الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَانِيًا: الْوَكَالَةُ بِالشِّرَاءِ:
الْوَكَالَةُ بِالشِّرَاءِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مُقَيَّدَةً.
أ - إِطَلَاقُ الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ:
93 -
يَجُوزُ إِطْلَاقُ التَّوْكِيل بِالشِّرَاءِ، لأَِّنَهُ مِمَّا يَمْلِكُ الْمَوَكِّل مُبَاشَرَتَهُ بِنَفْسِهِ فَيَمْلِكُ الْتَفْوِيضَ إِلَى غَيْرِهِ، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ أَنْ يَقُول الْمُوَكِّل لِلْوَكِيل: اشْتَرِ لِي مَا شِئْتَ، أَوْ مَا رَأَيْتَ، أَوْ أَيَّ ثَوْبٍ شِئْتَ، أَوْ أَيَّ دَارٍ شِئْتَ، أَوْ مَا تَيَسَّرَ لَكَ مِنَ الثِّيَابِ وَمِنَ الدَّوَابِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ النَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَالثَّمَنِ، لأَِّنَهُ فَوَّضَ الرَّأْيَ إِلَيْهِ، فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ كَالْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ. بِهَذَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ. (1)
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ إِطْلَاقَ الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ - كَأَنْ يَقُول الْمُوَكِّل لِلْوَكِيل: اشْتَرِ لِي مَا شِئْتَ - لَا يَصِحُّ، لأَِنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى ثَمَنِهِ. (2)
(1) بدائع الصنائع 6 / 23، والمغني مع الشرح الكبير 5 / 212، والدسوقي3 / 344.
(2)
المغني مع الشرح الكبير 5 / 212، ومغني المحتاج 2 / 221 - 222.
شِرَاءُ الْوَكِيل لِمُوَكِّلِهِ سِلْعَةً مِمَّا يَمْلِكُهُ الْوَكِيل أَوْ مِمَّنْ لَا تُقْبَل شَهَادَتُهُمْ لَهُ:
94 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ شِرَاءِ الْوَكِيل لِمُوَكِّلِهِ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ، أَوَ مِنْ مَال الَّذِينَ لَا تُقْبَل شَهَادَتُهُمْ لِلْوَكِيل.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْوَكِيل بِالشِّرَاءِ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ، حَتَّى وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّل فِي ذَلِكَ، لأَِنَّ الْحُقُوقَ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ تَرْجَعُ إِلَى الْوَكِيلِ، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى الإِْحَالَةِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الْوَاحِدُ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ مُسَلِّمًا وَمُتَسَلِّمًا، مُطَالِبًا وَمُطَالَبًا، وَلأَِنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي الشِّرَاءِ مِنْ نَفْسِهِ. (1)
وَاتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ، حَتَّى لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، لأََنَّ ذَلِكَ شِرَاءٌ مِنْ نَفْسِهِ.
أَمَّا الشِّرَاءُ مِنَ الأَْشْخَاصِ الآْخَرِينَ الَّذِينَ لَا تُقْبَل شَهَادَتُهُمْ لَهُ كَأَبِيهِ وَجَدِّهُ وَوَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَزَوْجَتِهِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْحَنَفِيَّةُ:
فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ أَيْضًا، لِمَا سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ (ر: ف / 78) .
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى جَوَازِ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ إِذَا اشْتَرَى بِمِثْل الْقِيمَةِ، أَوْ بِأَقَلَّ، أَوْ بِزِيَادَةٍ
(1) البدائع 6 / 37، والمادة 1488 من المجلة