته، أم يرفق به وينصح؟ قال: إذا أمره ونهاه فليس عليه أكثر من هذا.

وأنشدوا:

إذا ما حال عهد أخيك يومًا

وحاد عن الطريق المستقيم

فلا تعجل بلومك واستدمه

فخير الود ود المستقيم

إن تر زلة منه فسامح

ولا تبعد عن الخلق الكريم

وقيل: من حق الإخاء أن يغفر الهفوة، ويستر الزلة. فمن رام بريئًا من الهفوات سليمًا من الزلات، ورام أمرًا معوذًا، واقترح وصفًا معجزًا، فأي عالم لا يسهوا؟ وأي أخ لا يلغو؟ وأي صارم لا ينبو وأي جواد لا يكبو؟

وأنشدوا:

ولا تقطع أخًا لك عند ذنب

فإن الذنب يعفوه الكريم

ص: 449

ولكن داو عورته برفع

كما يرفع الخلق القديم

ولبعضهم في -كان وكان:

ظفرك إ ذا عاب مرة لا تقلعه فهو ينصلح

فإن قلعتو لعيبوا بتقى بلا أظفار

وللمتنبي

ولست بمستبق أخًا لا تلمه

على شعث أي الرجال المهذب

ولغيره:

ولو كان لا عيب فيه لكنت

ولكنه أي الرجال المهذب

ولبعضهم:

لا تعتبن على نقص رأيت أخًا

فإن بدر الدجى لم يعط تكميلا

وقال غيره:

تحمل أخاك على ما به

فما في استقامة مطمع

وأني له خلق واحد

وفيه طبائعه الأربع

وللإمام علي -كرم الله وجه-:

قيل: إن الإله ذو ولد

قيل: إن الرسول قد كهن

فلا الله ولا الرسول معًا

سلما من ألسن الناس فكيف أنا

فهذه طريقة قوم من السلف -كما تقدم:

قال الغزالي -وهي طريقة لطيفة لما فيها من الرفق والاستمالة والتلطف المفضي إلى الرجوع والتوبة، لاستمرار الحياة عند دوام الصحبة فمتى قوطع انقطع طمعه عن الصحبة واستمر في المعصية وأيضًا - فإن عقد الأخوة ينزل منازل القرابة، فإن انعقدت تأكد الحق ووجب الوفاء بموجبه. ومن الوفاء أن لا يهمل أمام حاجته وفقره. إذ فقر الدين أشد من فقر المال. وقد أصابته جائحة وألمت به آفة افتقر بسببها من دينه، فينبغي أن يراقب ويرعى ولا يهمل، أمام حاجته وفقره. إذ فقر الدين أشد من فقر المال. وقد أصابته جائحة والمت به آفة بسببها من دينه، فينبغي أن يراقب ويرعى ولا يهمل، بل لا يزال يتلطف به، ليعان على الخلاص من الواقعة التي ألمت به والأخوة عدة للنوائب وحوادث الزمان وارتكاب المعاصي من أشد النوائب.

ص: 450

وأنشدوا:

سامح أخاك إذا خلط

منه الإصابة بالغلط

وتجاف عن تعنيفه

إن زاع يومًا أو قسط

واحفظ صنيعك عنده

شكر الصنيعة أم غمط

واقن أنوفنا وإن أخل

بما اشترطت وما شترط

أو ما ترى المحبوب بالمكروه

لذا في نمط

كالشوك يبدو في الغصون

مع الجنى الملتقط

ولو انتقدت بني الزمان

وجدت أكثرهم سقط

وقال بعض السلف -في زلات الإخوان-: ود الشيطان أن يلقي على أخيكم مثل هذا حتى تهجروه وتقطعوه. فماذا أتقيتم من محبة عدوكم، وذلك لأن التفرق بين الأحباب من محاب الشيطان، كما أن مقارفة العصيان من محابه، فإذا حصل للشيطان أحد غرضيه فلا ينبغي أن يضاف إليه الثاني والى هذا أضار صلى الله عليه وسلم بقوله:(لا تكونوا عونًا للشيطان على أخيكم).

" ولا تعينوا عليه الشيطان" -كما سيأتي- في الباب الثامن إن شاء الله تعالى -عند الرفق بشارب الخمر.

وأنشدوا:

إذا ما بدت من صاحب لك زلة

فكن أنت محتاًلا لزلته عذرا

أحب الفتى يتقي الفواحش سمعه

كأن في كل فاحشة قسرا

والداعي إلى هذا التأويل شيئان التغافل الناشيء عن الفطنة والتآلف الصادر عن الوفاء.

وقد قال أكثم بن صيفي: من شدد نفر ومن تراخى وتغافل تآله، والسرور (والشرف) في التغافل:

كما قيل:

ليس المتفحش بسيد في قومه

لكن سيد قومه المتعالي

ص: 451