الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَجَازَ التَّوْكِيل فِي إِثْبَاتِهِ كَالْمَال. (1)
وَأَمَّا فِي اسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ التَّوْكِيل فِي اسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ لِحَدِيثِ أُنَيْسٍ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِرَجْمِ مَاعِزٍ فَرَجَمُوهُ (2) .
وَوَكَّل عُثْمَانُ عَلِيًّا فِي إِقَامَةِ حَدِّ الشُّرْبِ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، وَوَكَّل عَلِيٌّ الْحَسَنَ فِي ذَلِكَ فَأَبَى الْحَسَنُ، فَوَكَّل عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَأَقَامَهُ وَعَلَيٌّ يَعُدُّ (3) .
وَيَجُوزُ التَّوْكِيل فِي اسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ كُلِّهَا فِي حَضْرَةِ الْمُوَكِّل وَغَيْبَتِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ كَذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ حَدِّ الْقَذْفِ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّل لاِحْتِمَال الْعَفْوِ. (4)
الرَّأْيُ الثَّانِي:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ التَّوْكِيل
(1) الإنصاف 5 / 360، وكشاف القناع 3 / 465، وحاشية القليوبي وعميرة 2 / 339، والمهذب 1 / 356.
(2)
حديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر برجم ماعز. . . " أخرجه مسلم (3 / 1322) من حديث بريدة.
(3)
أثر عثمان حين جلد الوليد بن عقبة. أخرجه مسلم (3 / 1331 ـ 1332 ط الحلبي) .
(4)
الإنصاف 5 / 360، والمغني مع الشرح الكبير 5 / 206، المهذب 1 / 356، ومغني المحتاج 2 / 221، جواهر الإكليل 2 / 125.
بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا:
بِالإِْثْبَاتِ،
وَالثَّانِي:
بِالاِسْتِيفَاءِ.
أَمَّا التَّوْكِيل بِالإِْثْبَاتِ، فَإِنْ كَانَ حَدًّا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْخُصُومَةِ كَحَدِّ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ فَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيل فِيهِ بِالإِْثْبَاتِ، لأَِنَّهُ يَثْبُتُ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ أَوِ الإِْقْرَارِ مِنْ غَيْرِ خُصُومَةٍ.
وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْخُصُومَةِ كَحَدِّ السَّرِقَةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ فَيَجُوزُ التَّوْكِيل بِإِثْبَاتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لأَِنَّ هُنَاكَ فَرْقًا بَيْنَ الإِْثْبَاتِ وَالاِسْتِيفَاءِ وَهُوَ أَنَّ امْتِنَاعَ التَّوْكِيل فِي الاِسْتِيفَاءِ لِمَكَانِ الشُّبْهَةِ وَهِيَ مُنْعَدِمَةٌ فِي التَّوْكِيل بِالإِْثْبَاتِ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ وَلَا تُقْبَل الْبَيِّنَةُ فِيهِمَا إِلَاّ مِنَ الْمُوَكِّل؛ لأَِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيل فِيهِ بِالاِسْتِيفَاءِ، فَكَذَا بِالإِْثْبَاتِ، لأَِنَّ الإِْثْبَاتَ وَسِيلَةٌ إِلَى الاِسْتِيفَاءِ.
أَمَّا التَّوْكِيل بِاسْتِيفَاءِ حَدَّيِ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ أَوِ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ حَاضِرًا وَقْتَ الاِسْتِيفَاءِ جَازَ التَّوْكِيلُ، لأَِنَّ وِلَايَةَ الاِسْتِيفَاءِ إِلَى الإِْمَامِ وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَتَوَلَّى الاِسْتِيفَاءَ بِنَفْسِهِ عَلَى كُل حَالٍ.
أَمَّا إِنْ كَانَ غَائِبًا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ: فَقَال بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ التَّوْكِيلُ، لأَِنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ