الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِشَخْصِهِ وَنَفْسِهِ، كَالتَّزْوِيجِ وَالتَّأْدِيبِ وَالتَّطْبِيبِ. وَتُسَمَّى: الْوِلَايَةُ عَلَى النَّفْسِ.
وَالثَّانِي: سُلْطَةٌ عَلَى شُؤُونِهِ الْمَالِيَّةِ مِنْ عُقُودٍ وَتَصَرُّفَاتٍ وَحِفْظٍ وَإِنْفَاقٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَتُسَمَّى الْوِلَايَةُ عَلَى الْمَال.
ب - وِلَايَةُ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ. وَهَذِهِ الْوِلَايَةُ لَيْسَتْ نَاشِئَةً عَنْ نَقْصِ أَهْلِيَّةٍ وَلَا عَلَاقَةَ لَهَا بِالنَّفْسِ أَصْلاً، وَإِنَّمَا هِيَ وِلَايَةٌ مَالِيَّةٌ مَحْضَةٌ، يُفَوَّضُ صَاحِبُهَا بِحِفْظِ الْمَال الْمَوْقُوفِ وَالْعَمَل عَلَى إِبْقَائِهِ صَالِحًا نَامِيًا بِحَسَبِ شَرْطِ الْوَاقِفِ.
جـ - السُّلْطَةُ الَّتِي جَعَلَهَا الشَّرْعُ بِيَدِ أَهْل الْقَتِيل فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ مِنْ قَاتِلِهِ أَوِ الْعَفْوِ عَنْهُ إِلَى الدِّيَةِ أَوْ مُطْلَقًا، وِفْقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:( {وَمَنْ قُتِل مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} ، (1) وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قُتِل لَهُ قَتِيلٌ، فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَقْتُلُوا أَوْ يَأْخُذُوا الْعَقْل. (2) َيْرَ أَنَّ الضَّرْبَ الأَْوَّل هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمُتَبَادِرُ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ فِي لُغَةِ الْفُقَهَاءِ.
انْتِقَال الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ لِلْوَلِيِّ الْعَامِّ:
46 -
الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ لِلأَْهْل وَالأَْوْلِيَاءِ وَالأَْوْصِيَاءِ وَالنُّظَّارِ تَنْتَقِل إِلَى السُّلْطَانِ
(1) سورة الإسراء 33.
(2)
حديث: " من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين. . . " أخرجه الترمذي (4 21 ـ ط الحلبي) من حديث أبي شريح الكعبي. وقال: حديث حسن صحيح.
بِمُقْتَضَى وِلَايَتِهِ الْعَامَّةِ عِنْدَ عَدَمِهِمْ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ. (1)
فَيُمَارِسُهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ أَحَدِ نُوَّابِهِ مِنْ وُلَاةٍ وَقُضَاةٍ وَنَحْوِهِمْ لِمَصْلَحَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ. قَال الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لأَِنَّهُ مَنُوطٌ بِهِ الْقِيَامُ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَعَارَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ نُوَّابَهُ بِمَثَابَتِهِ. (2)
مَنْزِلَةُ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ مِنَ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ:
47 -
الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ عِنْدَ وُجُودِهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ، لأَِنَّهَا أَقْوَى مِنْهَا، كَمَا جَاءَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنَ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ. (3)
فَمَثَلاً: مُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَوَصِيُّ الْيَتِيمِ وَوَلِيُّ الصَّغِيرِ وِلَايَتُهُمْ خَاصَّةٌ، وَوِلَايَةُ الْقَاضِي بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ عَامَّةٌ، وَأَعَمُّ مِنْهَا وِلَايَةُ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ، فَوِلَايَةُ الْمُتَوَلِّي وَالْوَصِيِّ أَقْوَى مِنْ وِلَايَةِ الْقَاضِي، وَوِلَايَةُ الْقَاضِي أَقْوَى مِنْ وِلَايَةِ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ، لأَِنَّ كُل مَا كَانَ أَقَل
(1) حديث: " السلطان ولي من لا ولي له " أخرجه الترمذي (3 399 ـ ط الحلبي) من حديث عائشة، وقال: قال: حديث حسن.
(2)
فتاوى العز بن عبد السلام ص 152.
(3)
المادة 59 من المجلة العدلية، والقواعد للزركشي 3 345، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 186، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 154، وشرح الخرشي على خليل 3 181.
اشْتِرَاكًا كَانَ أَقْوَى تَأْثِيرًا وَامْتِلَاكًا. فَكُلَّمَا كَانَتِ الْوِلَايَةُ الْمُرْتَبِطَةُ بِشَيْءٍ أَخَصَّ مِمَّا فَوْقَهَا بِسَبَبِ ارْتِبَاطِهَا بِهِ وَحْدَهُ، كَانَتْ أَقْوَى تَأْثِيرًا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ مِمَّا فَوْقَهَا فِي الْعُمُومِ، فَتَكُونُ الْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ كَأَنَّهَا انْفَكَّتْ عَمَّا خُصِّصَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا إِلَاّ الإِْشْرَافُ، إِذِ الْقُوَّةُ بِحَسَبِ الْخُصُوصِيَّةِ لَا الرُّتْبَةِ. (1) وَبِنَاءً عَلَى هَذَا الأَْصْل قَال الزَّرْكَشِيُّ: وَلِهَذَا لَا يَتَصَرَّفُ الْقَاضِي مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ وَأَهْلِيَّتِهِ. (2)
48 -
وَقَدْ فَرَّعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى هَذَا الأَْصْل الْمَسَائِل التَّالِيَةَ:
أ - أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ مُتَوَلٍّ عَلَيْهِ، وَلَوْ مِنْ قِبَلِهِ، حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إِيجَارٍ أَوِ اسْتِئْجَارٍ أَوْ جِبَايَةٍ لَا يَنْفُذُ، إِذْ لَا تَدْخُل وِلَايَةُ السُّلْطَانِ عَلَى وِلَايَةِ الْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ.
ب - لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَال الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّ الأَْبِ أَوْ وَصِيِّ الْجَدِّ أَوْ وَصِيِّ الْقَاضِي نَفْسِهِ.
ج - لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي تَزْوِيجَ الْيَتِيمِ أَوِ الْيَتِيمَةِ
(1) شرح المجلة للأتاسي 1 147.
(2)
القواعد للزركشي 3 345، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 154.
إِلَاّ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ أَوْ عَضْلِهِ.
د - لِلْوَلِيِّ الْخَاصِّ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ وَالْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ وَمَجَّانًا، وَلَيْسَ لِلإِْمَامِ الْعَفْوُ مَجَّانًا.
هـ - لَوْ زَوَّجَ الإِْمَامُ الْمَرْأَةَ لِغَيْبَةِ الْوَلِيِّ، وَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ الْغَائِبُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، قُدِّمَ الْوَلِيُّ.
و إِذَا أَجَّرَ الْقَاضِي حَانُوتَ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ، وَأَجَّرَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ بَكْرٍ، فَإِنَّ إِجَارَةَ الْمُتَوَلِّي هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ.
وَالْحَاصِل: أَنَّهُ إِذَا وُجِدَتِ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ فِي شَيْءٍ، فَلَا تَأْثِيرَ لِلْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ فِيهِ، وَأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ الْعَامِّ عِنْدَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ غَيْرُ نَافِذٍ. (1)
49 -
غَيْرَ أَنَّ لِلْوَلِيِّ الْعَامِّ عِنْدَ الاِقْتِضَاءِ حَقَّ التَّدَخُّل فِي الشُّؤُونِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ، كَمَا إِذَا لَحَظَ خِيَانَةً أَوْ تَقْصِيرًا أَوْ تَضْيِيعًا، لأَِنَّهُ مَنُوطٌ بِهِ الْقِيَامُ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُ حَقٌّ
(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم ومعه حاشية ابن عابدين عليه نزهة النواظر ص 186 وما بعدها، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 154، وشرح المجلة للأتاسي 1 147 وما بعدها، ودرر الحكام 1 52،53، والحموي على الأشباه والنظائر 1 191، والخرشي 3 181، والقوانين الفقهية ص 204، والمغني 9 360.