الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
127 ـ أَمَّا الْوَكِيلَانِ بِالْخُصُومَةِ فَلِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - عَدَا زُفَرَ - وَالْحَنَابِلَةِ فِي قَوْلٍ - قَال عَنْهُ الْمِرْدَاوِيُّ: هُوَ الصَّوَابُ - وَالشَّافِعِيَّةِ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ إِذَا رَضِيَ بِهِمَا الْخَصْمُ وَتَرَتَّبَا. (1) لأَِنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْخُصُومَةِ إِعْلَامُ الْقَاضِي بِمَا يَمْلِكُهُ الْمُخَاصِمُ وَاسْتِمَاعُهُ، وَاجْتِمَاعُ الْوَكِيلَيْنِ عَلَى ذَلِكَ يُخِل بِالإِْعْلَامِ وَالاِسْتِمَاعِ، لأَِنَّ ازْدِحَامَ الْكَلَامِ يُخِل بِالْفَهْمِ فَكَانَ إِضَافَةُ التَّوْكِيل إِلَيْهِمَا تَفْوِيضًا لِلْخُصُومَةِ إِلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَأَيُّهُمَا خَاصَمَ كَانَ تَمْثِيلاً، إِلَاّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا الْقَبْضَ دُونَ صَاحِبِهِ، لأَِنَّ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الْقَبْضِ مُمْكِنٌ فَلَا يَكُونُ رَاضِيًا بِقَبْضِ أَحَدِهِمَا بِانْفِرَادِهِ، وَالرَّأْيُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ سَابِقًا لِتَقْوِيمِ الْخُصُومَةِ. (2)
وَذَهَبَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا بِالْخُصُومَةِ، وَعَلَّل زُفَرُ هَذَا الْحُكْمَ بِأَنَّ الْخُصُومَةَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى
(1) البدائع 7 / 3475، والبحر الرائق 7 / 174، وتكملة ابن عابدين 7 / 345، وتكملة فتح القدير 8 / 96، وحاشية الدسوقي 3 / 392، والخرشي 6 / 82، والإنصاف 5 / 375، وروضة الطالبين 4 / 321.
(2)
البدائع 7 / 3475، واللباب 2 / 144، والإنصاف 5 / 374 ـ 375، وروضة الطالبين 4 / 321.
الرَّأْيِ وَالْمَشُورَةِ، وَالْمُوَكِّل لَمْ يَرْضَ بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا فَلَا يَمْلِكُهَا أَحَدُهُمَا دُونَ الآْخَرِ.
وَهَذَا رَأْيُ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا رَضِيَ الْخَصْمُ بِهِمَا وَلَمْ يَتَرَتَّبَا فَقَدْ قَالُوا: جَازَ تَوْكِيل وَاحِدٍ لَا أَكْثَرَ إِلَاّ بِرِضَا الْخَصْمِ. (1) .
تَوْكِيل الْوَكِيل فِيمَا وُكِّل فِيهِ:
قَدْ يَقُومُ الْوَكِيل بِتَنْفِيذِ الْوَكَالَةِ بِمُفْرَدِهِ، وَقَدْ يَقُومُ بِتَوْكِيل شَخْصٍ آخَرَ لِيُسَاعِدَهُ فِي تَنْفِيذِهَا أَوْ يَقُومَ بِتَنْفِيذِهَا بَدَلاً مِنْهُ.
وَتَوْكِيل الْوَكِيل قَدْ يَكُونُ بِإِذْنٍ مِنَ الْمُوَكِّل أَوْ بِدُونِ إِذْنِهِ، وَقَدْ يُطْلِقُ الْمُوَكِّل الْوَكَالَةَ فَلَا يَأْذَنُ بِالتَّوْكِيل وَلَا يَنْهَى عَنْهُ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أ - حَالَةُ الإِْذْنِ بِالتَّوْكِيل:
128 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَوْكِيل الْوَكِيل غَيْرَهُ إِذَا أَذِنَ الْمُوَكِّل لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدٌ أَذِنَ لَهُ فِيهِ بِالتَّوْكِيل فَجَازَ لَهُ فِعْلُهُ، كَأَيِّ تَصَرُّفٍ مَأْذُونٍ فِيهِ (2) .
(1) البدائع 7 / 3475، وحاشية الدسوقي 3 / 378، وشرح الخرشي 4 / 285، ومواهب الجليل 5 / 211، وروضة الطالبين 4 / 321، والإنصاف 5 / 375.
(2)
حاشية ابن عابدين 7 / 527، اللباب 2 / 144، والبدائع 4 / 3474، وشرح الخرشي 4 / 294، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 349، ومغني المحتاج 2 / 226، والمغني 5 / 215، كشاف القناع 3 / 466،