الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَطَابَقَهَا، عَلَى جِهَةِ التَّحَدِّي ابْتِدَاءً، بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى مِثْلِهَا وَلَا عَلَى مَا يُقَارِبُهَا. (1)
وَتَسْمِيَةُ دَلَائِل النُّبُوَّةِ وَأَعْلَامِهَا " مُعْجِزَاتٍ " إِنَّمَا هُوَ اصْطِلَاحُ النُّظَّارِ، إِذْ لَمْ يَرِدْ هَذَا اللَّفْظُ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي السُّنَّةِ، وَالَّذِي فِيهِ لَفْظُ الآْيَةِ وَالْبَيِّنَةِ وَالْبُرْهَانِ. (2)
97 -
أَمَّا وُجُوهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْكَرَامَةِ وَالْمُعْجِزَةِ فَهِيَ:
أَوَّلاً:
أَنَّ الْمُعْجِزَةَ تَقْتَرِنُ بِالتَّحَدِّي، وَهُوَ طَلَبُ الْمُعَارَضَةِ وَالْمُقَابَلَةِ يُقَال تَحَدَّيْتُ فُلَانًا: إِذَا بَارَيْتَهُ فِي فِعْلٍ وَنَازَعْتَهُ لِلْغَلَبَةِ أَمَّا الْكَرَامَةُ فَلَا تَقْتَرِنُ بِذَلِكَ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ كُل مَا وَقَعَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ النُّبُوَّةِ مِنْ مُعْجِزَاتٍ كَنُطْقِ الْحَصَى وَحَنِينِ الْجِذْعِ وَنَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم مَقْرُونٌ بِالتَّحَدِّي، لأَِنَّ قَرَائِنَ أَقْوَالِهِ وَأَحْوَالِهِ نَاطِقَةٌ بِدَعْوَاهُ النُّبُوَّةَ وَتَحَدِّيهِ
(1) التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي ص 665،، والتعريفات للجرجاني ص 115، وكشاف اصطلاحات الفنون 2 975، ولوامع الأنور البهية للسفاريني 2 290.
(2)
الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية 4 67.
لِلْمُخَالِفِينَ وَإِظْهَارِهِ مَا يَقْمَعُهُمْ وَيَقْطَعُهُمْ، فَكَانَ كُل مَا ظَهَرَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم يُسَمَّى آيَاتٍ وَمُعْجِزَاتٍ، وَلأَِنَّ الْمُرَادَ مِنَ اقْتِرَانِهَا بِالتَّحَدِّي الاِقْتِرَانُ بِالْقُوَّةِ أَوِ الْفِعْل. (1)
ثَانِيًا:
أَنَّ الأَْنْبِيَاءَ مَأْمُورُونَ بِإِظْهَارِ مُعْجِزَاتِهِمْ، لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَى مَعْرِفَةِ صِدْقِهِمْ وَاتِّبَاعِهِمْ، وَلَا يُعْرَفُ النَّبِيُّ إِلَاّ بِمُعْجِزٍ. أَمَّا الْكَرَامَةُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ إِظْهَارُهَا، بَل يَسْتُرُ كَرَامَتَهُ وَيُسِرُّهَا وَيَجْتَهِدُ عَلَى إِخْفَاءِ أَمْرِهِ. (2)
ثَالِثًا:
أَنَّ دَلَالَةَ الْمُعْجِزَةِ عَلَى النُّبُوَّةِ قَطْعِيَّةٌ، وَأَنَّ النَّبِيَّ يَعْلَمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، بَيْنَمَا دَلَالَةُ الْكَرَامَةِ عَلَى الْوِلَايَةِ ظَنِّيَّةٌ، وَلَا يَعْلَمُ مُظْهِرُهَا أَوْ مَنْ ظَهَرَتْ عَلَى يَدَيْهِ أَنَّهُ وَلِيٌّ، وَلَا غَيْرُهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ، لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ مَمْكُورًا بِهِ. (3) قَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ أَنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّ الْوَاحِدَ مِنَّا وَلِيٌّ لِلَّهِ عز وجل لَا يَصِحُّ إِلَاّ بَعْدَ الْعِلْمِ وَالْقَطْعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمُوتُ إِلَاّ مُؤْمِنًا، فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ لَمْ يُمْكِنَّا
(1) الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي ص 308.
(2)
لوامع الأنوار البهية 2 396، وبستان العارفين للنووي ص 161، 165.
(3)
الفتاوى الحديثية ص 305، وبستان العارفين ص 161.