الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ مِنَ الْمَنْعِ مَا إِذَا تَنَاهَتِ الرَّغَبَاتُ فِي الْمَبِيعِ أَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّل فَيَجُوزُ.
الرَّأْيُ
الثَّانِي:
عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ: يَجُوزُ لِلْوَكِيل فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا أَنْ يَبِيعَ لِنَفْسِهِ إِذَا زَادَ عَلَى مَبْلَغِ ثَمَنِهِ فِي النِّدَاءِ، أَوْ وَكَّل مَنْ يَبِيعُ وَكَانَ هُوَ أَحَدَ الْمُشْتَرِينَ، لأَِنَّهُ بِذَلِكَ يَحْصُل غَرَضُ الْمُوَكِّل مِنَ الثَّمَنِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهُ لأَِجْنَبِيٍّ.
وَفِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ: أَنَّ الْجَوَازَ مُعَلَّقٌ بِشَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:
أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَبْلَغِ ثَمَنِهِ فِي النِّدَاءِ.
الثَّانِي: أَنْ يَتَوَلَّى النِّدَاءَ غَيْرُهُ.
قَال الْقَاضِي: يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ الثَّانِي وَاجِبًا، وَهُوَ أَشْبَهُ بِكَلَامِهِ وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَبًّا.
الرَّأْيُ الثَّالِثُ:
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَكِيل أَنْ يَبِيعَ لِنَفْسِهِ إِنْ لَمْ يُحَابِ نَفْسَهُ. (1)
ز - عَدَمُ بَيْعِ الْوَكِيل لِمَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ:
78 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَقَيُّدِ الْوَكِيل بِالْبَيْعِ
(1) حاشية ابن عابدين 4 / 406، والفتاوى الهندية 3 / 589، الإنصاف 5 / 375، المبدع 4 / 367 - 368، مطالب أولي النهى 3 / 463 - 464، عقد الجواهر الثمينة 2 / 681، القوانين الفقهية ص333، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 387، مغني المحتاج 2 / 224 - 225، تحفة المحتاج 5 / 318 - 319.
مُطْلَقًا بِعَدَمِ الْبَيْعِ لِمَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ، مِثْل قَرَابَةِ الأَْوْلَادِ، وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ، حَسَبَ التَّفْصِيل الآْتِي:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْوَكِيل بِالْبَيْعِ إِذَا بَاعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَل شَهَادَتُهُ لَهُ إِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنَ الْقِيمَةِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ كَانَ بِأَقَل مِنَ الْقِيمَةِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَجُوزُ بِالإِْجْمَاعِ.
وَإِنْ بَاعَ بِمِثْل الْقِيمَةِ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
وَقَال الصَّاحِبَانِ: يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُمْ بِمِثْل الْقِيمَةِ إِلَاّ مِنْ عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتِبِهِ، لأَِنَّ التَّوْكِيل مُطْلَقٌ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ، لأَِنَّ الأَْمْلَاكَ مُتَبَايِنَةٌ وَالْمَنَافِعَ مُنْقَطِعَةٌ فَصَارَ الْوَكِيل كَالْمُضَارِبِ بِخِلَافِ عَبْدِهِ وَمُكَاتِبِهِ، لأَِنَّ الْعَبْدَ مِلْكُهُ، وَلَهُ فِي مَال مُكَاتِبِهِ حَقٌّ.
وَإِنْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّل بِالْبَيْعِ مِنْ هَؤُلَاءِ أَوْ أَجَازَ لَهُ مَا صَنَعَ بِأَنْ قَال لَهُ: بِعْ مِمَّنْ شِئْتَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ هَؤُلَاءِ بِمِثْل الْقِيمَةِ بِالإِْجْمَاعِ، إِلَاّ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ قَطْعًا.
وَإِنْ كَانَ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَال الصَّاحِبَانِ: يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُمْ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ: لَا يَجُوزُ
(1) الفتاوى الهندية 3 / 589، والبحر الرائق 7 / 166، وتبيين الحقائق 4 / 369 - 370.
لِلْوَكِيل أَنْ يَبِيعَ لِمَحْجُورِهِ مِنْ صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ وَرَقِيقٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لأَِنَّهُ مِنْ قَبِيل الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ شَرِيكِهِ الْمُفَاوِضِ إِنِ اشْتَرَى بِمَال الْمُفَاوَضَةِ، وَكَذَلِكَ شَرِيكُهُ الآْخِذُ بِعِنَانِهِ إِذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِمَال الشَّرِكَةِ وَإِلَاّ جَازَ.
وَيَجُوزُ بَيْعُ الْوَكِيل مِنْ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ الرَّشِيدِ وَرَقِيقِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ بِالتِّجَارَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُحَابِيَ لَهُمْ، فَإِنْ حَابَى مُنِعَ وَمَضَى الْبَيْعُ وَغَرِمَ الْوَكِيل مَا حَابَى بِهِ، وَالْعِبْرَةُ بِالْمُحَابَاةِ وَقْتَ الْبَيْعِ.
وَقِيل: يَجُوزُ لِلْوَكِيل أَنْ يَبِيعَ لِمَنْ ذُكِرَ. (1)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْوَكِيل بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ مِنْ مَحَاجِيرِهِ وَلَوْ أُذِنَ لَهُ فِيهِ، لِتَضَادِّ غَرَضَيِ الاِسْتِرْخَاصِ لَهُمْ وَالاِسْتِقْصَاءِ لِلْمُوَكِّلِ، وَلأَِنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ لِيَهَبَ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنِ انْتَفَتِ التُّهْمَةُ لاِتِّحَادِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِل.
أَمَّا بَيْعُهُ لأُِصُولِهِ كَأَبِيهِ أَوْ لِفُرُوعِهِ غَيْرِ الْمَحْجُورِينَ كَابْنِهِ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ، فَالأَْصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ لَهُمَا لاِنْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ وَهُوَ اتِّحَادُ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ، وَلأَِنَّهُ بَاعَ بِالثَّمَنِ الَّذِي لَوْ بَاعَ بِهِ لأَِجْنَبِيٍّ لَصَحَّ، فَلَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ مِنْ صَدِيقِهِ.
(1) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 387 - 388، عقد الجواهر الثمينة 2 / 681.
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ: لَا يَصِحُّ، لأَِنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالْمَيْل إِلَيْهِمْ كَمَا لَوْ فَوَّضَ إِلَيْهِ الإِْمَامُ أَنْ يُوَلِّيَ الْقَضَاءَ مَنْ شَاءَ، لَا يَجُوزُ لَهُ تَفْوِيضُهُ إِلَى أُصُولِهِ وَلَا فُرُوعِهِ. (1)
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيل أَنْ يَبِيعَ عِنْدَ التَّوْكِيل بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا لِوَلَدِهِ أَوْ وَالِدِهِ أَوْ مُكَاتِبِهِ، لأَِنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّهِمْ وَيَمِيل إِلَى تَرْكِ الاِسْتِقْصَاءِ عَلَيْهِمْ فِي الثَّمَنِ كَتُهْمَتِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ لَا تُقْبَل شَهَادَتُهُ لَهُمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَهُمْ: يَجُوزُ لِلْوَكِيل أَنْ يَبِيعَ لِهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ، وَمَحَل الْخِلَافِ إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُوَكِّل فِي ذَلِكَ، فَأَمَّا إِنْ أَذِنَ لَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَقِيل: لَا يَصِحُّ أَيْضًا.
قَال الْمَرْدَاوِيُّ: مَفْهُومُ كَلَامِهِ جَوَازُ بَيْعِ الْوَكِيل لإِِخْوَتِهِ وَسَائِرِ أَقَارِبِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ.
وَذَكَرَ الأَْزْجِيُّ فِيهِمْ وَجْهَيْنِ:
قَال الْمَرْدَاوِيُّ: حَيْثُ حَصَلَتْ تُهْمَةٌ فِي ذَلِكَ لَا يَصِحُّ. (2)
(1) مغني المحتاج 2 / 224 - 225، وتحفة المحتاج 5 / 318 - 319.
(2)
الإنصاف 5 / 377 - 378، والمبدع 4 / 368.