الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ تَكُونَ لَهُ أُضْحِيَّةٌ وَإِمَّا أَنْ لَا تَكُونَ.
فَمَنْ كَانَتْ لَهُ أُضْحِيَّةٌ فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ تَأْخِيرُ الْفِطْرِ يَوْمَ النَّحْرِ وَالإِْمْسَاكُ عَنِ الأَْكْل لِيُفْطِرَ عَلَى كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ، لِمَا وَرَدَ عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يُفْطِرَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الأَْضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ (1)، وَفِي رِوَايَةٍ: وَلَا يَأْكُل يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَذْبَحَ (2) ، وَلأَِنَّ فِي الأَْضْحَى شُرِعَتِ الأُْضْحِيَّةُ وَالأَْكْل مِنْهَا فَاسْتُحِبَّ أَنَّ يَكُونَ الْفِطْرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا، وَلأَِنَّ النَّاسَ أَضْيَافُ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذَا الْيَوْمِ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ أَكَلُهُمْ مِنْ لُحُومِ الأَْضَاحِي الَّتِي هِيَ ضِيَافَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَلأَِنَّ الصَّدَقَةَ فِي عِيدِ الْفِطْرِ قَبْل الصَّلَاةِ فَاسْتُحِبَّ لِلْمُتَصَدِّقِ الأَْكْل قَبْل صَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ لِيُشَارِكَ الْمَسَاكِينَ، وَالصَّدَقَةُ فِي عِيدِ النَّحْرِ إِنَّمَا هِيَ بَعْدَ الصَّلَاةِ مِنَ الأُْضْحِيَّةِ فَاسْتُحِبَّ مُوَافَقَةُ الْمَسَاكِينِ فِي الأَْكْل مِنْهَا، وَلأَِنَّ مَا قَبْل يَوْمِ الْفِطْرِ يَحْرُمُ الأَْكْل فَنُدِبَ الأَْكْل فِيهِ قَبْل صَلَاةِ الْعِيدِ لِيَتَمَيَّزَ عَمَّا قَبْلَهُ. . وَفِي يَوْمِ الأَْضْحَى لَا يَحْرُمُ الأَْكْل قَبْلَهُ فَأُخِّرَ. . لِيَتَمَيَّزَ كُلٌّ مِنْهُمَا.
وَالأَْوْلَى لِلْمُضَحِّي أَنْ يَأْكُل مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ
(1) حديث: " كان النبي ? لا يخرج يوم الفطر. . . أخرجه الترمذي (2 / 426) ، ونقل ابن حجر في التلخيص (2 / 198 ـ علمية) عن ابن القطاح أنه صححه.
(2)
رواية: " ولا يأكل يوم النحر حتى يذع أخرجها البيهقي في السنن الكبرى (3م283) .
لِحَدِيثِ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُل مِنْ كَبِدِ أُضْحَيَّتِهِ (1) وَلأَِنَّ الْكَبِدَ أَسْرَعُ تَنَاوُلاً مِنْ غَيْرِهِ.
وَأَمَّا مَنْ لَا يُضَحِّي فَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنَ اطْلَاقِ عِبَارَاتِ الشَّافِعِيَّةِ) أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا تَأْخِيرُ الأَْكْل.
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ يُضَحِّي خُيِّرَ بَيْنَ الأَْكْل قَبْل الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا. (2) لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَكَانَ لَا يَأْكُل يَوْمَ النَّحْرِ شَيْئًا حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُل مِنْ أُضْحِيَّتِهِ (3) . وَقَالُوا: إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَبْحٌ لَمْ يُبَال أَنْ يَأْكُل.
صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ:
7 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ
(1) حديث: " أنه كان يأكل من كبد أضحيته. . . " أخرجه البيهقي في السنن (3 / 283) ، وذكر الذهبي في ميزان الاعتدال (3 / 86) تضعيف أحد رواته.
(2)
الدر المختار ورد المحتار 1 / 562، والزرقاني 2 / 75، والدسوقي 1 / 399، والفواكه الدواني 1 / 322، والخرشي 3 / 38، ومغني المحتاج 1 / 313، 4 / 290، والمجموع شرح المهذب 5 / 6، والمغني لابن قدامة 2 / 371 ـ 372، وحاشية الجمل 2 / 100، كشاف القناع 2 / 51، ومطالب أولي النهى 1 / 796.
(3)
حديث بريدة: " كان النبي ? لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم أخرجه الدارقطني (2 / 45) .
وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ مَا نُقِل عَنِ الْبُرْهَانِ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ) إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ، فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِهِ وَصَوْمِ أَيَّامِ الْفِطْرِ وَالتَّشْرِيقِ لِمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى أَزْهَرَ، أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ يَوْمَ الأَْضْحَى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَصَلَّى قَبْل الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَال: " إِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَهَاكُمْ عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِن صِيَامِكُمْ، وَأَمَّا الآْخَرُ فَيَوْمُ تَأْكُلُونَ مِن نُسُكِكُمْ (1) .
وَلِمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: " أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: " وَذِكْرِ اللَّهِ " (2) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ لِلإِْعْرَاضِ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ وَمُخَالَفَةِ الأَْمْرِ. (3)
(1) حديث أبي عبيد: " أنه شهد العيد مع عمر بن الخطاب. . . أخرجه البخاري (الفتح 4 / 24) ومسلم (2 / 799) والسياق للبخاري.
(2)
حديث: " أيام التشريق أيام أكل وشرب. . . بروايتيه أخرجه مسلم (2 / 800) .
(3)
بدائع الصنائع 2 / 79، والفتاوى الهندية 1 / 201، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 351 ط دار الإيمان، والقوانين الفقهية ص 78، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار 2 / 339، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 60، ومغني المحتاج 1 / 433، وروضة الطالبين 2 / 366 و 3 / 311، والمدونة الكبرى 1 / 234، وعقد الجواهر الثمينة 1 / 360، وكشاف القناع 2 / 342، ولطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف ص 486 (دار ابن كثير ـ دمشق) ، والمغني لابن قدامة 3 / 163 ـ 164، 151، 152، والإنصاف 3 / 351.
8 -
وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ وَإِجْزَائِهِ:
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ عَنْ فَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا تَصُومُوا هَذِهِ الأَْيَّامَ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ (1) . وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: يُكْرَهُ صَوْمُ يَوْمِ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَإِنْ صَامَ فِيهَا كَانَ صَائِمًا عِنْدَنَا، وَهُوَ قَوْل أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِذَا كَانَ الصَّائِمُ صَامَهُ عَنْ فَرْضٍ. (2)
9 -
وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ أَصْبَحَ يَوْمَ النَّحْرِ صَائِمًا ثُمَّ أَفْطَرَ. . فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ
(1) حديث ابن عباس: " ألا تصوموا في هذه الأيام. . أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (11 / 232) وحسن إسناده الهيثمي في مجمع الزوائد (3 / 203) .
(2)
المراجع السابقة.