الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالُوا: إِنَّ فِي الإِْجَابَةِ تَآلُفًا، وَفِي تَرْكِهَا ضَرَرًا وَتَقَاطُعًا. (1)
الرَّأْيُ الثَّانِي: َ
ذَهَبَ عَامَّةُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ - اخْتَارَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - إِلَى أَنَّ الإِْجَابَةَ إِلَى الْوَلِيمَةِ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، لأَِنَّهَا تَقْتَضِي أَكْل طَعَامٍ وَتَمَلُّكُ مَالٍ، وَلَا يُلْزَمُ أَحَدٌ أَنْ يَتَمَلَّكَ مَالاً بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَلأَِنَّ الزَّكَوَاتِ مَعَ وُجُوبِهَا عَلَى الأَْعْيَانِ لَا يُلْزَمُ الْمَدْفُوعَةُ إِلَيْهِ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا فَكَانَ غَيْرُهَا أَوْلَى. (2)
الرَّأْيُ الثَّالِثُ: َ
يَرَى الْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ: أَنَّ الإِْجَابَةَ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِذَا أَجَابَ مِمَّنْ دُعِيَ مَنْ تَقَعُ بِهِ الْكِفَايَةُ سَقَطَ وُجُوبُهَا عَنِ الْبَاقِينَ وَإِلَاّ حُرِّجُوا أَجْمَعِينَ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْوَلِيمَةِ ظُهُورُهَا وَانْتِشَارُهَا لِيَقَعَ الْفَرْقُ فِيهَا بَيْنَ النِّكَاحِ وَالسِّفَاحِ، فَإِذَا وُجِدَ الْمَقْصُودُ بِمَنْ حَضَرَ سَقَطَ وُجُوبُهَا عَمَّنْ تَأَخَّرَ. (3)
ب - مَا تَتَحَقَّقُ بِهِ الإِْجَابَةُ:
الْمَدْعُوُّ إِلَى الْوَلِيمَةِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا وَإِمَّا
(1) الحاوي للماوردي 12 / 193، والمغني 7 / 2.
(2)
حاشية ابن عابدين 5 / 221، والفتاوى الهندية 5 / 343، وروضة الطالبين 7 / 333، والحاوي 12 / 192، ومغني المحتاج 3 / 245، والإنصاف 8 / 318.
(3)
الإنصاف 8 / 318، والحاوي للماوردي 12 / 193.
أَنْ يَكُونَ مُفْطِرًا:
8 ـ أَمَّا الصَّائِمُ فَتَتَحَقَّقُ الإِْجَابَةُ إِلَى الْوَلِيمَةِ فِي حَقِّهِ بِحُضُورِهَا، ثُمَّ يُنْظَرُ إِنْ كَانَ صَوْمُهُ فَرْضًا لَمْ يُفْطِرْ وَدَعَا لِلْقَوْمِ بِالْبَرَكَةِ وَقَال: إِنِّي صَائِمٌ، وَكَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْمَقَامِ أَوْ الاِنْصِرَافِ، فَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ (1) ، قَوْلُهُ " فَلْيُصَل " أَيْ يَدْعُو، وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَال:" دَعَا أَبِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَأَتَاهُ، فَجَلَسَ وَوَضَعَ الطَّعَامَ، فَمَدَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَدَهُ وَقَال: خُذُوا بِسْمِ اللَّهِ، وَقَبَضَ عَبْدَ اللَّهِ يَدَهُ وَقَال: إِنِّي صَائِمٌ "(2) .
وَإِنْ كَانَ صَوْمَهُ تَطَوُّعًا فَيَرَى الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إِتْمَامُ الصِّيَامِ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْكُل وَيُفْطِرَ، إِلَاّ أَنَّهُمْ قَالُوا: أَنَّهُ إِنْ شَقَّ عَلَى الدَّاعِي صَوْمُ نَفْلٍ مِنَ الْمَدْعُوِّ فَالْفِطْرُ لَهُ أَفْضَل مِنْ إِتْمَامِ الصَّوْمِ وَلَوْ آخِرَ النَّهَارِ لِجَبْرِ خَاطِرِ الدَّاعِي، وَلِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي دَعْوَةٍ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَقَال رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَال
(1) حديث " إذا دعي أحدكم فليجب. . أخرجه مسلم (2 / 1054 ـ ط الحلبي من حديث أبي هريرة.
(2)
أثر عبد الله بن ابي يزيد قال: دعا أبي عبد الله بن عمر. . . أخرجه البيهقي السنن (7 / 263 ـ ط دائرة المعارف العثمانية) .