الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُسْلِمَيْنِ أَوْ بِإِذْنِ
أَحَدِهِمَا
إِنْ كَانَ الآْخَرُ كَافِرًا، إِلَاّ إِذَا تَعَيَّنَ الْجِهَادُ، كَأَنْ يَنْزِل الْعَدُوُّ بِقَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (بِرُّ الْوَالِدَيْنِ ف 11، جِهَاد ف 11 - 12)
أَخْذُ الأَْبَوَيْنِ مِنْ مَال وَلَدِهِمَا:
41 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْوَالِدَ لَا يَأْخُذُ مِنْ مَال وَلَدِهِ شَيْئًا إِلَاّ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ. (1)
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا احْتَاجَ الأَْبُ إِلَى مَال وَلَدِهِ، فَإِنْ كَانَا فِي الْمِصْرِ وَاحْتَاجَ الْوَالِدُ لِفَقْرِهِ أَكَل بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَا فِي الْمَفَازَةِ وَاحْتَاجَ إِلَيْهِ لاِنْعِدَامِ الطَّعَامِ مَعَهُ فَلَهُ الأَْكْل بِالْقِيمَةِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَابِدِينَ. (2)
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لِلأَْبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَال وَلَدِهِ مَا شَاءَ وَيَتَمَلَّكُهُ مَعَ حَاجَةِ الأَْبِ إِلَى مَا يَأْخُذُهُ وَمَعَ عَدَمِهَا، صَغِيرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ كَبِيرًا بِشَرْطَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يُجْحِفَ بِالاِبْنِ وَلَا يَضُرَّ بِهِ، وَلَا يَأْخُذَ شَيْئًا تَعَلَّقَتْ بِهِ حَاجَتُهُ.
الثَّانِي:
أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ مَال وَلَدِهِ فَيُعْطِيهِ وَلَدَهُ الآْخَرَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيل بْنِ
(1) حاشية ابن عابدين 4 513، والدسوقي 2 522، ومغني المحتاج 3 446، وأحكام القرآن لابن العربي 3 1391.
(2)
حاشية ابن عابدين 4 513.
سَعِيدٍ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَخْصِيصِ بَعْضِ وَلَدِهِ بِالْعَطِيَّةِ مِنْ مَال نَفْسِهِ فَلأََنْ يُمْنَعَ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِمَا أَخَذَ مِنْ مَال وَلَدِهِ الآْخَرِ أَوْلَى.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مَسْرُوقًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِصَدَاقٍ عَشَرَةِ آلَافٍ فَأَخَذَهَا وَأَنْفَقَهَا فِي سَبِيل اللَّهِ، وَقَال لِلزَّوْجِ: جَهِّزِ امْرَأَتَكَ.
وَلِمَا رَوَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ. قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ. (1)
وَرَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَال: إِنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنَّ لِي مَالاً وَعِيَالاً، وَإِنَّ لأَِبِي مَالاً وَعِيَالاً، وَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مَالِي، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ "(2)، وَلأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَل الْوَلَدَ مَوْهُوبًا لأَِبِيهِ فَقَال:( {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} )(3)، وَقَال:( {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} )(4)، وَقَال زَكَرِيَّا:
(1) حديث: " إن أطيب ما أكلتم من كسبكم. . . " أخرجه الترمذي (3 630 ـ ط الحلبي) وقال: حديث حسن صحيح.
(2)
حديث جابر بن عبد الله: " أنت ومالك لأبيك. . . " أخرجه ابن ماجه (2 769 ـ ط الحلبي) والطحاوي في مشكل الآثار (2 230 ـ ط دائرة المعارف العثمانية) ، والسياق للطحاوي، وصحح البوصيري إسناده في مصباح الزجاجة (2 25 ـ ط دار الجنان) .
(3)
سورة الأنعام 34.
(4)
سورة الأنبياء 90.
( {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} )(1)، وَقَال إِبْرَاهِيمُ:( {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاقَ} )(2) ، وَمَا كَانَ مَوْهُوبًا لَهُ كَانَ لَهُ أَخْذُ مَالِهِ كَعَبْدِهِ. (3)
وَفِي مَسَائِل الإِْمَامِ أَحْمَدَ لاِبْنِ هَانِئٍ قَال: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُول: كُل شَيْءٍ يَأْخُذُ مِنْ مَال وَلَدِهِ فَيَقْبِضُهُ، فَلَهُ أَنْ يَأْكُل وَيَعْتِقَ، وَسُئِل أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَسْرِقُ الْوَالِدُ مِنْ مَال وَلَدِهِ عَلَيْهِ الْقَطْعُ؟ قَال: لَا يُقَال سَرَقَ، لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ وَلَا يُقْطَعُ.
وَقَال أَيْضًا: يَأْخُذُ مِنْ مَال وَلَدِهِ مَا شَاءَ لِحَدِيثِ أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ. (4)
وَقَال أَيْضًا: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَال وَلَدِهِ مَا شَاءَ، وَلَيْسَ لِوَلَدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ. إِلَاّ أَنْ يَكُونَ بِسَرَفٍ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ الْقُوتَ.
وَسُئِل عَنِ الْمَرْأَةِ تَتَصَدَّقُ مِنْ مَال ابْنِهَا؟ قَال: لَا تَتَصَدَّقُ إِلَاّ بِإِذْنِهِ. (5)
الْخُلْعُ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ وَإِرْضَاعِهِ:
42 -
الْوَلَدُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ رَضِيعًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فَطِيمًا.
(1) سورة مريم 5.
(2)
سورة إبراهيم 39.
(3)
المغني 5 678 - 679، 236.
(4)
حديث: " أنت ومالك لأبيك " تقدم تخريجه ف41.
(5)
مسائل الإمام أحمد لابن هانئ 2 11،12.
فَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ فَطِيمًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْخُلْعُ عَلَى نَفَقَةِ هَذَا الْوَلَدِ إِذَا وَقَّتَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً، لأَِنَّ نَفَقَتَهُ طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، وَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَخْصُوصٌ، لأَِنَّهُ يَأْكُل مُدَّةَ عُمُرِهِ، فَلَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ بِدُونِ تَوْقِيتٍ لِلْجَهَالَةِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْخُلْعُ عَلَى نَفَقَتِهِ وَكَذَا عَلَى إِرْضَاعِهِ، وَنَفَقَتِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِرْضَاعُهُ أَيْضًا، سَوَاءٌ وَقَّتَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ لَمْ يُوَقِّتَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَفِي حَالَةِ عَدَمِ الاِتِّفَاقِ عَلَى وَقْتٍ مُحَدَّدٍ، تُرْضِعُهُ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ، إِنْ كَانَ الْخُلْعُ عِنْدَ وِلَادَتِهِ أَوْ إِلَى تَتِمَّةِ الْحَوْلَيْنِ إِنْ مَضَى مِنْهُمَا شَيْءٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:( {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} )(1) وَحَدِيثِ: لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ (2) أَيِ الْعَامَيْنِ، فَحُمِل الْمُطْلَقُ مِنْ كَلَامِ الآْدَمِيِّ عَلَى ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ الْمَعْهُودُ شَرْعًا.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ إِذَا لَمْ يُوَقِّتْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهَا لَهُ مَهْرُ الْمِثْل لِفَسَادِ الْعِوَضِ.
وَلَوْ عَادَ الزَّوْجُ وَتَزَوَّجَهَا، أَوْ هَرَبَتِ الزَّوْجَةُ، أَوْ مَاتَتْ، أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ خِلَال الْمُدَّةِ الْمُتَّفَقِ
(1) سورة البقرة 233.
(2)
حديث: " لا رضاع بعد فصال. . . " أخرجه الطبراني في المعجم الصغير (2 159 ـ ط المكتب الاسلامي) من حديث علي بن أبي طالب.